من يعرف رياضة الرالي، يدرك تماما بأن سيارة السباق إذا انطلقت فإن الانطفاء النهائي لمحركها لا يكون إلا عند خط الوصول، قد تتوقف لساعة أو ساعتين أو لبضع ساعات من أجل التزود بالوقود أو لإصلاح عطب أو لتعب قد يصيب السائق، وقد تواجه في الطريق منعرجات خطيرة أو كثبانا كبيرة أو وديانا جارفة، كلها معوقات تؤجل الوصول لكنها لا تعطله.
رالي التغيير في الوطن العربي انطلق من الخضراء تونس ويمر الآن بقاهرة المعز، والأكيد أنها البداية فقط، والأكيد أيضا أن حكام الأمة الأغبياء الذين لم يقرأوا جديا حركة التاريخ وإن قرأوها فإنهم لم يفهموها، وضعوا وسيضعون في طريقها شتى أنواع المعوقات، قمع وتعتيم وعصابات و"بلطجية" ودعم أمريكي وفرنسي وصهيوني وشيطاني، لكن المحطات ستتوالى حتى يسقط الطواغيت الواحد تلو الآخر، وسيان عندنا أن يهربوا كالفئران أو أن يسجنوا كالصعاليك أو أن يختبئوا كالجرابيع، مع احترامي للفئران والصعاليك والجرابيع.
لو قرأ هؤلاء المعتوهون حركة التاريخ لعلموا بأن الثورة الفرنسية عندما تفجرت لم تتوقف إلا بعد أن أصابت الغرب بعدوى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولو قرأ هؤلاء المستلبون حركة التاريخ لأدركوا بأن الثورة الجزائرية اندلعت ولم تخمد إلا بعد أن أقنعت الشعوب المقهورة بجدوى الانتفاضة من أجل استرداد العزة والكرامة والسيادة على البر والبحر والسماء. وحتى لو أجاد هؤلاء المراهقون لعبة "بلاي ستايشن" لتعرفوا على بعض قواعد سباقات الرالي التي لا تتوقف فيها السيارات إلا عند خط الوصول.
لو قرأ هؤلاء الطواغيت أبسط ما كتب في قوانين الثورات لعلموا بأن السؤال بالأمس لم يكن عن مدى قدرة الانتفاضة في تونس على الاستمرار، ولا عن قدرتها اليوم على الاستمرار في مصر، ولكن عن المحطة القادمة..متى ستكون وأين ستكون؟ مع الإشارة إلى أن "سين" المضارع عند علماء النحو تفيد الزمن القريب بينما تفيد "سوف" الزمن البعيد.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي