أعرج عاشق الجنة!
كان عمرو بن الجموح [1] رجلا أعرج فلما كان يوم أحد و كان له بنون أربعة يشهدون مع النبي ( صلى الله عليه و آله ) المشاهد أمثال الأسد أراد قومه أن يحبسوه، و قالوا: أنت رجل أعرج و لا حرج عليك، و قد ذهب بنوك مع النبي ( صلى الله عليه و آله ).
قال: بخ، يذهبون إلى الجنة و أجلس أنا عندكم!
فقالت هند بنت عمرو بن حرام امرأته: كأني أنظر إليه مولياً قد أخذ درقته و هو يقول: اللهم لا تردني إلى أهلي، فخرج و لحقه بعض قومه يكلمونه في القعود، فأبى و جاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه و آله )، فقال: يا رسول الله إن قومي يريدون أن يحبسوني هذا الوجه و الخروج معك، و الله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة.
فقال له: "أما أنت فقد عذرك الله و لا جهاد عليك"، فأبى.
فقال النبي ( صلى الله عليه و آله ) لقومه و بنيه: "لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة".
فخلوا عنه، فقتل يومئذ شهيدا.
قال: فحملته هند بعد شهادته و ابنها خلاد و أخاها عبد الله على بعير، فلما بلغت منقطع الحرة برك البعير [2] ، فكان كلما توجهه إلى المدينة برك، و إذا وجهته إلى أحد أسرع، فرجعت إلى النبي ( صلى الله عليه و آله ) فأخبرته بذلك.
فقال ( صلى الله عليه و آله ): "إن الجمل لمأمور، هل قال عمرو شيئا".
قالت: نعم، إنه لما توجه إلى أحد استقبل القبلة، ثم قال: اللهم لا تردني إلى أهلي و ارزقني الشهادة.
فقال ( صلى الله عليه و آله ): "فلذلك الجمل لا يمضي، إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبره، منهم عمرو بن الجموح" [3] .