بسم الله الرحمن الرحيم
يتكون المجتمع من عدد من الأفراد ، وهم الذين يكونون المجتمع ، فلا يوجد مجتمع بدون أفراد وأسر ، ولو نظرنا إلى الأسر لوجدناها هي أهم مكونات المجتمع وللأسرة دور كبير في بناء المجتمع ، وعندما تبني الأسرة المجتمع فإنما تقدم لنفسها خدمة ولباقي الأسر فللأسرة أهمية بالغة وقصوى وذلك لأنها ، أول نظام اجتماعي عرفه الإنسان له خصائصه ووظائفه التي تؤثر في المجتمع ويؤثر هو بدوره فيها وفي نظمها ، وهي في تفاعل مستمر مع النظم الاجتماعية المختلفة وتقوم الأسرة بتطبيع الفرد في اتجاهاته وميوله ، وتميز شخصيته ، وتحدد تصرفاته العامة ، وهي أول من يعرفه بدينه وعادات مجتمعه ولغة وطنه ومكتسباته وثقافته وخيراته وحضارته ، وكيفية المحافظة عليها والاستفادة منها كما تكون أفكاره الأولى وتعلمه كيفية التفاعل الاجتماعي وتدربهم على الحياة الاجتماعية ، يقول الشاعر :
وينشأ ناشيء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
كما أن للأب وللأم دور مهم في غرس الفضائل والشمائل والصفات الحسنة عند الأبناء حتى ينشأ هؤلاء الأبناء وهم في صحة نفسية وجسدية واجتماعية وأخلاقية وعندما تقدم الأسرة أبناء بهذه المواصفات فإنما هي تقدم وتسدي للمجتمع أهم خدمة وأهم شيء ، فلولا الأفراد الأصحاء بدنيا وعقليا واجتماعيا ودينيا وأخلاقيا لما نهض المجتمع ولما أصبح مجتمعا قويا منتجا معتمدا على سواعد أبنائه وقدراتهم إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة ، فالأسرة التي تربي أبنائها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الإسلامية ، والدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين إنما هي تقوم ببناء المجتمع أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها وتترك لهم الحبل على الغارب ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة إنما هي تهدم المجتمع فأقول إن الاهتمام ببناء الأسر وبناء المجتمع يبدأ من الاهتمام بالأطفال وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة ، الذكور والإناث يقول الشاعر :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فمهام ووظائف وأدوار الأسر تبدأ مبكر منذ نشأتها الأولى ومنذ إنجابها لأول طفل
ويقاس مدى رقي المجتمع بما لديه من ثقافة متنوعة ومتقدمة وبالتربية الصالحة والاسلام يهتم بتربية الفرد ، والمجتمع يرعى أفراده ويعمل على رفع شأنهم والمجتمع كما قلت من البداية ما هو إلا عبارة عن عدد من الأفراد والأسر ، والطفل يحتاج إلى رعاية والديه والأسرة وهو يكتسب منهم وممن يحيطون به الخبرات والمهارات والعادات وقواعد السلوك التي تجعله يتلاءم مع مجتمعه ، والأسرة التي لا تهتم بأطفالها فهي لا تقدم للمجتمع إلا الشر والضرر ، فمعظم المخربين والجانحين والمجرمين هم من الذين لم تهتم بهم أسرهم وأنشأتهم تنشئة سليمة وربتهم تربية صالحة حميدة ، وهي تلك الأسر التي جرت خلف المادة وخلف المشاكل والخلافات ، فلم تهتم بأبنائها وبالتالي أفرزت وأخرجت إلى المجتمع رجالا مخربين وجانحين وشواذ ومنحرفين