إن الاختصاصات الربانية لشهر رمضان، والفضل الكبير والفوائد القيمة -التي أشرنا إلى بعضها في المقال السابق- تدفعنا للاستعداد لاستقبال شهر رمضان واستغلاله استغلالا نغير فيه من أنفسنا ونحرر رقابنا من أسر الدنيا وغوائلها اقتداء بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في استعداده لهذه الشهر والاجتهاد فيه، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة). [زاد المعاد (2/32)]، وكان الصحابة والسلف من بعدهم خير من اتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الاستعداد لهذا الشهر بالعبادة والعمل الصالح، فقد ألزموا أنفسهم بالقيام بتلاوة القرآن الكريم والإكثار من الطعام، وروضوا أنفسهم على خدمة الله في شهر الله ومن ذلك:
عناية السلف الصالح بالقرآن الكريم
أهم ما يميز عمل السلف الصالح في هذا الشهر هو الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فكانوا يتفانون في قراءة القرآن الكريم فيقرؤوه في رمضان مالا يقرؤوه في غيره، ففرغوا جل وقتهم للمصحف الشريف، فكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة. وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين. وكان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال. [صفة الصفوة 3/23] حتى يختمه كل ليلتين. وكان قتادة بن دعامة السدوسي -يُكنَّى أبا الخطاب، بصري تابعي ثقة، وكان ضرير البصر- يختم القرآن في كل سبعٍ دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاثٍ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة [صفة الصفوة 3/259]. وقال أبو الأشهب كان أبو رجاء يختم بنا في رمضان كل عشرة أيام [تذكرة الحفاظ، الذهبي،1 /66].
عناية السلف الصالح بالقيام وقراءة القرآن
ولم يكتف السلف الصالح بتلاوة القرآن الكريم فحسب في رمضان بل كانوا يقومون به بالقرآن القياء به في كل ليلة رجاء مغفرة رب العالمين فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»؛ فهكذا كان حالهم في رمضان، يجتمعون على القيام في الأحياء لصلاة القيام ولم يكتفوا بصلاتهم فرادى بل كانوا يصلون جماعات، جاء عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أُبَي بن كعب وتميما الداري -رضي الله عنهما- أن يقوما للناس في رمضان، وفي رواية أخرى أنه جعل بالمدينة ثلاثة قراء يقرءون في رمضان، فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمس وعشرين، وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين.. وكتب بذلك إلى سائر البلدان المسلمة ليتأسوا به [عبد الرزاق في المصنف].
ومن أمراء السلف الصالح من كان يفتح مجالا للقيام في رمضان للنساء، فقد فضل علي رضي الله أن يؤمّر للرجال إماما، وللنساء إماما [تاريخ دمشق]، بل لم يغلف أمراء المسلمين من إسداء الخير للمساجين في هذا الشهر الكريم؛ فقد كان زياد بن عبيد الله وكان أميرا على مكة في عهد العباسيين قال لصاحب له: يا أبا العلاء قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضر، وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار، وتصلي بهم بالليل [تاريخ دمشق].
ومن لم يستطع من عوام الناس أن يختم القرآن بمفرده فكان يجد في القيام وراء الأئمة مبتغاه في الختم، فكان المثنى بن سعيد يقول: أدركت هذا المسجد (مسجد بني ضبيعة) وإمامهم يصلي بهم في رمضان، يختم بهم في كل ثلاث رجل يقال له عمران بن عصام، وصلى فيهم قتادة بعده، فكان يختم في كل سبع، وكان سعيد بن جبير كان يصلي بالناس في رمضان، ويرجّع القراءة، فربما أعاد الآية مرتين، عن عمران بن حُدير قال: كان أبو مجلز يقوم بالحي في رمضان يختم في كل سبع [ابن أبي شيبة]. وعن عبد الصمد قال حدثنا أبو الأشهب قال: كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام.
ومن السلف الصالح من آثار أن يحارب النوم ويخاصمه ويفر منه إلى قيام الليل كما هو الحال مع عبد الله بن محمد بن اللبان؛ فإنه صلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائماً في المسجد يصلي حتى يطلع الفجر، فإذا صلى الفجر دارس أصحابه، ولم يضع جنبه للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً، وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعاً من القرآن يقرؤه بترتيل وتمهل، وكان من أجود الناس قراءة منه [تاريخ بغداد 10، ج144].
لا يستثقلون طول صلاة التراويح
ولفرط حبهم القيام في رمضان كان السلف الصالح لا يستثقلون القيام وطوله، ففي حديث السائب بن زيد قال: كان القارئ يقرأ بالمئين -يعني بمئات الآيات- حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر. وروى مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فيستعجل أحدنا الخدم بالطعام مخافة الفجر. ويقول نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت ابن أبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة {الحمد لله فاطر...} ونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يستثقل ذلك. حتى كبار السن كانوا لا يستثقلون القيام ولا يتذمرون من أئمتهم في طول القيام؛ فقد حكى الوليد بن علي عن أبيه أن سويد بن غفلة كان يؤمنا في شهر رمضان في القيام، وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة.
وقال يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقرءون بالمائتين، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام. وعن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هُرْمز قال: "كان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإذا قام بها القراء في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم" [البيهقي].
ترك الاشتغال بالتخصص في رمضان
لأهمية تخصيص رمضان بالقرآن والقيام تخلى أهل الاختصاص عن اختصاصاتهم في هذا الشهر ليتفرغوا لرمضان وحده؛ فالفقهاء تخلوا عن جلساتهم الفقهية ومجالس فتواهم، فتفرغوا للرمضان بقراءة القرآن والقيام به؛ فكان الأئمة الأربعة قدوة في ذلك؛ فالإمام أبو حنيفة رحمه الله كان يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة وفي رمضان كل يوم مرتين: مرة في الليل ومرة في النهار. وكان الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة إذا دخل عليه رمضان يقبل على تلاوة القرآن من المصحف، ويترك كل شيء حتى مدارسة الحديث، ومجالسة أهل العلم. وكان الإمام الشافعي -رحمه الله- يجزِّئ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام. وكان لا يقرأ قرآنًا بالليل إلا في صلاة؛ يقول المزني: ما رأيت الشافعي قرأ قرآنًا قط بالليل إلا وهو في الصلاة. وكان رحمه الله يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منه، وفي كل يوم ختمة؛ فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة [صفة الصفوة 2/255].
واختار الإمام أحمد اعتكاف رمضان كله بالذكر والدعاء وترك الفقه؛ فكان -رحمه الله- إذا دخل شهر رمضان دخل المسجد ومكث فيه يستغفر ويسبح، وكلما انتقض وضوؤه عاد فجدد وضوءه؛ فلا يعود لبيته إلا لأمر ضروري من أكل أو شرب أو نوم... هكذا حتى ينسلخ شهر رمضان، ثم يقول للناس: هذا هو الشهر المكفر؛ فلا نريد أن نلحق به الأشهر الأخرى في المعاصي والخطايا والذنوب.
وأهل الحديث تركوا الحديث فأقبلوا على القرآن كالمحدث سفيان الثوري فإنه كان إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن. وكان الزهري إذا دخل رمضان يَفِرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف. وكان الإمام البخاري، إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه، فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول: "عند كل الختم دعوة مستجابة" [تاريخ بغداد ج2، ص12. صفة الصفوة 4/170].
وحتى الأدباء والشعراء والنحويون فإنهم أقبلوا على القرآن؛ فها هو المازني البصري رحمه الله تعالى علامة الفقه والنحو.. كان إذا دخل شهر رمضان لا ينشد بيتا من الشعر حتى ينتهي، وإنما كان شغله قراءة القرآن.
وحتى علماء التاريخ فإنهم خصوا شهر رمضان بالعبادة؛ فيصف القاسم أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق) بقوله: وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية.
الجود بالصدقة على الفقراء والمساكين
لما علم السلف الصالح قيمة الصدقة عموما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيبا- إلا كان الله آخذها بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد» [مسلم والترمذي والنسائي]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الصدقة تسد سبعين باباً من الشر» [الطبراني]، وأفضل وقت يجود فيه المسلم هو هذا الشهر؛ ولهذا جعل السلف الصالح محلا للإكثار من الصدقة خصوصا جاعلين مثلهم الأعلى في ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلا -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان»، [الترمذي]. ولقد وعي الصحابة قيمة الصدقة في هذا الشهر حتى قال الإمام الشافعي: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم.
ولقيمة إطعام الطعام في رمضان فقد قصر بعض السلف رمضان على القرآن وإطعام الطعام فقط؛ فكان ابن شهاب إذا دخل رمضان يقول: "فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام"، وقصره على هذين الأمرين لأهميتهما؛ فأهمية القرآن تكمن في تغذية الروح، وأهمية إطعام الطعام تكمن في تغذية الجسم ليقوم بوظائف العبادة من قراءة القرآن والقيام ليلا والتمكن من الصيام نهارا.
وحين علم السلف الصالح قيمة إفطار الصائم في رمضان فضل بعضهم نفسه على غيره في إطعام الطعام، وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي ومالك بن دينار، وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس بخدمهم، ويروّحهم منهم الحسن وابن المبارك. وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمس مائة إنسان، وإنّه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم. وكان أحمد بن حنبل يأتي إليه سائل فيدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم يُطوي ويصبح صائماً، وعن ابن سعد قال: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله. [صفة الصفوة 2/146-147] . وقال واثلة بن الأسقع رضي الله عنه يقول: حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا، فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجلا من أهل السعة فأخذه فانطلق به فعشاه..
وقال أبو السوار العدوي: كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس و أكل الناس معه.
حتى ولاة الأمور لهم حظ من رمضان
لم يقتصر العناية برمضان على عامة السلف الصالح وعلمائهم بل حتى ولاتهم قد كان لهم النصيب الوافر في العناية برمضان، فلم ينسوا الفقراء بالتفقد، فكان عمر رضي الله عنه زاد الناس مائة مائة، يعني في عطاء كل واحد من جند المسلمين، وكان قد جعل لكل نفس من المسلمين في كل ليلة من رمضان درهما من بيت المال يفطر عليه، ولأمهات المؤمنين درهمين درهمين، فلما ولي عثمان رضي الله عنه أقر ذلك وزاده، واتخذ سماطا في المسجد أيضا للمتعبدين والمعتكفين وأبناء السبيل والفقراء والمساكين.
وكذلك كان السلطان ألب أرسلان يتفقد الفقراء في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار. وهذا أحد الخلفاء العباسيين يرتب عشرين دارا للضيافة يفطر فيها الصائمون من الفقراء، يُطبَخ لهم في كل يوم فيها طعام كثير، ويحمل إليها أيضا من الخبز النقي والحلواء شيء كثير.
وكما اهتم الولاءة بغيرهم في الصدقة على المساكين وإفطارات الصائمين، فقد اهتموا بأنفسهم بالقيام وقراءة القرآن الكريم: فكان المأمون الخليفة العباسي يكثر من قراءة القرآن في شهر رمضان حتى يكون في صوته بُح ، وكان الحجاج يعين له قارئا في رمضان يقرأ عليه القرآن الكريم، أما صلاح الدين الأيوبي فذُكر أنه أقام بالقدس قبل حطين جميع شهر رمضان في صيام وصلاة وقرآن. وكان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه.
يختمون رمضان بالاعتكاف
تميز رمضان عن غيره بالاعتكاف في العشر الأواخر لأنها مظنة المغفرة ورجاء موافقة ليلة القدر قال -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمُعْتَكِفِ: «هو يعكفُ الذُّنوبَ، وَيُجْرَى له من الحسنات كعامل الحسنات كلِّها» [ابن ماجه]. وقد ورد في الأثر: «من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين» [الطبراني] ، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يفرط فيه البتة، ومن دلالة عدم تفريط الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالاعتكاف أنه كان يقضيه في العام القابل إن كان مسافرا، كما يروي أنس رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان مقيما يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين». وفي رواية أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حان العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه، وشد مئزره، واجتنب النساء، وجعل عشاءه سحورا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ، ثم يخرج إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح" [أخرجه البيهقي]. وقال عطاء: المعتكف كأنه محرم بين يدي الرحمن تعالى، يقول: "لا أبرح حتى تغفر لي" [تاريخ بغداد 5 / 175].
وختاما...
هكذا كان شهر رمضان عند السلف الصالح لا يفترون عن العمل فيه، يمضون دقائقه وثوانيه بالذكر والقرآن وطاعة الله؛ لأنهم تيقنوا أنه لا يعود إلا بعد سنة، ولم يتقنوا أنهم سيدركونه العامل القابل فعملوا في الوقت، ولم يتمنوا على الله الأماني. ومن صدقهم في طاعة الله في هذا الشهر والاهتمام به كانوا يورثون العناية برمضان لأولادهم وأبنائهم الصغار، جاء عن عكرمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كنا نأخذ الصبيان من الكتاب فيقومون بنا في شهر رمضان، ونعمل لهم الخشكنانج (حلوى من السكر)". وعن محمد بن زهير بن محمد قال: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في وقت شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان [تاريخ بغداد 8/485، صفة الصفوة 2/400]
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي