تبرز أهمية القرآن الكريم فيما احتواه من إعجاز في لغته وأسلوبه وطرائق توجيهاته وإرشاداته في العبادات والأخلاق وإصلاح النفوس . إضافة إلى توجيهاته في نواحي الحياة الخاصة والعامة وفي تنظيم الأسرة والحقوق والواجبات وفي كل ما يهم الفرد و المجتمع ولذا فإن الاهتمام بتعلم القرآن ودراسته وحفظه يعد الأساس الذي تستقيم به حياتنا حاضرا ومستقبلا .
وإن من ضمن خصائص القرآن الكريم دقة ألفاظه وبلاغة معانيه وسهولة حفظه وحب تلاوته إضافـة إلى معالجته للقضايا الاجتماعية والنفسية والروحية للإنسان.
و كلنا يعلم بمدى أهمية القرآن الكريم في حياة كل فرد مسلم ومؤمن بالله الواحد ولكن هناك أشياء كثيرة نجهلها ، ربما لقصر علمنا أو لعدم انتباهنا ، فلو نظرنا مليا إلى هذا الكون سنرى كيف يسير بانتظام وتوازن فلا الشمس تسبق القمر والليل يأخذ مكان النهار ، الكل سائر ويؤدي الدور الذي عليه دون الاعتداء على الآخر، لكن إذا نظرنا إلى الحياة البشرية نجدها العكس تماما ، لأن في حياة البشر طباع لا تشبه بعض وعوامل بيئية ودينية مختلفة ، فهذا يقتل هذا وهذا يطغى على هذا ، وتملأ الأنانية القلوب إلا من كان له قلب رشيد وعقل واع ، معظم البشرية تعيش وكأنها في غابة تقطنها الذئاب والحيوانات المفترسة ، والبقاء فيها للأقوى ، وهذه غريزة حيوانية ، لأن الحيوان لا يمتلك عقلا يفكر به. أما الإنسان فقد كرمه الله تعالى بالعقل ولكن ما نراه واقعا أمامنا من فوضى وحروب وانحراف ، يجعلنا نتساءل أين عقل الإنسان..؟ ثم نتساءل أين إنسانية الإنسان..؟ ثم نتساءل أين إيمان الإنسان ..؟
فسبب الاقتتال والأنانية وكل الشرور الحاصلة على الأرض هي أن البشر تخلوا عن عقيدة الإيمان وابتعدوا عن طريق الهداية،التي أرادها الله لهم لتكون قلوبهم سليمة ونفوسهم زكية ، هذا الإيمان الذي أرسل الله رسلهم من أجل تبليغه للبشر ليحفظ كيانهم وإنسانيتهم من الضياع والانحراف، وليعيشوا على الأرض بمحبة وصفاء .
وقد أرسل الله تعالى رسله برسالات هادية إلى البشر ، لكنهم لم يسمعوا ولم يكترثوا لما جاء به الرسل ، إلا قليل منهم.
حتى بعث الله تعالى آخر رسله محمد عليه الصلاة والسلام ، رحمة وهداية للناس أجمعين، وأنزل القرآن الكريم ليكون حياة فاضلة للبشرية ، فيسود الأمن والأمان في كل الدنيا.
وقد عاشت أمة الإسلام أياما وشهورا جميلة وسنوات خصبة من الإيمان ، حين كانوا متمسكين بالقرآن الكريم والعمل به، فتحوا الدنيا بعلمهم وأخلاقهم وأقاموا حضارة بقيت شاهدة على نبلهم و حسن إيمانهم إلى يومنا هذا وستبقى إلى يوم الدين.
ذلك لأن القرآن الكريم يهذب النفوس ويرفعها من طين الأرض إلى روح السماء، ويسمو بها ويرتقي من أسفل إلى أعلى .
وقد قال تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة مبينا لنا أهمية القرآن الكريم في حياتنا " ألم ، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
و بالآخرة هم يوقنون، أولائك على هدى من ربهم و أولائك هم المفلحون " .
فالقرآن الكريم له دور كبير في حياتنا حيث أنه يهذب نفوسنا ويزكيها ويطهرها من الذنوب والخطايا. ويدفعنا نحو الفضائل ومحامد الأخلاق. فحين نفهم القرآن ونتعلمه ونعرف أحكامه ورسالته سنكون أسعد الناس وأفضلهم ، لأن بالقرآن سنقوي صلتنا بالله تعالى ونفوز برضاه، هذه الصلة التي تدفعنا نحو الإحسان لوالدينا وبرهما ، والرحمة بالضعفاء والرأفة بالمساكين والمحتاجين ، وصنع الخيرات .. وكذلك يعلمنا كل الأخلاق الحسنة من أمانة وصدق وتواضع ومحبة وإحسان وتسامح .. وكلها مصابيح تضيء طريقنا نحو الواحد الأحد ، فتمنحنا رضاه سبحانه وتعالى.
بالقرآن نحيا حياة سعيدة وفي القرآن نجد الحياة السعيدة ،لأنه يهدي للطريق القويم ، وحين نتمسك به تنالنا رحمات المولى ، فقد جاء في قوله تعالى في سورة الإسراء: " إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً "
و يكفي لحافظ القرآن شرفا وعلوا أن يكون القرآن حافظاً له في الدنيا والآخرة
ويقال له يوم القيامة اقرأ واصعد في درج الجنة فمنزلك عند أخر آية تقرأها من القرآن.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي