تمهيد:
إبتدأت ثورة المعلومات بالخطوة الأولى التي خطاها جوهانيس جتنبيرج في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي عندما أقدم على اختراع أرتقى بالبشرية كثيرا وهو الطابعة, فمنذ أن تم اكتشاف الحبر والورق بدأ الناس بالكتابه ولكن لم يكن بإستطاعة المؤلف أن يكتب هو ومساعديه أكثر من 10 نسخ حيث كانت الكتابة بخط اليد وكذلك كان انتشار هذه الكتب يتمحور على نطاق ضيق وكان الوصول إلى المعلومة والقيام بالبحوث شي يصعب على الشخص المعاصر تخيله حتى تم إختراع هذه الطابعه التي كانت أول خطوة جيدة تخطو إلى الأفضل بالبشرية جمعاء ...و من تلك الأيام بدأت ثورة المعلومات وارتقت البشرية كثيرا بعدة إختراعات وإنجازات لأن البشر أتيح لهم القيام بالبحث أو الإضافة على بحوث غيرهم بطرق أفضل وأسرع.
دخلنا في القرن العشرين الذي تم تسميته بعصر الثورة المعلوماتيه بعد انتقاله من الثورة الصناعيه ...وأصبح للمعلومة قيمة كبيرة وأصبحت المعلومات تتدفق بشكل خيالي لا يوصف حيث أن بعض الإحصائيات استنتجت بأن 90 % من المحصلة الإجمالية للبحوث العلمية منذ الأزل قد تم العمل بها خلال الثلاثين سنة الماضية !!! وما يزيد العقل دهشه أن هذه الكمية من البحوث ستتضاعف خلال العشر سنوات القادمة.
ومع اتساع دائرة المعلومات والمعارف تزداد بشكل طردي معها دائرة الغموض ، وكذلك أصبح مجموع شباب أي أمة يحكم على مستوى وطنه أو حضارته بالكم المعرفي الذي يحمله في منظومته الفكرية وبمدى تطويره لهذه المنظومه ...وكم هو الوضع مأساوي بالنسبة لشباب أمتنا العربية المتهالكة بالنسبة لتطوير الذات والمعرفة فمعدلات القرائة للشباب في الدول العربية مخزية مقارنة بدول أخرى وكذلك معدلات البحث العلمي ...وهنا إن تركت لحظة للتأمل فلوجدنا أن أغلب دول العالم الثالث هي أقل الدول إنتاجا للبحث العلمي وهي أقلها نسبة في الوقت الذي يصرفه شبابه على القرائة وهي أكثر الدول نسبة في عدد الأميين !!!
معرفة ما يتم تجاهلة قوة , و تجاهل المعرفة ضعف(لاوتسو).
علاقة التفجر الكمي للمعلومات بإدارة المعرفة :
يعتبر التفجر الكمي للمعلومات أحد الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا المجال والذي بحد ذاته يدعوا إلى الدهشة اعتمادا على ما تم كتابته في التمهيد، إضافة إلى أسباب كثيرة سنتطرق لها في أحد البحوث القادمة إن شاء الله.
من أين نشأت المعرفة ؟؟؟
قد لا يكتمل فهم هذا نشؤء المعرفة إلا ببعض التعاريف:
البيانات:
وهي كما وصفت في العديد من الكتب على أنها المادة الخام التي تصنع منها المعلومة وهي إن أردت أن أعطيها وصفها في اللغة العربية فيمكن أن أسميها بالنكرة، مثال : (أحمد , رقم هاتف , طالب , دكتور) هي على هذا شكلها المفرد تعتبر نكرات أو بممعنى آخر بيانات فإن تمت معالجتها وتريبها وتنقيحها بحيث توضع في إطار واضح ذو معنى واضح للمتلقي ويمكن تعريفها على أنها أوصاف بدائية لأشياء أو أحداث أو نشاطات وهي مخزنة و مصنفه ولكنها ليس منظمة لتعطي أي شيئ يحمل معنى .مثال عليها
البيانات المخزنة في جداول قواعد البيانات. فهي إن لم يتم إسترجاعها بأحد لغات الإستعلام لتعطي معنى مفيد فسيبقى اسمها بيانات رغم تنظيمها وتخزينها .
المعلومات:
بعد عملية المعاجلة التي تتم على البيانات تصبح هذه البيانات معلومات ذات معنى. مثلا إن تم ترتيب البيانات السابقة على الشكل ( الطالب أحمد الفلاني يدرس الدكتور فلان الفلاني ورقم هاتفه هو : 2342342 ) فهذه الجملة هي معلومه لا تحمل بين طياتها أي نوع من الغموض التي تحمله البيانات بمفردها.
المعرفة:
وهي إما بيانات أو معلومات تمت معالجتها وتنظيمها بحيث تعكس لمستقبلها الفهم, الخبرات, والعلم المتراكم لتلبية حاجة الساعي عنها لحل مشكلة ما أو لعمل نشاط معين . إن استطاعت الشركات بشكل جيد تقدير معرفتها وإداراتها بشكل جيد فستتميز عن الكثير من الشركات في مجالها.
الحكمة:
كلمة من عنوانها تعرف معناها فالحكمة هي المرحله التي يصل الشخص إليها بعض عمر طويل وتراكم كبير للخبرات والمعارف حيث تصبح نظرة الشخص وطريقة حكمه على الأشياء و طريقة استنتاجه مختلفة كثيرا عن الكثير من الناس في الوقت الحالي هناك الكثير من البحوث التي تبحث في عملية انتقال المعرفة إلى حكمة وبحوث أخرى في مجال إدارة الحكمة .. ولكنها حديثة العهد وسنتطرق إلى إدارة الحكمة في إحدى المقالات القادمة.
التفكير الإبداعي أو الإبتكاري:
إن التفكير الإبداعي يولد المعرفة ... وهو هبة من الله ولكن يمكن للشخص أن يكتسبه وهو قدرة على التفكير أو التحليل لا يمتلكها الكثير من الناس بحيث أن طريقة معالجة دماغهم للمدخلات تختلف عن الأشخاص العاديين فيمكن مثلا أن يستمع شخصان لنفس المعلومات فتمر في أذن أحدهم لتخرج من الأخرى وتعالج في دماغ الآخر ليتم الإضافه عليها والإستفادة منها في حل مشكلة أو طرح منتج جديد ...
المعرفة قوة
أنواع المعرفة:
للمعرفة نوعان لا ثالث لهما، إن تمعنت جيدا في أنواع المعرفة فسيتضح لك جيدا المعنى الحقيقي للمعرفة عوضا عن معناها الحرفي الذي يدخل بعض الإلتباس على عقول القراء.
النوع الأول : المعرفة الضمنية أو المخفية " Tacit Knowledge "
النوع الثاني: المعرفة البيّـنة أو الملموسة " Explicit Knowledge "
المعرفة الضمنية Tacit:
وهي مخزن الخبرات المتراكمة , والخرائط العقلية , ومجموعة المهارات المكتسبة , الحدس & الحنكة لدى أي شخص في المنظمة وسميت بالضمنية لأنها مخفية غير ظاهرة للعيان فهي في داخل العقل و لا يمكن لأشخاص أخرين لأن يعرفوا ما في هذا الصندوق ما لم يفتحهه صاحبه ويأذن بنهل خبرته ومعرفته وتعتبر المعرفة الضمنية للموظفين على أنها أصول غير ملموسة Intangible Assets"" مملوكة للشركة لا وبل من أغلى الأصول التي تمتلكها الشركة فنجاح الشركة مرتبط بأفرادها ونجاح أفرادها مرتبط بزخم معرفتهم الضمنية .... ومنها أتى منطلق إدارة هذه المعرفة رغم صعوبة التحكم بها سنأتي للتفصيل في وقت لاحق.
أمثلة : خبرت النجار في صناعة الخشب، مهارة رجل المبيعات على الإقناع ، المهارة القيادية لمدير شركة ... إلخ
المعرفة البيّـنة Explicit:
ويمكن إطلاق هذا الإسم على أي شيئ ملموس انطبق عليه تعريف المعرفة من ناحية القيمة فإذا سألنا : ما هي المعرفة الظاهرة لمنظمة ما ؟ فيمكن القول هنا على أنها "السياسات، الإجرائات، التقارير، التصاميم الهندسية، البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، المهام & الأهداف ... إلخ" التي تم توثيقها وحفظها في مكان ما بالمنظمة فإن اي معرفة يتم تدوينها وتوثيقها بشكل معين بحيث أصبح من اليسير نشرها من دون اتصال مباشر بين البشر يمكن أن يطلق عليها إسم المعرفة الظاهرة ....حتى المعرفة الضمنية إذا تم توثيقها وحصل إمكانية نشرها من دون اتصال بشري يصبح إسمها معرفة ظاهرة.
مثال : إن تدوين شخص لخبرته في صناعة الحلويات في كتاب ونشره يعتبر عملية تحويل معرفته الضمنية إلى معرفة ظاهرة يستطيع أي شخص اكتسابها من خلال هذا الكتاب.
ما هي إدارة المعرفة :
كانت التعاريف لأدارة المعرفة كثيرة رغم تشابه معظمها ولكن الإكثار منها كان طريقة جيدة لتوسيع المدارك للإستيعاب الأفضل لمعنى هذا النوع من الإدارة وما يلي عبارة عن مجموعة تعاريف لعدة متخصصين:
هي علم حديث الظهور كنموذج عملي يحتوي على المعرفة في هيكلية منظمة ما, تضم هذه المعرفة الكثير من التوجهات المرتبطة بالمنظمة والتي لها علاقة بخطط سير العمل و بإدارة المعلومات بالمنظمة وبالأشخاص والتكنولوجيا في تلك المنظمة.( Elias M. Awad & Hassan M. Ghaziri 2002)
هي عبارة عن العمليات التي تساعد المنظمات على توليد المعرفة والحصول عليها،اختيارها، تنظيمهأ، استخدامها، ونشرها ، وتحويل المعلومات الهامة والخبرات التي تمتلكها المنظمة والتي تعتبر ضرورية للأنشطة الإدارية المختلفة كاتخاذ القرارات، حل المشكلات ، التعلم، والتخطيط الإستراتيجي.(د.سعد مرزوق العتيبي)
وهي عبارة عن عملية جمع الخبرات المتراكمة لمنظمة ما بغض النظر عن مكانها سواء كانت في أوراق أو في قاعدة بيانات أو بعقول الأفراد , ومن ثم نشره هذه المعرفة ووضعها في الأماكن التي تحتاج لها بغرض تحصيل أكبر قدر من العوائد المعنوية والمادية على هذه المنظمة.( Hibbard 1997)
هي فن إيجاد القيمة المخفية في المنظمة من خلال الأصول الغير ملموسة Intangible Assets" فيها. (2000 Karl Sveiby)
هي العلم الذي يعتمد على الإدراك الأمثل لطبيعية أي عمل كان وطبيعة منافسية بالإعتماد على المعرفة التي يمتلكها الموظفين في هذا العمل. (Taft 2000)
هي الإستراتيجية الواعية التي تعتمد على تزويد المعرفة المناسبة للأشخاص المناسبين وفي الوقت المناسب, والتي تساعد الموظفين على وضع هذه المعرفة تحت التطبيق في طريقة محفزة لرفع الأداء في منظمة ما . (O'Dell et al.2000)
هي عبارة عن دمج بين نظم المعلومات وخبرات العمل التي بدورها تساعد المنظمة على تنظيم وتحليل وابتكار المعلومات بشكل أفضل. (Craig 2000)
نلاحظ في أغلب التعاريف تشابه فيما بينها ويتم التركيز في معظمها على جمع خبرات العمل السابقة ومعرفة وخبرات الموظفين في المنظمات في إطار ما بغرض إستثمارها أفضل إستثمار، تشير بعض الإحصائيات أن 18 % فقط من مجمل الخريجين يعملون بوظائف مرتبطة بشهاداتهم اي أن هناك 72 % من الأشخاص يعملون بوظائف لا تمت بعملهم بصله وهم ما زالوا يملكوا الكثير من المعرفة التي تخص تخصصهم في الجامعه ومع ذلك بسبب سوء إدارة المعرفة تذهب معارفهم و مواهبهم و إمكانية إبداعهم مع الريح ... وتعاني المنظمة كثيرا في البحث عن كوادر خارجية تمتلك المعرفة في مجال ما جاهلة المعارف التي لديها ...
...................................
المراجع :
1- Knowledge Management by Elias M. Awad & Hassan M. Ghaziri
2- Knowledge Management Course – Philadelphia Univ. – Dr.Issa Sheabat
3- What is Knowledge Management? "Article by © Karl Sveiby April 2001"
4- Knowledge Management by T.M. Koulopoulos & Carl. Frappaolo
5- مقتطفات من بعض مقالات الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار في موقع الإسلام اليوم
6- مقالة عن إدارة المعرفة للدكتور سعد مرزوق العتيبي
وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا ودون تعليق.
المصدر:edaiat
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي