تُعد الإذاعة المدرسية ملمحاً مهماً في البيئة المدرسية، وَبرزت كأحد ألوان النشاط المدرسي، واستطاعت أن تتبوأ مكاناً مرموقاً في الأنشطة اللاّصفيّة التي يبدأ بها اليوم الدراسي محققةً أهدافاً تربوية، الذي يُعد أساساً متيناً من مقوِّمات التربية الحديثة، هذا من حيث المكانة، ومن حيث الأهداف فتنبثق أهداف الإذاعة المدرسية من أهداف الإعلام التربوي عموماً بكل صُوَره، وتقوم على فلسفة المجتمع المدرسي التي توجد فيه، بل هي من دون مبالغة «وجبة الإفطار» المتكاملة التي يحتاجها الطالب في بداية يومه الدراسي، فتدفع منسوبي المدرسة من « تلاميذ، معلّمين، إدارة « لمباشرة بقية اليوم بنشاطٍ وحماسة وأكثر عطاء.
ومن بين تلك الأهداف: تزويد الطلاَب بالمعلومات أو الأخبار والمعارف التي تهمهم، وتُشبع فيهم حب الاستطلاع بحكم تكوينهم الفسيولوجي، وهنا يتحقق أحد أهم أهداف الإعلام التربوي عموماً وهو ربطهم بمجتمعهم المدرسي والمحلّي، وتزويدهم بالمعلومات والمعارف المتصِلة بشؤون الدراسة وأنشطتها ونظمها وبرامجها المتنوعة، كما تقدم لهم ألواناً من العلوم وَالمعارف بصورة مشوقة تقوم على الشرح والتحليل والتفسير والتبسيط، وتفتح لهم أبواباً في مجال التفكير والتهيُّؤ النفسي لليوم الدراسي، وهي تسعى بذلك إلى إكسابهم مهارات الاتصال الإذاعي، ومهارة التعبير عن أفكارهم، والثقة في تفكيرهم وقدراتهم العقلية، كما تنمي فيهم الجماعية والنظرة الواقعية حينما يسهمون في التخطيط لبرامجها التي تتناسب وأنشطة المدرسة ومجتمعها المحلّي، وهم يقدمون هذه البرامج ويعملون على تطويرها وبالتالي تعودهم على البحث والاطلاع وتعرفهم بمصادر المعلومات والقدرة على التذوق، وتشجيعهم على التفكير العلمي، وتنمية الخيال العلمي والروح الابتكارية، واكتشاف المواهب ورعايتها، والمحافظة على التراث الحضاري والثقافي، وتوجيههم نحو الاتجاهات والقيم التربوية العليا؛ كصلة الرحم، والتعاون، واحترام آراء الآخرين، وحرية التعبير عن الآراء والمواقف، والنقد الذاتي البنّاء،
إذاً فالإذاعة المدرسية هي وسيلة الإعلام في المدرسة ومن خلالها يستطيع التلميذ أو التلميذة التعبير عن أنفسهم وآرائهم بمنتهى الحرية، ومن خلالها يتم الكشف عن ميولهم ومواهبهم وتفعيل الإذاعة المدرسية لجميع برامج وأنشطة المدرسة، فإذا كان هذا هو المفهوم الصحيح للإذاعة المدرسية، فلماذا إذاً لا نعطيه حقه من العناية والاهتمام؟ ولماذا لا نتيح الفرصة لتلاميذنا لكي يبدعوا، الحكمة تقول «فاقد الشيء لا يعطيه» والتلميذ إذا لم يجد الاهتمام من جميع أعضاء المدرسة، فضلأً عن معلّمه، فلن يهتم هو أيضاً وستطغى السلبية على أجوائنا التعليمية.
لابد أن يكون هنالك وعيٌ تام بأهمية الإذاعة المدرسية ودورها الفاعل في العملية التعليمية، لأنَّها ليست ملفات تُرص فيها أوراق عمل لا تطبق على أرض الواقع، ولا جدول زمني يحدّد فيه موعد إذاعة كل فصل أو جماعة، إنَّما هي وسيلة مهمة جداً من وسائل التعليم الواقعي التي على ضوء الدراسات الحديثة لا تقل أهمية عن التعليم الصفّي.
إلى كل معلّم/ معلّمة مسؤول عن الإذاعة المدرسية راقب الله في عملك تنجح، وتأكد بأن ما تبذله من جهود لن يضيع وسيدّخر لك عند ربِّ العالمين، لا تكن اتكالياً، وتابع التلاميذ ولا تلقي بعبء تنسيق ملفاتك على التلميذ؛ لأن الإذاعة الصباحية لأجله، فامنحه الفرصة لكي يُبدع، واجعلها منبراً للتنفيس عن روحه.
احرص على التجديد في مواضيع الإذاعة واجعلها تلامس واقع التلاميذ «النفسية، التربوية، التعليمية، الاجتماعية، السلوكية، الأخلاقية... «، اجعل له فرصة لكي يتعرّف على واقعه من خلال تفعيل المناسبات التربوية، واجعله يعيش واقعه في إذاعة يسعى هو لإعدادها وفق توجيهات معلّمه الذي هو أنت أيها المعلّم.
أكاديمي في التربية الخاصة
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي