ج- وسائل الإعلام
تلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في الوقاية من الانحراف الفكري .فعليه ان يكون لدينا وعي كبير و ان تشارك وسائل الاعلام من تلفزة و انترنت في توعية الافراد و توضيح الحقائق عن الفكر المنحرف ووضع الإعلام المضاد عن طريق تدفق مستمر وواع للمعلومات، والحقائق عن ظاهرة الانحراف الفكري، والسلوك الإرهابي وآثارهما وما يستجد فيهما في الوقت المناسب بما يوضح الصورة أمام الجميع.
د- تفعيل دورالموسسات الاجتماعية ( المسجد كنموذج)
أصبحت المساجد عبارة عن دور للعبادة فقط، مما يتطلب من الجهات المعنية دراسة هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد الحلول التي تعود بالمسجد تدريجياً إلى دوره التاريخي في بناء المجتمع.ولا شك أن للمسجد إسهامات مؤثرة في خدمة المجتمع، فعلى سبيل المثال، من تلك الإسهامات الوقاية من الانحرافات السلوكية من خلال حث أفراد المجتمع على تلمس حاجات الفقراء والمساكين في المجتمع ، ومواساتهم وإعانتهم بالزكاة والصدقات لوقايتهم من ارتكاب الجريمة والاعتداء على حقوق وممتلكات الآخرين.ويمكن تشبيه المسجد بجهاز إنذار مبكر ينذر المجتمع بشرور وأخطار تهدد الأمن الفكري والعقائدي. فالكثير من الخطباء والأئمة بحكم ارتباطهم القوي بحياة المجتمع يستطيعون الكشف مبكرا عن أي انحراف عقدي أو فكري.
ولصلاة وخطبة الجمعة أثر كبير في توعية المواطنين من أخطار المخدرات والمسكرات والانحرافات السلوكية والفكرية. كما ترجع أهمية خطبة الجمعة باعتبارها نمطا من أنماط الاتصال المباشر بين المتحدث (الخطيب) والجمهور (المصلين) ومهما تتنافر الأفكار والآراء والمعتقدات والولايات بين الناس فإنها تكاد تجمع على أهمية وضرورة حضور خطبة الجمعة والاستماع إليها وأداء صلاتها جماعة في المسجد، ومن هنا بدت مشروعية مراجعة خطبة الجمعة ودورها الكبير في مواجهة العنف والإرهاب والتطرف وفق منظومة استراتيجية يؤسسها المجتمع بكياناته المتعددة لتكون رسالة المجتمع من خلال خطبة الجمعة رسالة دينية ووطنية صحيحة لا مجال فيها لاجتهاد الأفراد
ولعل من الأساليب الوقائية لحماية المساجد من وباء الفكر المنحرف هو التزام المساجد بمنع استغلاله من بعض العناصر الضالة عن طريق اصطياد الشباب وغيرهم من المتحمسين الذين تم تحويلهم إلى قنابل بشرية قابلة للانفجار في أية لحظة.
هـ- الواقعية في الخطاب الإسلامي
يجب على الحركات والأحزاب والتجمعات الإسلامية أن تعلن رفضاً صريحاً للآليات والوسائل الدموية التي استخدمتها الحركات المنحرفة في مواجهتها مع السلطات الأمنية.
و- البحث عن النماذج المؤثرة (العلماء كنموذج)
إن مسئولية رعاية الشباب مسئولية تقع على جميع المسلمين وفي طليعتهم الحكام الممسكون بزمام الأمور والقادرون على اتخاذ القرارات ، كما أن المسئولية تقع بالدرجة نفسها على العلماء والمفكرين المؤهلين بعلمهم وبصيرتهم، وحرية رأيهم على العمل الإسلامي باعتبارهم الأئمة الحاملين لأمانة الرسالة، وبراهين الحق والذين بإمكانهم رعاية الشباب من الانحلال والانحراف .
إن هؤلاء العلماء هم قادة الخير ورواد الإصلاح و هم المكلفون ببيان الحق للناس وهدايتهم إليه وتلك مسؤولية كبرى تقع على أهل العلم والفقه والمعرفة، فإن الله جل وعلا حملهم مسؤولية عظمى هي : هداية البشرية، ونشر العلم، وبذل النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإبلاغ الحق، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، ورثوا وظيفة التبليغ والإرشاد فعليهم أن يرشدوا ويعلموا، وأن يتولوا القيادة الروحية والفكرية للمجتمع ويسدوا الذرائع أمام الفتن وحماية الشباب من استغلال المستغلين المتاجرين بالدين . فمتى ما أهمل العلماء هذه المسؤولية العظمى فإن البلدان تخرب، والقلوب تظلم، والنفوس تتيه، والأفكار تزيغ، والباطل يصول، والضلال يجول.
فعلى العلماء اليوم أن يستعملوا زيادة عن الخطب المنبرية، الأساليب التي يستعملها غيرهم من أصحاب الذاهب والاتجاهات مثل: المقالة الناقدة والرواية الحكيمة، وعن طريق الوسائل السمعية والبصرية، وعقد الندوات والمؤتمرات التي تعين على إبلاغ كلمة الحق وتبصير الشباب لنشر الفضيلة ومقاومة الرذيلة . ومن الخير كذلك أن يفتح العلماء فتح أبوابهم للشباب وعامة المجتمع، وأن يخصص كل واحد منهم وقتًا يوميًا أو أسبوعيًا، يستقبل فيه الناس ويحاورهم، ويخصص للشباب المندفع وقتاً يحاورهم ويرفق بهم ويرشدهم.
ز- توحيــد المرجعيات
تتعد المرجعيات التي يرجع إليها الإنسان في حياته. فهناك مرجعية دينية ومرجعية قانونية وأخرى اجتماعية. ولكن تبقى المرجعية الدينية من أهم وأخطر المرجعيات على مر العصور. ففيها تثبيت للنظام السياسي القائم ، وعادة ما تستعين الدول بالمرجعيات الدينية لاسيما في الأزمات و الكوارث الكبرى. وهم صمام أمن وأمان للأمن الاجتماعي والفكري لكل مجتمع ، فهي تفتي الناس وتتحقق من تأهيل من يتصدون للإفتاء في أمور الناس المختلفة.
وإذا اختلفت المرجعيات وتصارعت فان حياة الناس الاجتماعية تختل وتضطرب. ولذا فإن المهم على الدولة توحيد المرجعيات الدينية المتعددة في إدارة أو هيئة رسمية واحدة. واعتماد رأيها الشرعي والأخذ به. ومنع الفتاوى الفردية في أمور جماعية لما لها من تأثير سلبي على المجتمع إذا لم تكن مؤهلة. والأخذ بالفتوى الجماعية في قضايا الفقه بشكل خاص وعند حدوث اختلاف فانه ينبغي حسمه بالتصويت بين العلماء.
وحتى في الحقوق الإنسانية من المهم وجود مرجعية رسمية معتمدة، تهتم بهذا الجانب وتتكلم فيه.
ح- المشاركة السياسية الشعبية
من الأساليب الوقائية لدرء خطر الأفكار المنحرفة التي تحيا على الكبت والقمع والكراهية ، هو فتح النوافذ لنسيم الحرية وتشجيع روح النقد والنصيحة و الاستجابة للرغبة الشعبية في المشاركة السياسية والتي هي من مقومات الأمن السياسي حيث تكتسب السلطة الحاكمة شرعيتها، وعدم استئثارها بالحكم.
وفي جو الحرية تظهر الأفكار في النور ، فيمكن لأهل العلم مناقشتها، وتسليط الضوء عليها ، فتثبت وتبقى ، أو تختفي وتذهب ، أو تعدل وتهذب ، بدل أن تظل في السراديب التحتية، تلقن بلا مناقشة ، وتطرح بلا معارضة ، وتتفاقم يوما بعد يوم ، حتى يفاجأ الناس بها وبانحرافها وقد شبت عن الطوق
ط- تنمية التفكير الناقـد
إن مما يلحق الضرر بالأشخاص والشعوب هو تغييب دور العقل ومكانته وعدم استخدام التفكير العقلاني المستقيم في الموازنة بين الأمور والتمييز بين الحسن والقبيح وتجنيب النفس والمجتمع أسباب الهلاك والدمار.
ولعل أهم تلك المهارات الفعالة والتي لها دور في الوقاية من الفكر المتطرف والمنحرف هو مهارة التفكير الناقد، وهي من المهارات والمقاييس المهمة التي تستخدم في الحكم على درجة نضج الأشخاص. وفي هذه المهارة يتوصل الفرد إلي الأحكام والخيارات والقرارات بنفسه بدلا من أن يدع الآخرين يقومون بذلك نيابة عنه.
وعندما يمارس الأفراد التفكير الناقد فإنهم سوف يستطيعون التفريق بين الأفكار والمغالطات المتعددة التي يتبناها ويعرضها أصحاب الفكر المنحرف، ويختبرون بها مدى دقة وصلاحية تلك الأفكار المنحرفة. وتنمو لديهم القدرة على التخلص من “السموم الإعلامية” التي تبثها جماعات التطرف الديني في وسائلها الإعلامية المختلفة في علاجها المشوه والمتحيز للقضايا والمسائل الاجتماعية والسياسية والدينية.
ك – بث الأمل في البيت والعمل
في ظل الظروف والأحداث العالمية المحيطة، التي تموج بالصراعات والخلافات والقلق. فانه من المهم إن تنتشر ثقافة التفاؤل والتسامح وأن تسود روح المحبة في بيئات البيت والعمل. وأن تشجع الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية كل ما يساعد على رفع الروح المعنوية لأفراد المجتمع، وبث الأمل في إصلاح الأحوال وإزالة المعوقات.
لقد ذكرت لكم الاساليب الوقائية من انتشار الفكر المنحرف و يتبعه طرق علاجيه طرق علاجيه للتخلص من الفكر المنحرف
- طرق علاجية لتعديل الفكر المنحرف
أ- الدعوة إلى الوسطية
تمثل الوسطية في القضايا الإنسانية محورا هاما تدور حوله قضايا ومسائل كثيرة، فقد جعل الله تعالى كثيراً من الأشياء والطبائع والخصائص النفسية مملوكة بقانون الوسطية، فالشجاعة على سبيل المثال لها حدود، فإذا تجاوزتها صارت تهورا، والحذر له حدود فإذا تجاوزها أصبح جبنا وإحجاما.
والوسطية تعني: الاستقامة على المنهج، والبعد عن الميل والانحراف، فالمنهج المستقيم، وبتعبير القرآن: “الصراط المستقيم” هو كما عبر أحد المفسرين الطريق السوي الواقع وسط الطرق الجائرة عن القصد إلى الجوانب. فإذا فرضنا خطوطا كثيرة واصلة بين نقطتين متقابلتين، فالخط المستقيم إنما هو الخط الواقع في وسط تلك الخطوط المنحنية، ومن ضرورة كونه وسطا بين الطرق الجائرة أن تكون الأمة المهدية إليه وسطا بين الأمم السالكة إلى تلك الطرق الزائغة.
إن الانحراف الفكري ما هو إلا انحراف عن الوسطية والتوازن نحو الإفراط والتفريط، أو الغلو والتقصير. ولتعديل هذا الانحراف الفكري يجب العودة به وبمن يحمله إلى جادة الوسطية. فالوسطية في الإسلام هي العدل بين الطرفين المتنازعين أو الأطراف المتنازعة دون ميل أو تحيز إلى أحدهما، أي الموازنة بين هذه الأطراف بحيث يعطى كلاً منها حقه دون بخس ولا جور عليه.
فالفكرة الوسطى يمكن أن تلتقي بها الأفكار المتطرفة في نقطة ما، هي نقطة التوازن والاعتدال، كما أن التعدد والاختلاف الفكري يكون حتما كلما وجد التطرف، وتكون حدته وشدته بقدر حدة هذا التطرف. أما الوسط والاعتدال فهو طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها. ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة
ب- فهم الصراع وإدارته
كيف يمكن حل الصراع بين الأجهزة المعنية في الدول على سبيل المثال وبين الجماعات المتطرفة فكرا وسلوكا والوصول إلى حالة تنتفي فيها أسبابه، وتنتفي معها احتمالات قيامه مستقبلا، أو على الأقل الوصول إلى حالة تقل معها درجة الصراع في العلاقات لفترة قصيرة، أو طويلة حتى إن تحول إلى حل الصراع.
ويمكن القول أن هناك بعض الطرق للتخفيف من حدة الصراع ثم حله وهي:
1 – الاستعانة بالأهداف العليا والتهديدات المشتركة
مواجهة الجماعتين لتهديد مشترك أو لموقف يحتم عليها العمل معا لتحقيق هدف، يكون غالبا أكثر فعالية. فقد يكون الاستعانة بمواجهة تهديد مشترك مثل التهديدات الصهيونية على سبيل المثال.، أو المحافظة على هدف عال مثل وجوب رعاية مصالح الأمة العظمى ، ودرء المفاسد الكبرى عنها من الحاكم والمحكومين، و حفظ الأمن وأنه واجب على الجميع، وأن الإخلال به فساد في الأرض، والدين جاء بحفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والمال والعرض والعقل) ولا يمكن ذلك إلاّ بالأمن.
2 – الاتصال الفعال
تشير البحوث إلى أن الاتصال بين جماعتين يكون فعالا حيث يكون موجها ومحدد الهدف كأن يطلب من كل جماعة مثلا: التقدم باقتراح تعتقد أنه معقول ويمكن أن يكون مقبولا من الطرفين، فإذا تحقق مثل هذا الاتصال فإنه يغلب أن يؤدي إلى التخفيف من حدة الصراع.
3 – استخدام ممثلي الجماعات
يجب أن يكون ممثلو الأطراف من القادة أو من ذوي الشأن في جماعاتهم أو وظائفهم. ولكي يكون هذا الأسلوب فعالا يتعين على الممثلين التعرف على ما يمكن للجماعة أو الجهة التي يمثلونها قبوله أو عدم قبوله، ثم عليهم إما الالتزام بهذه الحدود أو إعداد الجماعة للتنازلات.
4 – تجزئة الصراع
قد تطلب الجهات الأمنية من الجماعات المتطرفة البدء في إلقاء السلاح وعدم استخدامه قبل البدء في الاستماع إلى المطالب. آو البدء في محاكمة المسجونين أو الإفراج عن غير المطلوبين.
5 – تدخل طرف ثالث
وهو يشبه الحكم في المباراة، ويلعب أدوارا مهمة مثل: ضرورة وضع حد زمني للوصول إلى اتفاق وتعريف القضايا محل الصراع وإعادة صياغتها، وترتيب أولوياتها والبحث عن حلول بديلة، وتقديم الضمانات اللازمة لتنفيذ الاتفاق إذا تم، كما أن تقديم تنازلات من الطرفين استجابة لطرف ثالث يغلب أن يكون أكثر قبولا منهما ولا يظهرهما بمظهر الطرف الضعيف.
ومن الأساليب الفعالة في فهم وإدارة الصراع مع المنحرفين فكريا هو بناء جسور للوصول إليهم وهدم كل العوائق والحوائط التي تحول دون ذلك.إن تقبل ذوي الانحراف الفكري هو أول شروط مساعدتهم وتعديل انحرافاتهم، ثم يأتي الصدق والإخلاص في علاجهم، ومعرفة الدوافع المحركة لسلوكهم وأفكارهم.
أن أسلوب الجسور الممدودة مع الغير هو أسلوب فعال في حل كثير من المشكلات المزمنة بين الأفراد والجماعات، إلا إنه من المهم استخدام ثلاثة قواعد ضــمن هذا الأسلـــوب، وهـــي:
الأولى: أن هناك أشياء يجب أن تتوقف في التعامل بين الأطراف المتنازعة
الثانية: إن هناك أشياء يجب أن تستمر ولا تتوقف أو أن تتضاعف.
الثالثة: إن هناك أموراً وأشياء يجب أن تبدأ بين الطرفين
وتطبيقا لهذه القواعد بين أصحاب الانحراف الفكري وبين الذين يريدون تعديل الانحراف الفكري يجب مراعاة ما يلي:1 – توقف الاتهامات والشكوك والعزلة التي تسود علاقة الطرفين. كما يجب أن يتوقف اليأس من حل المشكلات العالقة، والتوقف عن وصف الآخر بأنه عدو مبين لا يمكن الحوار معه والاطمئنان إليه.
2 – استمرار احترام مكانة العقل ودوره في حل المشكلات، كما يجب أن تستمر أو تزيد الرغبة في الحوار، والوصول إلى حلول واقعية لقضايا الخلاف الفكري بين الطرفين.
3 – البدء في احترام الرأي الآخر والبحث عن أرضية مشتركة من الاجتهادات والآراء والأفكار المعتدلة، وكذلك العودة إلى الوسطية في الفكر والسلوك، كما يجب البدء في العودة إلى الحق والاعتراف بالخطأ والتراجع عنه من كلا الطرفين.
ج- بيان فضل التراجع عن الخطأ والعودة إلى الحق
لقد جاء في الحديث النبوي الشريف ” إن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” . والعاقل من يُسلم بالخطأ حال تبينه للصواب وينتقد نفسه، بل ويشكر من أرشده إلى الحق، فالحق أحق أن يتبع، وهذا ما كان عليه الصحابة وسلف علماء الأمة، وإمامهم في هذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي لم يكن يبالي أن ينزل عند رأيه إلى رأي أصحابه دون غضاضة.
ومن أساليب التوصل إلى فهم مشترك مع أصحاب الغلو والانحراف الفكري الديني عن المنهج الإسلامي الصحيح، أسلوب تبيان حقيقة ضعف الإنسان والتماس العذر لمن أخطأ وأراد التوبة والإنابة والرجوع إلى الحق. وكذلك الثناء الجميل والاحترام المشترك لهذا الخلق الإسلامي الرفيع. وخطورة تفريغ هذا الخلق من معناه الراقي، وذلك عن طريق التركيز على ما قبل الرجوع، وتسليط الضوء على حال العبد قبل التوبة. وينبغي على أهل النصح والإرشاد والعلم والحكمة الوصول بأهل التعصب والتطرف والغلو والفكر المنحرف إلى إدراك حقيقة الحديث الشريف القاتل “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”. وذلك بأن من أخذهم على جهل وغره وخداع للإساءة لدينهم ووطنهم يجب أن لا يحدث ذلك مرة أخرى.
ومن النافع في هذا الأمرأيضا تقديم بعض أصحاب الفكر المنحرف الذين أصغوا إلى حديث الحق ولم يصروا على ما عملوا، خاصة أولئك المؤثرين في جماعاتهم وتابعيهم، سيساهمون بإذن الله في تعريف الآخرين بالفكر المنحرف و مخاطره و كيف قد مشوا في نفس الطريق و ما خسروه و كيف اهتدوا الى الطريق القويم . و ايضاً بكشف ما خفي على المغرر بهم.
د- الحوار الهادف
من طرق معالجة التطرف والغلو والانحرافات الفكرية فسح المجال للرأي الآخر، وقبول الحوار معه بل الدعوة إلى هذا الحوار، واستخدام سلاح الحجة والبرهان والإقناع، سواء كان هذا الآخر مغايرا في السياسة أم في الفكر أم في الدين.
وقد ذكر القرآن الكريم أمثلة ونماذج كثيرة للحوارات منها ما بين الله عز وجل وملائكته، ومنها حوارات الأنبياء والرسل مع أقوامهم مثل حوارات نوح وإبراهيم وشعيب.ولكن هذا النقاش يجب أن يكون بطرق تختلف غاية الاختلاف عن طرق أصحاب الدعايات الذين همهم إقناع الخصوم بأية وسيلة مشروعة كانت أم غير مشروعة، وكذلك تختلف عن طرق أهل الحوار والمساجلات الخطابية الذين يرون في الحوار إنه كنوع من أنواع الحروب لا هدف له إلا النصر على العدو وليس التوصل إلى توضيح الأمور في أفكارهم وأفكار الآخرين معا.
إن الحوار مع هذه الأنماط الفكرية قد يكشف الكثير عن الأفكار التي تبدو غامضة، ولهذا يعتبر الحوار مفيداً في إخراج أصحاب الفكر المنحرف من سجن الترديد والتقليد إلى رحابة الفكر العقلي وسماحته، فهو يفتح أمامهم آفاقا جديدة لم يكن مسموحا لهم داخل جماعاتهم ويعينهم على استخدام ملكة العقل .
وبالطبع فإنه لا حوار مع القتلة المعتدين الذين يؤمنون بالرصاصة القاتلة لا بالكلمة العاقلة، وبسن السكين لا بسن القلم، وبفكرة القوة لا بقوة الفكرة. إنما الحوار مع الذي ألقى سلاحه خلفه ويريد أن يكتشف خطا الطريق الذي سلكه.
هـ – استثمار التجارب السابقة
يجب الاستفادة في صياغة برامج معالجة الانحراف الفكري من الذين تركوا الفكر المنحرف والمتطرف وتابوا عنه. وان أمكن إشراكهم في صياغة البرامج حيث انهم اقدر الناس على التحاور مع الواقعين في هذا الفكر.
و- تصحيح المفاهيم الخاطئة
قد تؤدي انفعالات الفرد وحاجاته ومصالحه ورغباته إلى التأثر بمظاهر خاصة للشيء أو الشخص أو الفكر. ويؤدي ذلك إلى أن تكون معرفته عن هذا الشيء وإدراكه مختلفا عن الواقع وبعيدا عن الحقيقة أو مجانباً للصواب، وكثيرا ما ينخدع الإنسان أمام تأثير المشاعر القوية أو الدوافع المستثارة أو المعلومات المضللة ، ثم يتحول هذا الانخداع إلى التأثير على مفاهيم الفرد ومدركاته واتجاهاته ومعتقداته نحو الأشياء أو الأشخاص.
وعندما تتأثر هذه المفاهيم والاتجاهات سلبا بالمثيرات الخارجية مثل الأفكار والأشخاص فإن تصحيحها أو تعديلها يصبح عسيرا، بل إن خلل أو انحراف هذه المفاهيم يتبعه انحراف في السلوك، ويصبح الأمر أكثر مشقة في الإصلاح.
إن معظم الذين يحملون أفكارا منحرفة عن الدين والمجتمع هم ممن اختلت مفاهيمهم وتشوهت معتقداتهم. وفهموا إن استباحة الدماء جائزة وهتك الحرمات وتدمير الممتلكات وترويع الآمنين بالمتفجرات هو جهاد مشروع، كما إن تكفير الحكام والعلماء واجب ، والحوار مع الغير ضعف.
وعلم النفس يقدم مساهمة من خلال تطبيق أحد نظريات علم النفس الاجتماعي وهي نظرية التنافر المعرفي، والتي طورها فستنجر (Festinger,1962). وتقرر هذه النظرية أن الفرد يشعر بعدم الارتياح إذا تجمعت لديه معارف متناقضة أو غير متوازنة منطقيا حول موضوع أو حدث معين، وأنه قد يكون مدفوعا لتخفيف حدة هذا التناقض بين المعارف عن طريق المزيد من المعرفة، أو عن طريق تغيير الاتجاهات القائمة. وتهتم هذه النظرية أساسا بتأثيرات التنافر على اعتقادات واتجاهات وسلوك الناس
و لا بد من شرح النظريه منفصله لتأخذ حقها
ز- توظيف التكنولوجيا
توظف بعض الجماعات المتطرفة استخدام التكنولوجيا للتأثير في الايديولوجيا ، ولعل الانترنت هي أكثر وسائل التكنوجيا توظيفا في التأثير على الأفكار والمعتقدات . ونشر فتاواها ومنشوراتها عبر الشبكة الإلكترونية العالمية مع قدرة تكنولوجية فائقة على الانتقال من موقع إلى آخر إذا هوجم أي موقع لهم.
وفي ظل هذه الحرب الإلكترونية مع التطرف والانحراف الفكري فانه لابد من إعداد جيل من الدعاة والأئمة والخطباء المتخصصين في التعامل مع الانترنت بسرعة وحرفية فائقة مع التمتع بقدرة على التفنيد الفكري والرد على الشبهات.
ح – تحديد المصادر وتجفيف المنابع
إن الكشف عن مصادر الفكر المنحرف ومحاولة تجفيف منابعه احد الطرق الفعالة في القضاء على الانحراف الفكري خاصة ذلك الانحراف المتعلق بالدين. وعليه يجب إدراك أهمية استقراء شبهات الغلاة والمنحرفين فكريا عن المنهج الديني الصحيح ودعاويهم أو الأمور الملتبسة عليهم، وتتبع مقالاتهم ومؤلفاتهم وسائر مزاعمهم والتعرف على رؤوسهم ومرجعياتهم، ثم الرد عليهم بالحجة والدليل والبرهان الشرعي والعقلي ، والحوار الجاد مع المنظِّرين والمتبوعين حول قضايا الخلاف و إسقاطها من قبل المختصين مثل: قضايا إمامة المسلمين وحقوقها وواجباتها، البيعة وتحققها للدولة شرعًا، وأنها في عنق كل مواطن ووجوب السمع والطاعة بالمعروف، العلماء ومرجعيتهم ، نظام الحكم وكونه إسلامياً مستمداً من المصادر (القرآن والسنة) والأصول الشرعية المعتبرة الملزمة للجميع .
و هذا ما كنت اطالب به في موضوعي السابق ( ارفعوا الحظر عن امير السلام )
اذ لابد من تعريف الشباب بالأفكار المضللة وأخطائها قبل وصولها إليهم منمقة مزخرفة فيتأثرون بها. وتحصين الشباب ضدها والوصول بهم إلى التحصين الذاتي. لأن الفكر المنحرف سريع العدوى.ط- تحديد مفهوم وصورة العدو
أحد الإشكاليات التي يجب أن توجه إليها جهود المفكرين والعلماء هي تحديد صورة العدو وخصائصه وأشكاله. وهذه الإشكالية وقع فيها كثير من المنحرفين فكرياً حيث تعميم صورة العدو وتضخيمه وسيطرته على عقولهم من خلال التفكير في وسائل تدميره والانتصار عليه.
و يتم بالخطوات التاليه :
اولاً : فهم حاجة المنحرفين فكرياً إلى وجود عدو، فقد يكون وجود ذلك العدو كبش فداء لتغطية إخفاقات: اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية يعانون منها . وقد يكون وجود العدو عامل توحيد لذوي الفكر المنحرف.
ثانياً :تعريف صورة العدو في أذهان هؤلاء فيجب أن نصل بعقولهم إلى أن العدو هو من يريد بهم الشر والمكر واستنزاف قوتهم وتدمير مجموعهم وأن الدولة وأجهزتها لا تريد إلا إصلاحهم وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع ليكونوا كغيرهم مواطنين صالحين فهم أبناء هذا الوطن وأن هناك من له مصالح وغايات في حدوث الصراع بين الدولة وأبنائها .
ثالثاً:تنبيه أصحاب الفكر المنحرف بأن الذين يدفعونهم ويمولونهم لن يكونوا أصدقاء وموالين دائمين فقد ينقلبون عليهم ويتركونهم في الساحة لوحدهم يواجهون مصيرهم بعد أن جعلوهم أداة لتحقيق مآربهم، ففي عالم المصالح لا صديق ولا عدو دائم أما في عالم حب الوطن فإن الأخوة والصداقة بين الحكام والمحكومين ستظل باقية ما بقي الوفاء والانتماء والعطاء للوطن .
م – إنشاء هيئة فكرية متخصصة (هيئة مكافحة الفكر المنحرف)
إذا كان هناك مركز أو هيئة لمحاربة التدخين أو تلوث البيئة أو الحد من حوادث المرور. فان من الأهمية بمكان إنشاء هيئة لمكافحة الفكر المنحرف، حيث أن الفكر لا يعالج إلا بالفكر. وتوضع لها إستراتيجية تلزم كل جهة رسمية أو أهلية بتنفيذ برنامجها. وتبحث هذه الهيئة في الأسباب التي ساعدت على انتشار الفكر المتطرف، وأين وصل، ومن يروج له؟ ويكون أعضاؤها من كل التخصصات في المجتمع.
ن – الحزم والقوة
إذا استنفذت كل الوسائل في تعديل الأفكار المنحرفة للأفراد أو الجماعات، فإنه لابد من تطبيق القانون العادل على العابثين في الأمن والمنتهكين لحقوق المجتمع والدولة. وذلك امتثالا لقول الله تعالى” من يعمل سوء يجزبه”. والتطبيق العادل والحازم يكون بعد التحري والتثبت حتى لا يؤخذ البريء بجرم المذنب ولا تهدر حقوق أو أموال أو ممتلكات أو دماء بسبب وشاية ظالمة أو بلاغ كيدي مكذوب. والحزم والقوة يجب أن لا تعني سوء المعاملة للمواطن العادي، واتخاذ الوضع الراهن ذريعة لإزعاج المواطنين. حيث إنه مصدر المعلومات وهو العين الساهرة الأخرى.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي