عدد المساهمات : 19334 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
موضوع: رصاصات قلبت عرش مبارك الأربعاء فبراير 16, 2011 9:04 am
حالة من الحرقة والألم يمزجها بصيص من فرحة الثورة تسيطر على أهالي شهداء ثورة 25 جانفي، فهم يرون بأن نجاح الثورة كان سببا في تخفيف الألم عنهم، مؤكدين على أن دماءهم لن تبرد إلا بالقصاص من وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومعاونيه.
التقت "الشروق" عددا من أسر الشهداء، وكانت البداية مع أسرة الصحفي الشهيد أحمد محمد محمود بخيت، الذي كان يعمل مصورا صحفيا في أسبوعية "التعاون"، إحدى منشورات مؤسسة "الأهرام" الإعلامية. واستشهد بخيت يوم الجمعة 5 فيفري 2011، بأحد مستشفيات القاهرة متأثرا بطلقات قناص أصابته أثناء التقاطه صور الاحتجاجات من على شرفة مكتبه بأحد أحياء القاهرة بالقرب من ميدان التحرير يوم 29 جانفي. وهي الجريمة التي جعلته أول صحفي يسقط شهيدا منذ اندلاع الثورة. وكان الشهيد يبلغ من العمر 39 عاما وله طفلة وحيدة تبلغ من العمر 10 سنين، وقررت نقابة الصحفيين تخليد اسمه في لوحة تذكارية رخامية، تعلق في مكان بارز داخل نقابة الصحفيين، تشمل صورته وظروف استشهاده، كما تقرر منح اسم المرحوم جائزة الرواد ضمن احتفالات الصحافة التي ستجرى قريباً وقيمة الجائزة عشرة آلاف جنيه، كما تقرر منح أسرته معاشا استثنائيا كاملا. وأكدت إيناس عبد العليم أرملة الصحفي الشهيد، على أن زوجها قتل عن عمد على يد أحد قناصة وزارة الداخلية، وهو داخل مكتبه بمبنى "الأهرام". وقالت إيناس لـ "الشروق" إن زوجها لم يكن مشاركا في المظاهرات، وإنما كان في مكتبه بالأهرام، يوم السبت 29 جانفي 2011، وعندما زاد العنف من قبل ميليشيات الداخلية ضد المتظاهرين والمواطنين وقف في شرفة مكتبه، وراح يصور ما يحدث بهاتفه المحمول، إلا أنه فوجئ برصاصة تسكن في رأسه من أحد القناصة الذين كانوا يصطادون الجماهير. وحمّلت عبد العليم مسؤولية استشهاد زوجها إلى النظام المصري الذي تعامل ببلطجة وعنف غير طبيعي مع أبناء الشعب المصري. ملحمة الأشقاء الثلاثة مينا وسمير ومجدي.. 3 أشقاء خرجوا في مظاهرات جمعة الغضب..ودعوا والدهم وأخبروه بأنهم يخرجون بحثا عن الحرية والتغيير، لم يستطع الأب نبيل هلال منعهم، فهو يعرف جيداً الظروف التي تمر بها البلاد، ودعهم بهدوء وهو يشعر بأن مكروها سيصيب أحدهم. انطلق الثلاثة في شارع الهرم، التحموا بالمحتجين في المظاهرة، وعندما وصلوا إلى مدخل كوبري قصر النيل اشتبك رجال الشرطة معهم، التفوا حول بعضهم لحماية أنفسهم، إلا أن ضابطاً صوب سلاحه تجاه مينا، فأطلق رصاصة مطاطية اخترقت وجهه وأصابته بنزيف داخلي تسبب في وفاته، ليطلق الضابط بعدها طلقة ثانية تجاه سمير فأصابه في القدم، ووجد مجدى نفسه وحيداً بين جثة شقيقه المتوفى والثاني المصاب. داخل منزل متوسط الحال في منطقة فيصل، تعيش أسرة الأشقاء الثلاثة، يخرج الأب للعمل سائق طاكسي، ويعود في نهاية اليوم. وقرر الأشقاء الخروج إلى العمل لمساعدته في تدبير النفقات، ورغم الهدوء الذي كان يطبع المنزل الأيام الماضية، انفجرت بداخله الثورة قبل أيام من التظاهرات، بعد أن عاد الأب في أحد الأيام يضرب كفا على كف بسبب دفعه رشوة لأحد أمناء الشرطة حتى لا يسحب منه رخصة السير. انتظر الأب عودتهم سالمين، فعاد مينا جثة، وسمير مصاباً، وظل مجدى في الميدان حتى يثأر لشقيقيه، وأسقط النظام. داخل غرفته، جلس الأب ودموعه لا تتوقف، بينما زوجته في الغرفة المواجهة تصرخ بأعلى صوتها على مينا، جلس الأب ومن حوله بعض صور الشهيد، يمسك الواحدة تلو الأخرى، وهو يتذكر تفاصيل التقاطها. يقول الأب لـ "الشروق" : أفضل أن يستشهد ابني في المظاهرة، على أن يموت في المنزل، لست حزينا ولكني فخور بما قدمه أبنائي، فشهود العيان ومن حملوا ابني مينا إلى مستشفى الهرم، رووا لي كيف كان الثلاثة يدا واحدة يقتحمون الحواجز الأمنية بقوة، كنت أعلم جيداً أن البلد يحتاج إلى انتفاضة..يحتاج إلى ثورة وإلى شهداء، وأنا قدمت أحد أبنائي للبلد، لن أحزن عليه، ولكني سأبحث عن حقه، تقدمت ببلاغ للنائب العام اتهمت فيه حبيب العادلي وضباط الأمن المركزي المسؤولين عن كوبري قصر النيل بالقتل العمدي، ولن أرضى إلا بمحاكمة العادلي بـ "الخيانة العظمى". كريم بنونة أما الشهيد التالي الذي شارك في المظاهرات منذ انطلاقها فهو كريم عبد السلام، الشهير بـ "كريم بنونة"، وقد حاول أن تستمر المظاهرات سلمية، وألا يقع بين مؤيدي النظام ومعارضيه أي اشتباكات، طبع أوراقا تدعو إلى التهدئة والتظاهر بشكل سلمي، ووقف بين الفريقين يمنع المتظاهرين من الاشتباك، ولكن رصاصة طائشة أطلقها المؤيدون أنهت أحلامه. البداية، كانت يوم الثلاثاء 25 جانفي، خرج الشهيد كغيره من المعارضين للنظام، وعندما وصل الميدان قرر ألا يتركه حتى تحقيق المطالب، يبيت كل ليلة في التحرير، تاركا طفلين سن أكبرهما 3 سنوات، وزوجة في منزل أسرته. بات كريم ليلته الأخيرة في الميدان وهو يدعو الله ألا تتجدد الاشتباكات.. ليلة الخميس، لم تذق عينه النوم حتى أيقظه صديقه ياسر ليصليا سويا صلاة الفجر، ثم تناولا إفطارا بسيطا قبل التجول في الميدان يوزعان التمر على المحتجين حتى تجددت الاشتباكات مرة ثانية، وقف كريم في الصفوف الأمامية يدافع عن الميدان وبجانبه صديق عمره ياسر، انطلقت رصاصة تجاهه واستقرت في صدره، فسقط شهيدا. داخل منزله، تجد طفليه عمر ومريم يبحثان عنه في المنزل، يقترب عمر من والدته وهي تبكي وترتدي ملابسها السوداء، فتقول الزوجة: "كريم لم يخرج للتخريب، كريم ليس ناشطا سياسيا، إنما هو مواطن مصري، خرج بحثا عن الحرية، كان يريد التغيير، لم أمنعه لأنني أعرف أنه خرج من أجل أبنائنا وأبناء المصريين جميعا، كنت أنتظر مكالمته مساء كل يوم يحكي لي فيها عن تفاصيل المظاهرات وكيف قضى ليلته، كنت أتمنى أن أنزل إلى الميدان معه، ولكنه كان يرفض ويؤكد لي أنه سيسمح لي بالنزول في الاحتفالات بعد رحيل الرئيس". و تؤكد أرملة الشهيد: "لن أترك حق زوجي، أنتظر وعد الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، بالتحقيق في الأحداث ومحاكمة من حرض البلطجية على الدخول إلى الميدان والاعتداء على المحتجين". الشهيد محروس.. عريس السماء الشهيد محمد محروس احتفل قبل أسبوعين بخطوبته، وهو مهندس ديكور، وليس له أي اتجاهات سياسية أو دينية، وكان ينوي الخروج في مظاهرات الثلاثاء 25 يناير، لكن ظروف عمله منعته، فعزم على الاشتراك في جمعة الغضب، ودع والدته وخرج من منزله ليلتحم مع أعداد كبيرة من المتظاهرين بحثا عن الحرية، استمر في التظاهر حتى أدى صلاة المغرب ليصاب بعدها برصاصة أنهت حياته. رحل محمد وهو لم يكن ينوي المشاركة في الثورة، ذهب إلى المظاهرة، وهتف بعد أن شاهد مصابين ومتوفين أمامه، ملأ الحماس قلبه وقاده إلى الاستشهاد، هو أحد الأعمدة الرئيسية بمنزله، وهو من يتولى تدبير النفقات بعد رحيل والده، رفض الزواج حتى يطمئن على أشقائه وإنهاء تعليمهم، ومنذ أسبوعين فقط أعلن خطوبته. قال عمرو، أحد أصدقاء الشهيد: تربطني علاقة صداقة بمحمد منذ أكثر من 10 سنوات، كنا أكثر من صديقين، لم أحضر خطوبته بسبب ظروف عملي، اكتفيت بتهنئته فقط وإطلاق لقب العريس عليه، كنا نلتقي أسبوعيا في أحد المقاهى بمدينة نصر، نضحك ونتحدث في أمور البلد، ولكن في المقابلة الأخيرة كنا نتكلم فقط عن العريس، ونحن لا نعلم أنه عريس السماء الذي سيرحل عنا بعد أيام. وأضاف: يجب أن يحاكم حبيب العادلى بتهمة القتل العمد.. الضباط كانوا يطلقون رصاصهم بعشوائية.. كانت لديهم أوامر بضرب النار ومن أعطى الأوامر يجب أن يحاسب. رصاصة في الرأس أما الشهيد محمد السعيد ياسين، خريج كلية العلوم، فقد قطع مسافة طويلة من محافظة القليوبية إلى ميدان التحرير، لم يكن الشهيد ناشطا سياسيا، لكنه كان واحدا من آلاف الشباب الذين فشلوا في الحصول على فرص عمل مناسبة بسبب الوساطة والمجاملات، فرغم تفوقه الدراسي، إلا أنه حرم من التعيين والتثبيت في العيادة الطبية بمجلس الشعب. أرملة الشهيد قالت لـ"الشروق": استشهد محمد وترك رسالة ماجستير، سهر ليالي لتحضيرها ليرحل قبل موعد مناقشتها بـ3 شهور، استشهد وترك رضيعة لم يسمع منها كلمة (بابا)، التي كان يتمنى سماعها، رحل محمد، وتركني بعد زواجى منه منذ عامين، ثم أضافت: أنا فخورة بزوجي الذي استشهد في المظاهرات، بعد أن قتله ضباط الداخلية، دموعي لن تتوقف عليه، فقد ارتبطت به بعد قصة حب طويلة استمرت 4 سنوات، كنت دائما أشجعه في عمله، وكلما أصيب بإحباط بسبب الظلم الذي يتعرض له في العمل، أطلب منه الصبر وأقول له إن الخير قادم، وكان حديثنا لا ينقطع عن حال البلد وظروفه السيئة والفساد المنتشر به، كان يرغب في الاشتراك في مظاهرات الثلاثاء والجمعة، ولكني طلبت منه عدم النزول خوفا عليه، وبالفعل استجاب لطلبي، قضينا يوم الجمعة نتابع التفاصيل، ونطلق الهتافات من منزلنا "حرية.. حرية".. حتى ألقى الرئيس مبارك كلمته الأولى، وأكد بأنه أقال الحكومة ولكنه باق في الحكم، وقتها انهار محمد، وظل يبكي لأكثر من ربع ساعة، ثم قرر الخروج إلى الشارع للاشتراك في المظاهرات، حاولت منعه، لكنه رفض. أيقونة الثورة تصل إلى المريخ أما سالي زهران، التي كانت من أبرز الوجوه في شهداء الثورة والتي قام بلطجية النظام بتهشيم رأسها على كوبري قصر النيل وسط القاهرة، وفي هذا يقول صديق لها يدعى محمود أبو بكر: "عندما بدأت التفكير في إعداد "بورتريهات" عن وجوه "الثورة الشبابية" بمصر، كانت الفكرة تتعلق بتعريف أولئك المرابطين في الميدان من خلال الاقتراب منهم، ومحاورتهم، لكن لم يخطر ببالي "الكتابة" عمن أعرفهم عن قرب وغسلوا ذلك الميدان بدمائهم الطاهرة. رحلت سالي زهران وكتب اسمها بأحرف من ذهب على حائط الميدان الشاهد الأول على حكاية الرحيل المبكر.. فيما امتد "الوفاء" إلى شاب مصري آخر يعيش بعيدا عن جغرافيا الوطن، لكنه يعشق ترابه حد التماهي، إنه عالم الفضاء المصري عصام حجي، الذي تمكن من انتزاع موافقة وكالة "ناسا" الفضائية على طلبه بوضع اسم "سالي زهران"، على إحدى المركبات الفضائية المتجهة إلى المريخ.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
???? زائر
موضوع: رد: رصاصات قلبت عرش مبارك السبت فبراير 19, 2011 12:13 pm