الزعفران نبات زنبقي موطنه الأصلي جنوب غرب آسيا و معظم التسميات الأجنبية للزعفران مشتقة
من كلمتي زعفران و أصفر العربيتين وذلك لأن المسلمون الفاتحون هم أول من
أدخل زراعة الزعفران إلى اسبانيا و التي تعد في أيامنا هذه إحدى أكبر الدول المنتجة للزعفران في
العالم . و كان الزعفران يستخدم في أوروبا لعلاج الطاعون كما عرفت أوروبا حرب الزعفران التي
استمرت لمدة أربعة عشر اسبوعاً و قد نشبت هذه الحرب بعد قيام بعض النبلاء بسرقة شحنة من
الزعفران . أما كلمة كركم فهي التسمية العبرية للزعفران و اليوم فإن هذه الكلمة لم تعد تطلق على
هذا النبات بل أصبحت تطلق على نبات العصفر على ما أعتقد.
إن أزهار الزعفران لا تنتج البذور وذلك لأن جميع أفراد الجنس كروكوس الذي تنتمي إليه نباتات
الزعفران هي نباتات ثنائية الكروموزومات باستثناء الزعفران حيث أنه نبات ثلاثي الكروموزومات
لذلك فإن الزعفران غير متوازن من الناحية الوراثية و هذا هو سبب عقم هذا النبات لذلك فإن إكثار
الزعفران يعتمد على الكورمات و هي عبارة عن أجزاء تنموا تحت الأرض تشبه الأبصال و تعتبر
الكورمات المخزن الرئيسي للنشويات في هذا النبات و علينا أن نذكر هنا أن تكاثر هذه الكورمات في
حقول الزعفران يعتبر مصدر دخل إضافي للمزارعين كما أن هذا التكاثر يمكنهم من زيادة المساحة
المزروعة بتكاليف أقل وذلك نتيجة حسم أسعار هذه الكورمات من تكاليف الزراعة علماً ان مخابر
الهندسة الوراثية تعمل جاهدةً للوصول إلى إنتاج نبات زعفران منتج للبذور .
يصل ارتفاع هذا النبات إلى نحو 40 سنتيمتراً و يزدهر في مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط
و يستطيع هذا النبات إحتمال الصقيع لغاية عشرة درجات مئوية تحت الصفر ، كما أنه يحتمل
الهطولات الثلجية القصيرة الأمد و في المناطق ذات معدلات الأمطار التي تتجاوز الألف ميليمتر
يمكن زراعة الزعفران بشكل بعلي , على أن نجاح زراعة هذا النبات لا تعتمد على كمية الأمطار
و حسب بل إنه يتوقف كذلك على مواقيت هذه الهطولات المطرية حيث أن أفضل المناطق المناسبة
لهذا المحصول هي المناطق التي تتميز بهطولات مطرية ربيعية غزيرة يتبعها صيف جاف و أفضل
الهطولات المطرية الربيعية هي تلك التي تسبق ظهور الأزهار بفترة و جيزة أما الأمطار التي تهطل
خلال فترة الإزهار فإنها تتسبب في ظهور الأمراض ، و كذلك فإن الأزهار تتأذى بالصقيع وبارتفاع
درجات الحرارة ، كما أن الزعفران يحتاج إلى أشعة الشمس المباشرة حتى ينمو بشكل جيد و لذلك
فإن الحقول المنحدرة باتجاه الجنوب في نصف الكرة الشمالي تعتبر من أفضل حقول الزعفران .
تزرع كورمات الزعفران على مسافات تتراوح بين 5 و 15 سنتيمتراً تحت سطح التربة و الكورمات
التي تزرع عميقاً في التربة تنتج محصولاً عالي الجودة و قليل الكمية أما زراعة الكورمات قرب
سطح التربة فإنها تعطي إنتاجاً غزيراً من الأزهار و الكورمات ، و أزهار الزعفران تذبل بسرعة
كما أن فترة الإزهار قصيرةُ جداً حيث تمتد من اسبوع واحد إلى اسبوعين فقط ، أما درجة حموضة
التربة المثالية لهذا المحصول فإنها تتراوح بين 5.8 و 7.8 .
يحوي الزعفران على أكثر من 150 نوعاً من المركبات الكيميائية و يصنف الزعفران مخبرياً
تبعاً لتراكيز ثلاثة مركبات أساسية فيه هي الكروسين و هو المركب المسؤول عن اللون
و البيكرو كروسين و هي المادة المسؤولة عن عن مذاق الزعفران و مادة السافرانال
وهو المركب المسؤول عن الرائحة و قد تم وضع مقاييس جودة عالمية لتقييم جودة
الزعفران و تعرف هذه المقاييس بالإيزو 3632 و يتم قياس مدى تركيز صبغة
الكروسين في الزعفران وذلك بتسليط حزم ضوئية أطوال موجاتها 440 نانوميتر
وكلما ازداد معدل امتصاص الزعفران لتلك الموجات الضوئية كلما دل ذلك على ازدياد
تركيز صبغة الكروسين و كلما دل ذلك على جودة الزعفران و يتم قياس مدى
امتصاص الموجات الضوئية بواسطة أجهزة قياس و تحليل الطيف الضوئي و تتراوح
قوة ألوان الزعفران بين 110 و 250 درجة لونية و كلما ازدادت درجة التلون كلما دل ذلك
على جودة المنتج .
بالإضافة إلى احتواء الزعفران على الكروسين و البيكروكروسين و السافرانال فإنه يحتوي
كذلك على كاروتين من النمطين آ و ب و يستخدم الزعفران في الطب التكميلي و
الطب البديل لطرد الأرواح الشريرة المتسلطة من الجسد كما يستخدم كمقشع ويستخدم
كذلك لعلاج الحمى القرمزية و الربو والأرق و السرطان وكمضاد للكآبة و قد أثبتت
الدراسات الحديثة أن للزعفران خواص مقاومة للسرطان حيث أنه يمنع ظهور الطفرات
و التشوهات الجينية ، و يمكن للزعفران أن يتحلل بسرعة بوجود عاملي الضوء و
الأكسدة لذلك يجب تخزينه في الظلام في عبوات محكمة الإغلاق بحيث لا يتعرض
محتواها للأوكسجين .
إن الإنتاج العالمي من الزعفران لا يتجاوز ال 300 طن سنوياً ومن أهم الدول المنتجة
للزعفران ايران و اسبانيا و الهند و اليونان و أزربيجان و المغرب و يصل سعر
الكيلو غرام الواحد من الزعفران إلى اكثر من ألف دولار و ذلك لأن انتاج كيلو غرام
واحد من الزعفران الجاف يحتاج إلى 150 ألف زهرة كما أن انتاج كيلو غرام واحد
يحتاج إلى مساحة 2000 متر مربع أي دونمين من الأرض ، و الأجزاء التي يتم
جنيها للحصول على الزعفران هي مياسم الأزهار أي أعضاء التأنيث في الزهرة و
ليس الزهرة بشكل كامل و الأنواع القليلة الجودة من الزعفران تحتوي على الأسدية
أي على أعضاء التذكير في الأزهار و أكثر الدول انتاجاً للزعفران هي ايران و
اسبانيا حيث تنتج هاتان الدولتان ثمانون بالمائة من الإنتاج العالمي للزعفران أما
أثمن أنواع الزعفران فهو الزعفران الكشميري لذلك يلجأ البعض إلى غش الزعفران
الكشميري و ذلك بمزجه بالزعفران الإيراني الأقل جودةً و ثمناً ، كما تلجأ الشركات
السيئة السمعة إلى مزج الزعفران بأزهار مشابهة كالعصفر و قد ذكرت بعض
المصادر التاريخية أنه في القرن الخامس عشر في نورمبيرغ كانت عقوبة الشخص
الذي يغش الزعفران تتمثل في دفنه وهو على قيد الحياة .
و ثمة نوع من زنابق الكروكوس مشابه للزعفران لكنه نوع سام جداً و بخلاف
الزعفران الحقيقي الذي يتميز بالعقم فإن هذا الكروكوس السام ينتج بذوراً شديدة
السمية و تعزى سمية هذا النبات إلى مادة الكولشيسين و هي مادة قلوية شديدة
السمية تعيق انقسام الخلايا , و يمكننا تمييز الزعفران الحقيقي من الزعفران السام
من خلال عدد مياسم أزهار كل منهما ، فزهرة الزعفران السام تحتوي على ستة
مياسم أما زهرة الزعفران الحقيقي فتحتوي على ثلاثة مياسم فقط.