اللون في علم النفس color
in psychology موضوع نفسي يتعلق
بتأثير اللون في النفس الإنسانية، فالألوان تحيط بالإنسان، وتؤثر في حالته
النفسية، وتقلباته المزاجية كما أنها تخترق الجسد عبر ما يسمى بالموجات الضوئية،
ويتناولها في طعامه عبر ألوان الفواكه والخضراوات المختلفة، ويعتمد على الألوان في
كثير من أمور الحياة اليومية كإشارات السير والشاخصات التحذيرية، وفي شراء المواد.
ومع كل ذلك فإن المعلومات المتوافرة عن الألوان قليلة، لذا انكب عدد كبير من
العلماء على دراسة الألوان وتأثيراتها المختلفة في الإنسان. وقُسِّمت الألوان إلى
قسمين:
ألوان موجبة: تمتاز بتفاعلاتها الحمضية حيث تكون
منشطة ومثيرة.
ألوان سالبة: تمتاز بتفاعلاتها القلوية حيث تكون
باردة ومهدئة.
اكتشف العلماء كيفية تعرّف الدماغ الألوان، وهو
اكتشاف قد يساعد في المستقبل فاقدي البصر في تعرِّف الألوان. وبدراسة جرت على
القرود ظهر لباحثي كلية الطب بجامعة تكساس في هيوستن كيف تنتظم مجموعات من الخلايا
تسمى الشرائط الرفيعة في منطقة معينة من الدماغ وكيف تتعرف الألوان. وقال دانييل
فيليميان أستاذ علم الأعصاب والتشريح عن هذا الكشف بأنه يقدم أول أساس فيزيولوجي
لمعرفة المجموعة الكاملة للألوان. وقد قام فيليميان وفريقه برسم خريطة لمواضع
التغير في تدفق الدم على امتداد هذه الشرائط في دماغ القرود حينما كانوا يعرضون
أمامها مجموعة من الألوان. ونُشرت نتائج البحث في دورية «نيتشر» (الطبيعة) dir=LTR>Nature العلمية. وبينما
كانت القرود تنظر إلى الألوان المختلفة تغيرت بانتظام مواضع ذروة تدفق الدم في
أدمغتها في أجزاء محددة من الشرائط الرفيعة، وكانت المنطقة التي بلغ تدفق الدم
ذروته عند رؤية القرود اللّون الأحمر مجاورةً لمنطقة الذروة للّون البرتقالي ثم
الأصفر.
أكدَّ الأطباء أن الإنسان لو حاول النوم في غرفة
مطلية باللون القرميدي أو اللون الرمادي الغامق أو اللون الأسود أو أي لون من
الألوان غير المتناغمة فإنه سيصاب بالأرق والاكتئاب، فبعض الألوان يبعث على
الاكتئاب والغم، وفي المقابل هناك ألوان تبعث على البهجة والانشراح والطمأنينة،
وتبعث بعض الألوان الإثارة والانفعالات العصبية. فللألوان مستوى من الذبذبات له
كثير من التأثيرات في حياة الإنسان. فالإنسان ميكانيكاً يتشابه قليلاً مع النبات
من حيث امتصاصه اللّون بوساطة العينين والجلد وتحويله واستقلابه مثل الغذاء.
وكثيراً ما يحدث أن يدخل الإنسان إلى مكان فيشعر بالضيق ويكون ذلك بسبب تنافر
الألوان فيه. وقد أجريت تجارب في دول عدة أثبتت أن لكل امرئ ألواناً معينة تثير
لديه التحفز والحركة وألواناً أخرى مهدئة ومسكنة، كما وجدوا أن للألوان أيضاً
تأثيراً في مدى الإحساس بالحرارة. مثلاً: أجريت دراسة في النروج أثبتت أن وجود
الناس في غرفة مطلية باللون الأزرق يدفعهم إلى رفع مؤشر التدفئة المركزية ثلاث
درجات أعلى من غرفة مطلية باللون الأحمر.
كما أثبتت دراسات أخرى أن خفة الألوان ودكنتها
بعمقها وتدرجها يؤثر في دقة إدراكنا للوقت، كما يؤثر في قدرتنا على التركيز
والتذكر. كما أن اختيار المرء للألوان فيه دلالة على ميوله ورغباته ويكشف طباعه
وحالته النفسية.
وقد دُرس تأثير الألوان في حالة الناس النفسية
والصحية، وطريقة تفكيرهم من قبل العلماء سنين طويلة، وتبين أن الشخص الذي يفضل
لوناً معيناً يكون له علاقة بتأثير ذلك اللون في إحساس ذلك الشخص؛ لأنه عندما تدخل
طاقة اللون جسم الإنسان، فإنها تنبه الغدة النخامية والصنوبرية، وهذا يؤدي إلى
إفراز هرمونات معينة، تقوم بإحداث مجموعة من العمليات الڤيزيولوجية، ويفسر
هذا ما للألوان من سيطرة مباشرة على الأفكار والمزاج والسلوك.
خصائص أهم الألوان وتأثيراتها
الأحمر: لون قوي ومرتبط دوماً بالنشاط والحيوية
والطموح، وهذا اللون يزيد من الشعور بنفاد الصبر، وعدم الارتياح ويشعر بالتوتر،
ويتميز بكونه منشطاً ومنبهاً، يلفت الانتباه ويفتح الشهية. يعالج فقر الدم
(الأنيميا)، والضعف العام، والكساح، ويقوي مناعة الجسم للأمراض ويزيد معدل ضربات
القلب والنشاط الموحي للدماغ ومعدل التنفس، والتهاب المثانة والمشكلات الجلدية.
البرتقالي: مزيج بين الأحمر والأصفر ويأخذ بعض
خصائص الأحمر، لون دافئ ومشرق يمنح الشعور بالحرية ويخفف من الإحساس بالذنب
وانعدام الثقة بالنفس والحقد. يجدد هذا اللون معنى الحياة ويُنظر إليه علاجاً
ناجحاً لحالات الإجهاد العصبي، وهو مقوي للقلب ومنشط عام ومضاد للإحساس بالهبوط
والفتور والاكتئاب. يرمز اللون البرتقالي إلى الطاقة، والفاتح منه يدل على الصحة
والحيوية، والداكن منه يدل على الغرور.
الأصفر: هو أقرب الألوان إلى الضوء يجمع بين
الدفء والمرح، ينشط الذهن ويساعد على التركيز. اللون الأصفر هو لون الأرض ويعبر عن
الصلابة وقوة العقل، ويحمل اللون الأصفر التيارات المغنطيسية الموجبة التي يتنفسها
الإنسان وتثيره، فتَقْوى وتَنْشط حركة الأعصاب في الجسم، وتتنبه العمليات العقلية
العليا، وهو يولد الطاقة في العضلات و يرفع ضغط الدم ويزيد معدل ضربات القلب
ويساعد على التخلص من الاكتئاب وأمراض الجهاز التنفسي.
الأزرق: أفضل الألوان التي توحي بالهدوء
والاسترخاء والطمأنينة والسلام والتوازن، ويدل على الخجل.
اللون الأزرق الباهت والسماوي منه يعبر عن نبل
الأخلاق والمثالية في التقوى، ويشير الأزرق الناصع إلى الإخلاص والوفاء، ويناسب
أماكن الراحة لأنه يقلل الشعور بالغضب ويزيل ضغوط الحياة. وهو مجدد لنشاط الجهاز
العصبي بالجسم ومهدئ للأشخاص زائدي العصبية والمصابين بارتفاع ضغط الدم والأمراض
الروماتزمية وتصلب الشرايين.
الأخضر: يتميز بكونه لوناً مهدئاً ومضاداً
للتوتر يضفي على الجو مسحة من السكون والطمأنينة تُذّكر بأجواء الطبيعة، ويمثل لون
الطبيعة والنمو والتوازن، ويمكن استخدامه رمزاً للسلام، ومن حيث الطاقة هو لون
متوسط الطاقة والذبذبة، قادر على امتصاص الطاقات السلبية كلها، والدليل على ذلك أن
الإنسان المكتئب أو الحزين عندما يجلس في مكان مليء بالأشجار والنباتات الخضراء
يزول اكتئابه ويصبح سعيداً ونشيطاً. يهدئ اللون الأخضر الآلام في حالة الإصابة
بالسرطان، وله تأثير إيجابي في صحة اللسان والدماغ والصفراء والقلب.
الأسود: إن كثرة التعرض للّون الأسود تزيد من
الشعور بالحزن وتعمق الإحساس بالذات، وكلما تعمق إحساس الإنسان بذاته كلما هاجت
الأحزان المكبوتة في النفس. ويرتبط هذا اللون في أذهان الناس بالمناسبات الحزينة
لذلك فإنه يبعث على التشاؤم في نفوس كثير منهم، ويمثل الخوف والغموض. وهذا اللون
مطلق وغير موجود في ألوان الطيف (الأحمر والأخضر والأزرق) وضده اللون الأبيض،
وينطلق من المواد المخدرة والسامة كما أنه محبط للشهية.