انتقد علماء البيئة الافتراض الأساسي الذي يقوم عليه الفكر السياسي الغربي بشأن "مركزية البشرية" أو التمركز حول الإنسان، أي أن البشر هم مركز الوجود. وهو ما دمر وشوه العلاقة بين الإنسان والبيئة الطبيعية، وبدلا من المحافظة على كوكب الأرض واحترامه واحترام الفصائل المختلفة التي تعيش على سطحه سعى الإنسان -كما وصفه جون لوك- ليصبح "سيدا للطبيعة ومالكها"، وساعدت الفردية الليبرالية على انطلاق مشروع التراكم الرأسمالي التحديثي بمقاييسه الاقتصادية النقدية بعيدًا عن التكلفة الإنسانية والطبيعية، معطيًا الإنسان الضوء الأخضر للسيطرة على الطبيعة والزعم بالقدرة على معرفة كل أسرارها بالعلم بعد التحرر من الغيب والدين، فتم استنزاف الطبيعة لراحة الإنسان ومصلحته.
والتقسيم التقليدي بين اليمين واليسار في السياسة والصراع بين الجماعية و الفردانية أو اشتراكية مقابل رأسمالية، يخفي حقيقة مهمة هي أن الموقفين يرميان إلى الهدف نفسه الذي يتمثل في مزيد من الوفرة المادية عبر مزيد من الاستنزاف الفعال للعالم الطبيعي الذي هو أفق العقل الآن وهنا فحسب.
ولم يكن العالم الطبيعي وحده هو الذي تهدد من جراء ذلك، بل أوشك الجنس البشري كله على الدمار في ظل سياسات التصعيد النووي إبان الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن العشرين.
ويمثل علماء البيئة نمطا جديدا من السياسة تبدأ من تصور للطبيعة بأنها شبكة من علاقات هشة تربط بين الفصائل الحية بما فيها الجنس البشري وبين البيئة الطبيعية، ولم يعد الجنس البشري يحتل وضعا مركزيا بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الطبيعة ومن ثم وجب على الأفراد التحلي بالتواضع والاعتدال والرقة والتخلي عن الحلم المضلل الذي يجعل من العلم و التكنولوجيا حلاً أسطورياً لجميع المشكلات.