التربة الرمادية
أ-يظهر نطاقها بداخل القارات بين تربة بدسول وتربة تشرنوزم :
وذلك في كل من روسيا وامريكا الشمالية . في ظل مناخ معتدل بارد يصل فيه معدل الحرارة في شهر يناير الى -9° مئوية ومعدل حرارة شهر يوليو الى 19° مئوية والامطار تبدو بقدر متوسط في حدود 550 ملم سنويا . منها 45 بالمائة تسقط في اوائل الصيف . هذه هي معدلات النطاق الروسي مع ملاحظة ان عدد الايام الخالية من الصقيع تزيد من الشرق الى الغرب . كما ان معدلات الامطار تزيد ايضا في نفس الاتجاه . والوضع المناخي متشابه مع النطاق الامريكي . ووفقا لتقسيمات كوين المناخية فان هذا المناخ يتبع نظام المناخ القاري الرطب مع صيف قصير في العروض الوسطى . والمتطلبات المناخية لهذا النمط من التربة لا تتوفر على نطاق قاري واسع في نصف الكرة الجنوبي .
وفي كل من السهل الروسي الاوسط واقليم البراري الكندي ينمو قطاع هذه التربة فوق قاعدة صخرية تنتمي الى صخور جيرية وتكوينات ركامية من اواخر العصر الجليدي بالزمن الرابع . واحيانا تكون هذه الصخور من نوع اللوس الطفلي او الصخر الجيري البحيري النشأة . وهذه التربة تنتمي نباتيا الى نطاق الحشائش المعتدلة والاشجار المتناثرة الذي يلي نطاق الغابات الصنوبرية الباردة والبلوط .
ب-قطاع هذه التربة يشبه الى حد ما قطاع تربة بدسول :
ولكن يلاحظ ان سطح التربة تعلوه طبقة رقيقة (حوالي 5 سم) من بقايا نباتية ضعيفة التحلل . وأما الطبقة (أ) او التربة السطحية فهي ليست كاملة النضج البيدولوجي . والطبقة (ب) تختلط بها التكوينات الجيرية الطينية مع بقايا نباتية .
وقطاع التربة الآتي يشكل مثالا جيدا لطبقات هذه التربة في السهل الروسي الاوسط مع ملاحظة ان القاعدة الصخرية تنتمي الى صخور اللوس الطفلي فوق ركامات جليدية صخرية .
1-طبقة رقيقة جدا (2سم) من بقايا نباتية متحللة جزئيا تختلط ببعض ذرات التربة الطفلية والرملية .
2-الطبقة (أ) السطحية من تربة طفلية رمادية اللون مختلطة ببعض البقايا العضوية والنباتية ويتحول لونهما الى اللون البني تدريجيا بسبب التحلل التدريجي للبقايا النباتية . وهي معتدلة النسيج في سمك يصل الى نحو 60 سم .
3-الطبقة (ب) اسفل التربة : تربة طفلية مع رمال ناعمة تختلط بها تفتتات صخرية . فنسيجها متماسك الى حد ما و لونها بني مع ميل الى الاحمرار لتوالي ترسيب اكاسيد الحديد وغيرها من المعادن المذابة . وقد تموجت هذه الطبقة تموجا خفيفا . وتظهر ترسيبات طينية تدريجيا الى اسفل مع ضعف في البقايا النباتية المتحللة . ويتجمع السائل الغذائي في هذه الطبقة ليمتص نباتيا . وتتركز هذه الطبقة على ركامات جليدية مختلفة .
وفي العصر الجليدي كانت تتحرك الثلاجات في اتجاهين رئيسيين احدهما من منحدرات جبال اورال شرقا والثاني من الشمال من اطراف شبه جزيرة اسكندنافيا نحو السهل الروسي الاوسط . مما ادى الى تجمع كميات كبيرة من الركامات النهائية والجانبية التي تناثرت على سطح الارض بعد تراجع الجليد في اواخر الزمن الرابع اثر عودة المناخ الى وضعه الطبيعي تدريجيا .
ومع التوسع الزراعي الكبير في السهل الروسي والسهل الاوربي وكذلك نطاق السهول الوسطى في امريكا الشمالية ما بين براري كندا شمالا حتى شواطئ خليج المكسيك جنوبا ، قد اختفت الغابات والحشائش تدريجيا . وحلت محلها نطاقات زراعية حديثة مما ادى الى خلط البقايا النباتية السطحية بنسيج التربة بالحرث العميق . وقد غير هذا التدخل البشري تقنيا في التربة الرمادية تركيبيا ونسيجا وجعلها اقرب الى تربة تشرنوزم السوداء المجاورة ونلخص هذا التغيير فيما ياتي :
-ظهور ترسيبات جيرية في الطبقة (ب) من التربة الرمادية .
-تنوع كبير في البقايا النباتية المتحللة من زاوية الفصائل النباتية وما يترتب عليه من تنوع في المعادن المذابة وتنوع في نسيج التربة وتركيبها . وتنوع ايضا في بكتيريا التربة وديدانها .
-ارتفاع نسبة ذرات الطين في التربة بطبقاتها ولاسيما الطبقة (ب) .
-التوسع في الثروة الحيوانية اضافة كميات كبيرة من البقايا الحيوانية و روثها