الكذب ... إدمان خطير
قال عليه الصلاة والسلام << إياكم والكذب , فإن الكذب يهدي إلى الفجور , و إن الفجور يهدي إلى النار >>
دعونا نبدأ بالأسباب التي تدفع بعض الناس الى الكذب , هناك سببان رئيسيان :
منذ الصغر يلجأ بعض الأطفال الى الكذب على من يقومون بتربيتهم لخوفهم من العقاب , فلو استطاع الطفل الهروب من العقاب بسبب كذبه , فهذا يولد اعتقادا ذاتيا بأن الكذب وسيلة ناجحة , يمكنه استخدامها لكي يتفادى العقاب و الألم فإن لم يدرك الوالدان ذلك فإن الطفل يستمر في استخدام الكذب مع أي شخص يشعر تجاهه بالخطر وبذلك يكون عنده ملف عقلي يستخدمه ببراعة حتى يصبح الكذب عادة يستخدمها دون ادراك أو تفكير في العواقب المستقبلية و نرى الأمثلة حولنا كثيرة , سواء كان ذلك في المحيط المهني أو العائلي أو الاجتماعي.
هنا يستخدم الشخص الكذب لكي يحظى بتقدير الآخرين و إبهارهم وحبهم , فقد نجد شخصا يدعي أنه من عائلة كبيرة و غنية لكي يبهر الآخرين ويكسب اهتمامهم وتقديرهم , وهو في الحقيقة من عائلة فقيرة وبسيطة جدا , وقد يكذب الشخص عن خلفيته العلمية ويدعي أنه حاصل على شهادات عليا من جامعات عالمية , ونجد في الحقيقة أنه لم يكمل تعليمه الجامعي ! و الأمثلة هنا أيضا كثيرة , وفي كل المجالات
- ولكن هل هناك فائدة تعود على الشخص الذي يكذب ؟
الإجابة نعم ! فكما قلت من قبل قد تكون الفائدة الحماية وتفادي الألم و الخوف من العقاب , وفي ذلك استفادة ولكنها مؤقتة , فعندما يكتشف الآخرون كذبه يقومون بعقابه , إضافة الى عدم الثقة فيه والشك في ما يقوله و يفعله في المستقبل . وقد تكون الفائدة في التقبل الإجتماعي و اكتساب اهتمام الآخرين , وهذه الفائدة تخدم كبرياء الشخص وتشعره بالثقة و الراحة , ولكنها مزيفة و مؤقته وغير مستمرة , وسريعا ما يكتشف الناس كذبه فيكون موضع سخريتهم , وبذلك تتحول سعادته التي اكتسبها من الكذب الى تعاسة وشعور بالوحدة
- هل يؤثر الكذب في شخصية الإنسان ؟
الاجابة نعم ! يؤثر تأثيرا بالغا في تقبله لنفسه وتقديره الذاتي وثقته في نفسه فهو يعيش بشخصيتين , شخصية كاذبه , وهي التي يتعامل بها مع الناس وشخصيته الحقيقية الداخلية التي يعرفها جيدا ويراها وهو ينظر الى نفسه في المر آة
- هل يدرك الكاذب حقا انه يكذب ؟
نعم , يدرك تماما أنه كاذب ولكن مع استمرار استخدام الكذب يصبح الكذب جزءا منه وطبيعة ثانية له , ولها ملف عقلي يزداد قوة في كل مرة يستخدم فيها الكذب , أما إذا كان يدرك نتيجة كذبه أم لا فهو لا يرى هذه الصورة واضحة بالنسبة له . ويتمنى في داخله ألا يكشف الآخرون أنه يكذب , ومع مرور الوقت أصبح لا يدرك أنه من الممكن أن يكشف الآخرون كذبه , فتكون النتيجة الاستخدام التلقائي للكذب دون دراية منه , فاصبح لا يدرك أنه يكذب , لان الكذب أصبح جزءا لا يتجزأ من سلوكياته وتصرفاته وطبيعته .
- هل من الممكن ان يمتنع الكاذب عن الكذب ويصبح صادقا ؟
نعم من الممكن جدا فكما تعلم أن يكذب فمن الممكن أن يتعلم الا يكذب , وهناك طرق عديدة لذلك , ولكن في البداية يجب أن يتوب الكاذب الى الله سبحنه وتعالى , ويندم على ما فاته ويتعلم منه , ويعرف أن الكذب خيبة وندم , ويقرر أن يمتنع عنه تماما تحت أي ظرف .
- إليك إستراجيتين للتوقف عن الكذب – إن شاء الله –
1/ - إستراتيجية الأوتوجينيك , قبل النوم مباشرة تنفس بعمق ثلاث مرات , واجعل الزفير أطول من الشهيق حتى تصل إلى الاسترخاء , ثم أغمض عينيك وتخيل نفسك في موقف معين كنت تكذب فيه , وتخيل أنك متزن تماما وتقول الصدق , مهما كانت المؤثرات والظروف .
2- استراتيجية الرابط الذهني : أمسك أي أصبعين معا وتنفس بعمق , وكرر أنا صادق تماما مهما كانت الظروف والتحديات , كرر التدريب حتى يصبح الرابط تلقائيا .
استخدمه يوميا في كل المواقف , حتى يذكرك بأنك صادق مهما كانت الظروف .
وتذكر أنه لا يوجد تغيير دون أمر الله عز وجل , فتوكل عليه وادعه في كل صلاة وسوف تكون الإجابة , الله سبحانه وتعالى قريب سميع مجيب الدعوات .
أدعو الله أن يوفقك ويملأ قلبك بالإيمان , يجعل حياتك سعيدة بعيدة عن الكذب , ومليئة بالبهجة والفرحة .