من حسن الطالع وجميل المقابلة تبسم الزوجة لزوجها والزوج لزوجته، إن هذه البسمة إعلان مبدئي للوفاق والمصالحة: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة".
يا ليت الرجل ويا ليت المرأة –كلاهما- يسحب كلام الإساءة وجرح المشاعر والاستفزاز، يا ليت أنهما يذكران الجانب الجميل المشرق في كل منهما، ويغضان الطرف عن الجانب الضعيف البشري في كليهما.
إن الرجل إذا عدد محاسن امرأته، وتجافى عن النقص، سعد وارتاح، وفي الحديث: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر".
ومعنى لا يفرك: لا يبغض ولا يكره.
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقطْ
أمور هينة
أكثر مشاكل البيوت من معاناة التوافه ومعايشة صغار المسائل، وقد عشت عشرات القضايا التي تنتهي بالفراق، سبب إيقاد جذوتها أمور هينة سهلة، أحد الأسباب أن البيت لم يكن مرتبا، والطعام لم يقدم في وقته، وسببه عند آخرين أن المرأة تريد من زوجها أن لا يكثر من استقبال الضيوف، وخذ من هذه القائمة التي تورث اليتم والمآسي في البيوت.
إن علينا جميعا أن نعترف بواقِعنا وحالنا وضعفنا، ولا نعيش الخيال والمثاليات، التي لا تحصل إلا لأولي العزمِ من أفراد العالم.
نحن بشر نغضب ونحتد، ونضعف ونخطئ، وما معنا إلا البحث عن الأمر النسبي في الموافقة الزوجية حتى بعد هذه السنوات القصيرة بسلام.
إن أريحية أحمد بن حنبل وحسن صحبته تقدم في هذه الكلمة، إذ يقول بعد وفاة زوجته أم عبد الله: لقد صاحبتها أربعين سنة، ما اختلفت معها في كلمة.
إن على الرجل أن يسكت إذا غضبت زوجته، وعليها أن تسكت هي إذا غضب، حتى تهدأ الثائرة، وتبرد المشاعر، وتسكن اضطرابات النفس.
قال ابن الجوزي في "صيدِ الخاطر": "متى رأيت صاحبك قد غضب وأخذ يتكلم بما لا يصلح، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرا ( أي لا تعتد به ولا تلتفت إليه)، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حال السكران لا يدري ما يجري، بل اصبر ولو فترة، ولا تعوّل عليها، فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر، ومتى أخذت في نفسك عليه، أو أجبته بمقتضى فعله، كنت كعاقل واجه مجنونا، أو مفيق عاتب مغمى عليه، فالذنب لك، بل انظر إليه بعين الرحمة، وتلمَّح تصريف القدر له، وتفرج في لعب الطبع به.
واعلم أنه إذا انتبه ندِم على ما جرى، وعرف لك فضل الصبر، وأقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به.