الاكتئاب
عرفه البعض باسم "نزلات البرد للصحة العقلية"
الاكتئاب يظهر نفسه بعدة طرق مختلفة ومن مسببات مختلفة. فسواء كان المسبب مشاكل عائلية، عدم تقدير للذات، ردة فعل لخسارة ما أو مصدر نفسي، فإنه يؤثر على كل جزء من حياتنا، يستهلك طاقتنا، يقلص متعتنا اليومية، بل إن النوبات أو الفترات القاسية منه قد تقود إلى التفكير في الاختفاء عن الأنظار أو الرغبة في التلاشي أو ربما الانتحار.
ولكن اياً كان مسببه أو مقدار قساوته وثقل وطأته، فإننا نستطيع أن نتعلم كيف نتغلب على تلك السحب السوداء التي تتكون في أفاقنا.
أعراض الإصابة بالاكتئاب:
أبرز سمات الشخص المكتئب هي السلبية المستسلمة، كأن يشعر بأنه عاجز، أو أنه ميت على قيد الحياة، ممزق من الداخل، أو ربما جسد بلا جوف ..
صورة الاكتئاب تظهر غالباً في صورة:
1. تعب مزمن وإرهاق.
2. حساسية مفرطة للأوجاع وآلام الجسد.
3. تبلد الذهن (عدم التركيز أو فقدان الذاكرة المؤقت).
4. فقدان الشهية أو الشهية المفرطة.
5. اضطرابات الجهاز الهضمي.
6. فقدان الرغبة الجنسية.
وهناك ما يسمى بالاكتئاب النمطي التقليدي (الملانخوليا) الذي يتميز بهذه السمات:
1. عدم القدرة على النوم في وسط الليل أو الصباح الباكر.
2. فقدان الشهية ونقص الوزن.
3. الكره الشديد للنفس.
وهناك ما يسمى بالاكتئاب غير النمطي المميز ويعرف بشكل أكبر بـ "اكتئابات الاضطراب العقلي" أو الاكتئابات ثنائية القطب، ويتسم بـ :
1. الميل إلى الأرق في وقت النوم والنوم الزائد.
2. الإفراط في تناول الطعام.
3. العجز البطئ والشعور بأسوأ الأحوال في المساء.
4. الكره أو العنف تجاه الآخرين أكثر من نفسك وامتلاك مزاج متقلب.
تفهم الاكتئاب:
السعادة هي ثمرة الروح، وأعني بهذا أنك متى ما امتلكت روحاً سيعدة فأنت حتماً ستشعر بالسعادة، وهذا سيكون واضحاً جليا ًعلى محياك وتعبر عنه سلوكياتك وألفاطك.
إن استخدامك للمُسكِّن حين تشعر بالألم قد يخففه إلا أن الألم لن يذهب حتى تتعرف على المسبب الفعلي له ثم تتعامل معه التعامل الأمثل، فإن تمكنت من إزالته فأنت قد أزلت الألم تماماً.
إذا لتتعرف أولاً على ما يسبب شعورك بالاكتئاب، ثم بعد ذلك تفعل ما بوسعك للتخلص من المسبب وبالتالي أنت تتخلص من الشعور،
كيف تكون مكتئباً:
يحدث الاكتئاب حين نواجه ثلاث حالات نفسية:
الحالة الأولى:
الاستياء أو السخط:
عدم الرضا بما حصل وتمني أن غير ذلك حصل، وهنا نستطيع أن نقول أ ن هناك 3 أنواع من المشاكل تجعلنا مكتئبين:
1
. المشاكل التي تتضمن ما نملكه أو يملكه أشخاص آخرون على صلة وثيقة بنا وما لا نملكه
"لم أعد قادراً على التحمل أكثر"
2
. المشاكل التي تشمل أفعالنا فنشعر بالذنب وإدراك الفشل أو ذنوب الإهمال والجرائم
"أنا أفشل في أن أرتقي بحياتي للأفضل"
3
. مشاكل الهوية حيث تأتي أحاسيس الخزي أو عدم تقدير الذات أو الصورة الهزيلة للنفس أو مشاعر الدونيّة
"أنا لست جيداً بدرجة كافية" ، "أنا لا أساوي شيئاً" ....
الحالة الثانية:
فقدان الأمل في أن مشاكلنا يمكن أن تُحل، الشعور بأن المشكلة سبب قاهر لا يمكن فعل شئ تجاهها
الحالة الثالثة:
العناد؛ وهي عدم القدرة على التعايش مع المشكلة وتقبلها أو الابتعاد عنها وتدارك خسارتنا والانفصال عنها وإبعادها إلى الوراء والانسجام مع الباقي من حياتنا.
هذه الحالات الثلاث ضرورية ولن يحدث الاكتئاب إلا بوجودها، أبعد أياً منها تبعد الاكتئاب عنك.
كيف يختلف الرجال والنساء في التعامل مع الاكتئاب؟
الرجال:
1. يبحث عمن يلومه إذا ما شعر بالاكتئاب
2. يتصرف بطريقة تبين مدى اضطرابه الداخلي
3. يحتاج للمحافظة على التحكم بنفسه في كل الأحوال
4. سريع الانفعال والتهيج ويعادي بإفراط
5. يهاجم عندما يشعر بالأذية
6. يحاول تصحيح الاكتئاب بحل المشاكل
7. ينصرف للرياضة، التلفاز، الجنس، وأحياناً التعاطي
8. يشعر بالخجل في الإفصاح عن شعوره بالاكتئاب
9. يتحول إلى محافظ على الوقت بالإكراه
10. يخاف من مواجهة ضعفه أو الاعتراف بوجوده أصلاً
11. يجتهد في الإبقاء على صورة الذكر الصلب
12. يحاول أن يتصرف وكأنه يتحكم في شعوره السلبي
13. إذا لم يتمكن من التصرف الصحيح مع الاكتئاب فإنه ينتهي به الحال مدمن.
النساء:
1. تلوم نفسها لشعورها بالاكتئاب
2. تحول مشاعرها إلى الداخل (الجوهر) وتدفنها
3. تواجه مشاكل في المحافظة على التوازن
4. تحاول أن تكون لطيفة دائماً
5. تنسحب عندما تشعر بالأذية
6. تتجاوز الاكتئاب بأن تجتهد وتعمل أكثر وبجد أكثر
7. تتحول للأكل، الاصدقاء، أو ما يسد الحاجة العاطفية لديها
8. تشعر بالذنب بسبب الاكتئاب
9. تماطل وتؤجل في مواعيد الانجاز
10. تبالغ، تنتابها الهواجيس بخصوص الضعف
11. تتحطم عند أصغر اخفاق
12. تحاول أن تفكر من خلال احباطها وهذا قد يقودها لزيادة تأثيره عليها
13. ترتفع لديها الشهية ويزداد وزنها تبعاً لذلك
السلاح الذي يوهن الاكتئاب:
المثابرة / المواظبة، بعد الإيمان هي السلاح الأقوى الذي نملكه لمحاربة الاكتئاب. إنه يساعدنا في كسر الدائرة المميتة والتي قد لا نشعر بتواجدنا فيها. كسر هذه الدئرة ينتج تأثيرات جانبية إيجابية: عادات جديدة قوية تعمل وكأنها أصهارنا أو أرحامنا.
كيف يمكن لهذا السلاح أن يحقق كل هذا؟
في البداية لنأخذ نظرة على هذه الدائرة المميتة.
عندما نلاحظ وصول أو حدوث الاكتئاب، ما هي ردة فعلنا؟!
خلال خبرتي وما مررت به من أحداث حصلت معي ومع آخرين ساهمت في مساعدتهم في التخلص من هذا الاحساس، فقد اكتشفت أننا بدايةً نتصرف بطريقة من اثنتين:
البعض منا تأخذه المفاجأة، فنحن لا نتوقع أن الاكتئاب سيعود مجدداً ولا نستطيع رؤيته أو الإحساس به وهو يبدأ ويتنامى فلا نشعر به إلا وقد أحاط بنا تماماً.
آخرون منا يدركون أن الاكتئاب شعور دوري يذهب ويعود فهم يفهمون مؤشراته ويشعرون بقربه ورسوخه.
هذه هي الخطوة الأولى من دائرة الاكتئاب، وسواء أخذتنا الدهشة والاستغراب من ظهوره أو أننا شعرنا بقدومه، فإننا غالباً نتصرف بالطريقة ذاتها تجاه الخطوة الثانية من دائرة الاكتئاب، وهذا الجزء هو الأكثر أهمية – وما يمكن أن نطلق عليه الجزء المميت.
دعوني أتحدث بطريقة مباشرة حتى يصبح حديثي مفهوماً أكثر وسأجتهد في أن أبتعد عن التسميات والتعابير العلمية قدر المستطاع:
بعد ملاحظة أنك تواجه حلقة أو سياق محبط، كيف تتصرف (كيف تكون ردة فعلك)؟
إن كنت مثل الكثيرين، فأنت تستسلم لهذا الاحساس، ولا تفعل شيئاً حياله بل تترك له المجال يتصرف في مشاعرك وأفكارك وسلوكك كيفما شاء.
فأنت تلوح بيديك يمنةً ويسرى وتقول؛ يا لهذا الاحساس المحبط، ترى متى سأتخلص منه !!! أو بالعامي
(تعبت بقه نفسي اموت نفسي وارتاح !!)
يعني اعمل ايه دلوقتي؟.ولا شي !!...
أنت بهذا تترك الأمراض تملي عليك كيف ستكون ردة فعلك عاطفياً (الشعور)
مزاج متعكر ونوبات من الشك والريبة تتحكم بك حتى يقرر الاكتئاب أن يغادرك وتكتمل الدائرة في هذه اللحظة ،،
بعدها تنتظر لا إرادياً الدائرة الأخرى لتبدأ.
لكن ماذا سيحصل لو أنك غيرت الدائرة؟
صدق أو لا تصدق، فذلك من ضمن حدود قدرتك وقوتك التي وهبها الله لك،،
قد لا تكون قادراً على إيقاف الاكتئاب من التسلل إليك وخلالك، إلا أنك بالتأكيد تستطيع أن تختار الطريقة التي ستتعامل بها معه
(كيفية استجابتك لهذا الشعور الذي يداهمك) ،،
اسمح لي أن أزرع هذا في ذهنك الآن لتفكر به
قد لا تستطيع التأثير على الشعور الذي يداهمك، إلا أنك أنت من يملك القدرة على التحكم في سلوكك لا الشعور الذي تشعر به ،، أنت من يختار سلوكك .. أتدري لماذا ؟؟؟
لأنك أنت من يقوم بهذا السلوك ..
من هنا تكون نقطة الانطلاق وتأهيل السلاح الذي تقاتل به الاكتئاب وهو المواظبة والمثابرة. وكأنك تقول للإحباط:
لن أستسلم لك أبداً، أنت قد تستمر لتكون مصدر إزعاج لي، ولكنني سأحاربك بكل ما أملك.
مشاعري ليست ملكاً لك، وأنا أرفض وبقوة أن أتركها رهينة لك دون إبداء أي مقاومة،
قد تسقطني أرضاً، إلا أنني في داخلي قد قررت أن أتابع النهوض، وسأقاومك وأحاربك طوال الوقت ولن أمل أو أكل...
ما الذي يحققه مثل هذا التصرف؟
• إنه يكسر دائرتك المعتادة، فأنت لم تعد تستسلم عندما يهاجمك الاكتئاب.
• عملية مقاومة الاكتئاب -حتى لو لم تشعر بذلك – تعطيك قدرة أكثر للتحكم في انفعالاتك (ردود الأفعال الناتجة عن المشاعر) وتساعدك في تخطي الاحساس بأنك دوماً ضحية.
• كلما قررت محاربة الاكتئاب متى ما ظهر، فأنت تبني ثقة بداخلك، وفي أغلب الحالات فإن هذا التصرف يقلص الفترة الزمنية التي يقضيها الاكتئاب معك.
• استخدام سلاح المثابرة بانتظام وثبات يبني عادات قوية في سلوكياتك وتصرفاتك، فاستخدمه بالقدر الكاف لتصل أخيراً إلى محاربة الاكتئاب حين وصوله حتى دون أن تتنبه إلى ذلك. (يتحول الأمر إلى عادة لا واعية من قبلك)
هل تسمح لي أن أمنحك كلمة تشجيعية؟
إن جهد قليل منك تجاه الدور الذي يتوجب عليك فعله سيكون نافعاً حتى لو لم تكن قادراً فعلياً على محاربة الاكتئاب هذه المرة، إلا أن البداية ومحاولة ذلك لهو دليل وإثبات على أنك حققت تقدماً ملحوظاً.
إن اتخاذ قرار أن تفعل ما بوسعك في كل مرة تشعر فيها بالاكتئاب لمقاومته سيجعل منك أقوى في المرة القادمة.
والآن أخي الكريم .. أختي الكريمة ...
حتى وإن واصل الاكتئاب الإيقاع بك، فليكن أول ما تفكر به وأنت تسقط هو:
معاودة النهوض
ليكن هذا قرارك فيه ستصنع سلاحك بإذن الله..