ما إن تبدأ العطلة الصيفية إلا وتجد الفوضى تعم وقتنا وتهدر النفيس من أعمارنا بحجة الترفيه عن النفس ، ولو دققنا وتفحصنا ما نقوم به لوجدنا أن جزءا كبيرا من أوقاتنا تذهب سدى دون أن نستفيد أدنى استفادة منها .
والإسلام حريص كل الحرص على وقت المسلم ، ونبه على ذلك في مواضع كثيرة في الكتاب والسنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )
ويقول أيضا ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس، وذكر منها: وعن عمره فيما أفناه ) ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك ).
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة ).
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى : ( أدركت أقواما كان أحدهم أشح على وقته منه على درهمه ).طرق الاستفادة من العطلة الصيفية :الناس مذاهب ولكل ميوله ومشربه ، وأفضل ما أنفق العبد من وقته ما عاد عليه وعلى أمته بالخير والنفع ، لكن لا بد لنا من حسن توزيع الوقت حتى نستطيع الإستفاده منه على أكمل وجه ،وهدفي من هذا المقال تبصير القارئ الكريم بطرق الاستفادة من عطلة الصيف، ومنطلق ذلك استثمار إيجابياتها وتجنب سلبياتها ومزالقها، وبنوع من التوازن بين المجال الصحي والترفيهي والثقافي والإيماني.
أ- الاستفادة العبادية :هناك سنن كثيرة فرطنا بها أثناء إنشغالنا في أعمالنا قبل إجازة الصيف فنحاول إحيائها في وقت فراغنا ومثل ذلك :
ــ صلاة الضحى ولو ركعتين في اليوم .
ــ قيام الليل ولو بركعتين بعد صلاة العشاء مباشرة ثم نبدأ بالفصل بينهما ودفع وقتهما رويد رويدا للثلث الأخير من الليل .
ــ الاهتمام بالقرآن الكريم قراءة وحفظا وتدبرا: نقرأ حزبنا من القرآن صباحا ومساء، ونتعلم تجويده.
ــ أداء الصلاة في وقتها وفي المسجد ما أمكن.
ــ الثبات في المجلس بعد صلاة الصبح وإشغال اللسان بالتسبيح والتهليل.فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت في مجلسه، أخرج الإمام أحمد رحمه الله عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل." وسند الحديث صحيح.
ب ـ الاستفادة العلمية :قراءة كتاب وطريقته كالتالي: تحدد أولا كم صفحة تستطيع أن تقرأها في اليوم فمثلا تقول أستطيع أن أقرأ 20 صفحة فسأقول لك حسنا أنت تستطيع أن تنجز خلال شهر قراءة 600 صفحة أي ما يقارب مجلدين من الحجم
المتوسط .
ج – تعلم مهارة فنية :
كنتعلم صيانة كمبيوتر أو تصميم صفحات إنترنت أو تعلم لغة أجنبية أو نتعلم لغتنا العربية ! أو نتعلم مهارة فن الإلقاء أو فن كتابة البحث والتقرير …وغيرها من المهارات التي تعود بالنفع علينا من حيث تطوير الذات أو تعود بالنفع على أمتنا كمساعدة الآخرين في تجاوز عقبات الحياة .ويمكن الاستعانة في ذلك من الامكانات الهائلة التي أصبحت توفرها شبكة الأنترنيت .
د – الإستفادة الإجتماعية :
ــ وضع خطة لصلة الرحم وهي كالتالي : أن نأتي بورقة وقلم ونسجل فيها أسماء أرحامنا وأرقام هواتفهم ونفرزهم من حيث الإتصال بهم فمنهم من ننسق معه زيارة ومنهم من يكفيه اتصال هاتفي لبعد المسافة مثلا ومنهم من نتواصل معه بالرسائل الهاتفية .
ــ نعقد جلسة أسبوعية عائلية قصيرة نقرأ صفحات من كتاب – وأرشح كتاب رياض الصالحين – حتى نساهم في اصلاح بيوتنا من الداخل .
ــ خير ما تنفق فيه هذه العطلة الجلوس مع الصالحين وزيارة الأخيار المتقين: خرج رجل من قرية إلي أخ له في الله يزوره فأرسل الله له ملكاً على مدرجته وطريقه فسأله إلى أين ذاهب فقال إلى هذه القرية قال
( ومالك فيها؟؟ قال: إن لي فيها أخاً في الله قال : هل لك عليه من نعمة تردها عليه قال لا إلا أنه أخي في الله فقال : إني رسول الله إليك أن الله قد غفر لك بممشاك إليه)) فمن خير ماتنفق فيه هذه العطلة زيارة الصالحين وزيارة العلماء ومجالستهم مع رعاية حرمتهم ومناسبة الأوقات لزيارتهم ونحو ذلك مما يشتمل فيه خير الدين من سؤالهم عن الأمور التي يحتاجها الإنسان في صلاح دينه ودنياه وأخراه فإن الله يجل من عبده أن يخرج من بيته لزيارة عالم يستفيد من علمه أو ورع يستفيد من ورعه وتقواه فذلك خير ينال الإنسان بركته وفضله في دينه ودنياه وآخرته.د
هـ ـ خصص جزءا من وقتك لممارسة الرياضة .
و ـ مؤانسة الأهل: بالسفر معهم السفر المباح، واحذر كل الحذر أثناء السفر من اللهو المحرم.
وفي الأخير أختم هذه المقالة ببعض الأمور التي أحذرك من الوقوع فيها أثناء العطلة الصيفية:
1
ـ كثرة النوم:
فمن الخطأ أن يظن أن العطلة الصيفية فرصة للنوم كقولهم: ( الآن نعوّض التعب الذي حصل في الإمتحانات )، ومن المؤسف أن بعض الشباب ربما ينام ساعات طويلة، ناهيك عن الصلوات التي تضيع.
2
ـ إطالة السهر:
وهذه ظاهرة تظهر جليّة أيام العطل، فترى الشباب على الأرصفة والشوارع وغيرها إلى الفجر، وربما بعده، وإذا سهر الإنسان إلى هذا الوقت فيا ترى في أي شيء يقضي هذا الوقت؟ فاحذر يا أخي النوم طوال النهار، والسهر بالليل على الأفلام والمسلسلات والإنتقال من قناة إلى قناة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على الخير النافع. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى وآله وصحبه وإخوانه وحزبه،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.