السيد الشيشينى، حرمه الله من البصر، وأسهب عليه بالبصيرة، فبات يرى الناس والأشياء بإحساسه، وظل على يقين بأن الإرادة القوية والثقة في النفس هى تأشيرة الإبداع والتقدم ، وظلت له دافع دائم للتحقق، ومساعدة الآخرين فى تنمية مهاراتهم البشرية والاستفادة من كل ما منحنهم الله من قدرات، اقتدى بالدكتور الأديب طه حسين فكان له بارقة أمل تنير له الطريق بالمعرفة.
التدريب على تنمية المهارات البشرية وظيفته التي يقتات منها ، استطاع بنهم المبدع أن يصدر كتاب "أسرار الخرائط الذهنية للمبصرين والمكفوفين"، فكان طريقه لعضوية اتحاد المبدعين العرب باليمن، وفي ضوء تنمية المهارات البشرية، وصنع الخرائط الذهنية التي لا تتلقى دعم من أي جهة رسمية، التقينا به، وكان لنا معه هذا الحوار:
محيط: ماهى ملامح الخريطة الذهنية التى يمكن أن يصنعها شخص لنفسه؟
الخريطة الذهنية هي كيفية تنظيم أي شخص لأفكاره وترتيبها، فمشكلة الأشخاص هنا أنهم يريدون الأشياء جاهزة، لكنه لابد على كل شخص أن يجتهد ليصل إلى ما يريد، ولذلك الغرب تقدم عنا، ولكي يقوم أي فرد بعمل خريطة ذهنية لنفسه عليه أن يقوم برسم شكل بيضاوي في وسط الصفحة، وكتابة العنوان الرئيسي فيه، وليكن مثلا "نباتات الزينة المنزلية"، ثم البدء برسم الفروع بعدد أنواع نباتات الزينة التي تعرفها، وكتابة كل نوع على الفرع المخصص، وبعد ذلك تفريع كل قسم بعدد الأمثلة التي تدل عليه، وأخيرا يقوم بتزيين خريطته حسب ما يحب أو تركها ، للون أهميه كبيرة وأثر في إبهاج العقل وإعطاءه القدرة على الحفظ والتذكر.
محيط: كيف يقوم أي شخص بتنمية مهاراته؟
المهارات البشرية كثيرة جدا، فلو افترضنا تنمية مهارة الذاكرة أو إدارة الوقت، فلابد أن يستخدم الشخص الخريطة الذهنية، بينما مهارة التركيز لابد أن تنمي الإيحاءات، أي برمجة العقل الباطن بأنه عنده القدرة على التركيز، والبدء في استخدام موضوع واحد والاهتمام به حتى لا يحدث تشتيت للانتباه. ومثال آخر عند استخدام العين في البصر، فلو أغلقتها تفقد رؤية المحيط الخارجي فيجب أن تنمي مهارة اللمس عندك، ولابد أن المبدع يتمتع بهذه المهارات ، فمثلا ًكيف يمتلك الإنسان هدف دون أن يكتشف نفسه؟! وهل هو مبدع أو عبقري؟ فالفرق جوهري بين الأثنين؛ لأن الإبداع هو تطوير ما هو موجود، لكن العبقرية هي اختراع ما هو جديد، واكتشاف النفس بداية لمعرفة الطريق المنشود.
محيط: هل استجابة الجمهور لمحاضراتك أكثر في مصر، أم الدول الأخرى؟
للأسف الاستجابة في الخارج أكثر بكثير وهذا يرجع إلى أنهم يدركون جيدا ماذا يفعلون للتنمية البشرية، ففي اليمن يهتمون بالتراث الديني، وفي السعودية يهتمون بالإبداع والتميز، وفي قطر يهتمون بالتنويم المغناطيسي، فكل منهم أقدم لهم محاضرات في الجزء الذي يريدون تنميته، إلا أنني في مصر أجد فكرة غريبة، وهي أن أي شخص يدرس في هذا المجال كي يصبح مدربا ولا يتخذ هذه الدراسة لتنمية مهاراته، فأصبح هناك فوضى بأن أي شخص يدرس في هذا المجال يعتبر نفسه يستطيع تدريب الناس.
محيط: ما المشكلات التي واجهتك في هذا المجال؟
المشكلات المادية أول ما اصطدمت به ، فدراسة هذا المجال مكلفة جدا، إلا أنني وفقت وأتممتها، ثانيا أنني كنت استقبل المحتوى، ثم اعتمد اعتمادا كليا على الفهم والذاكرة، وهذه هي مشكلة الفترة الأولى في الدراسة، وكذلك اختيار نوعية الكتب التي اقرأها، ومعرفة طريقي بشكل واضح ، بالاضافة الى رد فعل بعض المبصرين حين احاول أن أعلمهم كيفية قيامهم بتطوير أنفسهم ولذلك قمت بتسجيل 12 محاضرة بالفيديو على موقع "اليوتوب".
محيط: هل تتلقى دعماً من أي جهة لتتولى هذه الدراسة؟
للأسف لا يوجد أي جهة ترعى هذه الدراسة، كما أنها ليست ممنهجة في مصر، فكل مركز ثقافي يقوم باختيارها حسب رؤيته، كما يمكن أن تطرح عناوين مختلفة؛ ولذلك فكل فرد قرأ كتاب يحاول تعليمه للناس بطريقة خاطئة، فلابد أن تمنهج هذه الدراسة، فأنا على سبيل المثال أساعد بهذه الدراسة في الطب النفسي، كما أضيف عليها بعض المعلومات من دراستي للطب النفسي والتي أقوم بها مع الطبيب أشرف صبري.
محيط: في رأيك ما يجب فعله لتطوير هذه الدراسة في مصر؟
أولا يجمع المدربين ليكونوا تحت إشراف أطباء، ويفضل أن يتضمنوا أطباء نفسيين، واختيار مدربين أكفاء ومتميزين في هذا المجال، حتى يستطيعوا رصد أهم الأشياء الايجابية المؤثرة في الناس لتطويرها والإضافة إليها، باعتبارها أقرب الخطوات التي تنمي القدرات البشرية.
محيط: أخيرا كم يستغرق الكفيف من الوقت كي يصنع لنفسه خريطة ذهنية؟
أولا أي كفيف يرى، وهذا يثبته كلام الله عز وجل "فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" فهذا النص لم يكن مجاملة من الله سبحانه وتعالى لفئة افقدها بصرها، فأي إنسان هو طبيعي طالما تعلم وقرأ وكتب، وطالما يعلم الناس فهو عنده خريطة ذهنية أي إنسان سوي، أما لو عنده قصور فهو كأي إنسان عنده قصور ولدية مكملات تنمي قدراته ولا تعجزها، فهو شخص يكمل نفسه بحواسه الأخرى.
الجدير بالذكر أن سيد الشيشينى اجتاز الحياة العادية ودخل عالم المحترفين فلقب بالمدرب المحترف من خلال المركز الكندي للتنمية البشرية، ولم يتوقف شغف المعرفة عنده عند التدريب فقط وإنما اكتسب العديد من الدبلومات العلمية التى تساعده على التميز مثل "دبلومة ممارس أول في البرمجة اللغوية العصبية ،وأخرى في الطاقة1 و الطاقة2 ،وثالثه في ديناميكية التكيف العصبي، حتى تم اعتماده كممارس في التنويم بالإيحاء.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي