أولاً : التفكير ضرورة حيوية للإيمان واكتشاف نواميس الحياة .
وقد دعا إلى ذلك القرآن الكريم ، فحث على النظر العقلي والتأمل والفحص وتقليب الأمر على وجهه لفهمه وإدراكه.
ثانياً : التفكير الحاذق لا ينمو تلقائياً : وهذا يقودنا إلى التفريق بين نوعين من التفكير :
1 ـ التفكير اليومي المعتاد الذي يكتسبه الإنسان بصورة طبيعية ، وهو يشبه القدرة على المشي .
2 ـ التفكير الحاذق الذي يتطلب تعليماً منظماً هادفاً ومراناً مستمراً حتى يمكن أن يبلغ أقصى مدى له ، وهذا النوع يشبه القدرة على تسلق الجبال ، أو رمي القرص وغيرها من المهارات التي تتطلب تفكيراً مميزاً .
وعليه فإن الكفاءة في التفكير – بخلاف الاعتقاد الشائع – ليست مجرد قدرة طبيعية ترافق النمو الطبيعي للطفل بالضرورة ، فإن المعرفة بمحتوى المادة الدراسية أو الموضوع الدراسي ليست في حد ذاتها بديلاً عن المعرفة بعمليات التفكير والكفاءة فيه ، ومع أننا لا نشك في أن المعرفة في مجال ما تشكل قاعدة أساسية للتفكير في هذا المجال ، وأن أنجح الأشخاص في التفكير في موضوع ما هم أكثر الأشخاص دراية و معرفة به ، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي ، ولا بد أن تقترن بمعرفة لعمليات التفكير ، وكفاية فيها حتى يكون التفكير في الموضوع حاذقاً ومنتجاً .
ومن الواضح أن التعليم الهادف يمكن أن يلعب دوراً فعالاً في تنمية عمليات ومهارات التفكير التي تمكن الأفراد من تطوير كفاءتهم التفكيرية .
ثالثاً : دور التفكير في النجاح الحياتي والدراسي :
يلعب التفكير الحاذق دوراً حيوياً في نجاح الأفراد وتقدمهم داخل المؤسسة التعليمية وخارجها ، لأن آراءهم في العمل التعليمي و الاختبارات المدرسية والمواقف الحياتية أثناء الدراسة وبعد انتهائها هي نتاج تفكيرهم وبموجبها يتحدد مدى نجاحهم أو إخفاقهم .
وبناء على ما سبق يعدّ تعليمهم مهارات التفكير الحاذق من أهم المفاهيم التي يمكن أن يقوم بها المعلم أو المدرسة لأسباب أهمها :
1ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير المتنوعة يساعد على رفع مستوى الكفاءة التفكيرية للطالب .
2 ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير اللازمة لفهم موضوع دراسي يمكن أن يحسن مستوى تحصيل الطالب في هذا الموضوع .
3 ـ تعليم عمليات ومهارات التفكير يعطي الطالب إحساساً بالسيطرة الواعية على تفكيره.
وعندما يقترن هذا التعليم مع تحسن مستوى التحصيل ينمو لدى الطلبة شعور بالثقة في النفس في مواجهة المهمات المدرسية والحياتية .
رابعاُ : التفكير قوة متجددة لبقاء الفرد والمجتمع معاً في عالم اليوم والغد . هذا العالم الذي يتميز بتدفق المعلومات و تجددها ، عالم الاتصالات التي جعل من الأمم المترامية الأطراف قرية صغيرة.
وأمام هذا الواقع تبرز أهمية تعلم مهارات التفكير وعملياته ، التي تبقى صالحة متجددة من حيث فائدتها واستخداماتها في معالجة المعلومات مهما كان نوعها .
وعليه فإن تعليم الطالب مهارات التفكير هو بمثابة تزويده بالأدوات التي يحتاجها حتى يتمكن من التعامل بفاعلية مع أي نوع من المعلومات أو المتغيرات التي يأتي بها المستقبل .
خامسا : تعليم مهارات التفكير يفيد المعلمين والمدارس معاً :
من الملاحظ لما يدور داخل الغرف الصفية في مدارسنا أن دور الطالب في العملية التربوية والتعليمية محدود للغاية وسلبي ، ولا يتجاوز عملية التلقي ، أو مراقبة المشهد الذي يخطط له ـ هذا إذا كان قد خُطط له فعلاً ـ وينفذه المعلم بكل تفاصيله ، إن الدور الهامشي للطلاب هو إفراز للمناخ الصفي التقليدي المتمركز حول العمل ، والذي تتحدد عملية التعلم فيه بممارسات قائمة على الترديد والتكرار والحفظ المجرد من الفهم .
ونقيض ذلك هو المناخ الصفي الآمن المتمركز حول الطالب ، الذي يوفر فرصاً للتفاعل والتفكير من جانب الطلاب .
إن تعليم مهارات التفكير والتعليم من أجل التفكير يرفعان من درجة الإثارة والجذب للخبرات الصفية ، ويجعلان دور الطلبة إيجابياً فاعلاً ، ينعكس بصور عديدة من بينها : تحسن مستوى تحصيلهم الدراسي ونجاحهم في الاختبارات المدرسية بتفوق ، وتحقيق الأهداف التعليمية التي يتحمل المعلمون والمدارس مسؤوليتها ، ومحصلة هذا كله تعود بالنفع على المعلم والمدرسة والمجتمع .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي