هكذا خشعوا .. وهكذا عليها حافظوا :
(*) استحضروا جلال وهيبة وعظمة الله عند سماع صوت المؤذن يعلو الله أكبر , وآمنوا أنه سبحانه أكبر من كل عمل يمارسونه فى وقت صلاتهم , فتركوا الأعمال وشدوا الى الله الرحال والي مُصلّاهم وقبلتهم جلسوا باطمئنان , يستبشرون ببيعهم الذى بايعوا , فلقاء الجليل حان , والأبواب فُتحت من الجنان , والهرب الأكيد للشيطان كان , واذا قضى الله الأجل كان منه الرضى وحسن الختام والرضوان .
(*) استجمعوا تفكيرهم وطاقاتهم مع الامام وتدبروا الأيات.. فوجدوا وعدا ووعيدا استدعى تعوذّهم منه .. ووجدوا جنة ونعيما إستدعى تشوقهم وطلبهم وسؤالهم .
(*) قللوا من حركات الجسد أثناء الصلاة فلم يزيدوا عن الثلاث ... وعلموا أن من خشع قلبه خشعت جوارحه وسكنت عن الحركة , وصارت معلقة بأعالى الجنان .
(*) استحضروا أن هذه الصلاة التى يصلونها هى آخر ماسيكون من صلاة فجعلوها صلاة توديع ووداع .
(*) اغلقوا هواتفهم المحمولة لإيمانهم بأن الصلاة صلة بالله ومع الله ويجب قطع غيرها من الاتصالات مع الناس .
(*) نظروا محل سجودهم ولم يلتفتوا يمنة ولا يسرة ... وكأن على رؤوسهم طيرا .
المحاسبة سمت المؤمنين
إزداد المؤمنون ايمانا بأن عاشوا عَيش الصالحين الربانيين , فداوموا على محاسبة أنفسهم حسابا شديدا , لإيمانهم بأنها الدواء من كل داء , والشفاء من كل سقم وبلاء , والمطهرة للبدن , والرافعة للشأن والقدر , عند مليك مقتدر بل وعند كل البشر , وأنتبهوا بأن الأيام مُسرعةُ , والشهر والشهران يتبع بعضهما بعضا وكأنهما ينطويان طياَّ ..
فكانت محاسبتهم شاملة لكل مجريات اليوم من أمور تتعلق برب الجلال وأخرى تتعلق بعباده سبحانه وتعالى ..
متذكرين فى ذلك امام التقوى علياّ ابن ابى طالب كرم الله وجهه عندما سُال عن التقوى , ماالتقوى يا إمام ؟ فقال : هى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعدادا ليوم الرحيل ) .
ولماّ آمن المؤمنون بأهمية التقوى أوقفوا أنفسهم عندها وراجعوها , فتحققت فيهم خيرية عظيمة ..
دعاء :
اللهم إجعلنا ياجليل ممن يخافونك ويعملون حقا بمحكم تنزيلك ويقنعون بعطاء قليلك ويستعدون ويشمرون ليوم رحيلهم ولحظة خروج روحهم ووقت إنزالهم الى وحشة قبورك .
كيف يحاسب المؤمنون أنفسهم :
(*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على صلاة الفرائض .. أكانت على وقتها وبخشوعها وبحقها .
(*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على السنن الراتبة .. هل أتمموها بثنتى عشرة ركعة ليفوزوا بقصر فى الجنة أم حرموا أنفسهم من قصرهم فى يومهم .
(*) المؤمنون اذا وقعوا فى غيبة ونميمة استغفروا وأنابوا ورجعوا وكفّروا عن ذلك.
(*) المؤمنون اذا أساءوا لأحد بفعالهم أو بألسنتهم راضوهم وأكرموهم , وتحببوا اليهم تحاببا , وتصافوا معهم تصافيا , ولم يناموا يومهم وهم يحملون بغضا لغيرهم طمعا فى جنة ربهم .
(*) المؤمنون يتصدقون وينفقون لربهم , ويحبون العمل لدينهم وهم خير من يفقهون قوله تعالى : ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , فأنفقوا لتكون لهم الجنة , وعملوا لدينه لينالوا
شرف التأسى بالأنبياء , لتربح بذلك تجارتهم مع الله عز وجل .. يرجون تجارة لن تبور .
(*) المؤمنون اذا أذنبوا إستغفروا وتابوا واستشعروا رضى ربهم ورحمته ولم يسوّفوا ولم يؤجلوا ولم يقولوا للانابة والرجعة غدا موعدنا .
وهكذا راقبوا أنفسهم وحاسبوها , إيمانا منهم ويقينا بأنه من يحاسب اليوم نفسه هان عليه الحساب يوم الحساب.