التفكير الإيجابي نظرة أخرى للحياة
قد يعيش الانسان حياة صنعها هو بنفسه حفرها في عناد الزمن , وفق رؤاه وأفكاره , ويحاول تغيير كل واقع في حياته ليس مقتنع به .
هذا أو ذاك ما تخلفه طريقة تفكير الإنسان التي هي من أكبر القوى الدافعة التي تدفع الإنسان أما نحو السلبية في الحياة وإما نحو الإيجابية .
التفكير الإيجابي أو عندما ينظر الإنسان بتفاؤل وإيجابية واقعية - بعيداً عن الأحلام والأوهام – إلى جميع جوانب حياته وما يتعلق به تخلق له أنموذج حياة مستقر , فإذا كان تفكير الإنسان تفكيراً إيجابياً فإنه يعطي نتائج إيجابية تنعكس على حياته , وإذا كان تفكيره تفكيراً سلبياً فإن ذلك يعطي نتائج سلبية تنعكس على حياته أيضاً .
** علاقات الإنسان والتفكير الإيجابي
تحكم الإنسان في مسيرة حياته مجموعة من العلاقات والأفكار المخزونة في العقل هي التي تكون نظرته للحياة وأسلوب حياته فإذا أراد الإنسان أن يعيش الحياة الإيجابية فلا بد أن تكون نظرته تجاه هذه العلاقات نظرة إيجابية .
ومن اهم هذه العلاقات – ونعر لها هنا بإختصار - هي :
اولاً: علاقة الإنسان بخالقه..
عندما نقرأ في الدعاء ما مضمونه (اللهم إن كنت أثبت أسمي في ديوان الأشقياء فامح شقائي واثبتني فيـ ديوان السعداء)نرى هنا كيف يوظف المعصوم التفكير الإيجابي تجاه هذه الحالة حين يصور الإنسان وهو في عمق الحالة السلبية
وما هو أسواء من أن يكون الإنسان مثبتاً ضمن دائرة الشقاء – وهو يفكر في تغيير واقعه بحسن ظنه بربه تبارك وتعالى , ومن جانب آخر كيف حذرت الرويات من القنوط من رحمة الله بل أعتبرته من الكبائر فإذا عاش الإنسان التفكير السلبي تجاه هذه العلاقة فلن يجره ذلك إلا إلى الانحطاط والتسافل في حين أن التفكير الإيجابي يحاول أن يرقى به عما هو عليه..
ثانياً:علاقة الإنسان بنفسه..
إذا عاش الإنسان التفكير الإيجابي تجاه نفسه فلابد من أنه سوف يسعى من أجل كمالها ورقيها, فالتفكير الإيجابي هو عامل بناء في الشخصية يدفع الإنسان إلى تطوير ذاته دائماً .
أحبب نفسك , انظر إلى إيجابياتها وحاول معالجة سلبياتها ..
ثالثاً:علاقة الإنسان بالآخرين ..
قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم :“(احمل أخاك المؤمن على سبعين محمل)“.. كلما كان تفكير الإنسان تفكيراً إيجابياً تحاه الآخرين كلما تطورت علاقاته الاجتماعية ونظر بموضوعية تجاه تقييم الشخصيات وتقييم علاقتها معه..
رابعاً: علاقة الإنسان بالأحداث ..
يتعرض الإنسان في حياته للكثير من الأحداث والأمور التي تجري حوله , فتفكير الإنسان تجاه هذه الأحادث والتفاعلات هي التي ترسم حياته وتعطي نتائج إما سلبية وإما إيجابية حسب نظرته تجاه هذه الأمور..
وبعد هذا العرض المختصر نضع بعض النقاط في ضوء ما ذكرنا من علاقات تساعد الإنسان على خلق تفكير إيجابي ..
قال تعالى :{ومن يتوكل على الله فهو حسبه}..
عندما يكون هذا المبدأ مرتكز أساساً في التفكير الإنسان فلابد أن ينطلق الإنسان في جميع جوانب حياته بتفاؤل ومهما كانت نتائج أي تحرك بعد ذلك فستكون موقع رضى واطمئنان نفسي لأنه لم يتحرك إلا وفق نظرته الايجابية تجاه علاقته بالله تبارك وتعالى:“{قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون }“..
”{واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}“...
عندما تخاطب السيدة زينب عليها السلام في مجلس طاغية زمانها لتقول له : فكد كيدك واسع سعيك....الخ. فهي وإن كانت في حالة سلبية بحسب الظاهر لكنها تعيش الإيجابية في علاقتها بالله تبارك وتعالى وتعلم انها بعين الله فكل ما يحدث هو عالم به ومطلع عليه فكأن منطقها يقول إذا لم يكن بك علي غضب فلا أبالي , ولو كان أي إنسان في مثل هذا الموقف وقد سيطر عليه التفكير السلبي فماذا سيكون موقفه؟ سوف يسيطر عليه الحزن والألم ويعيش واقع المذلة وتيته في دوامة من الأفكار السوداوية.. لماذا أنا بالذات؟ لماذا هذا الحزن ولماذا .؟...الخ .. وعندما يقول الإمام علي ”علية السلام“ في دعاء كميل :“ الهي من لي غيرك ” فإنه بهذه النظرة يحاول أن يخلق في نفس الإنسان العلاقة الإيجابية مع الله تبارك وتعالى..
التقدير الذاتي للشخصية ”رحم الله امرء عرف قدر نفسه ” الكثير منا ينظر إلى هذا الحديث من الناحية السلبية ولا يرى له إلا وجهاً واحداً فقط فلماذا لا يكون تفكيرنا تجاه هذا الحديث تفكيراً إيجابياً ..؟ فلا بد أن تعرف قدر نفسك لكي تكون في المكان المناسب .. لا أن تعطي نفسك أكبر من حجمها , ولا أن تقزم نفسك وتحشرها في موقع أقل من مستواها . وأيضاً لا تراعي في ذلك مدح الناس وذمهم لأن ذلك رأي الناس فيك وهو لن يغير من واقعك شي قال تعالى ”{ بل الإنسان على نفسه بصيرة} ...
وجود الهدف في الحياة شيء أساسي ,فلا يجب أن يعيش الفرد الخواء الفكري ليمتلىء عقله بالأوهام والأباطيل ولابد أن يكون هذا الهدف هدف عقلاني راجح كالسعي إلى التقرب من الله ليتركز التفكير حول السعي من أجل تحقيق هذا الهدف وكلما سمى الهدف كلما كان تفكير الإنسان أكثر إيجابية من أجل تحقيقه ..
”أين أنا الاًن“ لابد من تقييم النفس باستمرار والنظر للواقع الفردي بين فترة وأخرى لمعرفة موقع الخلل وإعادة برمجة التفكير من جديد و استئناف العمل .
الإيحاء النفسي والخواطر السلبية هي من أهم أبواب التفكير السلبي خصوصاً في هذا الزمن المعقد. لذا فلابد من مراقبة الأفكار والخواطر السلبية والسيطرة عليها وعدم الانجرار ورائها. المواقف السيئة أو السلبية التي تحدث للإنسان – كما لو تعرض لوقف استهزاء أو انتقاص – أو الي قد يشاهدها أو يسمعها قد تخلق عنده تفكيراً سلبياً فلا بد هنا من تجاهل الأفكار السلبية وعدم جعل كل موقف أو حادثة سلبية تترك تأثيرها السلبي على حياتنا..
موجهة الأمور السلبية أمر ضروري . ولهذا فلا بد أن تكون الشخصية قوية ومتزنة غير مترددة وسريعة الإنسان من حوادث , لذا اعرف السبب , حدد الخلل خطط للإصلاح , أبد العمل ثم قيم النتائج . فلا بد أن يمر الإنسان ببعض الإخفاقات في حياته ولكن لا يجعلها محطة يقف عندها بل لا بد من تخطي هذه العقبة .
عدم جعل الماضي يسيطر على أفكارك الماضي هو جزء من حياة الإنسان ولاشك في ذلك ولكن لابد أن نعيش في الماضي أو في الألم الذي خلفه , أو كما يقال ” الصراخ على اللبن المسكوب ” فالأحرى أن يكون الماضي درساً نتعلم منه ونأخذ منه العبرة كي ننطلق في الحياة من أجل واقع أفضل ..
عدم التركيز على العيوب , فلا يزعم أحد ان شخصيته كاملة , ولكن إذا ركز الإنسان تفكيره حول هذه العيوب سوف تعيقه عن السعي نحو الكمال ولابد من تطوير في الشخصية بدل الاستسلام لها ..
قال الإمام الصادق ”عليه السلام“ : ما ضعف بدن عما قويت عليه النية ” إذاً فلا بد من توقع النجاح في كل عمل نقوم به أو هدف نسعى إليه.
بعض الأشخاص يحمل تفكيراً أنه ما إن يدخل في أمر إلا ويفشل فيه فلا حظ له في هذه الحياة فهو منحوس الحظ .. بهكذا تفكير لابد للإنسان أن يواجه الفشل , فهو يحكم على نفسه مسبقاً بذلك , والمفترض هو العكس من ذلك فمهما تعرض الإنسان لمحطات فشل أو تراجع في حياته فلابد أن يتوقع النجاح في المرة القادمة ويترك كل تفكير سلبي يجره للخلف..
اربط حياتك بالسعادة والنجاح ولا تربطها بالفشل والألم فإذا كان تفكير الإنسان منحصراً في واقع الفشل في حياه ولا يرى في حياته ومضات إيجابية فلن يخرج من التفكير السلبي وسيبقى أسيراً له . انظر إلى الشموع المضيئة في حياتك وحاول أن تسعى من أجل إشعال الباقي ..
كن واقعياً في تعاملك مع الآخرين وموضوعي في الحكم عليهم لا تتوقع أو تفرض على أحد في تفكرك أن يساعدك أو أن يكون بالصورة التي تريدها أنت لتصدم بعد أن ترى ما يخالف ما رسمته له , اعذر و برر لأخيك المؤمن وأسع أنت من أجل خدمه الآخري من أجل رضا الله تبارك وتعالى ..
بطبيعة الحال فإن الإنسان يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه . فلو خالط أشخاصاً من أصحاب التفكير الإيجابي لتصطبغ حياتك باللون الإيجابي ..
ختاماً : لو لاحظت أن كل نقطة مما ذكرنا ترتبط بإحدى العلاقات الأربع التي تم ذكرها في بداية الموضوع .. لذا فاجعل أساس حياتك هو التفكير الإيجابي تجاه هذه العلاقات وأسس عليها حياتك وقس عليها باقي الأمور