>الخريطة الذهنية< مصطلح تربوي جديد يقصد به إعداد وتهيئة الذهن لاستخدام كل ملكاته وإمكاناته لأقصى درجة ممكنة وتدريبه على ذلك منذ الصغر مما يكفل له النجاح في مختلف مناحي الحياة سواءً في مجال الدراسة والعمل أو الحياة الاجتماعية والخاصة بل يتيح له الراحة النفسية والاستقامة السلوكية والثراء الروحي أيضاً·
فما هو دورك - كأم - الذي يمكنك الإسهام به؟
يولد الطفل ولديه ملكات فطرية تعد هبة إلهيه من المولى عز وجل وهي مستوى الذكاء والقدرات الخاصة وسلامة الأعضاء والحواس··
ثم يأتي دور التنشئة الاجتماعية - والذي تقوم فيه الأم بالنصيب الأوفر - في تنمية ورعاية تلك القدرات والوصول بها إلى أقصى ما يمكن·
وقد ثبت أن للبيئة المحيطة بالطفل أثرها الملحوظ والفعال في تطوير ملكاته الطبيعية أو إهدارها سدى·
فكيف يتم ذلك؟
أولاً: العقل السليم في الجسم السليم:
هو مبدأ مسلم به، لذلك فالرعاية الصحية والتغذية الجيدة المتوازنه للطفل تعد حجر الزاوية في بناء جسمه وتغذية عقله·
بالنسبة للتغذية الصحية فلقد أسهب الأطباء والحكماء في نصائحهم بخصوصها ويمكن تلخيصها في تناول الطعام الطبيعي الأقرب إلى الفطره والمعد في المنزل بحيث يحتوي على جميع العناصر الغذائىة الرئيسية (كربوهيدرات - بروتينات - فيتامينات أملاح معدنية) وهناك أهمية خاصة للأسماك والخضر الطازجة لتأثيرها الجيد على المخ·
كذلك فإن النوم بشكل كاف ومنتظم أثناء الليل شديد الأهمية للطفل حتى أن الخبراء النفسيين يقولون إن نجاح ابنك في الدراسة مرهون بنومه العميق حتى يستطيع الجسم تجديد خلاياه ويستريح المخ بشكل يكفل له التركيز والاستيعاب أثناء اليقظة·
ثانياً: تنمية النفس والروح:
أهم ما تقدمه الأم لطفلها هو بث شعور الثقة بالنفس والاعتماد على الذات، وذلك بإشاعة روح الحب والتسامح في جو الأسره وتأكيد الحب والاحترام لشخصية الطفل بالابتعاد عن استخدام أساليب الإهانة والضرب والسخريه والتحقير في تأديبه وعندما يخطئ نشعره أننا نرفض سلوكه الخاطئ ولانرفضه هو أو ننبذه·
أما تنمية الروح فتكون بغرس الفضائل الأخلاقية والقيم الإسلامية وتربية الضمير والالتزام الدني في الطفل بأساليب محببة بعيداً عن القهر والتخويف وأقرب إلى الترغيب والارتقاء والسمو بالروح الى رحاب الطهر والفضيلة·
والقدوة في ذلك هي خير وسيلة للتعليم وهي أجدى من التلقين، وهنيئاً للأم التي ترى طفلها يهرع إلى الصلاة ويحرص على الصيام ويلتزم بالآداب الإسلامية طوعاً وحباً·
ثالثاً: تطوير استخدام المخ:
إن الطفل الذي تربي على الثقة بالنفس والاعتماد على الذات يمكنه استخدام ما يحصل عليه من معلومات في عقد موازانات فكريه بما يمكنه بعد ذلك من تكوين أسلوبه الفكري وقدراته الذهنية الخاصة ومما يساعده على ذلك أن يتدرب على المهارات الفكرية والعقلية التالية:
1- الحصول بنفسة على المعلومة عن طريق التلفزيون أو الكمبيوتر والانترنت أو القراءة أو الاندماج في تجارب علمية كذلك يمكن تشجيعه على خوض الموازنات والتحديات الفكرية- تحت إشراف الكبار·
2- الطلاقه في التفكير، أي التفكير في أكبر قدر من الاحتمالات في وقت واحد والنظر للموضوع الواحد من عدة زوايا مختلفة·
3- المرونة في التفكير، أي دراسة أي موضوع مع القدره على إيجاد جوانب مبتكرة فيه وإيجاد الحلول لما يواجهنا من مشكلات وإذا تعذر تطبيق أحد الحلول لا يتوقف بل نفكر في حلٍ بديل·
المبادره، أي تكوين أفكار تتميز بالتفرد والخروج عن المألوف مع وضوح الأفكار وتطورها والتحلي بروح المبادرة وعدم الاستكانة أو انتظار الأوامر والحلول الجاهزة من الغير·
رابعاً: كيف نحقق الاستفادة القصوى من الامكانيات الذهنية للطفل:
من أهم الأساليب الحديثة لتطوير ذهن الطفل الدراسة بطريقة اعداد الخرائط الذهنية، فقد ثبت للخبراء أن هناك جانبين للمخ، الأيسر ويختص بالكلمات والنطق والأرقام والتتابع والتحليل والقوائم، والجانب الأيمن ويختص بالإدراك والتخيل وأحلام اليقظة والألوان والأباد والأنتظام، وثبت أيضاً أن الطالب العادي يستخدم في تحصيله للعلم الجانب الزيسر فقط للعقل وهذا يجعلهم محدود القدرات ويقلل من فرصه في الابتكار والتفوق والنبوغ ولهذا فهم يركزون على طرق التعليم التي تتيح استخدام جانبي المخ الأيمن والأيسر معاً للتحصيل والتفكير والابتكار·
وبعبارنة أخرى لايكفي الاعتماد علي قدرات الذكاء الأكاديمي وهو ما يرمز له بـ >حاصل الذكاء< >I Q<·
"Imtelligemce Quotient"
والذي يشمل مهارات >ضبط النفس والحماس والمثابرة والقدرة على حفز النفس وفهم الآخر<·
وههذ المهارات يمكن تعليمها لأطفالنا لنوفر لهم فرصاً أفضل أياً كانت المعطيات الذهنية التي ولدوا بها·
وفيما وراء هذا الإمكان تلوح ضرورة أخلاقية ملحه فنحن نمر اليوم بأوقات متسارعة، كما تفسد الأنانية والعنف والخواء الروحي السواء الأخلاقي لحياتنا المجتمعية، هنا يتوقف مسوغ القول بأهمية الذكاء العاطفي على الصلة بين الإحساس والشخصية والاستعكدادات الأخلاقية الفطرية، إن هناك شواهد متزايدة اليوم على أن المواقف الأخلاقية الأساسية في الحياة إنما تنبع من قدرات الإنسان العاطفية الأساية، ذلك أن الأنفعال بالنسبة للانسان هو >واسطة العاطفة< وبذرة كل انعفال هي شعور يتفجر داخل الانسان للتعبير عن نفسه في فعل ما·
وهؤلاء الذين يكونون أسرى أنفعالاتهم - أي المفتقرون للقدرة على ضبط النفس - إنما يعانون من عجز أخلاقي، فالقدرة على السيطرة على الانفعال هي أساس الإراده وأساس الشخصية وعلى النحو نفسه فإن أساس مشاعر الإيثار إنما يكمن في التعاطف الوجداني مع الآخرين، أي في القدرة على قراءة عواطفهم·
أما العجز عن الإحساس باحتياج الآخر أو بشعوره بالإحباط فمعناه عدم الاكتراث، واذا كان هناك موقفان أخلاقيان يستلزمهما عصرنا، فهما علي وجه التحديد: ضبط النفس والرأفة·
وإذا أردنا التركيز على إعداد الطفل لتقبل المدرسة، فإن ذلك يعتمد على أهم أساس للمعرفة وهو (كيف تتعلم) ويقدم لنا أحدث تقرير تربوي سبعة أسس لتكوين هذه المقدرة الحاسمه ترتبط جميعها بالذكاء العاطفي:
1- الثقة: الإحساس بالسيطرة على الجسد والتعامل معه والتمكن من التصرف والتعامل مع العالم المحيط، وأن يشعر الطفل بأنه - على الأرجح - سوف ينجح فيما يعهد إليه به·
2- حسب الاستطلاع: الإحساس بأن اكتشاف الأشياء أمر إيجابي يملأ النفس بالسرور·
3- الإصرار: الرغبة والقدرة على أن يكون مؤثراً، وعلى أن يفعل ذلك بإصرار ودأب وهذه القدرة ترتبط بالشعور بالكفاءة والفعالية·
4- السيطرة على النفس: القدرة على تغيير الأفعال والتحكم فيها بطرق تتناسب مع المرحلة السنية، والإحساس بأن هذه الانضباط نابع من داخله·
5- القدرة على تكوين علاقات والارتباط بالأخرين ارتكازاً على الإحساس بأنه يفهم الآخرين، وأنهم يفهمونه·
6- القدرة على التواصل: الرغبة والقدرة على التبادل الشفوي للأفكار والمشاعر وكالمفاهيم مع الغير، وهذا مرتبط بثقتك في الآخرين والاستمتاع بالارتباط بهم، بمن في ذلك البالغون·
7- التعاون: القدرة على عمل توازن في نشاط الجماعة بين الاحتياجات الشخصية واحتياجات الغير·
ونسوق أخيراً بعض الملاحظات الهامة:
- إن السنوات المبكرة في عمر الطفل تمثل الفرصة الثمينة لتشكيل مكونات شخصيته وغرس بذور القدرات التي سيستمر في تكوينها طوال سنوات الدراسة، تلك الأسس التي ستصاحبه مدى الحياه·
- إن النجاح الدراسي لاينبئ به رصيد الطفل من المعارف، أو مقدرته المبكرة الناضجة على القراءة، بقدر ما تنبئ به المقاييس العاطفية والاجتماعية، تلك المقاييس المتمثلة في ثقته بنفسه، وأن يكون مهتماً، ويعرف طبيعة التصرفات المتوقعة، وكيف يكبح ميله الى التصرف الخطأ، وأن يكون قادراً على الترقب والانتظار والالتزام بالتوجيهات، واللجوء الى مدرسيه لمساعدته، والتعبير عن احتياجاته عندما يكون منسجماً مع الأطفال الآخرين·
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
الإثنين نوفمبر 04, 2024 5:05 pm من طرف apprenant
