قضايا فصل فيها الرسول ؟
منذ بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى سبيل الله وهو يواجه الكثير من أسئلة المؤمنين الذين يسعون لنيل رضاء الله. هذه التساؤلات، على الرغم من بساطة بعضها، مثلت قضايا مهمة في حياة المسلمين، بعضها تعلق بالعبادة وبعضها تعلق بالحياة والممارسات اليومية للمسلمين في حياتهم العادية حتى في علاقات بعضهم ببعض، والبعض الآخر يتعلق مباشرة بعلاقة العبد بربه، وفي هذه الحلقات سوف ننظر في عدد من القضايا التي فصل فيها الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حياته الكريمة.
قراءة القرآن
أنزل المولى عز وجل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كتابا مهيمنا مصدقا لما بين يديه، ونورا يستبصر به المؤمنون وعلما يهتدون به ودليلا في عقيدتهم وعبادتهم وأعمالهم وأخلاقهم ولقراءة هذا الكتاب فضل كبير، بينها المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكثير من الأحاديث.
فعندما سئل صلى الله عليه وسلم: أي آية في القرآن أعظم قال (الله لا إله الا هو الحي القيوم) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ضربت خبائي (ما يعمل من وبر أو صوف) على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر انسان فإذا به قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر”.
أيضا سأل رجل آخر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقرئني سورة جامعة، فأقرأه :”إذا زلزلت الأرض” حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عنها ابدا، ثم ادبر الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفلح الرويجل” مرتين.
وسئل عن أهل الله من هم فقال: “هم أهل القرآن أهل الله وخاصته”. وسأله - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن عمرو بن العاص في كم أقرأ القرآن؟ فقال: “في شهر” فقال: “أطيق أفضل من ذلك”. فقال: “في عشرين”، فقال: أطيق أفضل من ذلك. فقال: “في خمس عشرة” فقال: “أطيق أفضل من ذلك”. قال: “في عشر”. قال: أطيق أفضل من ذلك فقال: “في خمس” قال: أطيق أفضل من ذلك. قال: “لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث”. ذكره أحمد.
ويروى أن رجلين اختلفا في آية كل منهما أخذها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..فسألاه عنها فقال لكل منهما: “هكذا أنزلت” ثم قال: “أنزل القرآن على سبعة أحرف” متفق عليه. ويذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “ياسلمان عليك بقراءة القرآن، فإن قراءته كفارة للذنوب، وسترة من النار، وأمان من العذاب، ويكتب لمن يقرأ بكل آية مائة شهيد، ويعطى بكل سورة ثواب نبي، وتنزل على صاحبه الرحمة، وتستغفر له الملائكة، واشتاقت إليه الجنة، ورضي عنه المولى”.
وعنه صلى الله عليه وسلم قال الامام علي رضي الله عنه: “ليكن كل كلامكم ذكر الله وقراءة القرآن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: “قراءة القرآن وأن تموت ولسانك رطب من ذكر الله تعالى”. وعن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر، القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب، المثقال: أربعة وعشرون قيراطا أصغرها مثل جبل أحد، وأكبرها مابين السماء والأرض”.
وجاء في جامع الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قرأ كل يوم مائة آية في المصحف، بترتيل وخشوع وسكون كتب الله له من الثواب بمقدار مايعمله جميع أهل الأرض،ومن قرأ مائتي آية كتب الله له من الثواب مقدار ما يعمله أهل السماء وأهل الأرض”.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن وحقوقهم، فإن لهم من الله لمكانا”.
وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران” أخرجه البخاري ومسلم.
وعن أحمد بن محمد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى، صلوا في الكنائس والبيع وعطلوا بيوتهم فإن البيت اذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا”.
ويروي عبد الله بن سنان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم”. ومن خلال هذه الأحكام يتبين لنا أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أورد الكثير من التوجيهات في فضل قراءة القرآن الكريم وفهمه وتدبره وتطبيقه وتعلمه وتعليمه، لما في ذلك من أثر عظيم على بناء شخصية الإنسان المسلم من جميع الجوانب العقلية والروحية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية حتى يصل الى الشخصية المؤمنة.