كيف نشكر الله على النعم ؟
هناك عدة وسائل لشكر النعم :
أولا : ينطلق الشاكر من قاعدة الايمان بأن النعم من الله لذلك فان إذعان قلبه بان النعمة من الله عنوان شكره عليها .
قال الامام الصادق عليه السلام :
" من أنعم الله عليه بنعمة ، فعرفها بقلبه فقد أوتي شكرها " (2)ثانيا : ذكر " الحمد للــه " على لسانه ، هكذا روي عمر بن يزيد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال سمعته يقول :
" شكر كل نعمة - و ان عظمت - ان تحمد الله عز و جل " (3)ثالثا : اجتناب المحرمات ، و بالذات تلك التي تقتضيها النعمة مثل الفخر و التجبر أو الاسراف و البخل أو الفساد الجنسي .
هكذا روى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال :
" شكر كل نعمة الورع عما حرم الله " (4)
(1) المصدر / ص 53
(2) المصدر / ص 32
(3) المصدر / ص 43
(4) المصدر / ص 42
رابعا : أداء حقوق النعمة ، و الإلتزام بالحدود التي شرعها الدين لها .
دخل سدير الصيرفي على الامام الصادق (ع) ( و كان ذا غنى حسب الظاهر ) قال له :
" يـــا سدير ! ما كثر مال رجل قط إلا عظمت الحجة لله عليه ، فان قدرتم [ على أن ] تدفعونها [ كذا ] على أنفسكم فافعلوا .
فقال له : يابن رسول الله بماذا ؟
قال :
بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم ، ثم قال : تلقوا النعم - يا سدير - بحسن مجاورتها ، و اشكروا من أنعم عليكم ، و انعموا على من شكركم ، فانكم - اذا كنتم كذلك - استوجبتم من الله الزيادة ، و من اخوانكم المناصحة ، ثم تلا : " لئن شكرتم لأزيدنكم "(1)
خامسا : بالاجتهاد في سبيل الله ، و ابتغاء مرضاته ، ذلك ان النفس الشاكرة تنبعث عفويا نحو الطاعة ، و الاجتهاد في العبادة لا لأداء حق الله الذي عليها ، لأن حق الله اعظم من ان يؤديه شكر العبد ، أوليس العمل - بالتالي - يكون بحول الله و توفيقه مما يقتضيالمزيد من الشكر ، انما حبا لله و شوقا الى لقائه الكريم . تعال معي الى الرسول الأعظم محمد بن عبد الله - صلى الله عليه و آله - لنرى كيف كان يجهد نفسه في العبادة شكرا لله .
يدخل عليه عمر بن الخطاب و النبي محموم ، فقال له عمر : يا رسول الله ! ما أشد(1) المصدر / 48
وعكك او حماك ؟! فقال :
" ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطوال "فقال عمر : يا رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر ، و انت تجتهد هذا الاجتهاد ؟! فقال :
" يا عمر ! افلا أكون عبدا شكورا " (1)
سادسا : القناعة بما يجده المرء ، و الابتعاد عن الحرص و الشره . ان الشكر ليس وليد الرضا بأمر الله فقط ، و انما يساهم - ايضا - في تنمية روح الرضا و القناعة ، و يجعل الانسان يركز أبدا على الجوانب الايجابية للحياة ، و يتمتع بها ، و يستفيد منها ، و ينطلق للحصول على المزيد منها بخطى ثابتة و واقعية و نفس راسخة العزم وهو مطمئن البال .
و القصة الطريفة التالية تعكس طبيعة النظرة الايجابية عند أولياء الله الشاكرين ، فهــذا الصحابي الجليل سلمان ( الفارسي ) يدعو أباذر رحمة الله عليهما ذات يوم الى ضيافة ، فيقدم اليه من جرابه كسرة يابسة و بلها بركوته .
فقال أبوذر : ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح ، فقام سلمان و خرج و رهن ركوته بملح و حمله اليه ، فجعل أبوذر يأكل ذلك الخبز و يذر عليه ذلك الملح ، و يقول : الحمد لله الذي رزقنا هذه القناعة ، فقال سلمان : لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة . (2)(1) المصدر / ص 48
(2) المصدر / ص 46
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي