ظاهرة غريبة يعيشها الشباب المغربي ، وهي ظاهرة مرتبطة بكرة القدم الأسبانية ، حيث نجد ان جل الشباب المغربي منقسم الى قسمين : انصار نادي برشلونة الأسباني " البارصا " وانصار نادي ريال مدريد ، ويشتد الحماس بين الشباب المغربي اي بين انصار " البارصا " وانصار " الريال " عندما تكون هناك مواجهة بين الفريقين ، فاذا بالمقاهي التي تقوم بنقل المقابلة بين الفريقين كما حدث ليلة السبت الأخير تنقسم الى مقاهي خاصة بأنصار البارصا ، وأخرى خاصة بانصار الريال ، بل أكثر من كل هذا يلاحظ ان العديد من الشباب قاموا بارتداء قميص فريقهم المفضل طيلة اليوم الذي ستجري فيه المباراة ، حيث لا حديث بين شباب المغرب الا عن الفريقين الأسبانيين ، وتبادل الملاسنات بين انصار هؤلاء وانصار اولئك ... بنوع من الحماس ، وبنوع من الأنفعال ، والتعصب ...
طبعا ان ما اريد التطرق اليه في هذا الموضوع هو محاولة الأجابة على السؤال التالي : كيف استطاعت الفرق الأسبانية على تكوين قاعدة جد عريضة من انصارها في الشباب المغربي في الوقت الذي اصبحت فيه فرقنا وأنديتنا الوطنية لا تحرك ساكن هؤلاء الشباب ؟ هل يمكن اعتبار ظاهرة البارصا والريال وسط الشباب المغربي ظاهرة صحية ، ام هي ظاهرة استيلاب ، وتمرد على الواقع المأساوي الذي تعرفه الكرة المغربية خصوصا اندية الدرجة الأولى ؟ وباختصار شديد هل ظاهرة البارصا والريال في المغرب ظاهرة صحية ام هي مجرد تعويض عن النقص وتعبير صريح عن الأستيلاب الرياضي ؟
ان الواقع المتردي الذي تعيشه اندية الدرجة الأولى لكرة القدم المغربية ، بل وانحطاط المستوى التقني والفني لهذه الأندية التي اصبحت لا تحرك في الجماهير الرياضية المغربية ، وخصوصا الشباب اي روح تعاطف مع هذا الفريق او ذاك ، هو الذي جعل الشباب المغربي يجد في اسبانيا ما يروي عطشه الكروي ، وما يعبر عن التصور الذي يتمنى ان يرى فيه الأندية المغربية سواء على المستوى الفني او على المستوى التقني والرياضي ، بل حتى روح التنافس بين الفرق صارت جد ضعيفة ، بحيث ان العديد من الفرق لا تلعب الا من أجل البقاء ضمن اندية الدرجة الأولى ، وفرق لاتلعب الا لكي لاتسقط الى الدرجة الثانية ، وفرق تلعب بدون اي هدف ...وانت تشاهد مباراة بين اندية الدرجة الأولى كأنك تشاهد مجموعة من ابناء الدرب يلعبون بدون خطة ولا تقنية ولا حتى روح رياضية ، تشاهد مباراة تفتقد الى النكهة ، وتفتقد الى الحماس ، وتفتقد الى التقنيات ، وتفتقد حتى الى الروح الرياضية احيانا ...طبعا امام هذا الواقع المأساوي لكرتنا لماذا لايجد شبابنا العزاء في اندية الجارة اسبانيا وخصوصا في اشهر وأكبر انديتها " البارصا " و " والريال" وبذلك يجد الشباب المغربي في الناديين الأسبانيين تعويضا عن ذلك النقص السيكو - رياضي الذي يعاني منه في أندية الكرة الوطنية ...طبعا هو استيلاب ما في ذلك شك ، لكنه استيلاب يجد شبابنا نفسه مرغم على الأنسياق معه ريثما تتحسن اوضاعنا الكروية ...
خلاصة القول ان مسألة النهوض بالكرة الوطنية اصبح ضرورة ملحة ، وتتطلب ارادة قوية ، حتى يمكن ان تعود الى ملاعبنا تلك الفرجة التي افتقدناها لعدة سنوات ، والتي كانت خلال السبعينيات والثمانينيات تتسم بالحماس ، ذلك الحماس الذي كان يجعل شبابنا يحب نادي مدينته ، بحيث انه لم يكن يحضر فقط المقابلات التي يجريها فريق مدينته بل كانت الحصص التدريبية للفرق تعرف هي ايضا اقبالا جماهيريا منقطع النظير ...فهل ستعود تلك المرحلة الرياضية ام اننا سنبقى غرباء عن انديتنا الرياضية الوطنية وسنبقى الى الأبد " بارصاويين" و رياليين " رغم انفنا ...بل حتى صار حبنا للبارصا والريال اكثر من حب الأسبان انفسهم لهذين الفريقين وخير مثال اللقطة التي شاهدناها خلال المقابلة الأخيرة حينما اندفع مغربي وسط الميدان مخترقا قوات الأمن ليتوجه الى رونالدينو ويقدم له التحية ...تحية الأعجاب ...والتقدير