4) المفتاح الثاني: التحفيز ...
القوة الدافعة للتميز البشري 2
(الأزمات لا مفر منها، والمهم هو كيفية تعاملك معها عندما تأتي)
بريان تراسي
ما زال بعض المدراء للأسف يعتقدون أن الخوف عاملًا مساعدًا للتحفيز، وأنه يساعد على إنجاز المهام بصورة أسرع مع تحقيق نتائج أفضل، مع أن العكس هو الصحيح، صحيح أن استخدام السلطة والعقاب سوف يؤدي إلى نتائج سريعة، لكن أي نوع من النتائج، في الواقع أن النتيجة الوحيدة سوف تكون الإرتباك، التوتر، مع إحباط الأهداف المرجوة، وإليك أسرع الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى إحباط المرؤوسين، يمكن استخدامها ولكن على مسئوليتك الخاصة:
1. عدم الاستقرار:
قد يسود الشركة عدم الاستقرار، إذا كان رئيس العمل كثيرًا ما يغير الأسلوب الذي يتبعه في الإدارة، أو إذا كانت الشركة لا تلبث أن تتغلب على أزمة حتى تواجه بأخرى، أو إذا كانت الشركة كثيرًا ما تواجه أزمات، أو تغير سياستها باستمرار، فمثل هذه الأمور تسبب الشعور بعدم الاستقرار، وهذا يؤدي بالتالي إلى عدم تحفيز المرؤوسين.
2. ضعف هيكل الأجور:
هل الرواتب التي يتم تحديدها للمرؤوسين، تتوافق مع قيمتهم في سوق العمل؟ متى كانت آخر مرة قامت فيها الإدارة برفع أجورهم؟ لاحظ أن الرواتب الغير مجزية سوف تخلق لدى المرؤوسين حافز البقاء؛ لذلك فإنهم سوف يتركون العمل مع أول فرصة بدون تردد.
3. سوء المعاملة:
هل رئيس العمل يعتاد أن يوجه النقد اللاذع، لمرؤوسيه أمام الآخرين؟ هل ينهرهم بصوت عال أمام الآخرين؟
تذكر أن سوء المعاملة للمرؤوسين أيًا كان نوعه، يُعد واحدًا من الأسباب الرئيسية لخفض مستوى تحفيزهم.
4. الآمال الكاذبة:
هل حدث وقام رئيس العمل بوعد أحد المرؤوسين بترقية، وخلف وعده بعد ذلك؟ أو مثلًا وعده بمكافأة ولم يفعل؟
لذا أمعن التفكير، وسوف تجد أن ذلك يخلق نوعًا من فقد الثقة بين رئيس العمل، والمرؤوسين؛ مما يقلل من تحفيزهم.
5. الروتين:
عليك أن تلاحظ أن الإنسان يحتاج دائمًا إلى التجديد، وإلى تعلم مهارات جديدة، كما أن الروتين يُعد أحد أهم الأسباب، التي تضع الإنسان في منطقة الراحة والتبلد، والتي تؤدي إلى خفض مستوى التحفيز.
6. عدم الحسم:
فعدم الحسم يسبب الارتباك والفوضى، كما أنه يثير نوعًا من فقد الثقة والشك في قدرات رئيس العمل، وهذا يؤثر بالطبع على تحفيز المرؤوسين.
7. عدم المساواة:
فعدم المساواة بين الموظفين تفتح الباب للقيل والقال، وتنشر الشائعات بين الموظفين، وهذا بالطبع يضعف من تحفيزهم.
8. سوء الطبع:
فهناك نوع من الناس، قليلًا ما يرسم الإبتسامة على وجهه، ولا يلقي بالتحية عندما يقابل الآخرين؛ فقد يكون هذا عاملًا هامًا لإضعاف مستوى تحفيز المرؤوسين.
يمكن بالطبع أن تطول هذه القائمة، ولكني وجدت أن تلك هي الأسباب الأكثر شيوعًا وضررًا لأي مؤسسة، ولكن دعني أسألك سؤالًا ـ عزيزي القاريء ـ هل وجدت نفسك ضمن بند أو أكثر من القائمة السابقة؟ إذا لم يحدث فإني أهنئك على هذا، فأنت في طريقك للوصول إلى القمة، أما إذا كنت ضمن القائمة، ابدأ فورًا في إجراء بعض التغييرات، نعم الآن، كلما كان أسرع، كان أفضل.
تحفيز المرؤوسين، لماذا؟
يقول د. إبراهيم الفقي: (في أثناء استضافتي لمدير عام لإحدى شركات المنسوجات، سألته ما هي الطريقة التي تحفز بها مرؤوسيك، فأجاب: أحفزهم بالمال.
فعدت وسألته عن نسبة تغيير الموظفين في شركته، فأجاب 63%، وقد أبدى تعجبه لهذه النسبة المرتفعة!
وهنا أرد عليه، وعلى من يفكر مثله بخمس فوائد لتحفيز الموظفين:
1. إنخفاض معدل دوران الموظفين:
فعندما يجد الموظفين التقدير والتحفيز الكافيين، فإنهم سوف يميلون للإستمرار في عملهم، حتى دون عرض عليهم مرتبات أفضل في مكان آخر، فهل تعرف شخص رفض العمل لدى شركة بمرتب أكبر لأنه شعر أنه مرتبط بعمله الحالي، وسعيد به.
المال عامل محفز، لكنه لا يكفي وحده؛ لأنه ليس هو السبب الذي يستمر من أجله الموظفون في العمل، إذا لم يجدوا التحفيز النفسي اللازم؛ ولذلك يقول دابليو. كيه. كيلوج: (المال لا يصنع شخصية أبدًا، وما كان لهذا أن يحدث، ولن يمكن أبدًا صنع شخصية عظيمة بالمال).
2. إنخفاض نسبة التغيب:
عندما يحب الموظفون عملهم، فإنهم يحرصون على الحضور إلى العمل، حتى في ظروف المرض، فإنني شخصيًا أعرف مديرًا أجريت له عملية في قدمه، لكنه ذهب إلى العمل مباشرة بعد العملية.
قد تعتقد أن ذلك ضربًا من المبالغة، وقد تكون محقًا في ذلك، لكن ما أقصده هو أنه عندما يشعر الموظف أنه يعمل لنفسه، فإنه يكون محفزًا، ويتطلع للذهاب إلى العمل، ويتجنب التأخير، أو التغيب إلا في حالات الطواريء القصوى.
3. سلوك أفضل للموظفين:
فعندما يكون الموظفين محفزين؛ فإنهم يحبون بيئة العمل، فيكون سلوكهم أفضل، وهذا بالتالي ينعكس على أسلوبهم في التعامل مع العملاء، وفيما بينهم أيضًا.
4. تحقيق الأهداف:
يُعد التحفيز قوة دافعة للإنجاز؛ حيث أنه يجعل الموظفين يعملون بحماس لتحقيق أهدافك التي يشعرون وكأنها أهدافهم أيضًا، ومن هنا يُعد التحفيز أحد أهم عوامل تحقيق الأهداف.
5. الطاقة:
يُعد التحفيز أيضًا المولد الرئيسي للطاقة، فعندما يكون الإنسان محفزًا؛ تكون حالته البدنية والنفسية أفضل كثيرًا، من شخص آخر يفتقد التحفيز.
وعندما يكون لدى موظفك هذه الطاقة، يكون أكثر قدة بالطبع على الإنتاج، والمساعدة لتحقيق الأهداف المنشودة.
والآن ... ماذا بعد الكلام؟
عليك أن تنمي قدرات مرؤوسيك؛ لتحصل منهم على نتائج ممتازة وأداء متميز، ولكن قبل أن تضع أي برنامج لتحفيز مرؤوسيك، عليك أن تأخذ في الإعتبار
أشياء هامة:
1. أن يكون مرؤوسيك مستعدين تمامًا 100%، لبذل أقصى جهد ممكن.
2. أن يكونوا بالفعل يعملون، ويحققون نتائجًا، وإنتاجًا.
3. أن تؤمن بهم، يقول دينيس واتلي: (إن أفضل مبدأ في الإدارة، هو أنك تستطيع تحقيق المعجزات، إذا استطعت أن تؤمن بالآخرين، فإذا أردت أن تحصل على أفضل ما يستطيعه الناس، فعليك أن تفكر، وتؤمن بأنهم الأفضل).
لكن كيف يمكنك تحفيز مرؤوسيك؟ كيف تحمسهم وتولد لديهم الطاقة ليعملوا، ويحققوا نتائج مذهلة؟
دعني أقدم لك الآن:
1. الشكر والتقدير:
هل حدث ووجهت الشكر لأحد مرؤوسيك؟ يقول ويليام جيمس: (إن أعمق أسس الطبيعة البشرية هو الرغبة والتطلع للشعور بالتقدير)، فتقدير موظفيك هو أقوى وسيلة يمكنك استخدامها لتحفيزهم؛ لأنها تنمي من شعورهم بقيمة النفس، وتقدير الذات، وتشعرهم بالثقة، والتقدير يجب أن يكون وفقًا لقواعد محددة؛ لكي يكون فعالًا،
وإليك هذه القواعد:
1. قم به علانية أمام زملاء المرؤوس الذي ترغب في شكره.
2. افعل ذلك بعد الإنتهاء من المهمة مباشرة.
3. احرص أن تكون صادقًا ومحددًا، فلا تقول مثلًا: أشكرك على مساعدتك، فالأفضل أن تقول أنني أقدر أنك أرهقت نفسك، وأخذت تعمل في ساعة متأخرة أمس، حتى تنجز التقرير في الموعد المحدد.
4. الأهم من ذلك كله، ألا تنسى أن تفعل ذلك دائمًا، أي أن تعتاد تقدير الموظفين بهذا الشكل.
2. صنع القرار:
إن إشراك مرؤوسيك في عملية صنع القرار، يُعد من أحد أهم عوامل التحفيز، ولا أعني هنا أن تشركهم في كل ما تتخذه من قرارات؛ لأنك سوف تحتاج لأن تكون سيد قرارك في بعض الأحيان، لكن هناك أشياء يمكنك أن تشرك فيها مرؤوسيك، مثل إتخاذ قرارات تتعلق بالتدريب، تعيين موظفين جدد، خدمة العملاء، وأشياء من هذا القبيل.
وعليك أيضًا أن تمنحهم الحرية لصنع القرارات الخاصة بهم، وحل مشاكلهم بأنفسهم، دون اللجوء إليك في كل الأحوال، دعهم يقررون بأنفسهم كيف يمكنهم تحسين الأداء، أسلوب الإتصال والتعامل، وجدولة الأعمال، وغير ذلك؛ لأن ذلك سيزيد من ثقتهم بأنفسهم، وشعورهم بالإنتماء، كما أنه سيدفعهم للتقدم، والمشاركة في تحمل الأعباء، والمسئوليات، والسعي نحو تحقيق الهدف المنشود.
3. التفويض:
(تفويض المهام للآخرين بصورة فعّالة ربما يُعد من أكثر الأعمال قوة ونفوذًا)
ستيفين كوفي
فالتفويض له فوائد عديدة؛ فهو يتيح لك وقتًا أكبر لتركز على الأمور الأكثر أهمية، كما أنه يساعدك لتنمية مهارات مرؤوسيك وقدرتهم؛ تمهيدًا لترقيتهم في المستقبل.
والأهم من ذلك أن التفويض يحفز مرؤوسيك، ويزيد من تقديرهم لأنفسهم وشعورهم بقيمة ذاتهم، لذا اجعل التفويض في قائمة أولوياتك.
4. تحديد الأهداف:
فتحديد أهداف مؤسستك مع مرؤوسيك له فوائد عديدة؛ فإنك بذلك لن تخلق لديهم الحافز فحسب، بل سوف تساعدهم ليكون لديهم تصور عن طبيعة وكيفية المساهمة؛ لتحقيق أهداف شركتك.
ولقد أوضحت الأبحاث أن الموظفين الذين يعملون في ضوء هدف ما، يكونون أكثر فاعلية وتحفيزًا عن غيرهم؛ لذلك فإذا كنت تريد بالفعل أن تكون مديرًا فعالًا، وأن تدفع مرؤوسيك، وتحفزهم لتحقيق هدفك المنشود، فعليك أن تتعلم كيف تشركهم معك في تحديد ورسم أهداف الشركة.
5. ابدأ بنفسك:
لا شك أن تحفيزك لمرؤوسيك سوف ينعكس عليك، ولكن عليك أن تتعلم كيف يمكنك تحفيز نفسك، حتى تكون قادرًا على مواجهة التحديات، التي تقابلك بثقة متناهية وتحكم كامل، فإليك خمس طرق يمكنك من خلالها تحفيز نفسك:
1. تحديد الأهداف.
2. تنمية الذات.
3. إهتمامات خاصة (ممارسة هوايتك المفضلة).
4. دفتر الإنجازات اليومية (لتسجيل إنجازاتك اليومية).
بالإضافة إلى تجنب أسرع الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى إحباط المرؤوسين التي ذكرناها سابقًا.
وأخيرًا:
تذكر ما قاله جورج دابليو. كران: (كلمات وعبارات التقدير، هي القوة الأكثر فعالية لاستخراج الخير على وجه الأرض)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ الجزء الخامس، من مفاتيح التميز.
أهم المراجع:
1. أسرار قادة التميز، إبراهيم الفقي.
2. الانتصار مع فرق العمل، كاترين كاريفلاس.
3. القيادة الفعالة، بريان تراسي.
4. سحر التحفيز، كاترين كاريفلاس.
5. العادات السبع لأكثر الناس فعالية، ستيفن كوفي.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي