خصائص الأهداف الذكية ( SMART GOOLS )
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الله أبدأ وبه أستعين..................
يتصور البعض حين يضع نصب عينيه نتيجة مستقبلية يروم الوصول إليها- أيًّا كانت تلك النتيجة- فإنها تعتبر هدفًا سيسعى بذاته للوصول إليه، ولكن لو بحثنا وقمشنا وتمعنا قليلاً في حقيقة هذا الهدف، نجد أنه لا يمكن أن تتوصل النفسية البشرية إلى دافع موجه محدد ومتكامل يوصلها إلى ذاك الهدف. فعندما تقول على سبيل المثال أن هدفي في هذه الحياة أن أتخرج من الجامعة، فإن تفكيرك ونفسيتك تبقى مشتتة وغير موجهة بالفعل إلى هذا الهدف. ذلك أن هذا الهدف الذي اخترته لا تقع عليه شروط الهدف التي وضعها بعض الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، والتي لم يضعوها إلا عن خبرة ودراية بحقيقة الهدف وأثر نوعه وشكله وفكرته على مدى استيعاب النفس والعقل والعاطفة والتي ينتج عنها السلوك السليم الذي يوصل بإذن الله إلى الهدف بصورة تلقائية أو تحفيزية ذاتية.
وقد أجريت في الخمسينات من القرن الماضي دراسة في جامعة هارفارد على عينة من مئة طالب ، حيث تم سؤال كل واحد منهم عما يود أن يكون بعد عشر سنوات، وكان جواب جميعهم أن يكونوا أغنياء وناجحين ومؤثرين في عالم المال والأعمال؛ سوى عشرة طلاب فقط وضعوا أهدافًا واضحة ومحددة وفصلوها كتابة، وبعد مضي عشر سنوات تم متابعة الحال الذي آلوا إليه، فوجدوا أن 91% من إجمالي الثروة التي ملكوها جميعًا تعود لأولئك العشرة!! وبهذا تتضح مدى أهمية وضع الأهداف بالطريقة الصحيحة ومدى أثرها في نسبة تحقيقها. فهل أهدافك التي وضعتها ... فعالة ومثالية ؟ وكيف نجعلها حقًّا كذلك حتى نجد في أنفسنا الحافز الأكبر وفي سلوكنا المجهود الأكثر في سبيل تحقيقها؟
قبل أن نستعرض خصائص الأهداف المثالية، ينبغي أن نضع في الحسبان أنه ليست كل فكرة أو نية لفعل مستقبلي تعتبر هدفًا حقيقيًّا، ولا تتحصل الاستفادة الحقة إلا بالخصائص والسمات التي تجعل من الهدف هدفًا حقيقيًّا. وخصائص الأهداف الذكية ( SMART gools ) هي على النحو التالي :
أن يكون الهدف دقيقاً ومحدداً - S - Specific
أن يكون قابلاً للقياس - M - Measurable
أن يكون قابلاً للإنجاز - A - Achievable
أن يكون واقعي - R - Realistic
أن يكون له بعد زمني - T - Time
ولمزيد من التوضيح يمكن التفصيل كالآتي:
1- الدقة والتحديد: وضوح الهدف وعدم كونه مبهمًا أو ضبابيًّا يعد من السمات المهمة للأهداف. كما أنه لا يكفي أن يكون الهدف واضحًا فحسب، بل لابد من تحديده ووصفه. ولتوضيح ذلك، أنظر الأمثلة التالية:
أهداف محددة وواضحة: - أريد أن أصبح مهندسًا متخصصًا في هندسة البترول خلال 4 سنوات والعمل في شركة أرامكو السعودية للإسهام في تطوير إنتاج المملكة لحقولها البترولية الضخمة. - أريد أن أحصل على شهادة في الحاسب الآلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن من أجل إدارة وتطوير أعمال شركة والدي الخاصة. أهداف عامة: - أريد أن أكون مهندس بترول لأحصل على وظيفة. - أريد أن أحصل على شهادة جامعية.
2- القابلية للقياس: المقصود من كون الأهداف مقاسة ومحسوبة هو القدرة على قياسها بشكل عملي وإمكانية حساب وتقييم مدى الإنجاز فيها، فعلى سبيل المثال
هذه بعض الأمثلة للأهداف المقاسة ونظيراتها من غير المقاسة:
أهداف مقاسة: - يجب أن أحضر جميع حصص مقرر الرياضيات طوال هذا الفصل الدراسي كي أحصل على تقدير امتياز فيها. - يجب أن أذاكر ساعتين كل خميس للإعداد لاختبار مستوى اللغة الإنجليزية (التوفل) كي أحصل على 550 نقطة لأتمكن من الالتحاق ببرنامج الدراسات العليا.
أهداف غير مقاسة: - علي أن أحضر معظم الحصص في مقرر الرياضيات كي أنجح فيه. - أريد أن أرفع من قدرتي في اللغة الإنجليزية بشكل كبير.
3- القابلية للإنجاز: عندما نعين الأهداف الأكثر أهمية لنا، نبدأ بتحديد طرق جعلها تتشكل بطريقة صحيحة، فنقوم بتحسين مواقفنا وقدراتنا ومهاراتنا وإمكانياتنا المادية لتبلغ منزلة تلكم الأهداف، ونبدأ برؤية الفرص التي كانت قد فحصت مسبقًا لتقربك أكثر من تحقيق أهدافك. تستتطيع تنفيذ معظم الأهداف التي تضعها أيًّا كانت إذا قمت بالتخطيط الحكيم للخطوات وتأسيس إطار زمني يسمح بتنفيذ هذه الخطوات.
4- الواقعية: يجب أن تكون متأكدًا من أن الأهداف ملائمة وواقعية حتى يمكنك بلوغ ما تصبو إليه، وإذا لم تستطع تحقيق ذلك فقد تصاب بشيء من فقدان الحماس، وعندئذٍ قد تضطر للتخلي عنها. مثال ذلك:
ليس من المعقول أن تحقق هدفك لتصبح مهندسًا متميزًا وأنت ضعيف في مادة الرياضيات أو لا تحبها، أو تقرر أن تكون طبيبًا وأنت تكره رؤية الدم. لذلك من الضروري أن تبحث عن مكامن القوة لديك وتوظفها في مكانها الصحيح لتحقيق الأهداف الواقعية.
5- الارتباط ببعد زمني: لا يكفي أن يكون الهدف واضحًا ومحددًا فحسب، بل لا بد من تحديده بزمن مناسب حتى نتمكن من إنجازه وتنفيذه. فإذا لم يوضع للهدف فترة زمنية محددة لتنفيذه فسيبقى أملاً ورغبة وليس هدفًا له سمة الفاعلية والتطبيق. لاحظ الفرق بين كل هدف ونظيره في الأمثلة التالية وستجد أن الأهداف المنضبطة بزمن محدد من الممكن تحقيقها ووضع آلية دقيقة لذلك، أما الأهداف المفتوحة في مدة تحقيقها فمن الواضح أنه يمكن أن يطول بها الأمل دون أن تجد طريقها للتنفيذ.
أهداف مرتبطة بزمن: - سوف أدخر أربعمائة ريالاً خلال خمسة الشهور القادمة حتى نهاية شهر ذي الحجة لشراء جهاز حاسب آلي بألفي ريال. - يجب أن أحقق معدلاً تراكميًّا لا يقل عن 3 من 4 في هذا الفصل. أهداف غير مرتبطة بزمن: - سوف أسعى لادخار مبلغ ألفي ريال لشراء جهاز حاسب آلي. - يجب أن أحقق معدلاً تراكميًّا مرتفعًا بأسرع وقت ممكن. ويجدر التنبيه أنه من المهم إعادة النظر مرة أخرى في المدة الزمنية التي حددتها للهدف إذا ظهر لك أنك لن تتمكن من تحقيقه فيها وللوصول إلى الزمن المناسب والواقعي لإنجاز المهمة المطلوبة. ولكن يجب أن تكون قبل ذلك قد وضعت برنامجًا واضحًا ودقيقًا لتحقيق الهدف حتى لا تتعود على تمديد المدة الزمنية للأهداف والتأجيل فيها كلما رغبت في ذلك.
وهناك سمة أخرى إضافية للأهداف يجدر بنا ذكرها ههنا وهي: أن تكون موسومة بالتحدي: إن الأهداف التي تثير الاهتمام والتحدي مهمة لنجاحك. ولذا فإنها تثير الاستعداد النفسي والبدني لتوفر أعلى مستويات الطاقة لتحقيق أهدافك التي تصبو إليها. أما الأهداف ذات المستوى المتدني من التحدي والتي لا تحتوي على قدرٍ كافي من العزيمة فمآلها إلى عدم التنفيذ وتشجع على دنو الهمة وربما الإحباط. تذكر أنك ستحتاج إلى تغيير الأهداف وتوجيهها نحو المطلوب إذا كانت غير مثيرة للاهتمام والتحدي. هدف موسوم بالتحدي: يجب أن أواظب على ممارسة رياضة الجري لمدة نصف ساعة ثلاث مرات في الأسبوع لكي ينقص وزني 5 كغم؛ حسب نصيحة الطبيب. هدف غير موسوم بالتحدي: ربما نتسائل بعدما علمنا خصائص الأهداف المثالية.
كيف لي أن أضع أهدافي؟ وعلى أي أساس؟ وكيف أصيغها بحيث تلائم الظروف والواقع؟
لعل هناك خمس نقاط ينبغي اتباعها لصياغة الأهداف المثالية:
1- الإجابة على أسئلة مهمة تتعلق بأهدافك الحقيقية من هذه الحياة، ومدى رضاك عن الأثر الذي ستتركه فيها، ومدى سعادتك الفعلية التي تود أن تعيش بها.
2- تشخيص واقعك الحالي بتحديد ما أهم الأنجازات التي حققتها إلى الآن لتستزيد منها لاحقاً، وما أهم الإخفاقات التي خيبت آمالك لتتفاداها وتتجنب الوقوع فيها مستقبلاً.
3- حدد القيم والمبادئ الشخصية التي تعيش وفقها والتي التزمت بها لنفسك أو تعلمتها من القدوات التي تتمثل بها.
4- قم بصياغة رسالتك في الحياة وغايتك منها بحيث تكون مبنية على التحليل الواقعي لشخصك وتمثل أقصى ما تسعى أن تحققه في حياتك.
5- اكتب أهدافك في الحياة من منظور رسالتك بحيث تشمل جوانب الحياة المتعددة والأدوار التي تقوم بها مثل العبادة، والأسرة، والدراسة، والعمل، والعلاقات، والمجتمع، وكذلك وضعك الصحي والمالي، وغيرها. كما يجب أن تتوازن في هذه الجوانب بما لا يطغى أحدهما على الآخر ولا يقلل من أهمية كل واحد منها.
وتذكر أنه بإمكانك إتاحة الفرصة لتفكيرك، وإطلاق العنان لمخيلتك، والتفكير في أكبر قدر من الأهداف، لا تضع حداً لخيالك، حدد أهدافاً تبدو مستحيلة ولكنك تريدها، وفكر في كل الاحتمالات لأنك ستقوم بترتيبها بعد ذلك حسب الأهمية والأولوية.
وسنذكر فيما يلي بعض الوسائل التي تساعدك في وضع أهدافك المرحلية التي يمكن تنفيذها في فترة زمنية طويلة نسبياً مثل الفصل أو العام الدراسي أو خلال سنة أو سنتين:
1- استخلص الأهداف التي يمكن أن تقوم بها بشكل مرحلي لتحقيق الأهداف الأساسية الكبرى التي كتبتها لمستقبلك في الحياة.
2 - اجعل أهدافك واضحة ومحددة، ولا تجعلها غامضة، وكن عملياً وواقعياً في تحديدها بحيث تمثل حالتك الراهنة وإمكاناتك الحقيقية. وتذكر السمات الأخرى للأهداف الفعالة التي وضحناها في الفقرة السابقة.
3 - رتب أهدافك حسب الأولوية والأهمية.
4- قم بتحديد الآليات التنفيذية التي ينبغي أن تقوم بها في اليوم والأسبوع لتحقيق تلك الأهداف والأولويات. و تعد هذه الآليات، مع ضرورة كتابتها والالتزام بها واشتراكها في سمات الأهداف التي تطرقنا لها، بمثابة مهمات وأنشطة تنفيذية لأهداف كبرى تم تحويلها إلى أهداف مرحلية وجزئية.
5 - كن إيجابياً ولا تشعر بالقلق إذا لم تحقق في الفترة التي حددتها بعض الأهداف التي خططت لها، ثم حاول إدخال بعض التغييرات (بما يتعلق بالكمية أو المدة)، فالمهم أن تكون قد أنجزت الأولويات.
ساعد في نشر وإرتقاء موقع تامين كوم عبر مشاركة رأيك في المواقع الاجتماعية
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي