freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19334 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: لتحميل كتاب "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" الثلاثاء يناير 15, 2013 11:14 am | |
| في اليوم التالي غادر هيم و هاو منزليهما عائدين إلى محطة الجبن " ج " مرة أخرى ، حيث كانا لا يزالان يتوقعان أن يعثرا على قطعتهما من الجبن . لميتغير الموقف ، ولم يعد هناك وجود للجبن ، ولم يعرف القزمان كيف يتصرفان حيال ماحدث ووقفا متجمدي الحركة مثل تمثالين صامتين . أغمض هاو عينيه بقدر المستطاعووضع يديه على أذنيه . وتمنى لو توقف الزمن ؛ فلم يكن يرغب في معرفة أن مورد الجبنيتضاءل تدريجياً . لقد كان مؤمناً بأنها تحكت فجأة . قام هيم يتحليل الموقفمرات و مرات ، و أخيراً سيطر عقله المعقد المكتظ بالأفكار الضخمة على ما حدث ،وتساءل : " لماذا قاموا بذلك تجاهي ؟ ، ما الذي يحدث حقاً هنا ؟ " . وفيالنهاية فتح هاو عينيه ، ونظر حوله قائلاً : " بمناسبة ما حدث أين سنيف و سكورى ؟هل تعتقد أنهما يعرفان شيئاً غير ما نعرف ؟ " . قال هيم : " ما هو الشيء الذيقد يعرفانه ؟ " . واستطرد هيم قائلاً : " ما هما إلا مجرد فأرين صغيرين ، ولايقومان بشيء سوى الاستجابة لما يحدث حولهما ، أما نحن فبشر ونتميز عنهما . يجب أنتكون لدينا القدرة على تفسير ما حدث ، وعلاوة على ذلك ، نستحق نصيباً أفضل . ماكان ينبغي أن يحدث ذلك لنا ، وحتى إذا حدث ، فيجب على اللأقل أن ننعم بشيء من الربحو المكسب " . و طرح هذا التساؤل : " لمَ لم يتعين أن نجني ربحاً ؟ " . أجابهيم : " لأننا ملتزمان " . و أراد هاو أن يعرف " ملتزمان تجاه أي شيء ؟ " " إننا ملتزمان تجاه تجاه جنبنا " تساءل هاو : " لمَ ؟ " . قال هيم : " لأننالم نتسبب في هذهخ المشكلة ، بل تسبب فيها شخص آخر ، و يتعين القيام بأي شيء للخروجمن هذا الموقف " و اقترح هاو : " ربما يتعين علينا أن نكف عن تحليل الموقفبصورة مبالغ فيها ، دعنا ندخل المتاهة ولنبحث عن جبن جديد " قال هيم : " ياإلهي بل سوف أتطرق إلى أعماق هذا الأمر " وبينما كان يحاول كل من هيم و هاواتخاذ قرار بشأن تصرفهما حيال ما حدث ، كان سنيف و سكورى قد تغلبا بالفعل على ماحدث و مضيا في طريقهما ، ودخلا المتاهة مارين بجميع ممراتها من أعلى غلى أسفلباحثين عن الجبن في كل محطة جبن يمكن أن يجداها . و لم يفكرا في أي شيء سوىالحصول على قطعة جبن جديدة . لم يجدا أي شيء لبعض الوقت حتى ذهبا أخيراً إلىأحد الأماكن بالمتاهة حيث لم يذهبا إليه أبداً : هذا هو محطة الجبن " ن " . وصرخا مبتهجين ، لقد وجدا ما كانا يبحثان عنه ، مورد كبير للجبن الجديد . لم يصدقا ناظريهما ، لقد كان أكبر مخزن للجبن يمكن لهما كفأرين رؤيته . وفي ذات الوقت ، كان هيم و هاو لا يزالان في محطة الجبن " ج " يقيمان الموقف و كانايعانيان من آثار غياب الجبن ، وأصيبا بالإحباط و الغضب ، و بدأ في تبادل عباراتاللوم على ماحدث . و من لحظة لأخرى كان هاو يفكر في صديقيه الفأرين سنيف وسكورى وستساءل عما إذا كانا قد توصلا إلى أي جبن ، و اعتقد بأنهما يمران بوقت عصيب، و انهما يعانيان من بعض التشكك و عدم اليقين في تخبطهما داخل المتاهة . ولكنه عرفكذلك أنه كان من الرجح أن يستمر هذا الحال معهما للحظات قليلة . و كان هاويتخيل في بعض الأحيان أن سنيف و سكورى قد وجدا جبناً جديداً و أنهما يستمتعان به ،وفكر في مدى روعة دخوله في نوع من المغامرة داخل المتاهة بغية العثور على جبن جديدطازج طازج ، بل كاد يصل في تخيله إلى حد شعورره بطعم هذا الجبن الطازج . و كلماكان هاو يرى هذه الصورة في مخيلته ( أي أنه وجد جبناً جديداً و أنه يستمتع به ) أكثر وضوحاً ، كان يزيد تخيله لنفسه وهو يغادر محطة الجبن " ج " و فجأة صاحقائلاً: " فلنذهب بعيداً عن هنا " . أجاب هيم سريعاً : "كلاَّ، إنني أحب هذاالمكان وأشعر فيه بالراحة، وهذا هو ما أعرفه بالإضافة إلى أن المحيط الخارجي محفوظبالمخاطر " . رد هاو قائلاً "كلاَّ الأمر ليس كذلك، لقد جرينا من قبل في أماكنعدة داخل المتاهة ويمكننا القيام بذلك مرة أخرى " قال هيم: لقد أصبحت عجوزاًجداً للدرجة التي لا أقوى فيها على فعل ذلك، وأخشى ألا أكون راغباً في أن أظلالطريق، وتظهر سذاجتى، أترغب أنت في ذلك ؟" عند هذه المرحلة، عاد شعور الخوف منالفشل ليسيطر على هاو، وتلاشى أمله في العثور على جبن جديد . لذا استمرالقزمان في عمل نفس الشيء كل يوم؛ يذهبان إلى محطة الجبن "ج"، دون العثور على شيء،ثم يعودان إلى منزليهما محملين بالمخاوف والقلق والإحباط . حاولا إنكار ما يحدثلهما ولمنهما عانيا من صعوبة في الحصول على قسط وافر من النوم . وضاعت قوتهما فياليوم التالي ، و أصبحا سريعي الغضب . لم يعد منزلهما المكان الدافيء كما كانذات مرة ، وعانيا من صعوبة في النوم ورؤية الكوابيس ليلاً والتي تتعلق بعدم عثورهماعلى أي جبن . إلا أن هيم وهاو ظلا يعاودان نفس الشيء بالذهاب إلى محطة الجبن " ج " والانتظار هناك كل يوم . قال هيم : " إنك تعرف أنه إذا ما عملنا بجد أكثرمما نحن عليه ، ستجد أنه لا شيء قد تغير بالفعل فربما تكون قطعة الجبن قريبة من هنا، وربما يكونون قد أخفوها وحسب خلف الجدار " . وفي اليوم التالي ، عاد هيم وهاو حاملين أدواتهما . أمسك هيم بالإزميل ( المنحت ) بينما استمر هاو في الطرقباستخدام المطرقة ، حتى أحدثا ثقباً في جدار محطة الجبن " ج " واسترقا البصر ولكندون جدوى ، فليس هناك جبن . و أصيبا بخيبة أمل ، ولكنهما أصبحا مؤمنين بقدرتهماعلى حل المشكلة ؛ لذا أصبحا يبدآن عملهما في وقت مبكرو يستمران لوقت أطول و يعملانبجد أكثر . و لكن بعد مرور بعض الوقت ، كل ما توصلا إليه هو إحداث ثقب كبير فيالجدار . أخذ هاو في إدراك الفارق بين النشاط و الإنتاجية . قال هيم : " ربما يتعين علينا مجرد الجلوس هنا و انتظار ما قد يحدث . إن عاجلاً أم آجلاً يتعينعليهم ان يعيدوا الجبن " . أراد هاو أن يؤمن بذلك ، لذا كان يعود غلى المنزل كليوم ليحصل على قسط من الراحة ثم يعود على مضض مع هيم إلى محطة الجبن " ج " ولكنالجبن لم يظهر أبداً . و بمرور الوقت أصبح القزمان ضعيفين نتيجة الشعور بالجوعوالضغط ، وسيطر التعب و الإرهاق على هاو من مجرد الانتظار حتى يتحسن وضعهما ، و بدافي رؤية حقيقة أنه كلما استمرا طويلاً دون الجبن ، لأصبح وضعهما أكثر سوءاً . وكان هاو يعرف أنهما قد فقدا كل أمل . و أخيراً ، بدأ هاو ذات يوم في السخرية مننفسه قائلاً : " هاو انظر إليَ ، فإنني أقوم بنفس الشيء كل يوم مرات و مرات و أتعجبمن سبب بقاء الحال على ما هو عليه دون تحسن ، إن لم يكن الأمر يدعو للسخرية فقديكون مدعاة للمرح " . لم يكن هاو يرحب بفكرة الجري خلال المتاهة مرة أخرى ؛لأنه يعرف أنهما سيضلان الطريق وليس لديهما أية فكرة عن مكان وجود الجبن . ولكن كانيتعين عليه الضحك على غبائه عندما أدرك سبب خوفه من القيام بذلك . و سأله هيم : " أين وضعنا رداء العدو و أحذية الجري " . و أمضيا وقتاً طويلاً حتى وجدا هذهالأشياء ، لأنهما أهملا كل كل شيء طرحاه جانباً عندما عثرا على الجبن في محطة الجبن " ج " ، معتقدين أنهما لن يكونا بحاجة إلى الحذاء والرداء مرة أخرى . و عندمارأى هيم صديقه يرتدي رداء العدو ، قال : " إنك لن تعاود التخبط داخل المتاهة حقاً ،ألبس كذلك ؟ لم لا تنتظر هنا حتى يعاودا وضع الجبن ؟ " قال هاو : " لأنك لاتستوعب الموقف ، أنا لم أكن أرغب في رؤيتها أيضاً ، لكنني الآن أدرك أنهم لن يضعواالجبن القديم مرة ثانية ، لقد كان هذا جبن البارحة ، لقد حان الوقت للبحث عن جبنجديد " . لكن هيم تساءل : " لكن ماذا لو لم يكن هناك جبن بالخارج ؟ أو حتى إذاكان هناك ، ماذا لو لم نجده؟" قال هاو : " لست أدري " ، وتساءل هاو محاولاًالإجابة على تلك الأسئلة مراراً و تكراراً ، ثم بدأ يشعر بالخوف الذي أقعده عنالحركة من قبل يتسلل إلى نفسه من جديد . ثم فكر هاو في العثور على جبن جديد وما يصاحبه من أحداث طيبة ، فاستجمع رباطة جأشه . قال هاو : " في بعض الحيانتتغير الأشياء و لا تعود لطبيعتها أبداً و يبدو أننا نمر بشيء مشابه . هذه هيالحياة يا هيم ! فالحياة تسير ، ولابد أن نسير نحن أيضاً " . ونظر هاو إلىرفيقه الحزين و حاول غقناعه ، لكن خوف هيم تحول إلى غضب عارم منعه من الإنصات لهاو . ولم يقصد أن يكون وقحاً مع صديقه ، لكنه لم يمنع نفسه من السخرية علىحماقتهما . و بينما استعد هاو للرحيل ، بدأ يشعر بالنشاط فقد علم أنه طالما سخرمن نفسه ، فسوف يعاود المسير دون أن ينظر وراء ظهره . وصاح هاو معلناً : " لقدحان وقت المتاهة ! " لكن هيم لم يضحك ولم يستجب لهاو . و التقط هاو قطعةحجر صغيرة حادة ونحت بها على الجدار فكرة عظيمة لهيم كي يتأملها ، وكما اعتاد هاو ،فقد رسم صورة لقطعة جبن حول العبارة ، وتمنى أن يساعد هيم على أن يبتسم ، و ان يخففمن همومه ، و ان يبدأ البحث عن الجبن الجديد ، لكن هيم لم يفعل شيئاً من ذلك . و كتب هاو في عبارته قائلاً :
إذا لم تتغير ؛ فمن الممكن أن تفنى .
وبعد ذلك اشرأب هاو بعنقه وحدق بنظره في المتاهة ، وفكر في كيفية أنه أدخلنفسه في هذه المحطة الخالية من الجبن . لقد ظن أنه لايوجد أي جبن في المتاهة أوربما لن يجده ، وهذه الظنون المخيفة كانت تشل حركته . و ابتسم هاو ؛ فهو يعرفأن ( هيم ) كان يتساءل في نفسه : " من الذي حرك قطعتي من الجبن ؟ " وتساءل ( هاو ) : " ولماذا لا أنهض و أتحرك مع قطعة الجن حالاً ؟ . و عندما بدأ في السير داخلالمتاهة نظر ( هاو ) للخلف حيث المكان الذي جاء منه فشعر بالرغبة في العودة إليه ،وشعر وكأن شيئاً يدفعه إلى مكانه المألوف ، على الرغم من أنه لم يجد أي جبن لبعضالوقت . أصبح ( هاو ) أكثر قلقاً ، وتساءل عما إذا كان يريد أن يدخل المتاهة . وكتب مقولة على الحائط في مستوى رؤيته، وحدق فيها أمامه، ودقق النظر فيها لبعضالوقت:
ماذا تفعل إذا لم تكن خائفاً ؟؟
و أخذ يفكر في هذه العبارة . إنه يعرف أن قليلاً من الخوف قد يكون مفيداً أحياناً ، و عندما تكون خائفاًفإن الأشياء تتحول للأسوأ إذا لم تفعل شيئاً ، لذا فهو يحثك على التصرف ، ولكنهيكون ضاراص عندما تكون في حالة شديدة من الخوف ، إذ غن هذا يقيدك عن فعل أي شيء . ونظر عن يمينه إلى الجزء الذي لم يمر به في المتاهة وشعر بالخوف . وبعد ذلكأخذ نفساً عميقاً ، واتجه نحو اليمين داخل المتاهة واندفع ببطء إلى المجهول . وبينما كان يحاول أن يجد طريقه ، شعر هاو في البداية بالقلق لأنه ربما انتظروقتاً طويلاً في محطة الجبن " ج " ــ ولم يتناول أي نوع من الجبن لمدة طويلة مماجعله يشعر بالضعف ، وقد ظل على هذا فترة طويلة مما زاد آلام هذه الرحلة الشاقة داخلالمتاهة ، وقرر بأنه إذا سنحت له الفرصة مرة ثانية سوف يتكيف مع التغيير ، وهذايجعل التعامل مع الأمور أكثر سهولة . وعندئذ ابتسم هاو ابتسامة خفيفة ، وفكر فيأنه " في التأني السلامة " وفي أثناء الأيام التالية : وجد بعضاً من الجبن القليلهنا وهناك ولكنه لم يستمر في ذلك طويلاً ، وتمنى أن يجد جبناً كافياً ليعود ببعضمنه إلى هيم لكي يشجعه على الدخول في المتاهة . ولكن لم يشعر هاو بالثقةالالكافية حتى الآن ، وكان عليه أن يعترف بأنه وجد ذلك مربكاً ومرهقاً في المتاهة ؛حيث بدت الشياء كلها أمامه وقد تغيرت منذ الفترة الأخيرة التي كان فيها خارجالمتاهة . وعندما كان يعتقد أنه يتقدم في طريقه كان يجد نفسه تائهاً فيالدهاليز ، وبدا تقدمه وكأنه يسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف ، وكان هذا تحدياًولكن كان عليه أن يعترف بأن الرجوع للخلف في المتاهة والمطاردة من أجل الجبن لم يكنتقريباً بنفس الدرجة من السوء التي كان يخشاها . ومع مرور الوقت بدأ و شعربالدهشة والتساؤل عما إذا كان واقعياً أن يجد قطعة الجبن الجديدة ، وتساءل " هاو " عمّا إذا كان يبالغ في تطلعاته ، وابتسم بعد ذلك ، و أدرك أنه ليس لديه ما يسوغحلمه في هذا الوقت . وحين شعر بالإحباط يتسرب إلى نفسه ذكّر نفسه بأن ما كانيعتقد أنه غير مريح ، هو في الواقع أفضل من البقاء في مكان ليس به جبن . فكانيسعى للتحكم في تصرفاته أكثر من السماح لحدوث أي شيء ، وبعد ذلك ذكّر نفسه بأنه إذاكان سنيف و سكورى قد استطاعا التحرك والاستمرار في سعيهما ؛ فمن الممكن له أن يفعلذلك . وعندما أعاد هاو التفكير في الأمور أدرك أن قطعة الجبن التي وجدها فيالمحطة " ج " لم تختف بين العشية وضحاها كما اعتقد من قبل . إن حجم الجبن كان يصغرشيئاً فشيئاً ، وما تيقى منه أصبح قديماً ولم يعد لها مذاق جديد . بل ربما بدأتطبقة من العفن تظهر عليه ، على الرغم من أنه لم يلاحظ ذلك ، ولذلك كان عليه أنيعترف أنه لو أراد ذلك ربما أمكنه فهم ما يحدث ولكنه لم يرد . و أدرك هاو الآنأن التغيير ربما لم يكن ليمثل له مفاجأة لو كان قد شاهد ما كان يحدث طوال الوقتوتوقع هذا التغيير ، وربما كان هذا ما قام به كل من سنيف و سكورى . وتوقف لأخذقسط من الراحة ، وكتب على حائط المتاهة :
اشتم رائحة قطعة الجبن من حينلآخر حتى تعرف متى يصيبها العطب .
و بعد مرور فترة بدت طويلة لم يعثر فيهاعلى قطعة الجبن ، وجد هاو نفسه أخيراً أمام محطة جبن بدت مبشرة بالخير ، وحين دلفإلى داخلها، أصيبة بخيبة أمل كبير؛ حيث أنها كانت خاوية . وحدَّث هاو نفسهقائلاً: "لقد راودنى هذا الشعور بالخواء كثير من قبل". وشعر باليأس قد أطبق عليه. وبدأ هاو يفقد طاقته الجسية، وكان على يقين أنه قد ضل الطريق وأنه هالك لا محالة،وفكّر في أن ينعطف ويعود أدراجه إلى محطة الجبن ج. فلو وصل هناك، ولا يزال هيمموجوداً، فلن يكون وحيداً على الأقل، ثم سأل نفسه مجدداً: "ماذا كنت أفعل لو لم أكنخائفاً؟". لقد كان يخشى أكثر من أي شيء آخر أن يعترف حتى لنفسه بذلك . فلم يكندائماً على يقين من الشيء الذي يسبب له شعوراً بالخوف، لكنه الآن ، وفي حالتهالهزيلة تلك، أدرك أنه خائفاً؛ لانه لا يريد أن يستمر وحيداً، ولم يعرف هاو بأنهكان يجري؛ لأن أفكاراً مخيفة أثقلت رأسه . وتساءل هاو عما إذا كان هيم قد تحركمجدداً أم أنه لم يبرح مكانه بسبب مخاوفه، ثم استرجع في مخيلته الأوقات التي شعرفيها بأنه في أوج نشاطه داخل المتاهة . هذه الأوقات هي التي كان يتحرك فيها هاوولا يتوقف عند أي شيء. وكتب هاو على الحائط، وكان يعلم أن هذه الكتابة ليستتذكيراً بمروره من هذا المكان، بقدر ما هي تذكير له شخصيا :
إن السير فياتجاه جديد يجعلك تعثر على المزيد من الجبن
10-06-2010, 05:01 AM #3 امال بن سليمان ¨°مشرف عام سابق°¨
تطلع هاو إلى الممر المظلم،وأدرك ما اصابه من خوف، ترىمن الذي ينتظره في الطريق، هل سيكون خالياً؟ أو سيكونمحفوظاً في المخاطر؟ وبدأ خياله الجامح يصور كله كل الهواجس المفزعة حتى تملكهالذعر الشديد . ثم سخر من نفسه، فقد أدرك أن هواجسه هذه تزيد الطين بلة، ثم فعلما كان سيفعله لو لم يكن خائفاً ، واصل المسيره لكن في اتجاه جديد . وعندما بدأيجري في اتجاه الممر المظلم، أخذ يبتسم، ولم يدك هاو عندئذٍ أنه وجد غذاء روحه، فقدألقى بالهموم خلف ظهره، وبدأ يثق فيما ينتظره من مصير،على الرغم من أنه لم يعرفماذا سيكون. واندهش هاو، إذا بدأ يستمتع بالأمر أكثر فأكثر، وأخذ يتساءل:"ترىما الذي يجعلني أشعر بهذه السعادة ؟" " ليس لدي جبن، وال أعرف إلى أين أنا ذاهب ". وقبل أن يمضي وقت طويل، اكتشف سبب شعورة بتلك السعادة ، وتوقف كي يكتب علىالحائط مره أخرى :
عندما تتحرك متجاوزاً شعورك بالخوف ، ستشعر بالحرية
أدرك أنه وقع أسيراً لهواجسه ن وعندما تحرك في اتجاه جديد ، حرر نفسه منالقيد . الآن ، و الآن فقط ، بدأ يشعر أن نسيماً بارداً أخذ يهب على ذلك الجزءمن المتاهة . التقط أنفاساً عميقة و أحس أن الحركة قد أعادت إليه الحياة ، وبعد أنكسر حاجز الخوف ، اكتشف أن الأمر أكثر إمتاعاً مما كان يعتقد من قبل . ولم يكنهذا الشعور قد راود هاو منذ فترة طويلة ؛ ولهذا السبب كان قد نسى مدى البهجة التييدخلها على قلبه . ولكي يجعل الوضع أفضل ، بدأ في رسم صورة من وحي خياله ، ونسجفي تلك الصورة حتى أدق التفاصيل الواقعية ، فقد تخيل نفسه جالساً وسط كومة هائلة منأنواع الجبن المفضل لديه ، بدءاً من الشيدر ، و انتهاءً بالبراي ! وتخيل نفسه وهويأكل ما لذ و طاب منها . استمتع هاو بما رآه ، ثم تخيل كيف أنه يستطيع أن يستمتعبتذوقها جميعاً . كلما اتضحت صورة ذلك الجبن الجديد داخل عقله ، زادت واقعيتها، وازداد شعوره بقرب عثوره عليه . ثم كتب :
عندما تخيلت نفسي وأنااستمتع بالجبن الجديد ، حتى قبل أن أعثر عليه ، وجدت طريقي إليه .
حدّث هاونفسه قائلاً : " لماذا لم أفعل هذا من قبل ؟ " بدأ هاو يجري داخل المتاهة ، لكنبقوة و رشاقة أكبر مما مضى ، ولم يمض وقت طويل حتى عثر على محطة الجبن ، وشعربالسعادة وهو يلحظ قطع جبن جديدة قد وضعت بجانب المدخل . ولم يكن قد رأى قط فيحياته أصناف الجبن تلك ، لكنها بدت له رائعة . تذوقها ، فوجد طعماً طيباً للغاية ،وتناول هاو معظم قطع الجبن الموجودة ، ووضع بعضاً منها في جيبه كي يتناولها فيمابعد، أو ليتقاسمها مع ، وبدأ يستعيد قوته . دلف هاو إلى محطة الجبن تغمرهالسعادة والإثارة . لكن ، ولسوء حظه ، وجدها خاوية ، فقد سبقه إليها شخص ما ، لميترك سوى تلك القطع من الجبن الجديد . وأدرك أنه لو كان قد عجل الخطى ؛ لوجدكمية كبيرة من الجبن هنا . وقرر هاو أن يعود أدراجه كي يرى إذا ما كان هيم علىاستعداد للانضمام إليه . وبينما هو يقتفي آثار العودة ، توقف وكتب على الحائط :
كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، عثرت على الجبن الجديد .
وبعد فترة نجح هاو في العودة إلى محطة الجبن " ج " ووجد عندها هيم ، وعرضعلى هيم تناول بعض قطع الجبن الجديدة ، لكن الأخير رفض العرض . وشكر هيم صديقهعلى هذه اللفتة الجميلة ، وقال له : " لا أعتقد أنني سأستمتع بالجبن الجديد ، فأنالست معتاداً عليه ، كل ما أريده هو جبني المفضل ، ولن أتغير أبداً حتى أحصل على ماأريد " . هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة الأمل ، وجعل يؤخر رجلاص ويقدم الأخرى ،معاوداً الانطلاق بمفرده من جديد ، ومع وصوله إلى أبعد نقطة كلن قد وصل لإليها فيالمتاهة ، بدأ يشعر بالحنين إلى صديقه ، لكنه أدرك أنه بصدد اكتشاف شيء ما . فحتىقبل أن يعثر على ما كان يعتقد أنه كمية هائلة من الجبن الجديد أدرك أنه لم يكن يشعربالسعادة لمجرد عثوره على الجبن . لقد كان سعيداً لأنه لم يصبح أسيراً لخوفهبعد الآن ، وبدأ يستمتع بما يفعل . وحينما أدرك ذلك ، لم يشعر بذلك الضعف الذيانتابه حين كان يجلس في محطة الجبن ج الخاوية ، وحينما أدرك أنه منع نفسه من أنيستوقفها الخوف ، واتخذ وجهة جديدة ؛ شعر بالحياة تدب في أوصاله من جديد . لقدوجد الآن أن المسألة أصبحت مسألة وقت قبل أن يصل إلى ضالته المنشودة بالفعل . وابتسم حين أدرك أنه :
من الأسلم أن تبحث في المتاهة ، من ان تبقى دونجبن .
أدرك هاو ما ، كما أدرك من قبل ، أن ما تخشاه لن يكون بنفس القتامةالتي يصورها لك عقلك ، وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضعالقائم بالفعل . لقد كان هاو متخوفاً لدرجة كبيرة من أن لا يعثر على الجبنالجديد ، لدرجة أنه لم يرغب في الاستمرار في البحث عنه ، لكن ما إن عاود رحلتهمجدداً ، عثر على قطع من الجبن في الممرات تكفيه لمواصلة المسير . الآن بدأ يتطلعإلى العثور على المزيد و المزيد ، وأصبح مجرد التطلع إلى ما هو آتٍ أمراً ممتعاً فيحد ذاته . لقد كان تفكيره القديم مغلفاً بسحابة من الخوف والقلق ، فقد كان يشعردائماً أنه لن يعثر على جبن كافٍ ، أو انه لن يحظى به للمدة التي يريدها ، وكانكثيراً ما يشغل باله بما قد يحدث له من مصائب، لا من مفاجآت سارة . لكن هذاالتفكير تغير في الأيام التي أعقبت تركه لمحطة الجبن ج . واعتاد هاو أن يعتقدبأنه لا ينبغي تحريك الجبن ، وأن هذا التغيير ليس صائباً . أما الآن فقد أدركأن عدم التغيير أمرينافي نواميس الكون و الطبيعة ، فلابد للتغيير أن يقع باستمرارسواء توقعناه أم لا ، ولايمكنك أن تفاجأ بالتغيير ، إلا إذا لم تكن تتوقعه و تبحثعنه . وحينما أدرك هاو التغيير الذي اعترى معتقداته ، توقف كي يكتب على الحائط :
إن المعتقدات البالية لا ترشدك إلى جبن جديد .
لم يعثر هاو علىأي جبن بعد ، لكن كل ما كان يشغل تفكيره وهو يعدو في ممرات المتاهة هو ما تعلمه حتىالآن . لقد أدرك الآن أن هذه المعتقدات الجديدة تدفعه إلى التصرف على نحو جديد، فقد بدأ الآن يسلك مسلكاً يختلف عن مسلكه عندما كان يصر على العودة إلى محطةالجبن الخاوية . وأدرك هاو أنك عندما تغير معتقداتك ، فأنت تغير تصرفاتك . عليك أن تعتقد بأن التغيير قد يضرك ، وأنه لابد لك أن تقاومه ، أو يمكنك أنتعتقد بأن عثورك على جبن جديد سوف يساعدك على استيعاب التغيير والتكيف معه . كلذلك يعتمد على المعتقد الذي تختار أن تؤمن به . كتب هاو على الحائط قائلاً :
عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به ؛ فستغير طريقك .
و أدرك هاو أنه كان سيصبح في حالة أفضل الآن لو أنه استوعب التغيير في محطةالجبن ج بسرعة ودون تلكؤ ، وساعتها كان سيشعر بالقوة تدب في جسده وروحه ، ويستمر فيالتحدي حتى يعثر على الجبن الجديد ، بل كان في إمكانه العثور عليه بالفعل لو أنهتوقع التغيير ، بدلاً من إضاعة وقته في مقاومته ، بعد أن حدث بالفعل . واستجمعهاو قواه وقرر مواصلة المسير في الأجزاء الجديدة من النتاهة وبدأ يجد بعض قطع الجبنالمتناثرة هنا و هناك ، فعادت إليه بعض طاقته وثقته بنفسه . وعندما فكر فيالطريق الذي جاء منه شعر بسعادة ؛ لأنه كتب على الحائط في أمكاكن كثيرة ، فقد أيقنأن تلك العبارات ستكون دليلاً له أثناء سيره في المتاهة ، إذا اختار أن يتك محطةالجبن ج . وتمنى هاو لو أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وفكر في إمكانية أن يقرأهيم كتابته على الحوائط كي يعرف طريقه هو الآخر . ثم كتب هاو على الحائط ما عبرعما كان يدور بخلده لفترة من الزمن :
ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلكتتأقلم مع الغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً.
والآن فقد طوى هاوصفحة الماضي ، وبدأ يتطلع إلى المستقبل . واستمر يقطع دروب المتاهة بقوة وسرعةأكبر مما مضى ، ولم يمضِ وقت طويل حتى حدث ما كان يتمناه . وفي الوقت الذي شعرفيه هاو بأنه سيظل بهذع المتاهة إلى الأبد ، أفضت رحلته ــ أو على الأقل هذا الجزءمن رحلته ــ إلى نهاية سريعة و سعيدة . لقد عثر على جبن جديد في محطة الجبن ن ! حينما دلف إلى داخلها ، لم يصدق ما رأته عيناه : جبال عالية هنا و هناك منالجبن الذي لم يره في حياته قط ، ولم يستطع التعرف على كل الأنواع الموجودة أمامه ؛حيث إن بعضها كان جديداً عليه تماماً . ثم تساءل هاو للحظات عما إذا كان مابراه حقيقة أم من نسج الخيال ، إلى أن وقعت عيناه على صديقيه سنيف و سكورى . رحَب سنيف به بإيماءة من رأسه ، أما سكورى فقد لوَح له بكفه ، وظهر من معدتيهماالممتلئتين أنهما سبقاه إلى المكان بفترة ليست بقصيرة . ألقى هاو التحية عليهما، ثم سارع إلى تناول قضمات من أنواع الجبن المفضلة لديه ، ثم خلع عنه حذاءه ورداءالتريض ووضعهما بالقرب منه حتى إذا احتاجهما مرة أخرى تناولهما سريعاً ثم انقض علىالجبن الجديد ، وحينما أخذ كفايته ، تناول قطعة من الجبن الطازج في يده و صاح : " مرحباً بالتغيير ! " . وبينما أخذ يستمتع بمذاق الجبن الجديد ، استرجع ما مر بهمن أحداث وما تعلمه خلاله وأدرك أنه عندما كان خائفاً من التغيير ، فقد كان متمسكاًفي الواقع بوهم الجبن القديم ، والذي لم يعد موجوداً . وتساءل هاو : " إذن ماالذي غيرني هل هو خوفي من أموت جوعاً ؟ وحدث نفسه قائلاً : " لقد كان لذلك تأثيره " . ثم ضحك وأدرك أنه لم يكن ليتغير لولا أن بدأ يسخر من نفسه ومما كان يرتكبه منأخطاء ، واكتشف أن أسرع طريقة للتغيير هي أن يضحك الإنسان من حماقته ، وساعتها ،سينسى ما فعل، وسوف يواصل المسير . وأدرك هاو أنه تعلم شيئاً مفيداً من صديقيهالفأرين ، سنيف و سكورى في أمر التنقل إلى موضع آخر ، فقد كانا يعيشا حياتهماببساطة . لم يحاولا المبالغة في تحليل وتعقيد الأمور، وعندما تغير الموقع ، وتحركالجبن ، غيرا من أنفسهما و تحركا مع الجبن ، ولم يكن بدٌ من أن يتذكر ذلك . استخدم هاو عقله الرائع كي يفعل ما يفعله الأقزام بأسلوب أفضل من الفئران . وتدبر الأخطاء التي ارتكبها في الماضي ، واستخدمها كي يخطط مستقبله ، لقد أدركأن باستطاعة الإنسان أن يتعلم كيف يتعامل مع التغيير : كيف يأخذ الأمور ببساطة، كيف يكون مرناً ، وكيف يكون سريع التصرف . يتعلم ألا يبالغ في تعقيد الأمور ،وألا يقع فريسة لمعتقدات مفزعة . يتعلم أن يلاحظ التغيرات البسيطة ؛ لكي يكونمستعداً للتغيير الجذري ، الذي قد يحدث في المستقبل. أدرك هاو أنه بحاجة إلىالتكيف سريعاً مع التغيير ؛ لإنه إن لم يفعل ذلك ، فقد لاتواتيه تلك الفرصة أبداً . وكان عليه أن يعترف بأن أكبر عقبة تقف في طريقه تكيفه مع التغيير موجودة بداخلههو ، وأن الأمورلا تتحسن إلاَ بعد أن تتغير أنت . الأهم من هذا وذاك ، أن هاوقد أدرك أن هناك دائماً جبناً جديداً أمام عينيك ، سواء لاحظته أم لم تلاحظه ، وأنكتستمتع به فقط عندما تتخلص من مخاوفك وتخوض المغامرة . وأدرك هاو كذلك أنهلاضير من بعض الخوف ، إذ إنه قد يحميك من خطر محقق ، ولكنه اكتشف أيضاً أن معظممخاوفه لم يكن لها مايبررها ، بل إنها منعته من أن يتغير في الوقت الذي كان لزاماًعليه أن يتغير . لم يعجبه التغيير وقتها ، لكنه أدرك فيما بعد أن ذلك التغييرهدية السماء إليه كي ترشده إلى المزيد من الجبن ، رغم أنها كانت ترتدي قناعاً . لقد عثر هاو على جزء جميل من نفسه ، وبينما كان يتذكر الدروس المستفادة ، فكرفي صديقه هيم ، وتساءل عما إذا كان عيم قد قرأ شيئاً من عباراته التي كتبها علىالحائط عند محطة الجبن ج أو في باقي المتاهة . ترى ما الذي كان يحدث لو طوى هيمصفحة الماضي ، وواصل المسير ؟ ترى ما الذي كان يحدث لو دخل المتاهة ، واكتشف ماكان يجعل حياته أفضل ؟ فكر هاو في العودة مجدداً إلى محطة الجبن ج ؛ ليرى ماإذا كان باستطاعته العثور على هيم ، وهو يفترض أنه يستطيع العودة إلى النقطة التيكان فيها ، وفكر في أنه إذا عثر على هيم ، فسيمكنه عندئذٍ أن يريه كيف يخرج منمأزقه ، ولكنه أدرك أنه قد حاول بالفعل أن يجبر صديقه على التغيير. وكان علىهيم أن يجد طريقه بمفرده ، متغلباً على أوجاعه ومتجاوزاً مخاوفه ، ولايمكن لشخص آخرأن يؤدي له ذلك بالنيابة عنه ، أو أن يقنعه بذلك ما لم يكن الاقتناع داخلياَ . كانيتعين على هيم أن يشعر بمزايا التغيير نفسه . وعلم هاو أنه قد ترك خلفه أثراًلهيم كي يتعقبه ، وأنه يستطيع بمفرده أن يجد طريقه ، فقط إذا قرأ العبارات التيكتبها هاو بخط يده على الجدران . ثم بدأهاو في كتابة ملخص للدروس التي استفادهامن رحلته على أكبر حوائط محطة الجبن (ن) ، ثم وضع كل تلك الومضات داخل رسمة لقطعةجبن كبيرة ، وابتسم وهو ينظر إلى ما كتبه : التغيير يحدث قطع الجبن تتحركباستمرار توقع التغيير استعد عندما يتحرك الجبن راقب التغيير اشتمرائحة الجبن كثيراً كي تعرف متى يصيبها العطب تكيف مع التغيير بسرعة كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، استطعت أن تستمتع بالجبن الجديد تغيَر تحرك مع الجبن استمتع بالتغيير تذوق طعم المغامرة واستمتع بمذاق الجبن الجديد كن مستعداً كي تتغير بسرعة واستمتع بالتغيرمن جديد قطع الجبن تتحرك باستمرار
أيقن هاو إلى أي مدى قد وصل منذ أنكان برفقة هيم في محطة الجبن ج ، ولكنه أدرك أنه من السهل أن يعود إلى ما كان عليهلو أفرط في الراحة ، فقام كل يوم بتفقد الجبن في محطة الجبن ن ؛ كي يطمئن إلى مخزونالجبن فيها ، وكان على استعدادليفعل أي شيء كي لايفاجأ بأي تغيير لم يضعه فيالحسبان . وعلى الرغم من أن لديه مخزوناً كبيراً من الجبن ، أصر هاو على أنيخرج ليتجول في المتاهة كي يكون على علم بما يحدث من حوله ، فقد أدرك أنه من الأسلمله أن يبقى على علم بالواقع من حوله ، بدلاً من أن يعزل نفسه في صومعته المريحة . ثم أنصت هاو إلى صوتٍ ، ظن أنه صوت حركة بالخارج ، وحينما أخذ الصوت يعلوتدريجياً ، أيقن أن شخصاً ما كان يقترب منه . هل كان هيم ؟ هل كان يوشك على أنيظهر من بين أحد الأركان ؟ دعا هاو و تمنى ــ كما فعل كثيراً من قبل ــ أنيتمكن صديقه في النهاية من أن …
يتحرك مع الجبن و يستمتع بذلك ! !
مناقشة في وقت لاحق من ذات اليوم عندما انتهى مايكل من سرد القصة ،نظر في أرجاء الحجرة فشاهد أصداءه السابقين وهم يبتسمون . و بعد ذلك سألتأنجيلا برقة وود : "أي الشخصيات تمثلكم في القصة ؟ سنيف ، سكورى ، هيم ، هاو ؟ " . و أجاب كارلوس : " ذات مرة قبل أن أعمل في بيع المستلزمات الرياضية عندما مررتبتجربة قاسية مع التغيير . إنني لم أكن " سنيف " فلم أكتشف حقيقة الموقف ، ولمأفهم التغيير بسرعة ، وبكل تأكيد لم أكن سكورى ، حيث إنني لم اتسرع للقيام بعمل ما . إلا إنني كنت أشبه كثيراً " هيم " الذي أراد أن يبقى في منطقة مألوفةوالحقيقة هي أنني لم أرد بالفعل التعامل مع التغيير بل حتى لم أرد تفهمه " . وقال فرانك : " إن هيم يذكرني بأحد أصدقائي ، حيث كان القسم الذي يعمل به علىوشك الإغلاق ، ولكن لم يرد تفهم هذا ، وأخذوا ينقلون من كانوا يعملون معه إلى أقسامأخرى ، وحاولنا التحدث إليه بشأن الفرص العديدة الأخرى الموجودة بالشركة لأولئكالذين يتسمون بالمرونة ، ولكنه اعتقد أنه اعتقد بأنه ليس في حاجة إلىالتغيير ، وكانهو الشخص الوحيد الذي اندهش عندما أغلق القسم ، والآن فإن من الصعب عليه أن يتكيفمع التغيير الذي لم يتوقع حدوثه " . ثم علق قائلاً : " وهذا هو مافهمته منالقصة . إنني أميل إلى أن أتعامل مع الأمور بجدية شديدة ، وقد لاحظت كيف تغير" هاو " عندما استطاع في النهاية أن يسخر من نفسه وممَا يقوم به ،فلا عجب أن يكون اسمه " هاو " . وسألت أنجيلا : " هل تعتقد أن " هيم " تغير ووجد جبناً جديداً ؟ " . وقال إليان : " أعتقد أنه فعل ذلك " . قال كورى : " أنا لا أعتقد ، فيعضالناس لا يتغيرون أبداً ، وإنهم يدفعون ثمن ذلك . قال ناثان : " إنني أخمن أنهمن الأفضل كثيراً أن نبادر بالتغيير وفي الوقت نفسه نحاول أن نتفاعل أو نتكيف معالتغيير . ربما يتوجب علينا أن نحرك الجبن الخاص بنا " . قال ريتشارد : " إنمديري يقول لي دائماً إن شركتنا تحتاج إلى التغيير ، والآن أعتقد أن ما قصده حقاًهو أنني أنا الذي أحتاج إلى التغيير إلا أنني لم أكن لأضغي إليه و أحسب حقاً أننيما علمت أبداً ما يعنيه الجبن الجديد الذي كان يحاول أن يحركنا نحوه ، وكيف يمكننيأن أكسب من ورائه " . وعبرت ابتسامة عريضة على وجه ريتشارد وقال : " لابد أنأعترفأنني أحب فكرة الجبن الجديد وأتخيلك مستمتعاً به ، إنها فكرة تضفي البهجة علىكل شيء ، إنها تقلل من الخوف وتجعلك أكثر شوقاً لحدوث التغيير " . وقالت أنجيلا : " قد يكون الجبن القديم مجرد سلوك قديم ، والذي نحتاجه حقيقة هو أن نتخلص منالسلوك الذي يتسبب في إفساد علاقتنا ، وبعد ذلك نستمر في اتباع أسلوب أفضل للتفكيروالعمل " . وعلق كورى : " فكرة جيدة . إن الجبن الجديد هو علاقة جديدة مع نفسالشخص " . قالت جيسيكا : " إنني ذاهبة إلى المزل لأحكي هذه القصة لأسرتي ، وسوفأسأل أطفالي أي أبطال القصة يشبهني سنيف أم سكارى أم هيم أم هاو ، وما عساهميعتقدون في أنفسهم ، وإننا لنستطيع التحدث عمَا هو الجبن القديم بالنسبة للعائلة ،وكيف يكون الجبن الجديد . " قال ريتشارد : " إنها لفكرة جيدة " . قال مايكل : " هكذا قمنا بتطوير عملنا " . " وباختصار ، فالتغيير المفروض هو التغييرالمرفوض " . وأضاف مايكل : " لقد تمنيت لو أني قد سمعت قصة الجبن هذه قبل اليوم " . وأضاففت بيكى: " في العائلات يحدث نفس الشيء مع الآباء و الأبناء " . وبعد ذلك سألت : " كيف اختلفت الأمور بعد سماع الناس لقصة الجبن " . وقالمايكل ببساطة : " لقد تغير الناس ؛ لأنه لايوجد فرد يريد أن يشبه ( هيم ) " . وضحك الجميع ومعهم ناثان ، الذي قال : " إنها نقطة جيدة لا أحد في عائلتي يريدأن يشبه ( هيم ) . ربما يتغيرون . لماذا لم تخبرنا عن هذه القصة في اجتماعناالأخير ؟ فقد كان ذلك حرياً بأن يؤثر حقاً" . لقد قدم ذلك لجيسيكا أفكاراًعديدة وذكرها بأنها قد تلقت بعض طلبيات البيع صباحاً ، ونظرت إلى ساعتها وقالت : " لقد آن لي أن أترك محطة الجبن هذه و أبحث عن جبن جديد " . وضحك الجميع وبدؤوايودعون بعضهم البعض ، وعندما جاء وقت الرحيل شكروا مايكل مرة ثانية. وقد قال : " إنني في غاية السعادة للاستفادة من القصة ، وأتمنى أن تنتهزوا الفرصة لكيتشاركونا إياها قريباً مع الآخرين " .
لتحميل كتاب "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟"
[url= http://www.4shared.com/file/PnQqxhp1/______.htm ] http://www.4shared.com/file/PnQqxhp1/______.htm [/url] ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|