اتخـــــاذ القـــرار
معنى اتخاذ القرار :
إن عملية اتخاذ القرار أو (صنع القرار) من أهم مسؤوليات القادة والرؤساء على جميع المستويات الإدارية كما أنها تعتبر جوهر عمل القائد من حيث أن القرار هو نقطة البداية بالنسبة لجميع الإجراءات والأنشطة التي تتم داخل المؤسسات والمنظمات سواء كانت عسكرية أو مدنية.
وعلى مدى التوفيق في إتخاذ وصنع القرار يتوقف نجاح المؤسسة أو المنظمة في الوصول إلى تحقيق أهدافها.
وغالبا ما ينظر إلى عملية اتخاذ القرار على أنها عملية فكرية من نتاج ذهن متخذ القرار وتعتمد على كفاءته وخبرته في مواجهة المواقف والمشاكل.
وإذا أمكن اعتبار هذا القول على درجة من الصحة في بعض المواقف فإن الواقع الفعلي يؤكد على أن عملية اتخاذ القرار عملية منظمة تحتاج إلى دراسة متعمقة ومستفيضة وحصيلة مجهود متكامل من الآراء والأفكار والدراسات التي تتم في مستويات مختلفة داخل المؤسسة بواسطة المستشارين والمتخصصين ومن ثم فإن عملية اتخاذ القرار هي نتاج عمل جماعي ومجهود متكامل وليست نتيجة لرأي فرد واحد مهما كانت كفاءته وقدرته ومكانته داخل المؤسسة.
وبظهور الأساليب الحديثة لعلوم الإدارة العلمية وبحوث العمليات أصبحت عملية اتخاذ القرار عملية منظمة مبنية على أسس وخطوات علمية مدروسة تختلف في درجة السهولة أو التعقيد تبعاً لنوع المشكلة أو الموقف.
كما أن الأسلوب العلمي لاتخاذ القرار أصبح من المواد العلمية التي تدرس حالياً في معظم الكليات العسكرية والمدنية في دول العالم المتقدمة ضمن موضوعات الإدارة العلمية وأساليب بحوث العمليات.
ما هو القرار ؟
إن المعنى المباشر لكلمة قرار هو (اختيار بين مجموعة من البدائل المطروحة لحل مشكلة معينة) ويتفق هذا المعنى مع العديد من المواقف العسكرية والإدارية حيث نجد القائد أو المدير في موقف يتطلب منه أن يختار بديلاً معيناً من بين حيث تبدأ عملية الدراسة والمقارنة لاختيار البديل الأفضل. وهناك حقيقة هامة وهي أن يكون قرار القائد هو رفض لكل البدائل المطروحة للاختيار ولكن بشرط أن يكون ذلك مبنياً على الدراسة والاقتناع وليس بطريقة عفوية.
أنواع القرارت :
تختلف أنواع القرارات تبعاً لطبيعة ونوع المشكلات التي تواجه القادة والمديرين في المنظمات المختلفة أثناء ممارسة أعمالهم وأنواع القرارت هي:
أولاً: القرارات التقليدية :
ويتعلق هذا النوع من القرارات بالمشاكل العادية المتصلة بالعمل اليومي وبتنفيذ الأنشطة العادية في المنظمة أو المؤسسة وهناك حقيقة هامة وهي أن كل إجراء يتخذه القائد أثناء عمله اليومي هو قرار والقرارات التقليدية نوعان:
النوع الأول:
لمشاكل روتينية متكررة ويتعلق بالأمور البسيطة مثل مشاكل الحضور والانصراف والإهمال وتوزيع العمل على العاملين بالمنظمة وهذا النوع من المشاكل يبت فيها مباشرة نتيجة للخبرات والتجارب المكتسبة بواسطة الرئيس
نظراً لممارسته لهذا العمل وللمعلومات المتوفرة لديه.
النوع الثاني:
لمشاكل متكررة أيضاً وإن كانت في مستوى أعلى من سابقتها حيث تتعلق بنواحي فنية وأكثر تفصيلاً وغالباً ما يوكل أمر مواجهتها إلى الرؤساء الفنيين والمتخصصين الموزعين وفقاً لمبدأ تقسيم العمل وتبعاً للتنظيم الموجود بالمنظمة- المؤسسة.
ومن أمثلة هذه المشكلات في المجال العسكري:
- أعمال المعدات وأسلوب الإصلاح.
- المشكلات المالية بأنواعها.
- مشاكل الأفراد.
ثانياً: القرارات الحيوية :
وهذه القرارات تتعلق بدرجة كبيرة بالتخطيط ورسم سياسة العمل للمنظمة - المؤسسة وكذلك بالمشكلات التي تعترض تنفيذ الخطط وتؤثر على تحقيق الأهداف وهنا أيضاً يوجد نوعان من المواقف.
النوع الأول:
ويشمل مشكلات حيوية تحتاج في حلها إلى المناقشة وتبادل الآراء على نطاق واسع مع القادة المرؤوسين للقطاعات الرئيسية في المؤسسة- المنظمة على أن يدلي كل منهم بعد الدراسة برأيه في مجابهة هذه المشاكل وعلى القائد أن يختار البديل المناسب لحل المشكلة من البدائل المطروحة.
ويمكن أن يتم ذلك بعقد الاجتماعات وإبداء الآراء أو بتقديم مذكرات مكتوبة موضحاً بها الآراء المختلفة حيث يتم عرضها على القائد لاتخاذ القرار.
النوع الثاني:
ويتصل بالمشكلات ذات الأبعاد المتعددة والتي على جانب كبير من العمق والتعقيد ومثل هذه المشاكل لا يمكن مواجهتها بمجرد عقد اجتماع للمناقشة وإبداء الرأي ولكن تتطلب البحث المتعمق والدراسة المستفيضة المتخصصة وتجميع المعلومات ويجب أن تتناول الدراسة جميع العوامل المؤثرة وجميع الفروض والاحتمالات ويقوم القائد في هذا النوع من المشاكل بإحالتها للبحث والدراسة للمتخصصين والمستشارين ومجموعات بحوث العمليات لتقديم الحلول الممكنة وذلك باستخدام الأساليب العلمية التي تتناسب مع طبيعة المشكلة وهنا تلعب الحاسبات الآلية دوراً هاماً ورئيسياً في تسهيل عمليات تحليل البيانات وتطبيق نماذج الحل التي تناسب ونوعية المشكلة.
ومن أمثلة هذا النوع من القرارات في المجال العسكري:
تقييم الأسلحة والمعدات.
تقييم الخطط والمشروعات.
اختيار سلاح من مجموعة من العروض.
مراحل اتخاذ القرار :
اتفق المفكرون والعلماء على أن هناك مراحل رئيسية لعملية اتخاذ القرار يجب أن يتبعها القائد - المدير وإن كان من الممكن أن تختلف قليلاً تبعاً لنوع المشكلة وطبيعتها.
أولاً: تحديد المشكلة :
تبدأ عملية اتخاذ القرار بدراسة وتحديد نوع المشكلة أو بتحديد وتعريف الهدف المراد الوصول إليه وتعتبر هذه العملية على درجة كبيرة من الأهمية ويجب أن تأخذ الاهتمام الكافي نظراً لأن أنواع القرارات تختلف تبعاً لأنواع المشكلات التي تواجه القادة والمديرين كما سبق ذكره.
كما يجب أن تشمل الدراسة العوامل الأساسية التي تؤثر في تلك الظاهرة أو المشكلة سواء من داخل المنظمة أو خارجها.
ثانياً : الحصول على البيانات والمعلومات :
تمثل البيانات والمعلومات المادة الأساسية للعمل الإداري ويتوقف نجاح الإدارة على مدى توافر ودقة وتنظيم البيانات والمعلومات في المنظمة وفي مقدمة المشكلات التي تواجه عملية اتخاذ القرار مدى توافر وتكامل الإحصاءات الضرورية والمعلومات عن كل الأنشطة التي تتم داخل المنظمة وعادة ما يصادف البحث عن البيانات والمعلومات عقبات كثيرة تكشف عن مدى قصور أجهزة الإحصاء والأجهزة التقليدية في إعداد البيانات الضرورية وتنظيمها بحيث يمكن الإستفادة منها كما قد يوصلنا البحث كما يحدث أحياناً إلى مجموعة من البيانات المتضاربة أو الناقصة أو المتميزة وقد تصادف مواقف يمتنع فيها المتخصصين عن إعطاء البيانات وينكرون وجودها عن فهم خاطئ بحقهم في تملكها أو بأنها من أسرار المهنة أو رغبة في التظاهر بالأهمية أو خوفاً من العقاب على النتائج غير المرضية التي قد تعكسها البيانات لذلك فمن الضروري والمهم جداً أن تبدأ الإدارة بإعداد وجمع البيانات التي تهم الدراسة أو تكليف جهاز خاص بهذه المهمة.
وبظهور الحواسب الآلية بإمكانياتها الكبيرة والتطور التكنولوجي السريع الذي حدث في الفترة الأخيرة أصبحت عملية تسجيل البيانات المتكاملة عن المؤسسة - المنظمة فيما يسمى بقواعد البيانات حتمية وضرورية في المنظمات الكبيرة والمواقع الحساسة والتي تعتبر فيها القرارات مصيرية وذات تأثير كبير وذلك مثل القوات المسلحة وأجهزة المخابرات والشرطة ومؤسسات الدولة الكبرى ومن المفيد أن نوضح هنا الفرق بين البيانات والمعلومات.
- البيانات DATA
تعتبر البيانات التي يتم جمعها عن المنظمة - المؤسسة القاعدة الأساسية التي تستخلص منها المعلومات (وإذا جاز التشبيه فإن البيانات هي المادة الخام للمعلومات).
ولا يمكن الاعتماد على البيانات المجردة كأساس لدراسة وحل المشكلات التي تواجه رجال الإدارة إلا بعد معالجتها والخروج منها بالمعلومات.
- المعلومات INFORMATION
تمثل المعلومات الحقائق التي المشاكل التي تواجه رجال الإدارة ويتم الحصول على المعلومات بعد إجراء عملية التشغيل والتحليل للبيانات بما تخدم المشكلة المطلوب دراستها أو القرار المطلوب اتخاذه.
ثالثاً: البحث عن الحلول الممكنة :
تبعاً لنوع وطبيعة المشكلة وبناء على المعلومات التي تم جمعها وتحليلها ودراستها يتم البحث عن الأساليب التي يمكن إتباعها للوصول إلى الحل- الحلول وفي حالة التوصل إلى أكثر من طريقة لحل المشكلة يجب تقييم كل حل مع إظهار نقاط القوة والضعف والتكلفة المادية المتوقعة بصورة تقريبية لتطبيق الحل.
وفي حالة المشاكل ذات الأبعاد المتعددة يجب أن تقوم الإدارة بتكليف الأجهزة المتخصصة ومجموعات بحوث العمليات بمهمة الدراسة والبحث عن أفضل الحلول والبدائل وتقييمها باستخدام الأساليب العلمية وأساليب بحوث العمليات ومما هو جدير بالذكر أنه يمكن الاستعانة بالحاسبات الآلية وما توفره من مجموعات البرامج الجاهزة التي تناسب وطبيعة المشكلة للوصول إلى الحلول المطلوبة بدقة وسرعة كبيرة.
رابعاً: اختيار أفضل البدائل (القرار) :
بعد الانتهاء من التوصل إلى البدائل المختلفة للحل يتم يتم عرضها على متخذ القرار مع بيان نقاط القوة والضعف والتكلفة المادية لكل حل ويقوم القائد بدراسة البدائل المختلفة لحل المشكلة واختيار أفضلها بناء على الإمكانيات المتاحة للمنظمة والقيود التي قد لايراها الباحثين وتسمى عملية الاختيار بين البدائل (القرار) وسبق أن ذكرنا أن القائد قد يرفض جميع البدائل المطروحة وفي هذه الحالة يجب أن يوضح لمرؤوسيه الأسباب التي يبني عليها قراره حتى لا يصابون بالإحباط وحتى تكون لديهم قناعة بتنفيذ القرار ولكن ذلك لا يعتبر حتمي في بعض المواقف التي تحتاج إلى القرار السريع الحاسم وعندما يكون عنصر الوقت والحسم من العوامل المؤثرة على القرار ويظهر ذلك في المجالات العسكرية.
خامساً: متابعة القرار وتقويمه :
بعد صدور القرار من القائد - المدير تبدأ عملية وضعه في صورة تعليمات ومهام إلى الوحدات المختصة والأشخاص المعنيين وترتبط عملية توصيل القرار إلى المنفذين بمدى فاعلية وكفاءة نظام الاتصالات الإدارية القائم في المنظمة حيث تعتبر كفاءة هذا النظام عنصرا هاما وحيويا في عملية اتخاذ القرارات ونقلها وبقدر وضوح قنوات الاتصال وجودة توصيلها وأمانة الأشخاص الموجودين في مراكزها الاستراتيجية وذمتهم وسرعتهم في نقل المعلومات يتوقف مستوى تنفيذ القرارات التي تتخذ.
على أساسها دراسة وحل الهامة والشركات الصناعية مجموعة من البدائل المطروحة