صعوبات التعلم
learning disabilities
موضوع صعوبات التعلم learning disabilities من الموضوعات التي شغلت اهتمام الباحثين والعلماء في مجال علم النفس بصفة عامة وعلم النفس التربوي بصفة خاصة ، وقد تزايد هذا الاهتمام بوجه خاص مع منتصف الستينيات وبداية السبعينيات ، وامتد البحث في هذا الموضوع الى عدة فروع اخرى من العلم مثل الطب النفسي والعصبي والتوجيه والارشاد النفسي والصحة النفسية ومجال ذوي الاحتياجات الخاصة . فمشكلة صعوبات التعلم ليست مشكلة محلية ترتبط بمجتمع معين او بدولة معينة او بثقافة معينة او بلغة معينة بل هي مشكلة ذات طابع عام توحد لدى بعض المتعلمين من اجناس مختلفة ذات ثقافات ولغات متباينة . ( الشرقاوي:2002: 2) .
لقد ظهر مفهوم الصعوبات التعليمية نتيجة الحاجة الى تشخيص وتقديم الخدمة الى عدد من الاطفال كانوا يفشلون في تحصيلهم المدرسي ، على الرغم من عدم تصنيفهم في فئات الاطفال غير العاديين ، فلاهم كالصم ولا المتخلفين عقليا مما أدي لظهور تعريفات متعددة لهذا المصطلح بسبب تعدد العلوم التي اسهمت في إرساء دعائمه حيث كانت تظهر وتختفي كلما ظهرت حقائق جديدة تتصل بهذا المصطلح . لذلك اختلف العلماء في تحديد تعريف لصعوبات التعلم وذلك لصعوبة تحديد هؤلاء التلاميذ الذين يعانون صعوبات في التعلم وكذلك صعوبة اكتشاف هؤلاء التلاميذ على الرغم من وجودهم بكثرة في كثير من المدارس فهم حقا فئة محيرة من التلاميذ لانها تعاني تباينا شديدا بين المستوى الفعلي (التعليمي) والمستوى المتوقع المأمول الوصول اليه، فنجد ان هذا التلميذ من المفترض حسب قدراته ونسبة ذكائه التي قد تكون متوسطة أن فوق المتوسطة او يصل الى الصف الرابع او الخامس الابتدائي في حين انه لم يصل الى هذا المستوى ). القفاص:2009: 148)
ماهي صعوبات التعلم ؟ وما اهمية تحديدها ؟
عندما يثير هذا السؤال كثيرا من المشكلات للمتخصصين في هذا المجال من مجالات علم النفس التي تهم بالدرجة الاولى المهنيين الذين يعملون في مجالات الرعاية وعلاج المشكلات السلوكية والنفسية وخاصة حينما يواجهون الفئات المختلفة من الافراد الذين يبحثون عن اجابة لهذا السؤال الذي يتعلق مباشرة بتعريف مصطلح صعوبات التعلم بجانبين اساسيين :
الجانب الاول:يتعلق بالوصف الدقيق لجميع اشكال السلوك الذي يتصل بهذا المصطلح ويعتمد هذا الوصف الدقيق والشامل على مظاهر مشكلة الصعوبة كما ينظر اليها جميع المهتمين والمتخصصين في جميع المجالات المرتبطة بمشكلات واعراض صعوبات التعلم .
الجانب الثاني : يتعلق بتحديد جميع مظاهر واشكال السلوك السابق الاشارة اليه في الجانب الاول في مصطلحات سلوكية محددة يمكن قياسها بدقة وشمول ، وخاصة ما يتصل بالسلوك الفعلي الذي يمارسه صاحب الصعوبة في لحظات ومواقف معينة ومحددة اثناء مواقف التعلم ، والتأكد من عدد مرات واوقات حدوثها مما يجعلنا نطلق على مظاهر هذا السلوك " سلوك صعوبة التعلم "LEARNING DISABILITY BEHAVIOR . (الشرقاوي: 2002: 2)
يشير مفهوم صعوبات التعلم الى وجود خلل في واحد او اكثر من العمليات النفسية الاساسية ,والتي تتضمن فهم اواستخدام اللغة المنطوقة او المكتوبة , والتي قد تظهر في القدرة على الاستماع والتفكير والكلام والقراءة والكتابة والتهجئة او القيام بالعمليات الحسابية . وهو اعاقة ادراكية بسيطة , وديسليكيا (dyslexia),وافيزيا(Aphasia) ولا يتضمن المصطلح الاطفال الذين يعانون من مشاكل تعليمية ناتجة عن وجود اعاقة سمعية او بصرية او اعاقة حركية و اضطراب انفعالي او بيئي اوثقافي .
تعربف ليرنر learner: يتضمن تعريفه لصعوبات التعلم بعدين رئيسين هما:
1- البعد الطبي ويركز على الاسباب الفسيولوجية الوظيفية والتي تتمثل في الخلل العصبي او تلف الدماغ .
2- البعد التربوي: والذي يشير الى عدم نمو القدرات العقلية بطريقة منتظمة . أي الى وجود تباين في التحصيل الاكاديمي والقدرة العقلية للفرد .
- تعريف كيرك kirk,1977)):الحالة التي يظهر صاحبها مشكلة او اكثر في الجوانب التالية : القدرة على استخدام اللغة وفهمها , القدرة على الاصغاء و التفكير والكلام والقراءة والكتابة او العمليات البسيطة , وذلك لصعوبات لعملية الادراك والى اصابات الدماغ او خلل بسيط في وظائف الدماغ .( مركز رياض نجد:72: 2006)
انواع صعوبات التعلم
1- صعوبات تعلم نمائية: وهي تتعلق بنمو القدرات العقلية والعمليات المسئولة عن التوافق الدراسي للطالب وتوافقه الشخصي والاجتماعي والمهني وتشمل صعوبات (الانتباه ـ الادراك ـ التفكير ـ التذكر ـ حل المشكلة) ومن الملاحظ ان الانتباه هو اولى خطوات التعلم وبدونه لا يحدث الادراك وما يتبعه من عمليات عقلية مؤداها في النهاية التعلم وما يترتب على الاضطراب في احدى تلك العمليات من انخفاض مستوى التلميذ في المواد الدراسية المرتبطة بالقراءة والكتابة وغيرها.
2- صعوبات تعلم أكاديمية: وهي مشكلات تظهر لدى اطفال المدارس تشمل صعوبات القراءة والكتابة والحساب وهي نتيجة ومحصلة لصعوبات التعلم النمائية او ان عدم قدرة التلميذ على تعلم تلك المواد يؤثر على اكتسابه التعلم .( العزة : 2002: 44) .
محاكات تشخيص صعوبات التعلم
هناك خمسة محكات يمكن بها تحديد صعوبات التعلم والتعرف عليها وهي:
1- محك التباعد: Discrepancy: ويقصد به تباعد المستوى التحصيلي للطالب في مادة عن المستوى المتوقع منه حسب حالته وله مظهران:
أ/ التفاوت بين القدرات العقلية للطالب والمستوى التحصيلي.
ب/ تفاوت مظاهر النمو التحصيلي للطالب في المقررات او المواد الدراسية. فقد يكون متفوقا في الرياضيات عاديا في اللغات ويعاني صعوبات تعلم في العلوم او الدراسات الاجتماعية وقد يكون التفاوت في التحصيل بين اجزاء مقرر دراسي واحد ففي اللغة العربية مثلا قد يكون طلق اللسان في القراءة جيدا في التعبير ولكنه يعاني صعوبات في استيعاب دروس النحو او حفظ النصوص الادبية.
2- محك الاستبعاد: حيث يستبعد عند التشخيص وتحديد فئة صعوبات التعلم الحالات الآتية: التخلف العقلي ـ الاعاقات الحسية ـ المكفوفين ـ ضعاف البصر ـ الصم ـ ضعاف السمع ـ ذوي الاضطرابات الانفعالية الشديدة مثل الاندفاعية والنشاط الزائد ـ حالات نقص فرص التعلم او الحرمان الثقافي.
3- محك التربية الخاصة: ويرتبط بالمحك السابق ومفاده ان ذوي صعوبات التعلم لا تصلح لهم طرق التدريس المتبعة مع التلاميذ العاديين فضلا عن عدم صلاحية الطرق المتبعة مع المعاقين وانما يتعين توفير لون من التربية الخاصة من حيث (التشخيص والتصنيف والتعليم) يختلف عن الفئات السابقة.
4- محك المشكلات المرتبطة بالنضوج: حيث نجد معدلات النمو تختلف من طفل لآخر مما يؤدي الى صعوبة تهيئته لعمليات التعلم فما هو معروف ان الاطفال الذكور يتقدم نموهم بمعدل ابطأ من الاناث مما يجعلهم في حوالي الخامسة او السادسة غير مستعدين او مهيئين من الناحية الادراكية لتعلم التمييز بين الحروف الهجائية قراءة وكتابة مما يعوق تعلمهم اللغة ومن ثم يتعين تقديم برامج تربوية تصحح قصور النمو الذي يعوق عمليات التعلم سواء كان هذا القصور يرجع لعوامل وراثية او تكوينية او بيئية ومن ثم يعكس هذا المحك الفروق الفردية بين الجنسين في القدرة على التحصيل.
5ـ محك العلامات الفيورولوجية: حيث يمكن الاستدلال على صعوبات التعلم من خلال التلف العضوي البسيط في المخ الذي يمكن فحصه من خلال رسام المخ الكهربائي وينعكس الاضطراب البسيط في وظائف المخ (Minimal Dysfunction) في الاضطرابات الادراكية (البصري والسمعي والمكاني، النشاط الزائد والاضطرابات العقلية، صعوبة الاداء الوظيفي) . القفاص:2009: 168(
ومن الجدير بالذكر ان الاضطرابات في وظائف المخ ينعكس سلبيا على العمليات العقلية مما يعوق اكتساب الخبرات التربوية وتطبيقها والاستفادة منها بل يؤدي الى قصور في النمو الانفعالي والاجتماعي ونمو الشخصية العامة.
خصائص الاطفال ذوي صعوبات التعلم
1- اضطراب الذاكرة والذي قد يظهر على صعيد الذاكرة السمعية أو البصرية أو الحركية .
2 -. اضطراب الأنتباه ( كالتشتت ، عدم القدرة على الانتباه الانتقاني ) .
3-اضطراب النشاط الحركي والذي يتمثل بعدم التأزر الحركي وزيادة مستوى النشاط أو انخفاضه
4- اضطراب السلوك ( كالانسحاب الاجتماعي ، العدوانية ، العمل غير المنظم ) .
5- اضطراب الإدراك البصري أو السمعي أو اللمسي أو الحركي .( كامل : 2007: 91)
الاسباب والعوامل المؤثرة في صعوبات التعلم
اتفق معظم العلماء في مجالات صعوبات التعلم على العوامل المؤثرة في صعوبات التعلم مع اختلافهم في التصنيفات لها , ويمكن تلخيص تلك الاسباب بما يلي :
اولا:- العوامل العضوية البايلوجية : -
1-العوامل الوراثية .
2-عوامل جينية وولادية , وقد اشارت بعض الدراسات التي اجريت على حالات التؤائم الى انتشار صعوبات التعلم في عائلات معينة.
3-خلل وظيفي بسيط في الدماغ .
4-النضج , عدم سيره في مجراه الطبيعي يؤثر على الجهاز العصبي المركزي .
5- سوء التغذية , مشاكل التلوث والبيئة .
6-الامراض والعدوى , مثل الحصبة الالمانية .
ثانيا:- العوامل النفسية , اضطرابات في الوظائف النفسية الاساسية كالادراك والتذكر وتكوين المفاهيم .
ثالثا:- العوامل المدرسية , ان نجاح الطلاب ذوي صعوبات التعلم او فشلهم في المدرسة ناجم في التفاعل بين نقاط القوة والضعف لديهم , وبين العوامل الصفية التي يواجهونها بما فيها الفروق الفردية بين المعلم وطرق التدريس المختلفة
رابعا:- العوامل البيئية , حيث تمثل العوامل الخارجية التي تؤثر تأثيرا مباشرا او غير مباشر على الطفل منها المنزلية : المنزلية والمادية والاجتماعية والثقافية والحضارية .
خامسا :- العومل التربوية , اهمها عدم ملائمة العملية التعليمية لقدرات الطالب والنقص في اتقان مهارات التعلم , عدم اثراء البيئة التعليمية . (ابو شعيرة ,غباري: 2009: 33) .
الاتجاهات المفسرة لصعوبات التعلم
هناك العديد من الاتجاهات المفسرة لصعوبات التعلم والتي تناولت مفهوم صعوبات التعلم من عدة زوايا بحسب ما تتبناه كل فئة من العلماء والمفسرين فليس هناك اتفاق حول الاسباب الفعلية لصعوبات التعلم ، فالبعض يرجعها الى عوامل فسيولوجية " خلل او اصابة المخ" ، ويعتقد آخرون ان السبب يرجع الى اضطرابات نيرولوجية المنشأ في المجال الادراكي- الحركي، اما الفئة الثالثة من العلماء والمفسرين فيرجعون السبب الى الطرق المستخدمة و غير الملائمة في تجهيز ومعالجة المعلومات ، ويرجع آخرون السبب الى ان الواجبات والمهام التعليمية تفوق مستويات نضج التلاميذ ذوي صعوبات التعلم ولا تتفق مع اسلوبهم في التعلم .
ومن هذه النظريات :
1- الاتجاه الطبي ومضامينه التطبيقية :
تتضمن هذه النظرية " الخلل الوظيفي البسيط او اصابة المخ" كتفسيرات لصعوبات التعلم، حيث يرى اصحاب هذه النظرية ان إصابة المخ، أو خلل المخ البسيط من الاسباب الرئيسية لصعوبات التعلم " اذ يمكن أن تؤدي الإصابة في نسيج المخ إلى ظهور سلسلة من جوانب التأخر في النمو في الطفولة المبكرة وصعوبات في التعلم المدرسي بعد ذلك في حين أن خلل المخ الوظيفي يمكن أن يؤدي الى تغير فى وظائف معبنة تؤثر- بالتالي- على مظاهر معينة من سلوك الطفل أثناء التعلم مثل عسر القراءة واختلال الوظائف اللغوية، وترجع اصابة المخ الى أسباب عديدة منها: نقص الاوكسجين الذي يحدث أثناء حالات الغيبوبة، الاختناق، نقص التغذية، او حالات سيولة الدم ويحدث ذلك قبل او اثناء او بعد الولاد. ويمكن تحديد اصابة المخ من خلال مؤشرات طبيعية تظهر في رسم موجات النشاط الكهربي للمخ. (كامل، 2005، 141)
2- نظرية الاضطراب – الحركي
تفترض هذه النظرية ان جميع انماط التعلم تعتمد على اساس حسي – حركي ، ثم تتطور هذه الاسس من المستوى الادراكي – الحركي الى مستوى التنظيم الادراكي المعرفي ولذا يرى اصحاب هذه النظرية ان معظم الاطفال اصحاب " صعوبات التعلم" يعانون من اضطراب نيورولوجي المنشأ في المجال الادراكي- الحركي، وان هذا الاضطراب هو السبب في عدم قدرة الطفل على التعلم، وحتى يتمكن الطفل من التعلم بشكل طبيعي يستلزم ذلك البدء في علاج جذور المشكلة وهى الاضطراب في المجال الادراكي- الحركي.
وقد تاثر بهذه النظرية كل من " بارش" و"جتمان" و " كيفارت" في نظريته ان الاطفال العاديين يتم نموهم الادراكي- الحركي بشكل ثابت وسليم بحلول الوقت الذي يبدأ فية نشاط التعلم المدرسي، اي في حلول سن السادسة في حين يضظرب هذا النمو عند بعضهم، ويتكون لديهم ادراك غير مطابق للواقع, مثل هؤلاء الاطفال يواجهون صعوبة في التعامل مع الاشياء الرمزية لافتقادهم الى ادراك واقعي وثابت للعالم الذي يحيط بهم. (كامل: 2005: 140)
3- اتجاه نظرية تجهيز المعلومات
تفترض هذ النظرية ان هناك مجموعة من مكيانيزمات التجهيز او المعالجة داخل الكائن العضوي كل منها يقوم بوظيفة اولية معينة وان هذه العمليات تفترض تنظيما وتتابعا على نحو معين. وتسعى هذه النظرية الى فهم سلوك الانسان حيث يستخدم امكاناته العقلية والمعرفية افضل استخدام فعندما تقدم للفرد المعلومات يجب عليه انتقاء عمليات معينة وترك اخرى في الحال من اجل انجاز المهمة المستهدفة.
وتنظر نظرية تجهيز المعلومات الى المخ الانساني باعتبارة يشبه جهاز الحاسب الالي فكلاهما يستقبل المعلومات ويجري عليها بعض العمليات ثم يعطي وينتج بعض الاستجابات المناسبة، لذا تركز هذه النظرية على كيفية استقبال المخ للمعلومات ومن ثم تحليلها وتنظيمها، وفي ضوء ذلك ترجع " صعوبات التعلم" وفقا لهذه النظرية الى حدوث خلل او اضطراب فى احدى العمليات التى قد تظهر في التنظيم او الاسترجاع او تصنيف المعلومات.
4- الاتجاهات المتصلة بمهام التعلم:
تركز هذه النظرية على حقيقة ان العمل المدرسي يكون غالبا ملائما للانماط المميزة للاطفال في القدرة في اساليب التعلم وانه يمكن ان تسهم هذه المهام في صعوبات التعلم اذا كان ما يدرسه المعلم والكيفية التي يدرسه بها ( الاسلوب المعرفي للتلميذ) وتتضمن هذه النظريات اتجاهين لتفسير صعوبات التعلم هما:
أ-تأخر في النمو (بطء في النمو)
ويذهب اصحاب هذا الاتجاه في تفسير " صعوبات التعلم" الى انها تعكس بطئا في نضج العمليات البصرية والحركية واللغوية وعمليات الانتباه التي تميز النمو المعرفي وانه نظرا لان كل طفل يعاني من " صعوبات التعلم" لديه مظاهر مختلفة من جوانب بطء النضج فان كلا منهم يختلف في معدل واسلوب اجتياز مختلف مراحل النمو. ونظرا لان المنهج المدرسي يفوق مستويات استعداد الاطفال الذين يعانون من عدم كفاءة المخ بدرجة ما فان هؤلاء الاطفال يفشلون في المدرسة.
ب - الاساليب المعرفية
ويفترض اصحاب هذا الاتجاه في تفسير " صعوبات التعلم " ان كثيرا من التلاميذ اصحاب صعوبات التعلم ذوي قدرات سليمة ومع ذلك فان اساليبهم المعرفية غير ملائمة لمتطلبات حجرة الدراسة وهي تتداخل مع – وتؤثر في النتائج التي يتوصلون اليها من التعلم ويرون ان الطفل صاحب صعوبة التعلم يختلف عن – وليس اقل قدره من- اقرانه في اساليبهم في استقبال المعلومات وتنظيمها والتدريب على تذكرها, وان هؤلاء الاطفال يتعلمون بشكل جيد حين تتناسب المهام المدرسية مع اساليبهم المعرفية المفضلة، وحين يدرس لهم باستراتيجية تعلم افضل، او حيث يمكنهم نضجهم من تطوير استراتيجية اكثر ملاءمة. (كامل:141: 2005)
توظيف نظريات التعلم في ميدان صعوبات التعلم
يعتبر فهم النظريات المتعلقة بصعوبات التعلم من المتطلبات الاساسية للعاملين في هذا المجال , وذلك لدور النظرية في التعرف على المشاكل التعليمية التي يعاني منها الاطفال وان قيمة النظرية في تحويلها الى واقع , والخطوة الاولى لوضع برنامج متخصص للاطفال ذوي صعوبات التعلم هو تطوير نظريات تبنى عليها طرق العلاج .
اولا :- النظرية السلوكية
إن النظرية السلوكية تأثرت بعدد من نماذج التعلم ومنها :
أولاً : نموذج الاشراط الكلاسيكي:
والذي يسمى في كثير من الأحيان بالاشراط البافلوفي نسبة إلى بافلوف أو الاستجابي أو الكلاسيكي حيث يستند هذا النموذج إلى تشكيل العلاقات بين المثيرات القبلية والسلوك الاستجابي لذا يفسر هذا النموذج أشكال التعلم البسيط بأنها "تلك الاستجابات التي تحدثها مثيرات بيئية معينة" ومن النماذج المعروفة التي انبثقت عن هذه النظرية سلوكية المثير والاستجابة لواطسون والتي بنيت أساسا ًعلى دراسات بافلوف وأسلوب تقليل الحساسية التدريجي وأسلوب المعالجة بالتنفير وأسلوب معالجة ردود الفعل الشرطي.
ثانيا ً- نموذج الاشراط الإجرائي :
يهتم هذا النموذج بدراسة قوانين التعلم التي يخضع لها السلوك الإجرائي ويستند هذا النموذج إلى بحوث (ثورندايك) حول الاشراط الفعال ومنها قانون الأثر، كما أنه يسند إلى دراسات (سكنر) حول التحليل السلوكي التجريبي والذي كان له الأثر الأكبر في تعديل السلوك الإنساني حيث ينصب اهتمام الباحثين في هذا النموذج على تحليل السلوك الإنساني في الوضع الطبيعي الذي يحدث فيه السلوك وعلاقة هذا السلوك في المثيرات البيئية القبلية والبعدية ويمكن تنفيذ ذالك بالمعادلة التالية : المثيرات القبلية ← السلوك ← المثيرات البعدية.
ومن خلال ما سبق يمكن إيجاز التطبيقات التربوية للنظرية السلوكية مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم وهي تتمثل فيما يلي:
1- أن التعليم المباشر والصريح يكون فعالاً مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم في تنفيذ المهمات الأكاديمية فهذا يحتاج إلى تحليل مكونات المنهاج وكيفية بناء السلوكيات المتسلسلة.
2- يمكن دمج التعليم المباشر مع أساليب عديدة أخرى من أساليب التدريس التي تستخدم مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم فيمكن استخدامه مع أسلوب التعليم الفردي والتفسيرات البديلة للمفاهيم ، ويراعى في ذلك الخصائص الفردية للطفل في عملية التخطيط للتعلم.
3- يجب النظر للمرحلة التعليمية التي يمر بها الطفل في مراحل تعلم متعددة منها :
أ- الاكتساب :
يتعرض الطفل للمعرفة الجديدة لكنه لا يدركها تماماً فمثلاً يعرض على الطفل جدول الضرب رقم 5 فهو لا يدركه إلا إذا تم تفسير المفهوم المرتبط به.
ب- الاتقان :
يبدأ الطالب بإدراك المعرفة في هذه المرحلة ولكنه ما زال بحاجة لممارستها باستخدام ألعاب - بطاقات كمبيوتر - تعزيز ... الخ.
ج- الاحتفاظ :
ويتم بمستوى عالي من الأداء بعد التعليم المباشر وبعد أن يتم سحب المعززات أو توجيه المعلم ، مثال: (يمارس جدول الضرب رقم 5.
د- التعميم :
وهنا الطالب يمتلك المعرفة ويمكنه تطبقيها في مواقف أخرى من التعلم ، مثال :استخدام جدول الضرب رقم 5 في مادة الرياضيات. (عواد:2009: 55) .
ثانيا:- النظرية النمائية المعرفية
تستند هذه النظرية الى افتراض ان القدرات العقلية تشكل القاعدة التي ينبثق منها النمو , وان البيئة توفر الفرص عن هذه القدرات . ويعتبر بياجيه (piaget) من الرواد الاوائل الذين ركزوا على القدرات العقلية واعتبرها اساسا تبنى عليه انواع التعلم وتفسير مظاهر النمو العقلي لدى الفرد ومن اهم المبادئ التي قدمها بياجيه ان النمو المعرفي هو بحث متواصل عن التوازن بين المواءمة , وهي تعني استقبال المعلومات واعتبارها جزءا من التنظيم العقلي للفرد وتعديل الانماط الموجودة بغية استيعاب المعلومات الجديدة والتعامل معها من جهة والتمثيل من جهة اخرى .( السيدعبيد : 2009: 40).
التطبيقات التربوية لنظرية النمائية المعرفية مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم
1- يجب ان تعمل المدارس على توفير خبرات تعتمد على النضج العقلي للطلبة بدلا من ان تطلب منهم مهارات هم غير مستعدين لها .
2- يشمل منهاج صعوبات التعلم على ترتيب مظاهر النمو في المجالات المختلفة هرميا بحيث تكون متسلسلة تبعا لمدى حدوثها في سلسلة النمو الانساني في الطبيعة .
3- ضرورة توفير خبرات طبيعية ترتبط بالمرحلة النمائية والنضج وتقديمها عندما يكون هناك استعداد عند الطلبة للتعلم .
4- يجب توفير وقت اطول لدى ذوي صعوبات التعلم لتعويض النقص في النمو العصبي والادراكي لمنحهم المساعدة الكافية لكي يحققوا نجاحا اكاديميا .( السيدعبيد : 2009: 43) .
استراتيجيات واساليب تدريس الاطفال ذوي صعوبة التعلم
تعرف الاستراتيجية بأنها الاسلوب الذي يتخذه الفرد لاداء مهمة ما بما في ذلك طريقة تفكيره وتصرفه عندما يخطط وينفذ ويقيم اداء المهمة ونتائجها . وتتضمن استراتيجيات تعليم الطلبة ذوي صعوبات التعلم الخطوات التالية:
1- تحديد السلوك المعين المطلوب تحسينه.
2- قياس مستوى الاداء الحالي .
3- صياغة الاهداف التعليمية
4- تنفيذ البرنامج ,واستراتيجيات التدريس . ( عبد الرحيم : 1997: بلا)
5- عملية التقويم .
* استراتيجية تعديل السلوك المعرفي .cognitive Behavior modication
تعديل السلوك المعرفي يقصد به : تقنية للكشف عن طاقات التعليم الكامنة لدى الاطفال ذوي صعوبات التعلم , وتعد هذه التقنية مهمة , لان هذه الطريقة تعالج مسألتين رئيستين من الصعوبات التي تواجه الاطفال ذوي صعوبات التعلم , وهما : التعلم الذاتي , والدافعية . ويوجد العديد من اساليب تعديل السلوك المعرفي, ومن هذه الاساليب :-
1- التعليم الذاتي Self-Instruction
الهدف الرئيسي من أسلوب التعليم الذاتي هو زيادة وعى الطالب بمراحل حل المشكلات أثناء قيامهم بالمهمات التي تتطلب حل المشكلات، وحثهم على التعبير عن هذه المراحل لفظياً. وفي هذا الاجراء يقوم المعلم أولا بنمذجة أسلوب حل المشكلات بصوت مسموع (لفظي)، ومن ثم يشرف على الطالب أثناء قيامه بهذه المهمة، حيث يقلد المعلم في أسلوب حل المشكلات وبصوت مسموع، ثم يهمس الطالب لنفسه أثناء قيامه بالحل، ولاحقاً يقوم الطالب باستخدام أسلوب حل المشكلات لوحده ودون إصدار أي صوت.
2- مراقبة الذات Self-Manitoring
يتضمن أسلوب مراقبة الذات متابعة الفرد الذاتية لسلوكه، ويتضمن مفهوم مراقبة الذات عاملين رئيسيان هما: تقييم الذات وتسجيل السلوك، فالطالب يقوم بتقييم سلوكه ومن ثم يسجل فيما إذا كان السلوك المستهدف قد ظهر أم لا. وقد استخدم هذا الأسلوب في عدة دراسات استهدفت مهارات أكاديمية محددة مثل مراقبة الطلبة أثناء حلهم لمسائل رياضية أو في زيادة التهجئة الصحيحة للطلبة، أو لزيادة أداء الطلبة للواجبات الصفية والمنزلية.
*استرااتيجية الحواس المتعددة .Multisensory
تركز هذه الاسترااتيجية على استخدام الطفل لحواسه المختلفة في عمليات التدريب لحل مشاكله التعليمية . اذ يتوقع منه ان يكون اكثر فاعلية للتعلم عندما يستخدم اكثر من حاسة من حواسه , وتعتمد هذه الاستراتيجية على التعامل مع الوسائل التعليمية بصورة مباشرة .
*استراتيجية اوبرنامج بناء و خفض المثير . Structure& Stimulus Reduction
ويعتمد هذا البرنامج على تخفيض عدد من المثيرات الخارجية للاطفال ذوي النشاط الزائد وتوفير الفرصة امامهم لتوجيه هذا النشاط .(عواد : 2009: 67)
المصادر
- ابو شعيرة و غباري , خالد محمد . ثائر احمد : (2009) , صعوبات التعلم بين النظرية والتطبيق ,مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع , عمان . ط1 .
- العزة , سعيد ( 2002 ), صعوبات التعلم . الدار العلمية , الاردن .ط1 .
- السيد عبيد , ماجدة بهاء الدين : (2009) , صعوبات التعلم وكيقية التعامل معها .عمان , دار صفاء للنشر والتوزيع .ط1.
- الشرقاوي,انور (2002) مجلة فصلية . ع63 .هيئة مصر العامة للكتاب
- القفاص , وليد كمال عفيفي : ( 2009) , صعوبات التعلم وعلم النفس المعرفي , المكتبة العصرية , مصر.
- عبد الرحيم، فتحي السيد (1997). الاستراتيجيات التدريسية لصعوبات التعلم. محاضرات غير منشورة، قدمت لطلبة الدراسات العليا في التربية الخاصة، جامعة الخليج العربي، البحرين. من الانترنيبت ,
- عواد، أحمد : (2009). صعوبات التعلم. عمان، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع
- كامل , محمد على محمد : (2005) . مواجهة االتاخر الدراسي وصعوبات التعلم .
- كامل , محمد على محمد (2007) علم النفس المدرسي
- مركز رياض نجد 2006) , حقيبة صعوبات التعلم , دار المؤلف للنشر والطباعة , بيروت .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي