يبلغ عدد المدارس في ألمانيا أكثر من 52400 مدرسة يتعلم فيها أكثر من 12.2 مليون تلميذ، ويعلم فيها على ما يزيد على 772600
معلم، ويمنح القانون الأساسي كل شخص الحق في أن ينمي شخصيته بحرية كاملة وأن يختار بملء حريته المدرسة والمؤسسة التدريبية والمهنية التي تتناسب مع ميوله وكفاءاته. وهدف السياسة التعليمية هو تمكين كل فرد من الحصول على التشجيع الأمثل والتعليم التأهيلي الذي يتناسب مع اهتماماته.
وبما أن ألمانيا دولة صناعية فقيرة بالمواد الخام، فهي مضطرة إلى الاعتماد على الأيدي العاملة الفنية المؤهلة تأهيلاً جيداً. لذلك توظف في ألمانيا مبالغ كبيرة من الأموال في مجال التعليم. في عام 1994 أنفقت الجهات الحكومية وحدها 151.9 مليار مارك على التعليم المدرسي والجامعي بما في ذلك المنح المدرسية والمساعدات المالية التي تقدمها الحكومة للطلاب.
وتنص المادة السابعة من القانون الأساسي على أن التعليم المدرسي بكامله يخضع لإشراف الدولة. واستناداً إلى البنية الفيدرالية لجمهورية ألمانيا فإن الصلاحيات في مجال التعليم موزعة بين الاتحاد والولايات. غير أن الولايات تتمتع بالجزء الأكبر من الصلاحيات فيما يتعلق بإدارة الشؤون التعليمية ووضع التشريعات الناظمة لها. وتلتزم الولايات بقواعد محددة تتعلق بالتعليم الإلزامي والأشكال التنظيمية والاعتراف بالشهادات والوثائق المدرسية وما شابه ذلك.
كما أن المؤتمر الدائم لوزراء التعليم في الولايات الألمانية اتخذ عدداً من القرارات التكميلية التي تنص على الاعتراف بالشهادات والوثائق الصادرة عن مختلف المدارس العامة والمهنية في جميع الولايات، وتحقق مزيداً من التقارب بين مناهج التعليم والشؤون المدرسية، ومنها مثلاً، تنظيم المرحلة الثانوية وتحقيق مستوى موحد في اختبارات الشهادة الثانوية، والاعتراف المتبادل بالشهادات المدرسية التي تكفل القدر اللازم من التماثل في النظام المدرسي. ولقد أدى التعاون بين الولايات في إطار مؤتمر وزراء التعليم إلى تحقيق تطورات موحدة أو متشابهة في مجالات أخرى من الشؤون المدرسية.
إلزامية التعليم
التعليم إلزامي من سن السادسة وحتى الثامنة عشرة، أي لمدة 12 عاماً. ينبغي على التلاميذ خلال هذه المدة قضاء تسع (وفي بعض الولايات عشر) سنوات دراسية بدوام كامل لأداء إلزامية التعليم العام، وبعد ذلك سنتين دراسيتين في المدرسة المهنية بدوام جزئي لأداء إلزامية التعليم المهني. والتعليم مجاني في جميع المدارس الحكومية. كما أن بعض وسائل التعليم، وعلى رأسها الكتب المدرسية، تقدم للتلاميذ مجاناً أيضاً، أو تعار لهم دون مقابل. وإذا ما أراد التلميذ الاحتفاظ بوسائل التعليم التي يحصل عليها يتوجب عليه دفع جزء من ثمنها يتناسب طرداً مع دخل ذويه.
ويكفل القانون الأساسي حق فتح المدارس وإدارتها من قبل أصحابها. لكن المدارس الخاصة تحتاج إلى تراخيص من الدولة إذا كانت تصلح بديلاً للمدارس الحكومية، أي تؤدي وظيفة مماثلة، إلا أنها ولكي تتمتع بصلاحية إجراء الاختبارات ومنح الشهادات حسب التعليمات النافذة في المدارس الحكومية، تحتاج إلى اعتراف السلطات التعليمية بها.
وتعتبر المدارس التي ترعاها هيئات أهلية إغناء للحياة التعليمية وتتلقى دعماً مالياً من الولايات. يبلغ عدد هذه المدارس في ألمانيا 2082 مدرسة ويتزايد باطراد عدد التلاميذ الذين يلتحقون بها.
رياض الأطفال
رياض الأطفال ابتكار ألماني اعتمده لاحقاً عدد من البلدان في العالم. وهي ليست جزءاً من النظام المدرسي الحكومي بل تندرج ضمن نطاق مساعدة الأحداث. أما الجهات المسؤولة عن رياض الأطفال فهي غالباً الكنائس والجمعيات الخيرية والبلديات، وفي بعض الأحيان المعامل والاتحادات. ويتركز العمل التربوي في رياض الأطفال على التربية الاجتماعية بهدف تنمية الشخصية وتأهيل الفرد لتحمل المسؤولية والعيش مع الجماعة.
وتعتبر رياض الأطفال دعماً للتربية داخل الأسرة واستكمالاً لها. وترمي إلى سد النواقص في نمو الشخصية كي يحصل الأطفال على أفضل فرص للتعليم والتطور. ويتم التعلم في المجال الأول، عن طريق اللعب. ويقضي معظم الأطفال في الروضة فترة ما قبل الظهر فقط، ويعودون بعد الظهر إلى أسرهم. غير أن بعض الأطفال يقضون النهار بكامله في الروضة.
وفي عام 1964 كان نحو 67% من الأطفال بين سن الثالثة والسادسة ملتحقين بإحدى رياض الأطفال. واعتباراً من أول عام 1996م صار الالتحاق في الروضة حقاً قانونياً تكفله الدولة.
النظام المدرسي
يلتحق الأطفال بالمدارس الابتدائية في السادسة من عمرهم ومدة الدراسة فيها أربع سنوات على وجه العموم، وفي برلين وبراندنبورغ ست سنوات. وفي غالبية الولايات لا يعطى الأطفال خلال العامين الدراسيين الأولين علامات، وإنما تقديرات عامة بصيغة تقرير يعبر عن التقدم الذي يحققه الطفل ويوضح نقاط الضعف التي يعانيها في المواد التعليمية كل على حدة. وبعد أن يمضي الأطفال معاً السنوات المشتركة في المدرسة الابتدائية، ينتقلون إلى المدارس الثانوية العامة المختلفة حيث يخضعون في الصفين الخامس والسادس، وبصرف النظر عن نوع المدرسة، لمرحلة توجيهية يستطلعون فيها بالتعاون مع أساتذتهم وذويهم ما لديهم من ميول ومواهب يحددون في ضوئها نوع المدرسة التي سيتابعون تعلمهم فيها. وتتم هذه المرحلة التوجيهية في معظم الولايات في إطار المدارس الثانوية المختلفة. أما في بعض الولايات فهي مرحلة مستقلة.
وبعد اختتام المرحلة الابتدائية يلتحق ربع الأطفال تقريباً بما يعرف بالمدارس الرئيسة. ومن يتخرج فيها بعد خمس أو ست سنوات يبدأ غالباً في التدريب المهني (ويلتحق إلى جانب ذلك وحتى الثامنة عشرة من عمره بمدرسة مهنية). ويستغل التلاميذ غالباً وثيقة التخرج من المدرسة الرئيسة للالتحاق بالتعليم المهني الثنائي، أي أن هذه المدرسة تفتح الطريق أمام المتخرجين فيها لتعلم مختلف المهن في مجال العمل اليدوي والصناعي. وتتميز المدرسة الرئيسة بأنها تقدم لتلاميذها معلومات أساسية عامة. وقد تحسن مستوى التعليم فيها باطراد: يتلقى اليوم جميع المنتسبين إلى هذه المدارس دروساً في اللغة الألمانية، والرياضيات، والعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، وفي لغة أجنبية (غالباً الإنجليزية) ودروساً في مجالات العمل التطبيقي كي تسهل عليهم الدراسة في المدارس المهنية.
أما المدرسة المتوسطة فهي حلقة وسيطة بين نمطي المدرسة الرئيسة والمدرسة الثانوية العامة وهي تقدم لتلاميذها تعليماً عاماً موسعاً. وتبلغ مدة الدراسة فيها ـ بصورة عامة ـ ست سنوات، من الصف الخامس حتى الصف العاشر. ويحصل المتخرجون فيها على شهادة الدراسة المتوسطة التي تؤهلهم للانتساب إلى المدارس الفنية أوالمدارس الفنية العليا. وتعتبر هذه الشهادة مقدمة للدخول في حياة وظيفة متوسطة المستوى في القطاع الاقتصادي والخدمة العامة.
أما المدرسة الثانوية العامة فتبلغ مدة الدراسة فيها تسع سنوات (من الصف الخامس حتى الصف الثالث عشر، أما في الولايات الجديدة باستثناء ولاية براندنبورغ فحتى الصف الثاني عشر فقط)، وهي تقدم لتلاميذها تعليماً موسعاً في مختلف الفروع بحيث يلتحق خريجوها غالباً بالجامعات والمعاهد العليا. وكانت الدراسة فيها تنقسم في الماضي إلى ثلاثة أفرع هي: فرع اللغات القديمة،وفرع اللغات الحديثة، وفرع الرياضيات والعلوم الطبيعية. أما اليوم فإن هذا لم يعد موجوداً، وإنما هناك مرحلة ثانوية عليا تشمل الصفوف 11-13 (وفي 4 ولايات 10-12 أو 11-12)، حيث حل نظام الدورات محل الصفوف التقليدية. وعلى الرغم من أن دراسة المواد المختلفة في المرحلة الثانوية العليا يبقى إلزامياً فإن التلميذ لديه الإمكانية في هذه المرحلة أن يركز اهتمامه على مجموعة من المواد التي يميل إليها بشكل خاص. وهناك ثلاثة أفرع أو اتجاهات رئيسة هي: فرع اللغات والآداب والفنون، وفرع العلوم الاجتماعية، وفرع الرياضيات والعلوم الطبيعية والتقنية. وعندما يختار التلميذ أحد هذه الأفرع يجب أن يتابعه حتى انتهاء المرحلة الثانوية العليا، أي حتى الحصول على الشهادة الثانوية العامة. وهناك إلى جانب ذلك مادتان إلزاميتان أخريان هما الديانة والرياضة. وتنتهي المرحلة الثانوية العامة باختبار التلميذ في أربع مواد يحصل على من ينجح فيها على الشهادة الثانوية العامة (بعد 13 سنة دراسية).
تؤهل شهادة الدراسة الثانوية العامة، شهادة البكلوريا أو الـ«أبيتور» أو الشهادة الثانوية الفنية، للانتساب إلى الجامعات والمعاهد العليا. إلا أن خريجي المدارس الثانوية قد ازداد عددهم ازدياداً كبيراً إلى درجة أنه لم يعد هناك إمكان لقبولهم جميعاً في الاختصاصات التي يريدونها في الجامعات والمعاهد العليا. لذلك اضطرت هيئات التعليم العالي إلى فرض نظام القبول المشروط على الاختصاصات المطلوبة بشكل خاص يجري بموجبها توزيع المقاعد الدراسية المتوفرة فيها على طالبيها استناداً إلى علامات الشهادة الثانوية وإلى فترة الانتظار بين الشهادة الثانوية والتسجيل في الجامعة. وفي فرع الطب يضاف إلى ذلك معايير أخرى (الاختبار، والمقابلة الشفهية).
المدرسة الشاملة
وهناك في المجال الثانوي نموذج مدرسي آخر يسمى المدرسة الشاملة التي يقضي فيها التلاميذ المرحلة الممتدة من الصف الخامس حتى الصف العاشر. وهناك بعض المدارس الشاملة التي توجد فيها مرحلة عليا خاصة بها تشبه المرحلة العليا في المدارس الثانوية العامة. والمدرسة الشاملة هي على وجه العموم مزيج يجمع على الصعيدين التنظيمي والتربوي بين الأشكال المدرسية الثلاثة: المدرسة الرئيسة، والمدرسة المتوسطة، والمدرسة الثانوية العامة. إذ يجري في هذه المدرسة واعتباراً من الصف السابع تدريس بعض المواد (الرياضيات، واللغة الأجنبية الأولى، واللغة الألمانية، والكيمياء والفيزياء) في دورات تشمل مادتين رئيستين على الأقل. أما مستوى الدورات فيتحدد تبعاً للشهادة التي سيحصل التلميذ عليها في نهاية الصف التاسع أو العاشر ( شهادة التخرج في المدرسة الرئيسة، أو في المدرسة المتوسطة، أو الشهادة التي تؤهل حاملها للانتقال إلى المدرسة الثانوية العامة).
أنواع أخرى من المدارس
وهناك أنواع أخرى من المدارس في الولايات الجديدة هي «المدرسة النظامية» و«المدرسة الوسطى» و«المدرسة الثانوية». وهي نوع من الدمج بين المدرسة الرئيسة والمدرسة المتوسطة، حيث يتبع اعتباراً من الصف السابع نظام الدورات أو الصفوف المختلفة التي يتحدد مستواها تبعاً لنوع شهادة التخرج.
أما الأطفال والفتيان الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس المذكورة أعلاه، بسبب عاهة جسدية أو عقلية، فيتلقون تعليماً مستقلاً في مدارس خاصة بهم. ويخضع المعاقون لنظام التعليم الإلزامي شأنهم شأن الأصحاء.
الطرق الثانية للتعليم
وهناك ما يسمى «الطريق الثانية للتعليم»، وهي طريقة تتيح المجال للحصول على الشهادات المدرسية لمن فوت فرصة الحصول عليها في المدارس النظامية. ويحصل ذلك، مثلاً، في المدارس الثانوية المسائية حيث يستطيع العاملون، إلى جانب عملهم الوظيفي، متابعة تعليمهم للحصول على شهادة الدراسة الثانوية العامة.
المعلمون
لكل نوع من أنواع المدارس في ألمانيا معلمون مؤهلون تأهيلاً خاصاً ومختلفاً. وينبغي على جميع المدرسين أن يكونوا من حملة الشهادات الجامعية، لكن المواد التي يدرسونها في الجامعة تختلف من مدرس إلى آخر. فمن يريد أن يصبح معلماً في المدرسة الابتدائية أو الرئيسة يدرس في الجامعة، سبعة فصول دراسية (ثلاث سنوات ونصف). أما مدرسو المدارس المتوسطة، ومدارس الأغراض الخاصة، والمدارس الثانوية العامة، والمدارس المهنية، فيجب أن يدرسوا في الجامعة مدة أطول (ثمانية أو تسعة فصول دراسية). ويخضع جميع المرشحين للعمل في التدريس لاختبار خاص بعد إنهاء دراستهم، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التدريب التربوي العملي في المدارس وفي دورات تربوية خاصة يليها إجراء اختبار الدولة الثاني. ومن يعين بعد ذلك معلماً في إحدى المدارس يصبح، موظفاً لدى الولاية التي يعمل فيها.
التعليم المهني
يتعلم معظم الشباب الألمان (70% من مواليد العام الواحد) بعد إنهاء المدرسة إحدى المهن المعترف بها رسمياً في نظام التعليم المهني الثنائي. وغالبية الشباب والشابات الذين يقررون تعلم مهنة هم من خريجي المدرسة الرئيسة أو المدرسة المتوسطة. ولكن هناك أيضاً كثيراً من حملة الشهادة الثانوية العامة الذين يقررون تعلم مهنة.
النظام الثنائي للتعلم المهني:
تحدد المهن التي يتعلمها الشباب في النظام الثنائي حسب حاجة السوق وبالتعاون الوثيق بين الاتحاد والولايات واتحادات أرباب العمل ونقابات العمال. وتتراوح فترة التعليم المهني بين عامين وثلاثة أعوام ونصف العام حسب نوع المهنة. أما المنهاج التعليمي فيتحدد تبعاً لمتطلبات المهنة التي سيمارسها المتدرب بعد تخرجه. ويتقاضى المتدربون أجراً لقاء عملهم خلال فترة التدريب. وتصرف أموال طائلة على تمويل النظام الثنائي للتعليم المهني تتحملها الدولة والشركات.
يتميز النظام الثنائي عن نظام التعليم المهني المدرسي الصرف المطبق في كثير من الدول بخاصتين رئيستين هما:
1ـ أن الجزء الأكبر من التعليم لا يتم في المدرسة وإنما في مواقع الإنتاج أو في مراكز الخدمات أو في مكاتب أصحاب المهن الحرة ...إلخ، أي في المكان الذي تمارس فيه المهنة التي يريد المتدرب تعلمها. وبين وقت وآخر يسمح للمتدرب بالذهاب إلى المدرسة المهنية، أي أنه يبقى خلال فترة التدريب تلميذاً في المدرسة. يقضي المتدرب عادة ثلاثة أو أربعة أيام في مكان التدريب ويوماً أو يومين في المدرسة المهنية.
2- يتولى مهمة التدريب في النظام الثنائي جهتان مختلفتان هما: الشركة والمدرسة المهنية، وبذلك يخضع التدريب المهني لقانونين مختلفين: يخضع في الشركة للقانون الاتحادي. أما التدريب المدرسي فهو اختصاص الولايات.
يتم التدريب في المعمل ضمن الشروط وعلى الآلات والتجهيزات المطابقة للمستوى التقني السائد. ويتم في الشركات الكبيرة في ورشات تدريب خاصة وفي مكان العمل. أما في الشركات الصغيرة فيتم التدريب في مكان العمل مباشرة. وإذا ما كان المعمل متخصصاً جداً ولا يستطيع تزويد المتدرب بكل ما يحتاج إليه من معارف تقوم مراكز تدريب خارج المعمل بتقديم العون اللازم أو ينقل المتدرب إلى معامل أخرى لإكمال تدريبه.
أما الدروس في المدرسة المهنية فترمي إلى استكمال التدريب العملي بمعلومات نظرية عن الاختصاص (الدروس الاختصاصية) وإلى تزويد الطالب بمعلومات ثقافية عامة (دروس الثقافة العامة). وتشكل الدروس الاختصاصية نحو الثلثين وتشكل دروس الثقافة العامة نحو الثلث. أما التحاق المتدربين بالمدرسة المهنية أثناء فترة التدريب فهو إلزامي وتنص عليه قوانين التعليم المدرسي في الولايات.
يساهم أكثر من 500.000 معمل ومشغل ومكتب وعيادة وشركة عامة وخاصة في عملية التدريب المهني. وفي الوقت الحاضر يوجد نحو 1.6 مليون شاب وشابة يتلقون التدريب المهني لتعلم إحدى المهن المعترف بها رسمياً والبالغ عددها نحو 360 مهنة تتفاوت درجة الإقبال على تعلمها ودرجة الحاجة إليها في القطاعات الاقتصادية. فهناك عشر مهن يفضلها نحو 42% من المتدربين وعشر مهن أخرى يفضلها نحو 55 % من المتدربات الإناث ويختار الذكور غالباً التدرب على إحدى المهن التالية: ميكانيكا السيارات، أو التمديدات الكهربائية، أو مهنة البناء، أو النجارة. أما البنات فيفضلن مهناً أخرى مثل : الأعمال التجارية، مساعدة طبيب، مساعدة طبيب أسنان، أو بائعة في المحلات التجارية.
تدريب للجميع:
يجب أن يتلقى جميع الشباب في ألمانيا تعليماً مهنياً عالياً قدر الإمكان في حال عدم رغبتهم في متابعة تحصيلهم الجامعي. ولذلك فمن الضروري أن تتوفر أمكنة للتدريب المهني كافية ومتنوعة. والالتحاق بالتعليم المهني مفتوح أمام الجميع وهو في النظام الثنائي غير مشروط بحيازة شهادات معينة. ولقد أثبت النظام الثنائي للتدريب المهني جدارته في تأهيل النشء الجديد من الأيدي العاملة المتخصصة وهو يخضع لتطوير متواصل وخصوصاً فيما يتعلق بإحداث مهن جديدة في حقول وظيفية جديدة وبتحديث الأنظمة التعليمية للمهن القائمة. إضافة إلى ذلك يجري باستمرار استحداث عروض تعليمية متنوعة تعطي فرصاً جديدة للشباب الأقل كفاءة وللشباب الأكثر كفاءة.
متابعة التأهيل:
بسبب ما يحدث في العالم من تغيرات سريعة لم يعد من الممكن اليوم أن يختم المتدرب تعلمه مع تخرجه في المدرسة المهنية؛ ولذلك تزداد أهمية متابعة التأهيل المهني. ويوجد في ألمانيا نظام لمتابعة التأهيل تتولى القيام به وتمويله جهات مختلفة. إذ تقوم الدولة انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية ومن مسؤوليتها عن التشغيل وتوفير فرص العمل بتقديم الدعم اللازم للأشخاص الذين لا تمكنهم ظروفهم من الاعتماد على أنفسهم في النظام الاقتصادي القائم على حرية السوق.
طرائق أخرى للتعليم المهني:
إلى جانب التعليم المهني في النظام الثنائي هناك تعلم مهني في مدارس مهنية بدوام كامل. ويلتحق الشباب بهذه المدارس إما لتعلم مهنة تعلماً كاملاً، وإما لتهيئة أنفسهم لممارسة المهنة. وتستغرق الدراسة عاماً واحداً على الأقل. ويشمل هذا النوع من المدارس المهنية مدارس تجارية ومدارس للرعاية الاجتماعية ومدارس للتدبير المنزلي ومدارس للشؤون الصحية. وهناك مدارس فنية لمتابعة التأهيل المهني يلتحق بها الشباب بعد إنهاء تعليمهم المهني بغرض التوسع في الاختصاص وزيادة الكفاءة المهنية (ومن هذه المدارس على سبيل المثال: مدارس الاختصاصات التقنية).
التعليم العالي
تأسست أقدم جامعة ألمانية، ألا وهي جامعة هايدلبرغ، في عام 1386م. وقد احتفلت عدة جامعات ألمانية أخرى بذكرى مرور خمسمائة عام على تأسيسها، من بينها جامعة لايبزغ (تأسست عام 1409م) وجامعة روستوك (تأسست عام 1419م) اللتان تمتازان بتقاليدهما العريقة.
في القرن التاسع عشر، وفي النصف الأول من القرن العشرين، كان المثل الأعلى للتعليم الجامعي في ألمانيا، هو ما حاول «فيلهلم فون هومبولت» تحقيقه في جامعة برلين التي تأسست عام 1810م. إذ كانت الجامعة التي اتخذت طابع فكر هومبولت قد صممت لاستقبال أعداد قليلة من الطلبة، وكان عليها أن تكون، في المقام الأول، مكاناً لدراسة العلوم الخالصة، وأن يتم فيها التعلم والبحث العلمي دون الارتباط بأي غرض. إلا أن هذه الصورة المثالية للتعليم العالي أصبحت مع مرور الزمن لا تلبي متطلبات المجتمع الصناعي الحديث. ولذلك نشأت إلى جانب الجامعات معاهد عالية للتقنية والتربية، وفي السبعينيات والثمانينيات بشكل خاص معاهد اختصاصية تلبي بسرعة المتطلبات المتنامية للبحث العلمي والعلوم والتعليم وتأهيل العلماء الشباب.
وهكذا ارتفعت نسبة المنتسبين إلى الجامعات والمعاهد العالية من مواليد عام واحد من 8 % عام 1960 إلى 30 % في الوقت الحاضر.
تؤدي الجامعات والمعاهد العالية إلى جانب مهامها التعليمية مهام متزايدة باستمرار في مجال الأبحاث العلمية الأساسية. ولكي تتمكن مؤسسات التعليم العالي من إنجاز هذه المهام على أكمل وجه تم منذ الستينيات توسيعها وزيادة إمكاناتها باستمرار سواء من ناحية المباني أو الجهاز التعليمي والإداري أو التمويل. كما تم استحداث فروع دراسية واختصاصات جديدة وجعل الدراسة تهتم بدرجة أقوى بتلبية متطلبات الممارسة المهنية بعد التخرج. إلا أن التوسع لم يتمكن من مجاراة الزيادة الكبيرة في أعداد الطلبة مما أدى إلى تطور الوضع ومدد الدراسة في الجامعات الألمانية في الأعوام الأخيرة تطوراً غير إيجابي.
إصلاح التعليم العالي: في عام 1998م أقر التعديل الرابع لقانون الجامعات وبدأت بموجب هذا التعديل عملية إصلاح أساسي لشؤون التعليم العالي هدفها إتاحة المنافسة الداخلية وتشجيعها وضمان القدرة التنافسية للجامعات الألمانية على الصعيد الدولي، وذلك عن طريق التقليل من البيروقراطية ونظام الأوامر ووضع حوافز لتشجيع الأداء والعمل. ويشكل ربط حجم التمويل بحجم الأداء وإعطاء درجات للبحث والتعليم، واعتماد نظام العلاقات في الدراسة والاختبارات، وإلزام الجامعات بإعادة توجيه الطلاب وتقديم الاستشارات لهم ومزيد من الاهتمام.
ويوفر قانون التعليم العالي الجديد الشروط اللازمة لكي تحتل الجامعات الألمانية مكانة بارزة على الصعيد الدولي. سيكون في إمكانها تقويم أداء الطلاب استناداً إلى نظام العلامات، الذي يتزايد الاعتراف به على نطاق عالمي. ومنح شهادة البكالوريوس والماجستير في الاختصاصات الجديدة. وبذلك ستمنح الجامعات الألمانية في المستقبل شهادات ودرجات علمية معادلة للشهادات والدرجات العلمية المألوفة على نطاق عالمي. وهناك كثير من الجامعات التي تعتمد الشهادات الجديدة لتطوير عروض دراسية جديدة للطلاب الأجانب والألمان. فلقد أحدثت حتى الآن 14 جامعة وستة معاهد عالية فروعاً دراسية جديدة دولية التوجه تمولها الحكومة الاتحادية ويقبل فيها الطلاب الأجانب والألمان على حد سواء. وستدرس هذه الاختصاصات باللغة الألمانية وبإحدى اللغات الأجنبية، غالباً الإنجليزية.
أشكال التعليم العالي: تشكل الجامعات والمعاهد العليا المماثلة لها الدعامة الأساسية التي يقوم عليها التعليم العالي. وينهي الطلبة دراستهم الجامعية بالحصول على شهادات الدبلوم، أو الماجستير، أو شهادة اختبار الدولة. ومنذ عام 1998م يمكن أيضاً دراسة اختصاصات تمنح فيها شهادة البكالوريوس أو الماجستير. وهناك إمكان لمواصلة الدراسة بعدئذ للحصول على شهادات اختصاصية أخرى حتى شهادة الدكتوراه وغيرها من شهادات التخرج الأكاديمي. وهناك بعض الفروع التي لا تمنح إلا شهادة الماجستير أو الدكتوراه. ويمكن بعد ذلك الحصول على شهادة التأهيل لوظيفة أستاذ جامعي (بروفسور).
أما النوع الآخر من أنواع التعليم العالي فهو المدارس الاختصاصية العليا، التي تشهد إقبالاً متزايداً. وهي تدرس فروع الهندسة، وعلوم الحاسوب، والاقتصاد، والشؤون الاجتماعية، والتصميم، والصحة والمعالجة بطريقة تعتمد اعتماداً أقوى على التطبيق العملي، وتمنح خريجيها شهادة الدبلوم، ومند عام 1998م يمكن أيضاً الحصول على شهادة البكالوريوس أو الماجستير. وكل ثالث طالب تقريباً يبدأ دراسته اليوم يختار هذا النوع من الدراسة التي تكون مدتها أقصر من مدة الدراسة في الجامعة.
وفي ولايتين ألمانيتين، هما هيسن وولاية شمال الراين ـ وستفاليا، يوجد منذ السبعينيات مايسمى بالمعاهد العليا «الشاملة» التي توحد أشكالاً مختلفة من المعاهد العليا تحت سقف واحد، وتقدم فروعاً دراسية مختلفة وشهادات تخرج مطابقة لذلك. وفي عام 1974 تم تأسيس جامعة بالمراسلة في هاغن وهي تعد من المعاهد العليا الشاملة في ولاية شمال الراين ـ وستفاليا. وهي الجامعة الوحيدة التي تدرس بالمراسلة في المنطقة الناطقة باللغة الألمانية وأكبر عارض للدراسة الجامعية في ألمانيا. بلغ عدد الطلاب المنتسبين إليها في الفصل الدراسي الشتوي 1997 / 1998 نحو 55000 طالب وطالبة يتلقون الرعاية في مراكز دراسية إقليمية ـ بعضها موجود في مناطق ناطقة باللغة الألمانية خارج ألمانيا وفي دول أوروبا الشرقية والوسطى ـ وإلى جانب جامعة هاغن هناك أيضاً معاهد خاصة تتيح للمنتسبين إليها الدراسة بالمراسلة. كما أن الجامعات الحضورية (أي التي تشترط الدوام) تتيح بصورة متزايدة إمكانية الدراسة بالمراسلة. وتوفر وسائل الاتصال المتعددة الأغراض وشبكات الاتصال مع الحواسب المركزية في الجامعات والمكتبات إمكانات جديدة لتنظيم الدراسة بالمراسلة (دون دوام) بطريقة حديثة تلبي الحاجة. وتزداد باطراد العروض التي تجمع بين الدراسة بالمراسلة والدراسة الحضورية.
ويهتم الاتحاد والولايات اهتماماً كبيراً يفسح المجال أمام الأجانب للدراسة في الجامعات الألمانية. وقد بلغ عددهم عام 1997م نحو 153000 طالب وطالبة.
على الرغم من أن الطلاب ينصحون في جميع الفروع الدراسية تقريباً بالتقيد ببرامج دراسية معينة ويطالبون بتقديم اختبارات دورية، يمكنهم مع ذلك في كثير من الفروع أن يختاروا المواد والمحاضرات التي سيركزون اهتمامهم عليها.
والتعليم الجامعي في ألمانيا مجاني، وعندما لا يكون الطلاب أو ذووهم قادرين على تمويل الدراسة لهم الحق في الحصول على معونات مالية من الدولة وفقاً لأحكام القانون الاتحادي لتشجيع الدراسة الجامعية. خلال المدة النظامية اللازمة للدراسة يعتبر نصف المعونة منحة دراسية والنصف الآخر قرضاً بلا فائدة خاضعاً للتسديد خلال خمس سنوات بعد انتهاء المدة القصوى التي يحق للطالب فيها الاستفادة من المعونة المالية.
ويتولى تنفيذ القانون الاتحادي لتشجيع الدراسة الجامعية 65 هيئة طلابية عامة تابعة للولايات . وهي مسؤولة عن دعم الطلاب ورعايتهم اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وثقافياً. وتنتظم الهيئات الطلابية المحلية في اتحاد عام هو اتحاد الهيئات الطلابية الألمانية. ومنذ فترة من الزمن يقدم هذا الاتحاد في 56 جامعة ومعهداً عالياً خدمة جديدة للطلاب الأجانب تشمل تقديم السكن والطعام والرعاية لقاء مبلغ مقطوع مغر.
الانتساب إلى الجامعة وشروط القبول: على الرغم من جميع الإجراءات المتخذة حتى الآن لتوسيع الجامعات، فإن الإقبال الكبير على الدراسة الجامعية أدى إلى تقييد الانتساب إلى بعض الفروع بعدد من الشروط تسمى «نوميروس كلاوزوس» (العدد المحدد). ويتم توزيع المقاعد عادة استناداً إلى علامات الشهادة الثانوية وفترة الانتظار. إلا أن جزءاً من المقاعد الدراسية في الاختصاصات المقيد الانتساب إليها على صعيد الاتحاد يخضع لطريقة القبول الانتقائي التي تعتمد على معدل العلامات في شهادة الدراسة الثانوية، وعلى فترة الانتظار، والاختبار الذي تجريه الجامعة والمقابلة الشخصية.
منذ فترة طويلة يدور النقاش حول إصلاح المناهج الدراسية بطريقة يتم فيها ـ بالدرجة الأولى ـ تقصير فترة الدراسة، إذ إن الطالب يقضي في الوقت الحاضر في المتوسط نحو 13 فصلاً دراسياً، أي ست سنوات ونصف السنة، في الدراسة الجامعية. وهذه فترة طويلة جداً بالمعايير العالمية أيضاً. إضافة إلى ذلك، فإن عمر المبتدئين بالدراسة آخذ في الازدياد. إذ إنهم يكونون غالباً قد قضوا قبل بدء دراستهم فترة تدريب طويلة، أو أدوا الخدمة العسكرية الإلزامية. يترتب على ذلك البدء المتأخر بمزاولة العمل وهو أمر له مساوئ جمة، وأيضاً عند التنافس مع خريجين جامعيين من بلدان أخرى.. وعلى الأخص في ضوء اشتداد التنافس الدولي بسبب اتساع حرية الانتقال واختيار مكان العمل كما هو الحال في السوق الداخلية الأوروبية مثلاً.
تعليم الكبار
تكتسب متابعة التأهيل بمعنى التعلم المتواصل طيلة الحياة أهمية متزايدة. وينطبق هذا التطور على متابعة التأهيل العام والتأهيل المهني على حد سواء. وفي العادة يعتبر التأهيل السياسي والثقافي من التأهيل العام. وكلما تقادمت المعرفة بسرعة أكبر ازدادت الضرورة للتعلم مدى الحياة لكي يحافظ المرء على قدراته المهنية. وهذا هو أيضاً هدف «الحملة المركزة لمتابعة التأهيل» التي أصبحت منذ عام 1987م المنبر الذي يناقش عليه موضوع متابعة التأهيل والتي تشجع وتدعم التعاون بين جميع الأطراف المشاركة في عملية متابعة التأهيل.
في الأعوام الأخيرة قويت المشاركة في ألمانيا في الدورات التعليمية والتدريبات الرامية إلى متابعة التأهل ووصلت عام 1997م إلى أعلى مستوى لها منذ بدء العمليات الإحصائية الخاصة بهذا الموضوع في إطار «النظام الخاص بحصر عمليات متابعة التأهيل». ففي العام المذكور استفاد 50% تقريباً من الألمان اليافعين من عروض متابعة التأهيل.
*الجهات المسؤولة عن متابعة التأهيل: يوجد في ألمانيا عدد كبير من الجهات والمنظمات المختلفة التي تساهم في عمليات متابعة التأهيل نذكر منها:
- الجامعات الشعبية: وهي مؤسسات تعليمية نهارية تركز اهتمامها على متابعة التأهيل وتقدم عروضاً أساسياً شاملة ومنتشرة في جميع المناطق وخصوصاً في مجال التأهيل العام وبصورة متزايدة في مجال التأهيل المهني أيضاً. والانتساب إليها متاح للجميع. والجامعات الشعبية هي في العادة مراكز لمواصلة التعليم تابعة لهيئات الإدارة المحلية (في المدن والنواحي). ويوجد في ألمانيا أكثر من 1000 جامعة شعبية بالإضافة إلى عدد كبير من الفروع الخارجية التابعة لها.
- المعامل والشركات: وهي أهم الجهات التي تتولى متابعة التأهيل المهني وتؤدي مهامها في هذا الصدد، إما في أمكنة تدريبية تابعة لها، وإما بالتعاون مع جهات أخرى ومؤسسات لمتابعة التأهيل خارج المعامل.
- المعاهد الخاصة والمؤسسات التجارية المختصة بمتابعة التأهيل: وهي تنشط بصورة خاصة في مجال تغيير المهنة (تعلم مهنة جديدة)، اكتساب تأهيل مهني جديد أو رفع كفاءة المتدرب، التدرب على معالجة البيانات إلكترونياً، تعلم لغات أجنبية، الحصول على شهادات مدرسية فوَّت المرء فرصة الحصول عليها في الوقت المناسب.
- الكنائس: وهي تركز اهتمامها على المسائل التربوية والمدرسية وشؤون الأسرة والمجتمع والأدب والمسائل الحياتية والصحة والزواج وغير ذلك.
- الجامعات والأكاديميات والمؤسسات العلمية: وهي تهتم (غالباً بالتعاون مع النقابات المهنية ذات العلاقة) بمتابعة التأهيل العلمي والاختصاصي.
- الغرف (ومنها مثلاً غرف الصناعة والتجارة وغرف الحرف اليدوية وغرف الزراعة) واتحادات أرباب العمل ومراكز التعليم التابعة للشركات: وهي تقدم عروضاً لتطوير المعلومات المهنية وتكييفها مع الظروف التقنية والإدارية المتغيرة، وتشرف على الاختبارات المهنية وتمنح شهادات معترفاً بها.
- نقابات العمال: وهي تركز نشاطها على تأهيل العمال للمشاركة في النشاط السياسي وفي الدفاع عن مصالح العمال في الشركات والمعامل. وتشارك بالتعاون مع الجامعات الشعبية (الرابطة الاتحادية «الحياة والعمل») في أعمال التأهيل السياسي والمهني.
- المنظمات الخيرية: وهي تزود الكبار بمعلومات وكفاءات في المجال الاجتماعي والصحي والتنموي.
في عام 1997 أقام 177 معهداً خاصاً للتعليم بالمراسلة نحو 1280 دورة لمتابعة التأهيل في المجال العام وفي المجال المهني (وخصوصاً في المجال الاقتصادي والتجاري). وإلى جانب «الرسائل التعليمية» الكلاسيكية تستخدم المعاهد اليوم بصورة متزايدة وسائل الاتصال الجديدة لإيصال المعلومات إلى المنتسبين. ولقد استفاد عام 1996 نحو 131000 منتسب من الدروس بالمراسلة.
ويقدم المركز الاتحادي للتثقيف السياسي ومراكز التثقيف السياسي التابعة للولايات والمبرات التابعة للأحزاب السياسية عروضاً كثيرة ومتنوعة لتأهيل الكبار وتعميق ثقافتهم، وخصوصاً في المسائل السياسية الراهنة وفي المسائل الأساسية للنظام الديموقراطي.
- مدارس الطريق الثانية للتعليم: وهي تمكن الكبار من الحصول لاحقاً على الشهادات المدرسية.
وتحاول المكتبات، والمتاحف، والمراكز الثقافية والاجتماعية، والمجموعات المنظمة ذاتياً، ومبادرات المواطنين، ومحلات بيع الكتب، وغير ذلك من المؤسسات تلبية الحاجات التعليمية النوعية للكبار والصغار خارج مؤسسات متابعة التأهيل التقليدية.
- الهيئات العامة للإذاعة والتلفزيون: وهي تساهم عن طريق ما تبثه من برامج في نشر المعلومات وتشجيع التعليم والثقافة. وهناك المعهد الإذاعي الذي يعمل بالتعاون الوثيق مع الجامعات الشعبية. وهو يقدم عروضه لمتابعة التأهيل عبر البرامج الإذاعية والدورات المرافقة لها.
- مؤسسات أخرى: هناك إلى جانب ما ذكرناه مؤسسات أخرى لها أهمية خاصة بالنسبة لتعليم الكبار وهي:
- المعهد الألماني لتعليم الكبار: وهو معهد خدمي تابع لجمعية غوتفريد فيلهلم لايبنيتس العلمية، ويشكل حلقة الوصل بين الأبحاث والتطبيق في مجال تعليم الكبار. وهو يربط بهذه الوظيفة بين المجالين عن طريق ما يوفره من مواد وما ينشره من مطبوعات وعن طريق المؤتمرات ومجموعات العمل والمشاريع.
- المعهد الاتحادي للتعليم المهني: وهو خاضع لإشراف الوزارة الاتحادية للتعليم والعلوم والأبحاث والتكنولوجيا، ويعمل بالتعاون الوثيق مع النظام الثنائي للتعليم المهني (المعمل والمدرسة المهنية). يقوم المعهد بإجراء الأبحاث في مجال التعليم المهني ويقدم الخدمات والاستشارات للحكومة الاتحادية وللجهات التي تنفذ التعليم المهني.
- الاتحاد والولايات: وهم يعملون معاً في إطار «لجنة الاتحاد والولايات لتخطيط التعليم وتشجيع الأبحاث». أما الولايات فتتناوب فيما بينها في إطار «المؤتمر الدائم لوزراء التعليم في الولايات».
تمويل متابعة التأهيل: لا يمكن تحديد رقم دقيق للأموال المصروفة على متابعة التأهيل. ويقدر هذا المبلغ عام 1994 بنحو 70 مليار مارك. تتحمل الجهات الخاصة أكثر من نصف هذا المبلغ: تصرف المعامل على متابعة التأهيل. بما في ذلك الأجور التي تدفعها للمتدربين ـ رغم انقطاعهم عن العمل ـ أكثر من 34.4 مليار مارك كل عام، ويدفع المتدربون رسوماً تصل إلى 10 مليارات مارك تقريباً.
أما الأموال العامة فيأتي معظمها من صندوق التأمين ضد البطالة، ومن ميزانيات الولايات والبلديات والاتحادات. ومن الممكن أن يحصل العاملون على إعفاءات ضريبية لقاء متابعة التأهيل. ومن الأشكال الأخرى لتشجيع متابعة التأهيل ما يسمى «الإجازة التعليمية» التي يدفع رب العمل للمتدرب خلالها كامل أجره.
العلوم والبحث العلمي
في الأعوام الأخيرة كان من بين العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل للكيمياء والفيزياء والطب عدد من العلماء الألمان، ففي عام 1991 حصل عالما الأحياء المختصان بالخلايا، إيرفين نيهر وبيرت زاكمان على جائزة نوبل للطب. واقتسم جائزة نوبل للفيزياء في عام 1989 الفيزيائي فولفغانغ باول مع زميلين له من الولايات المتحدة الأمريكية . وحصل عام 1988 البحاثة الألمان الثلاثة يوهان دايزنهوفر وروبيرت هوبر وهارتموت ميشيل على جائزة نوبل للكيمياء. وفي عام 1995 حصل على جائزة نوبل العالمان الألمانيان: كريستيانة نوسلاين فولهارد المختصة في بيولوجيا التطور (جائزة نوبل للطب) وباول غروتسن أستاذ الكيمياء في جامعة ماينتس. وفي عام 1998 حصل على جائزة نوبل للفيزياء الفيزيائي الألماني هورست شتورمر مع زميلين آخرين من الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الماضي كانت ألمانيا تعتبر بلد العلوم، وكانت الجامعات الألمانية تتبوأ مكانة طليعية في العديد من فروع العلوم الطبيعية والإنسانية، وحتى الحرب العالمية الثانية حصل الألمان على عشر جوائز مما مجموعه 45 جائزة نوبل للفيزياء، وعلى 16 جائزة من أصل 40 جائزة نوبل للكيمياء. إلا أن دكتاتورية الاشتراكية القومية (النازية) أرغمت منذ عام 1933 الكثير من أفضل العقول على مغادرة البلاد. وكان أن ذهب بعضهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعطوا العلوم هناك دفعاً لا يقدر بثمن. ولم تتغلب ألمانيا على هذا النزف بعد عام 1945 إلا بصورة بطيئة وبذل مجهودات جبارة.
وضعت الوحدة الألمانية البحث العلمي أمام تحد جديد وهو: إقامة شبكة من مراكز الأبحاث تشمل ألمانيا كلها. ولقد أصبح اليوم لدى الولايات الجديدة شبكة من المراكز المتنوعة والقادرة على المنافسة تضم نحو 120 مركزاً للأبحاث تتلقى الدعم المالي من الاتحاد ويعمل فيها نحو 13000 شخص.
تتركز الأبحاث في الولايات الجديدة على تطوير مواد صناعية ومعدنية جديدة، وعلى التقنية المعلوماتية، والإلكترونيات الدقيقة، والتقنية البيولوجية، والأبحاث البيئية، والعلوم الجيولوجية، والأبحاث الصحية. وفي كثير من المواقع تتعاون هذه المراكز مع مراكز الأبحاث الموجودة في الشركات والجامعات. وقطاع البحث العلمي في الولايات الجديدة مرتبط بكثير من البرامج الأوروبية والعالمية، ويقيم علاقات تعاونية وثيقة مع كثير من الجهات الأجنبية.
على الرغم من ذلك فإن الحكومة الألمانية مدركة أن توحيد البحث العلمي بين الشرق والغرب مازال في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود، فهي تمول، على سبيل المثال «معاهد الابتكار» التي تشكلت في جامعات الولايات الجديدة والتي تعمل بالتعاون مع مختلف الجامعات ومع اختصاصيين من خارج الجامعات، من ضمنهم اختصاصيون من القطاعات الاقتصادية المختلفة، على تحسين البنية الهيكلية للأبحاث وتحقيق الابتكارات والاختراعات الجديدة.
مؤسسات البحث العلمي: يتولى مهمة البحث العلمي في جمهورية ألمانيا الاتحادية ثلاثة أنواع من المؤسسات هي: الجامعات، والمعاهد الحكومية والخاصة غير الجامعية، ومراكز البحث العلمي في الشركات. إن قيام أساتذة الجامعات بمزاولة البحث العلمي هو تقليد ألماني قديم. إذ إن «وحدة البحث والتعليم» هي مبدأ أساسي من المبادئ المنهجية الجامعية منذ عهد فيلهلم فون هومبولت الذي كان في بداية القرن الماضي قد أصلح الجامعات البروسية. وتعتبر الجامعات الأساس الذي يقوم عليه البحث العلمي في جمهورية ألمانيا الاتحادية. فهي المؤسسة الوحيدة التي تشمل بحوثها جميع الفروع والاختصاصات العلمية. وتمثل الجامعات مركز ثقل البحوث العلمية الأساسية التي تعد الشباب وتضمن بالتالي تزويد مراكز الأبحاث باستمرار بالقوى الجديدة المتخصصة. أما الأبحاث العلمية خارج الجامعات فتعتمد اعتماداً كبيراً على البحوث العلمية الجامعية. وهي تركز اهتمامها، على سبيل المثال، على البحوث المكلفة وبالدرجة الأولى في مجال العلوم الطبيعية، التي لا يمكن إجراؤها إلا من قبل فرق كبيرة وباستخدام التقنية الغالية الثمن، وتتطلب إنفاق أموال باهظة. ويتم تنفيذ مثل هذه المشروعات العلمية الكبيرة من قبل مؤسسات يمولها الاتحاد والولايات المختصة بالبحوث الفيزيائية الأساسية، وبالبحث عن مصادر جديدة للطاقة (الالتحام النووي مثلاً)، وبالبحوث المتعلقة بالملاحة الجوية والفضائية، والطب والبيولوجيا الجزئية، والبحوث البيئية والقطبية.
يبلغ مجموع العاملين في مجال البحث والتطوير في جمهورية ألمانيا الاتحادية نحو 460000 شخص، يشكل العلماء والمهندسون نحو 50 بالمائة منهم. ويتوزع الباقون مناصفة تقريباً على العناصر الفنية والعناصر الأخرى (العناصر الإدارية مثلاً) أما الأموال المصروفة على البحث والتطوير فقد بلغت عام 1997 نحو 83 مليار مارك أي ما يعادل 2.27 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبذلك تحتل ألمانيا في هذا المجال المرتبة الرابعة بين الدول الصناعية الكبرى (مجموعة السبعة) بعد اليابان (2.98%) والولايات المتحدة الأمريكية (2.52%) وفرنسا (2.31%)، وتتحمل القطاعات الاقتصادية (الشركات) الجزء الأكبر من هذه النفقات، أي ما يزيد على 51 مليار مارك. ويتحمل الاتحاد نحو 15 مليار مارك والولايات نحو 15مليار مارك أيضاً. يضاف إلى ذلك 1.6 مليار مارك دفعها الاتحاد لأبحاث خارج ألمانياً.