خاطرة بدقيقتين .. عن مُعاناتي مع ” الزبالة ” في المانيا !
ولّت ايام الدلّع ، ايام كُنت اتهرّب من امي لرمي القمامة ،، فهُنا في المانيا ،، لا اجد وقتاً للتفكير برمي القُمامة ، هُناك مسألة أخطر بكثير ، هي فرز النفايات وهي اطول من قصص الف ليلة وليلة عندنا ،، فعندما إستلمت غُرفتي ، إصطحبي السيّد والبرت ( 80 عاماً + ) إلى المخزن ، كانت الغرفة مُعتمة قليلاً ، إلا ان الوان ( براميل الزبالة ) كانت واضحة جداً ،، أظنها كانت 5 براميل .. راح السيّد والبرت يشرح عنها بلا كلل ولا ملل .. الورق في الأزرق والطعام في الأخضر والعُلب والأغلفة في الأصفر وووو ( يا حبيبي ) ، للحظات شعرت وكأنني على مشارف إمتحان صعب ، موعده الأسبوع القادم .. الإستعداد للإمتحان لم يكن سهلاً ، كنت احاول الإقتصاد في القمامة قدر الإمكان ولم تكن مهارتي جيّدة في الـ إعادة التدوير ( الريسايكلينج ) ، إلا ان وضعي الان احسن ، فقد جعلت من عُلبة المخللات عُلبةً للسكر وعلبة اللبن صارت عُلبة اقلام .. وكيس شركة الهواتف صار غطاء لطاولة الطعام .. وعلبة الفواكه صارت مكاناً للكتب التي تُلهمني .. ولكن ( طبعاً ) لم يكن من القُمامة مفر ،، فبعد أسبوع إضطررت للنزول لرمي القُمامة ،، ( ويا حبيبي ) ، بالصُدفة مررت من عند السيّد والبرت ، فرأى الكيس وراح يُذكرني بالقوانين مرّة اخرى .. وكانت الفضيحة عندما إكتشف ان معي علبتين طونا وعلبة لبن بالإضافة إلى كيس فيه بقايا طعام ، فلم يطمئن .. قال لي ، سآتي معك !! ونزلنا معاً .. وراح يشرح الدرس مرّة اخرى – ولعل من حسن حظي انه لا يعلم انني اكتب في مجال البيئة .. وعلى وشك بدء دراستي في الهندسة البيئية – ثم رمينا كُل شيء حيث يجب .. ولكن كانت هُناك كارثة في يدي هي عُلبة المربى الزجاجية ،، قال لي : هذه لا تُرمى هُنا .. يجب ان تبحث في المدينة عن مكان لرمي الزجاج .. انت تعلم ، هُناك مكان للزجاج الأبيض والأخضر و ( نسيت الأخير ) .. فطأطأت رأسي موافقاً ! حينها كانت المُفاجأة الجميلة .. حين قال لي ، سأخذها بدلاً عنك اليوم .. لكن انتبه للمرات القادمة ، نظفّها قبل رميها ، وابحث عن مكان رمي الزجاج !! واعطاني فوق ذلك هديّة ( كيس اصفر ) له حكاية اخرى طويلة .. لم يشرح لي ، قال .. مكتوب عليه كُل شيء .. إذهب وإقرأ !!! ولكنني لم اصبر كثيراً ،، قلت له .. اولى ترى ان في هذا ( تعقيد ) فأجاب مُبتسماً ( وهل تفكيرك مُعقد ؟؟ لماذا تذهبون للجامعات ؟؟ ) فأجبته بنفس الإبتسامة : نذهب .. حتى نجعل الحياة أكثر بساطة !!
بقلم عُمر عاصي
آخين .. المانيا
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي