إن كلمة حقوق الانسان تعني مجموعة الحقوق التي يستحقها الفرد بصفته إنسانا ويجب أن يتمتع بها منذ ولادته. فمن حق كل إنسان العيش بعزة وكرامة وحرية دون خوف من التعرض إلى الظلم والقمع والمهانة.
ولا شك ان انتقاص اي حق من حقوق الانسان يعتبر انتقاصا من انسانية الشخص و يعتبر انتهاكا لحقوقه و كرامته.
ولكن على الرغم من كل ذلك فإن هذه الحقوق ظلت طوال العصور منتهكة من قبل الحكام والأنظمة المستبدة التي تتصرف مع الفرد على اساس القوة والتمييز، دون أن تحترم أي من حقوق الأنسان الأساسية ومنها الحريات الفردية و الاجتماعية.
وقد برزت انتهاكات حقوق الإنسان بأبشع صورها في تجارة الرقيق التي تشكل وصمة عار على جبين التاريخ. كانت الاعراف و التقاليد والعلاقات الاجتماعية، وخاصة علاقة الحاكم بالمحكوم في المجتمع هي التي تحدد الحقوق و الواجبات للمواطنيين.
ومع تطور المجتمعات البشرية والعلاقات الاجتماعية التي تسودها، وبروز الحاجة إلى تدوين الحقوق وحمايتها، ظهرت أهمية احترام الحقوق الفردية وحقوق الإنسان في العالم.
وهكذا صدر الاعلان الاول لحقوق الانسان و المواطن في عام 1789 عن الجمعية الوطنية الفرنسية ابان الثورة الفرنسية، والذي اعترف للمرة الأولى بالمساواة بين جميع المواطنين، و بحقوقهم الانسانية و حرياتهم الاساسية. كما اعترف هذا الإعلان بالشعب كمصدر أساسي لشرعية السلطات الثلاث.
وأول محاولة لتدويل قضية حقوق الإنسان قد جاءت عام 1920 حين صدر ميثاق (عصبة الامم) في جنيف، والذي نص على احكام مختلفة تتعلق بحقوق الانسان و واجبات الدول نحوها.
وجاء ميثاق الامم المتحدة في سنة 1945 ليبلور حقوق الإنسان في تشريع دولي خاص بحقوق الإنسان الذي يمكن اعتباره الاساس الاحدث لنظرية حقوق الانسان في الوقت الراهن حيث انها تضم في موادها الثلاثين المبادئ الأساسية التي اجمعت الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة على اقرارها و العمل بموجبها في تشريعاتها الداخلية، و في سيا ستها مع شعوبها والشعوب الأخرى في العالم.
اشتملت هذه الشريعة على المبادئ الاساسية لحقوق الانسان في كل مكان و التي اصبحت في الدولة المعاصرة جزا جوهريا من الفلسفة الاجتماعية و المعنوية التي تعتمدها في اساس حياتها كقاعدة لسيادتها و حكمها.
ومن هنا فقد أصبحت قضية الحقوق الفردية والحريات العامة تتصدر جميع دساتير الدول التي صدرت خلال العقود الماضية. ولكن مع ذلك فإن قضية حقوق الإنسان في ظل العلاقات الدولية التي كانت سائدة إبان الحرب الباردة بين المعسكر الشيوعي والمعسكر الرأسمالي، لم تلقى الاهتمام الذي تستحقه من قبل المجمتع الدولي،
وكانت تستخدم هذه القضية في الكثير من الأحيان كمجرد وسيلة للضغط والتشهير والمساومة.
ولكن ما أن انتهت الحرب البادرة، حتى تصاعدت أهمية قضية حقوق الأنسان وحساسيتها على الصعيد الدولي، خاصة بعد أن برز دورها وتأثيرها البالغ على الأمن والسلام في العالم.
ومن هنا صارت هذه القضية خلال السنوات الأخيرة تتصدر الاهتمام الدولي على الصعيدين الشعبي والرسمي،وصار المجتمع الدولي يزداد إصرارا على تدويل هذه القضية ووضعها في حماية القانون الدولي.
ما هي الأهداف الاساسية لانشاء و نشر مبادئ و ثقافة حقوق الانسان في العالم؟
اولا: السعي إلى رفع مستوى الوعي الشعبي بخصوص كل ما تحتويه حقوق الإنسان من حقوق فردية واجتماعية من أجل أن يشعر المواطن بحقوقه المنتهكة أو المغتصبة.
ثانيا: تسييس مبادئ حقوق الانسان في المجتمع بهدف جعل القضية وسيلة للضغط على السلطات الحاكمة.
ثالثا:ارغام السلطة على تطبيق الموازين و القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
رابعا:المساهمة في بناء مجتمع مدني على أسس ديموقراطية، وعدالة اجتماعية.
خامسا: السعي لكسب شرعية دولية للقضايا العادلة من خلال الجهود الإعلامية والسياسية الهادفة إلى أيجاد جسور مع المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة.
ولا شك أن هذه الأهداف لن تتحقق إلا من خلال:
أولا تاسيس مراكز أو مؤسسات حكومية و غير حكومية تتولى متابعة مهمة نشر الوعي بخصوص حقوق الإنسان وفضح انتهاكاتها في المجتمع.
ثانيا استخدام وسائل الاعلام و التكنولوجيا الحديثة.
ثالثا: ايجاد أجهزة قضائية لمراقبة القرارات المتعلقة بحقوق الانسان.
رابعا: الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات.
خامسا: نشر ودعم مبادئ الديمقراطية في المجتمع.
ولا يفوتنا القول بإن الاعلان العالمي لحقوق الانسان يشكل المظلة الدولية الأساسية لحماية حقوق الانسان في جميع ارجاء العالم،
والذي يؤكد على الحقوق الأساسية التالية: الحق في الحياة والحق في الحرية و الامان والحق في التعبير الحر، وحق تقرير المصير الذي يتصدر قائمة هذه الحقوق.