أرشيف مقالات الأستاذ عبد الرحمن فرحانه
مكونات العقل اليهودي :
تقديس شهوة القتل و المتعة في تدمير "الأغيار"
بقلم / الأستاذ عبد الرحمن فرحانة
فلسطين المحتلة
(إن اليهودي معتبر عند الله أكثر من الملائكة و إن اليهودي جزء من "الله" ، فإذا ضرب أممي "إسرائيليا" فكأنه ضرب العزة الإلهية ، و الفرق بين درجة الإنسان و الحيوان ، هو بقدر الفرق بين اليهود و غير اليهود) التلمود.
لا أظن أن تاريخ البشرية شهد نموذجا شبيها بالتكوين الذهني لدى لليهود ، فالبنية العقلية لديهم – سواء منها المستند على موروثهم باعتباره مقدساً أو تراثاً قومياً – مكتنزة بمفردات تطفح بروح العدوان و العنف ... ليس ذلك فحسب ، بل فيها تعبير عن متعةٍ في تدمير الآخر و تقديسٍ لشهوة القتل و تحويل لمظاهر الإرهاب إلى طقس ديني .
و مرجع ارتكاز هذا الشر في الوجدان اليهودي يعود لكتبهم الدينية التي تدعو صراحةً لارتكاب الجريمة ضد الآخرين (الأغيار) . فمنظومة القيم اليهودية تعبر عن فطرة منكوسة مكتظة بمفردات تمتد من الادعاء بنقاء الدم اليهودي و قداسته (شعب الله المختار) و التمادي في العنصرية لحد الاعتقاد بأن الرب لهم دون سواهم و ما بقية بني البشر سوى خدم لهم (الغونيم) ، و تنتهي بوجوب قتل الآخرين و تغليف هذا الجريمة بمشروعية و قداسة مستمدة من أهم مصدرين دينيين لديهما : التوراة و التلمود .
و هذه القيم المنحرفة ليست منعزلة عن واقع الحياة في الكيان الصهيوني ، بل هي المادة الأساسية في البنية الثقافية هناك , فهذه المفاهيم الشاذة تدرّس في المدارس الدينية بشكل مكثف ، أما المدارس الحكومية فتدرج مقتطفات منها في مناهجها التعليمية و تبثها في معظم المواد حتى في المواد العلمية . و على امتداد خمسة عقود أنتجت هذه المفاهيم كيانا عنصريا منعزلا – جيتو كبير – اسمه (إسرائيل) رغم كل توابل و نكهات الديمقراطية التي تداخلت في قوانينه و نظمه .
و على صعيد مفهوم القوة ، و هو من أهم مفردات العلاقة مع الآخر ، فبسبب القلق الوجودي و الخوف من الآخر فقد تضخم المفهوم الأمني لدى هذا الكيان ليتدخل في صياغة تفصيلات نسيج المجتمع و بشكل واسع حتى في البنى الاجتماعية المكونة له .
و نظرا للخلفية التوراتية – التلمودية فقد أنتج استراتيجيو هذا الكيان نظرية أمنية و عقيدة عسكرية تستند في جوهرها على الروح العدوانية و تزخر بمصطلحات عدائية مثل : الحرب الاستباقية – الوقائية ، و نقل المعركة لأرض العدو ، و الردع العقابي ، و غيرها .
و كشاهد ميداني على تطبيق هذا الكيان لهذه المفاهيم ممارسات مؤسسته العسكرية الوحشية ضد الفلسطينيين العزل في الانتفاضة الحالية بتنوعها الذي يشمل هدم البيوت بالجرافات و طرد ساكنيها في العراء في البرد القارس ، و تدمير البنية التحتية الأساسية للمدن بالطائرات المقاتلة التي لا تستخدم إلا في حروب الجيوش المتكافئة ، و عمليات اغتيال الأفراد بالصواريخ الموجهة المصنوعة أصلا لقصف الآليات ، و كذلك محاصرة المدن و اجتياحها . كل ذلك تحت عنوان الدفاع عن النفس ، بل الأشد نكاية تسمية هذه الممارسات الوحشية في الإعلام العبري بمصطلحات خادعة لتتوافق مع زيف الديمقراطية الصهيونية مثل : الإحباط المموضع و الطوق المتنفس و الإصابة النوعية و الشدة المنخفضة . و هي عمليات بمسمياتها المختلفة عبارة عن قتل و تدمير استهدفت بنكاً من الأهداف وفق تسمية الأجهزة الأمنية شمل أهم ممتلكات و أبرز قيادات الشعب الفلسطيني .
و فيما يلي مقتطفات من تراثهم الديني الذي شارك بشكل أساسي في تشكيل البناء العقلي و الثقافي للذهنية اليهودية ، و سأحصرها بنماذج من الإشارات الصريحة المتعلقة بمفهوم القوة و استخداماته تجاه الآخر و ما يتصل بذلك :
الأساس العقدي لتكوين الشخصية العنصرية لليهود :
- (بالوجوه يسجدون لك ، و يلحسون غبار نعليك) سفر أشعيا الإصحاح 49 .
- (بنو الغريب يبنون أسوارك ، و ملوكهم يخدمونك ، تنفتح أبوابك دائما ليؤتى إليك بغنى الأمم ، و تقاد ملوكهم) أشعيا الإصحاح 60 .
- (لا تقرض أخاك بربا ، للأجنبي تقرض بربا ، لكن لأخيك لا تقرض بربا) التثنية الإصحاح 13 .
- (و الآن فلا تعطوا بناتكم لبنيهم و لا تأخذوا بناتهم لبنيكم و لا تطلبوا سلامتهم و خيرهم إلى الأبد) سفر عزرا الإصحاح 9 .
- (يقف الأجانب و يرعون غنمكم ، و يكون بنو الغريب حراثيكم و كرّاميكم ، أما أنتم فتدعون كهنة الرب ، تأكلون ثروة الأمم ، و على مجدهم تتآمرون) أشعيا الإصحاح 61 .
- (لأنك شعب مقدس للرب إلهك و قد اختارك الرب لكي تكون له شعبا خاصا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض) التثنية الإصحاح 14 .
تقديس شهوة القتل و الإحساس بالنشوة عند تدمير الآخر :
- (الآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال و كل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها) سفر العدد الإصحاح 31 .
- (متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها و طرد شعوبا كثيرة من أمامك ... و دفعهم الرب إلهك أمامك و ضربتهم فإنك تحرّمهم (تقتلهم) لا تقطع عهدا لهم و لا تشفق عليهم و لا تصاهرهم) التثنية الإصحاح 7 .
- (و قال شاول لتنزل وراء الفلسطينيين ليلاً و تنهبهم إلى ضوء الصباح و لا تبقي منهم أحداً) سفر صموئيل الإصحاح 14 .
- (كل من وجد يطعن و كل من انحاش يسقط بالسيف ، و تحطم أطفالهم أمام عيونهم و تنهب بيوتهم و تفضح نساؤهم) سفر إشعيا الإصحاح 13.
- (ليؤتى إليك بغنى الأمم و تقاد ملوكهم ، لأن الأمة و المملكة التي لا تخدمك تبيد و خرابا تخرب الأمم) إشعيا الإصحاح 60 .
- (ارتخت دمشق و التفتت للهرب ، أمسكتها الرعدة و أخذها الضيق و الأوجاع ... يسقط شبابها في شوارعها و تهلك كل رجال الحرب في ذلك اليوم يقول رب الجنود) سفر إرميا 49 .
- (ها أنذا أجلب عليك سيفا و أستأصل منك الإنسان و الحيوان و تكون أرض مصر مقفرة و خربة فيعلمون أني أنا الرب) سفر حزقيال 29 .
- (قل لطائر كل جناح و لكل وحوش البر اجتمعوا و تعالوا احتشدوا من كل جهة إلى ذبيحتي التي أنا ذابحها لكم . ذبيحة عظيمة على جبال إسرائيل لتأكلوا لحما و تشربوا دما . تأكلون لحم الجبابرة و تشربون دم رؤساء الأرض ... و تأكلون الشحم إلى الشبع و تشربون الدم إلى السكر .. فتشبعون على مائدتي من الخيل و المركبات و الجبابرة و كل رجال الحرب يقول السيد الرب) حزقيال 39 .
- (و اقلب كرسي الممالك و أبيد قوة الأمم و اقلب المركبات و الراكبين فيها و ينحط الخيل و راكبوها كل منها بسيف أخيه) ، سفر زكريا الإصحاح 1 .
الاعتداء على أرض الغير و تشريع سلبها :
- (إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم و تمحون جميع تصاويرهم ... و تخربون جميع مرتفعاتهم تملكون الأرض و تسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها و تقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم) العدد الإصحاح 33 .
- (و إن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين يستبقون منهم أشواكا في أعينهم و مناخس في جوانبكم) العدد الإصحاح 33 .
و رغم غثاء الشر السالف الذكر إلا أن اللوبي اليهودي استطاع بقدرته على التزييف و عبر آلته الإعلامية الضخمة أن يصور اليهود على أنهم حملان بريئة تتعرض لبطش الذئاب العربية . و الأدهى أنهم تمكنوا من شن حملة على الإسلام لتصويره على أنه دين العنف و الإرهاب ، و في سياق هذه الحملة وصل سعار الحملة اليهودية على الإسلام لدرجة أن أحد أبرز حاخاماتهم في الولايات المتحدة هاجم حتى آيات القرآن الكريم و بشكل صريح .
و في المقابل عجز المسلمون عن إيصال رسالة دين الرحمة المنفتح بآفاق عالمية و البعيد كل البعد عن روح العنصرية (الحمد لله رب العالمين) - الفاتحة 1 - ، و الداعي لرحمة الناس كافة (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) - الأنبياء 107 - ، و الذي يحترم الآخر المناقض له و يرعى حرمته (و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) - التوبة 6 - ، بل يدعو لبر الآخر المخالف عقديا و الإقساط إليه (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم) - الممتحنة 8 - .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي