من أشهر النظريات وأكثرها تقبلا عند العلماء هي نظرية "الانفجار العظيم" The Big Bang. تنص هذه النظرية على أن الكون ابتدأ من نقطة صغيرة من طاقة عظيمة التي تفوق في عظمها تصورنا، فانفجرت هذه الطاقة، وفي خلال لحظات من الانفجار أخذ الكون في تكونه على ما يحتويه من مواد خام لبنائه. وأخذت هذه المواد من ذرات الهيدروجين والهيليوم التمازج والارتباط ومن ثم تكوين المجرات، ثم تكونت النجوم والكواكب (ومازالت تتكون). وفي غضون ذلك كان الكون ومازال في حالة تمدد.
لقد اكتشف العلماء حقيقة تمدد الكون في القرن العشرين، فقد كان العلماء يقولون أن الكون ساكن لا يتمدد ولا ينكمش، حتى أن آينشتاين اضطر أن يضيف إلى أحد معادلاته الرياضية رقماً يدعى بـ: Cosmological Constant، أو الرقم الكوني الثابت ليرغم معادلته للتمشي مع ما هو مُعتَقداً في ذلك الوقت من سكون الكون، ولكن عندما أثبت العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن في سنة 1931 أن الكون في حالة تمدد، قال عندها آينشتاين عن الرقم الكوني الثابت أنه "أكبر خطأ في حياتي."
لقد أُكتُشف أن الكون في حالة أتساع عندما لاحظ العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن أن المجرات (مجموعة من النجوم والكواكب، نحن نعيش في مجرة درب التبانة) في حالة تباعد عن مجرتنا. واتضح أيضا أن عموم المجرات في حالة ابتعاد عن بعضها البعض. وهذا إن دل على شيئ إنما يدل على أن الكون يتمدد. لكي نستطيع تخيل هذه الفكرة نضرب هذا المثال: تخيل أن الكون عبارة عن عجينة خبز كروية وفي داخل العجين حبات البطيخ متوزعة بشكل عشوائي، عندما نضع العجين في الفرن يبدأ العجين بالتمدد، فترى أن كل حبة من حبوب البطيخ تبدأ بالإبتعاد من الأخرى. ولكي نفهم الفكرة أكثر أحضر بالونة، وارسم عليها مجموعة من النقاط (إعتبر البالونة هي الكون والنقاط هم المجرات)، إبدأ بنفخ البالون، سترى أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها، وكلما إزداد إتساع البالون كلما ازداد بعد النقاط أكثر. وهذا ما يحدث في الكون بالضبط.
لنرى ما يقوله الله جل وعلا عن الكون وما إذا كان ساكنا أو في حالة تمدد. يقول الله في كتابه الكريم: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" (الذاريات ـ 47). هنا يبين الله سبحانه أنه خلق الكون بقوته، ومعنى "بِأَيْدٍ" هنا أن الله تعالى بنى السماء بقوة لا يوصف قدرها. وهنا إشارة إلى عظم تكوين الكون في البداية، وإن قارنا التسمية التي سمى بها العلماء بدأ تكوين الكون (الانفجار العظيم) لوجدنا تطابقاً في المعاني، حيث أن بداية خلق الكون إنما هو أمر عظيم لا يوصف قدره. ثم يخبرنا الله تعالى عن حال الكون الحالي، ألا وهو انه في حالة إتساع، وأنه الله سبحانه المسؤول عن هذا الاتساع الدائم.
لقد أخبرنا الله جل وعلا عن هذه الحقيقة، حقيقة إتساع الكون، قبل 1417 سنة ونحن لم نكتشفها حتى قبل قليل. كم من حقيقة ستكتشف وعندها سنرها تتجلى بكل وضوح في القرآن الكريم، وكم من حقائق أخرى موجودة في القرآن والتي إن علمنا ما هي لن تزيدنا إلا إيمانا بالله سبحانه وتعالى.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي