امينة منصور الحطاب - يقول افلاطون :» عندما يفكر العقل فإنه يتحدث مع نفسه»،وهو بذلك يشير إلى التفكير ما وراء المعرفي الذي يعد من أكثر موضوعات علم النفس المعرفي حداثة، ويعبر عن مقدرتنا على معرفة ما نعرف وما لا نعرف ، ويشتمل على التخطيط من أجل إنتاج المعلومات اللازمة لمواجهة الموقف الذي نحن بصدده ،كما أن الوعي بالخطوات والاستراتيجيات المستخدمة في أثناء عملية حل المشكلات تعتبرمن المكونات الرئيسة للتفكير ما وراء المعرفي.
إن التفكير ما وراء المعرفي هو إدراك الشخص لطبيعة تفكيره أثناء تأديته لمهمات محددة وعادة ما يسمى بـ»استرتيجيات التفكير» وتشتمل ما وراء المعرفة على التخطيط قبل الانهماك في العمل وتنظيم الإنسان لتفكيره في أثناء تأديته للعمل، ومن ثم تقييم أدائه بإكتمال العمل المطلوب.
يتطور تفكير ما وراء المعرفة مع تقدم العمر؛إذ أن الأفراد مع تقدمهم في النمو المعرفي يطورون مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة لتحسين عملية تذكر المعلومات وضبطها ومراقبة تفكيرهم. ويبدأ هذا النوع من التفكير في سن الخامسة ويتشكل ويزدهر في سن الحادية عشرة تقريباً، كما أنه ليس بالضرورة أن يحقق جميع الطلبة مهارات التفكير ما وراء المعرفي، ويكمن السبب وراء ذلك في أن الطلبة لا يعطون أنفسهم فرصة التأمل في التجربة التي مروا بها، حيث أن غالبيتهم لا يتوقفون بعض الوقت ليسألوا أنفسهم لماذا يفعلون شيئا ما،إذ نادراً ما يسألون أنفسهم عن استراتيجياتهم التعليمية التي ينبغي عليهم ان يستخدموها في إنجاز مهمة ما، وفي الوقت نفسه لا يفكرون في تقييم كفايتهم اللازمة لأداء مهمة ما.
وفي الشأن ذاته فإن بعض الأطفال ليس لديهم أدنى فكرة عما ينبغي القيام به عندما تواجههم مشكلة ما، بل إن كثير منهم يعجز عن شرح استرتيجيته في صنع قرار ما أو في حل مسألة ما، والدليل على ذلك أن بعض الطلبة قد ينجحون في حل مسالة ما أو اتخاذ قرار ما وعندما يسال من قبل معلمه كيف وصلت إلى هذا القرار؟ أو ما هي الأستراتيجية التي استخدمتها لحل هذه المشكلة؟يجيب الطالب لا أدري!لقد حللتها فقط !
ومما لا شك فيه أن من أهداف التربية المتوازنة ان تمكن الطلبة من تطوير تحسين أدائهم في المهمات المعرفية المعقدة.
إن دور المعلم في تنمية التفكير ما وراء المعرفي دور بالغ الأهمية، حيث أن العمل على توفير الفرص الكافية للطلبة ليصفوا بصوت عال أمام أقرانهم ما يدور في عقولهم أثناء التفكير لإنجاز مهمة ما يعتبر من عوامل النجاح لهذا النوع من التفكير، إذ يصبح بإمكان المعلم أن يقرر إن كان طلبته قد أصبحوا أكثر إدراكاً ومراقبةً وسيطرةًعلى مستوى تفكيرهم، ومن الدلائل المبشرة على امتلاك الطلبة لمهارات التفكير ما وراء المعرفي تمكنهم من وضع قائمة بالخطوات التي سيقومون بها لحل المشكلة التي تواجههم، إضافة إلى قدرتهم على تحديد الخطوة التي وصلوا إليها في تنفيذ المهمة التي يقومون بها، وموقع هذه الخطوة بالنسبة الى الخطوات اللاحقة كما يسهل عليهم ذكر المعلومات التي ما زالوا يفتقرون إليها، والطريقة التي سيحصلون من خلالها على هذه المعلومات، وعندما يصلون الى حل المشكلة يمكنهم تفسير أجوبتهم والاستراتيجية التي أوصلتهم إلى هذا الحل، ومن نافلة القول أن لديهم القدرة على توظيف المصطلحات المعرفية المناسبة ليصفوا عملياتهم المعرفية.
ومن الإجراءات التي لا بد أن يقوم بها المعلم في تنمية التفكير ما وراء المعرفي:
1. التخطيط للإستراتيجية الواجب اتباعها.
2. عرض الاستراتيجية على الطلبة من خلال عملية النمذجة.
3. توجيه الطلبة لممارسة هذه الاستراتيجية ممارسة عملية من خلال مراقبة المعلم لهم.
4. الحصول على التغذية الراجعة.
وتبرز أهمية التفكير ما وراء المعرفي في:
1. تمكين الطلبة من تطوير خطة عمل والتأمل فيها وتقييمها عند اكتمالها، كما أن من شأن التخطيط لتوظيف استرتيجية ما قبل البدء في عملية التنفيذ أن يساعد الطالب في متابعة الخطوات الإجرائية المخطط لها في تنفيذ هذا النشاط.
2. تسهيل عملية إصدار أحكام مؤقتة ومقارنة وتقييم استعداد الطالب للقيام بأنشطة أخرى.
3. تمكن الطالب من مراقبة وتفسير وملاحظة القرارات التي يتخذها.
4. تجعل الطالب أكثر إدراكاً لأفعاله ومن ثم تأثيرها على الآخرين وعلى البيئة التي يحيا فيها.
5. يطور الطالب اتجاهاً سقراطياً في توليد الأسئلة الداخلية في أثناء البحث في المعلومات والمعنى.
6. تطوير مهارة تكوين الخرائط المفاهيمية قبل البدء في تنفيذ المهمات.
7. تمكن الطالب من مراقبة الخطط في أثناء تنفيذها مع الوعي بإمكانية إجراء أي تعديل لازم .
8. تنمي لدى الطالب عملية التقييم الذاتي والتي تعتبر من العمليات الراقية التي يقوم بها الفرد، وذلك بهدف التحسين.
9. تمكن الطلبة من جمع المعلومات وحل المشكلات التي تواجههم.
10. تسهم في تنمية أداء الطلبة ذوي الأداء المنخفض من خلال إطلاق العنان لتفكيرهم العقلي المكبوت.
11. يعمل على تنمية الإدراك للمهارات المحورية في التفكير.
Ameeneh@live.com