دائما ما نحلم أن تكون حياتنا أفضل ، ودائما ما يكون لدينا أهداف في حياتنا ، لكن كثيرا من هذه الأحلام والأهداف – أو معظمها – لا يتحقق ، نبدأ في البداية بحماس مبهر ، وعزيمة صلبة ، وسرعان ما يخبو الحماس ، وتنكسر العزيمة ، ونشعر أن سيرنا نحو أحلامنا بات مشوشا ، وأن خطواتنا التي ظننا أننا رسمناها جيدا ما عدنا نراها.
ربما لجأ معظمنا إلى تدوين ملاحظات ، أو كتابة الخطوط العريضة التي ينبغي أن نسير عليها ، لكن هذا أيضا لم يكن ليفلح في كثير من الأحيان ، نصاب بالفتور بعد فترة ولا نكمل ما بدأناه ، ونجد في النهاية أن حياتنا أصبحت قصاصات أوراق متشابهة ، ومشاريع أحلام بُدِأت ولم تكتمل.
آن الأوان إذا لأن نغيرنمط حياتنا الذي اعتدناه ، وأن نبدأ حياة جديدة مرتبة ناجحة ، آن الأوان لأن نستخدم “خرائط العقل” ، والتي ترسم لنا طريقنا بطريقة شيقة غنية بالتفاصيل المرتبة المترابطة معا ، يمكننا القول أن “خرائط العقل” وسيلة فعالة لترتيب حياتنا ترتيبا مبهرا.
إن كل ما تحتاجه لرسم “خريطة عقل ” تغير حياتك جذريا وترتبها بالكامل هو ورقة بيضاء وقلم رصاص وأقلام ملونة وعقلك وكثير من الخيال ، ولا تقلق فأنت تمتلك الكثير من الخيال لكنك ربما لم تجرب استخدامه ، أو استخدمته بطريقة خاطئه.
لأقرب لك الصورة سأذكر لك مثالا ذكره الكاتب توني بوزان في كتابه الرائع “كيف تصنع خريطة العقل” تخيل أن عقلك هو مكتبة كبيرة وأنك أمين هذه المكتبة ، ومطلوب منك ترتيب محتويات هذه المكتبة من كتب وأقراص مدمجة ، أمامك إذا طريقين ، الأول أن تضع كل محتويات المكتبة في كومة كبيرة على الأرض دون ترتيب ، والثاني أن ترتب الكتب حسب مادتها العلمية في أرفف مرقمة معنونة ، وأن تخصص مكانا للأقراص المدمجة مرتبة أيضا حسب محتواها ، في الحالتين أنت لم تفرغ المكتبة من محتوياتها ، لكن في أي من الحالتين تستطيع الوصول إلى كتاب تريده في زمن قياسي؟
إنها إذا “خرائط العقل” تتولى ترتيب عقلك ترتيبا محكما ، وتتولى تخطيطه بالكامل تماما كخريطة طريق إن اتبعتها لن تضل طريقك أبدا ، تخيل معي أنك ستذهب في رحلة لشراء الهدايا لعائلتك ، وأن لكل منهم أشياء يريدها ، أشياء يحبها ، أشياء يكرهها ، أنت تعلم هذه الأشياء جيدا دون شك ، لكن تخيل أنك نزلت للتسوق وكل هذه الأشياء ملقاة في عقلك مبعثرة غير مترابطه ، أو على جانب آخر تخيل أنك رسمت للرحلة خريطة العقل الرائعة تلك :
Map1
الفرق كبير أليس كذلك؟
الفرق بين تدوين الملاحظات التقليدي وبين خرائط العقل ، أن الثانية تسمح لك باستخدام خيالك الا محدود ، أن تبدأ من منتصف ورقة بيضاء يتيح لخيالك وإبداعك التحرك في كل الاتجاهات بمرونة تامة دون قيد ، استخدام الألوان يعطي للملاحظات كثيرا من الحيوية والدلالة ، ويخلصك من شعورك المعتاد بالملل كلما نظرت إلى كم كبير من الملاحظات والمعلومات ، أيضا استخدامك للصور ، فربما تعدل الصورة ألف كلمة مكتوبة ، وربما تجذبك صورة أكثر مما يجذبك كتاب شيق يحوي آلاف الكلمات ، الصورة توصل الفكرة في ثوان معدودة.
إن صنعك لخريطة عقل مليئة بألوان تحبها ، وصور من صنع يديك ، واستخدام خيالك وابداعك الامحدود في ورقة بيضاء تبدو هي حينها غير محدودة وتعليقها في مكان تراه كثيرا – كفوق شاشة حاسوبك مثلا – يذكرك دائما بأهدافك ويرتبها لك ، ولا يقتصر الأمر على الأشياء البسيطة كالتسوق ، بل يمكنك باستخدام خرائط العقل تحسين أدائك التعليمي بتلخيص دروسك في وريقات هي من نبع خيالك وابداعك ، تفهمها وتفهمك ، بل إن بعض مستخدمي خرائط العقل وجدوا أنه يمكن تلخيص كتاب كامل والربط بين مواضيعه في خريطة عقل واحدة !
يمكنك أيضا تخطيط أعمالك ومشاريعك ، ترتيب أولوياتك في الحياة في كل المجالات ، يمكنك ترتيب حياة كاملة باستخدام هذه الطريقة المثيرة المفيدة .
بالنسبة لي طالما حاولت أن يكون لي ورد قرآني يومي ثابت أختم به المصحف كاملا خلال أقصر فترة ممكنة ، لكن انشغالي الدائم بأمور كثيرة كل يوم كان دائما ما يحول دون وصولي إلى هذا الهدف الذي يبدو سهلا ، إلى أن صنعت خريطة عقل للورد اليومي وعلقتها في أماكن متعددة ليقع نظري عليها كثيرا ، النتيجة كانت مذهلة.
My map
لتعرف المزيد والمزيد عن خرائط العقل ، عن كيفية عملها ، عن استخداماتها التي لا تنتهي في كل مجالات الحياة ، أنصحك بقراءة الكتابين الرائعين جدا “كيف تصنع خريطة الطريق” و “استخدام خرائط العقل في العمل” للكاتب تومي بوزان ، إنما كنت أفتح لك بهذا المقال بابا لمعرفة جديدة لعلها تغير حياتك.
إبدأ الآن – ليس بعد ساعة – لرسم طريقك ، ابدأ بعمل أول خريطة عقل لك ، ولو لشيء بسيط جدا ، طبقها وشاهد تغييرا جذريا وقدرات لم تكن تتخيل أنك تمتلكها ، ثم حاول عمل خرائط أكبر لمشاريع وأحلام وأهداف أكبر وأهم ، لعلك إن رأيت أمامك دربا واضحا جليا أن يساعدك ذلك على الوصول يوما لحلمك ، أو على الأقل أن تنال شرف المحاولة.
“كيف تصنع خريطة العقل” لتومي بوزان.
“استخدام خرائط العقل في العمل” لتومي بوزان.