الحياة المدرسية:
التعريف:
:تعتبر الحياة المدرسية صورة مصغرة للحياة الاجتماعية في أماكن و أوقات مناسبة و تهتم بالتنشئة الشاملة لشخصية المتعلم بواسطة أنشطة تفاعلية متنوعة تشرف عليها هيأة التدريس و الادارة و يسهم فيها مختلف الشركاء.
و كما يمكن تعريف الحياة المدرسية بأنهامناخ وظيفي مندمج في مكونات العمل المدرسي، ينبغي التحكم فيه ضمانا لتوفير مناخ سليم وإيجابي، يساعد المتعلمين على التعلم واكتساب قيم و سلوكات بناءة. وتتشكل هذه الحياة من مجموع العناصر الزمانية والمكانية والتنظيمية و العلائقية والتواصلية والثقافية والتنشيطية المكونة للخدمات التكوينية والتعليمية التي تقدمها المؤسسة للتلاميذ.
انطلاقا من هذا التعريف يمكن القول بأن المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى ضمن المجتمع الأكبر. تقوم بتربية النشء وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع لتكييفهم معه. أي إن المدرسة حسب إميل دوركايم ذات وظيفة سوسيولوجية وتربوية هامة، أي إنها فضاء يقوم بالرعاية والتربية والتنشئة الاجتماعية وتكوين المواطن الصالح.
- أهمية تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها:
جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في بلادنا سعيا وراء" تجاوز الحياة المدرسية الرتيبة المنغلقة على نفسها، والتي تعتمد على تلقين المعارف وحشو الرؤوس بالأفكار ومحتويات المقررات والبرامج السنوية، وتهمل التنشيط المدرسي، إلى حياة مدرسية نشطة، يتوفر فيها المناخ التعليمي/ التعلمي القائم على مبادئ المساواة والديمقراطية والمواطنة، حياة مدرسية متميزة بالفعالية والحرية والاندماج الاجتماعي، تثير في المتعلم مواهبه وتخدم ميولاته وتكون شخصيته وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا في وسط اجتماعي قائم على التعاون لا على الإخضاع".
وتنص المادة التاسعة من القسم الأول من الميثاق على هوية مدرسة جديدة، هي مدرسة الحياة أو الحياة المدرسية التي ينبغي أن تكون- حسب الميثاق:
أ- "مفعمة بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي".
ب- "مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج عاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي".
الفرق بين الحياة المدرسية و مدرسة الحياة:
ينبغي التمييز بين مدرسة الحياةl’école de la vie والحياة المدرسية la vie-scolaire -؛ لأن المدرسة الأولى من نتاج التصور البراكماتي ( جون ديوي ووليام جيمس..) الذي يعتبر المدرسة وسيلة لتعلم الحياة وتأهيل المتعلم لمستقبل نافع، ويعني هذا أن المدرسة ضمن هذا التصور عليها أن تحقق نتائج محسوسة في تأطير المتعلم لمواجهة مشاكل الحياة وتحقيق منافع إنتاجية تساهم في تطوير المجتمع نحو الأمام عن طريق الإبداع والاكتشاف وبناء الحاضر والمستقبل. ومن ثم، فالمدرسة هنا هي مدرسة ذات أهداف مادية تقوم على الربح والفائدة والمنفعة وتحقيق المكاسب الذاتية والمجتمعية. أما المدرسة الثانية فهي " تشكل كلا متجانسا ومترابطا يجمع المدرسي والموازي وينظم الإعلام التوجيهي، ويدعم مشروع التلميذ ويكونه في بعده المواطني، وينشط النظام التمثيلي والحركة الثقافية والموضوعات الأفقية ويدعم العمل الفردي ويعزز قدرته على الابتكار" . أي إن هذه الحياة المدرسية تكون المتعلم الإنسان وتهذبه أخلاقيا وتجعله قادرا على مواجهة كل الوضعيات الصعبة في الحياة مع بناء علاقات إنسانية اجتماعية وعاطفية ونفسية. وهذه العلاقات أهم من الإنتاجية الكمية والمردودية التي تكون على حساب القيم والمصلحة العامة والمواطنة الصادقة.
- غايات و أهداف الحياة المدرسية:
حددت المذكرة الوزارية رقم87 المؤرخة بــ 10 يوليوز لسنة2003 مجموعة من الغايات والأهداف،وهي على النحو التالي:
*إعمال الفكر والقدرة على الفهم والتحليل والنقاش الحر وإبداء الرأي واحترام الرأي الآخر؛
* التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج الحداثي والديمقراطي؛
* النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا؛
* تنمية الكفايات والمهارات والقدرات لاكتساب المعارف، وبناء المشاريع الشخصية؛
* تكريس المظاهر السلوكية الإيجابية، والاعتناء بالنظافة ولياقة الهندام، وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية؛
* جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالات؛
* الرغبة في الحياة المدرسية والإقبال على المشاركة في مختلف أنشطتها اليومية بتلقائية؛
* جعل الحياة المدرسية عامة، والعمل اليومي للتلميذ خاصة، مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد؛
* الاستمتاع بحياة المدرسة، وبالحق في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والشباب من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها؛
* الاعتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا.
- مقومات الحياة المدرسية:
ترتكز الحياة المدرسية على مجموعة من المقومات الأساسية تتمثل في مايلي:
الحياة المدرسية هي فضاء المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛
هي مدرسة السعادة والأمان والتحرر والإبداع وتأسيس مجتمع إنساني حقيقي تفعل فيه جميع العلاقات والمهارات؛
تمثل بيداغوجيا الكفايات و التربية على القيم و التربية على الإختيار.
تحقيق الجودة من خلال إرساء الشراكة الحقيقية وإرساء فلسفة المشاريع؛
التركيز على المتعلم باعتباره القطب الأساس في العملية البيداغوجية عن طريق تحفيزه معرفيا ووجدانيا وحركيا وتنشيطيا؛
انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي؛
المدرسة مجتمع مصغر من العلاقات الإنسانية والتفاعلات الإيجابية؛
تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعلامياتيا،وذلك من خلال تفعيل الأندية التربوية، وتسخير فضاء المؤسسة لصالح التلميذ عن طريق تزيينها وتجميلها
3-الحقوق والواجبات في الحياة المدرسية
حقوق المتعلم:
♦ الحق في التعلم واكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهله للاندماج في الحياة العملية كلما استوفى الشروط و الكفايات المطلوبة.
♦ تمكينه من إبراز التميز كلما أهلته قدراته واجتهاداته.
♦ تمتيعه بالحقوق المصرح بها للطفل والمرأة والإنسان بوجه عام كما تنص على ذلك المعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية المصادق عدن المملكة المغربية.
♦ تمتيعه بالمساواة وتكافؤ الفرص 1كرا كان أو أنثى طبقا لما يكفله دستور المملكة.
♦ الاهتمام بمصالحه ومعالجة قضاياه التربوية والمساهمة في إيجاد الحلول الممكنة لها.
♦ إشراكه بصفة فعالة في تدبير شؤون مؤسسته عبر ممثليه من التلاميذ.
♦ تمكينه من المعلومات والوثائق المرتبطة بحياته المدرسة و الإدارية وفق التشريعات المدرسية.
♦ جعل الإمكانات والوسائل المادية المتوفرة بالمؤسسة في خدمته في إطار القوانين التنظيمية المعمول بها.
♦ فسح المجال لانخراطه في جمعيات وأندية المؤسسة ومجالسها كي يشارك ويساهم في تفعيلها.
♦ حمايته من كل أشكال الامتهان والمعاملة السيئة والعنف المادي والمعنوي.
واجبات المتعلم:
♦ الاجتهاد والتحصيل وأداء الواجبات الدراسية على أحسن وجه.
♦ اجتياز الامتحانات والاختبارات وفروض المراقبة المستمرة بانضباط وجدية ونزاهة مما يمكن من التنافس الشريف.
♦ المواظبة والانضباط لمواقيت الدراسة وقواعدها ونظمها.
♦ إحضار جميع الكتب والأدوات واللوازم المدرسية التي تتطلبها الدروس بدون استثناء وتمييز.
♦ الإسهام في التنشيط الفردي والجماعي داخل الفصل وفي الأنشطة المندمجة والداعمة.
♦ المساهمة الفعالة في تنشيط المؤسسة وإشعاعها الثقافي والتعليمي والعمل على حسن نظافتها حفاظا على رونقها ومظهرها.
♦ العناية بالتجهيزات و المعدات والمراجع والكتب والمحافظة على كل ممتلكات المؤسسة.
♦ العمل على ترسيخ روح التعاون البناء وإبعاد كل ما يعرقل صفو الدراسة وسيرها الطبيعي.
♦ الابتعاد عن كل مظاهر العنف أو الفوضى المخلة بالنظام الداخلي العام للمؤسسة.
♦ معالجة المشاكل والقضايا المطروحة بالاحتكام إلى مبدأ الحوار البناء والتسامح.الامتثال للضوابط الإدارية والتربوية والقانونية المعمول بها، واحترام جميع العاملين بالمؤسسة والوافدين عليها.
خاتمة:
لتفعيل الأندية التربوية بالشكل الذي يخدم الحياة المدرسية لابد من توفير الإمكانات اللازمة و الضرورية من أجل التحقيق الفعلي لحياة مدرسية كما نص عليها الميثاق الوطني للتربية و التكوين مدرسة جديدة ومتجددة مفعمة بالحياة و السعادة.
وتعتبر الحياة المدرسية تلك الفترة الزمنية التي يقضيها التلميذ داخل فضاء المدرسة، وهي جزء من الحياة العامة للتلميذ/ الإنسان. وهذه الحياة مرتبطة بإيقاع تعلمي وتربوي وتنشيطي، متموج حسب ظروف المدرسة وتموجاتها العلائقية والمؤسساتية. وتعكس هذه الحياة المدرسية مايقع في الخارج الاجتماعي من تبادل للمعارف والقيم، وما يتحقق من تواصل سيكواجتماعي وإنساني. وتعتبر"الحياة المدرسية جزءا من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق، التي تستدعي التجاوب والتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والقيم الاجتماعية والتطورات المعرفية والتكنولوجية التي يعرفها المجتمع، حيث تصبح المدرسة مجالا خاصا بالتنمية البشرية. والحياة المدرسية بهذا المعنى، تعد الفرد للتكيف مع التحولات العامة والتعامل بإيجابية، وتعلمه أساليب الحياة الاجتماعية، وتعمق الوظيفة الاجتماعية للتربية، مما يعكس الأهمية القصوى لإعداد النشء، أطفالا وشبابا، لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم داخل فضاءات عامة مشتركة"
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي