لا شكّ بأنّ الإنسان تتغيّر طباعه و اهتماماته حسب مراحل عمره ، فالإنسان حين يكون صغيراً تجد اهتماماته منصبّه على اللّعب و اللّهو ، و لا يشغله شيءٌ سوى ذلك ، أمّا عندما يكبر و يقترب من الدّخول في سنّ المراهقة فإنه يبدأ في تغيير اهتمامته ، فإذا دخل في هذا السنّ أصبح الحال مختلفاً بالنّسبة له ، فهو يشاهد الآن التّغيرات في جسده و صوته ، كما يشعر بتغيرات في تفكيره نحو الحياة ، حيث يحسّ بالنّضج و الرّشد أكثر ، كما يصبح لدى المراهق ميولاً عاطفيّةً و جنسيّةً اتجاه الجنس الآخر ، و لا شكّ بأنّ هذه التّغيرات كلّها تخلق جواً آخر للمراهق ، كما تضع أمامه تحديّاتٍ مختلفةٍ ، فبعد أن كان الأبوين يتركونه يفعل ما يحلو له عند ما كان طفلاً ، أصبح الآن مسؤولاً أمام أبويّه ، و بالتّالي يشعر بأنّه معرّض للتّصادم مع أبويه و البيئة المحيطة به حين تتعارض رغباته مع قيم المجتمع و ضوابطه ، فالمراهق بما يحمله من مشاعر و شهواتٍ متوقّدةٍ يرغب في تلبيتها ، قد يلجأ أحياناً إلى الكذب و الخداع لتحقيق مآربه ، فقد يختفي عن أنظار والديه ليقوم بممارسة عادة التّدخين ، و عندما يجد منه أبويه رائحة الدّخان ينكر ذلك و يكذب ، و ينطبق ذلك على كثيرٍ من المواقف التي يريد فيها المراهق أن يخفي أموراً و أفعالاً عن والديه خشية المساءلة و العقاب ، فما هي الوسائل التي يتبعها الأبوين لجعل المراهق صادقاً معهم و لا يكذب ؟
إنّ من أهم وسائل معالجة الكذب عند المراهقين التّربية السّليمة و التّوعية ، فحين يربّى المراهق في طفولته على أنّ الكذب حرامٌ لا يجوز ، و أنّه قد يؤدّي بصاحبه إلى سخط الله و غضبه ، ترى ذلك الأمر يردعه ، كما أنّ من وسائل القضاء على الكذب عند المراهق هي أن يكون الأبوين قدوةٌ للمراهق ، فالمراهق حين يرى أبويه يصدقان و يتحرّيان الصّدق يسعى للإقتداء بهما ، و كم نسمع عن آباءٍ يعلمون أبناءهم الكذب في مواقف كثيرةٍ و خاصّةً عندما يريدون التّهرب من إنسانٍ لا يودّون مقابلته أو محادثته فيقولون لابنهم قل إنّي غائب ، و بالتالي تراهم يربّون في نفوس أبنائهم الكذب و هم لا يشعرون ، فيجب على الأبوين التّنبه إلى هذه المسألة و مراعاتها في تربية الأبناء لتأسيس جيلٍ صالحٍ نافعٍ لأمّته .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي