ما يجعل الحوار والإقناع ناجحان :
1- إخلاص النية لله عز وجل لان الهدف من الحوار ليس أن يظهر المحاور براعته وثقافته أو أن يتفوق على الآخرين أو أن ينتزع الإعجاب والثناء فذلك كله أمر يحبط عمله عند الله عز وجل ويفسد عليه عمله لدي الناس لان المحاور الذي يتكلم لتحقيق شهوة الكلام متناسيا هل النية خالصة لله وهل هذا الحوار فيه منفعة أم مجرد لغو
يقول الله عز وجل في سورة النساء ) لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما (
ولان اللسان قد تدخل صاحبها النار فيجب الحرص مما يقول الإنسان بها
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأله معاذ بن جبل هل نحن مؤاخذين بما نقول
فقال له الرسول صلى الله علية وسلم(( ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصاد ألسنتهم ))
1- الصمت لان الصمت هو مفتاح الحوار الناجح البناء لقوله صلى الله عليه وسلم
ناصحا أبى ذر (( عليك بطول الصمت فانه مطردة للشيطان ، وعون لك على أمر دينك )) والعبرة من ذلك أن يملك المرء لسانة لان كل كلمة سوف يحاسب عليها
2- الاستعداد الجيد : أن هذه العادة العقلية البسيطة من أهم مقومات المحاور الناجح لان المناقشة في موضوع غير معروف قد يعرض صاحبه للإحراج وقد يفشل عملية الإقناع لذلك على المحاور أن يعد مادته إعداد جيد وان يحضر لها تحضيرا شاملا حتى يستكشف المحاور خفايا الموضوع والتزود بالمعلومات التي يحتاجها في حواره فبمقدار الجهد المعد للحوار يتضح مدا نجاح الحوار
3- أن يستخدم المحاور أساليب تتناسب وعقول من يخاطبهم : يجب على المحاور إذا أراد أن يكون كلامه مؤثرا ومقنعا أن يدرك أن عقول الناس تتفاوت فالأدلة التي تصلح لهذا ربما لا تصلح لذاك وكذلك طريقة المناقشة والمحاورة فلكل جماعة من الناس لسان تخاطب به حسب حالها فالإنسان الثائر يخاطب بعبارات هادئة لتكون بردا وسلاما على قلبه والإنسان الهادي الفاتر يخاطب بعبارات مثيرة للحمية موقظة للهمم محركة للنفوس يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( لاتحد ثوا أمتي من أحاديثي إلا ما تحمله عقولهم فيكون فتنة عليهم )) وان حاول المحاور فهم شخصية من سيحاور بتركه يبدأ في طرح الموضوع حتى تكتشف طبيعته وتستشف أسلوبه وتتعرف على الطريقة المناسبة لمحاورته
4- دائما كن أذانا صاغية : المتحدث البارع هو المستمع البارع فأحسن الاستماع ولاتقاطع من تحاور بل شجعه على الحديث كي يقابلك بالمثل و أنصت إليه كما تحب أن ينصت إليك يقول الحكماء (( لكي تكون مهما كن مهتما )) وبراعة الإنصات تكون : بالأذن ، وطرف العين ، وحضور القلب ، وإشراقة الوجه ، وعدم الانشغال بتحضير الرد ، وعدم الاستعجال بالرد قبل إتمام الفهم
5- استخدم العقل والمنطق : ونورد القصة التالية التي تبين أهمية استخدام العقل والمنطق روي أن رجلا من المسلمين كانت عنده شبهة على عثمان رضي الله عنه إذ كان يتهمه بأنه يهودي ، وحاول المسلمون أن يقنعوه أن عثمان مسلم فما استطاعوا أن يزيلوا هذه الشبهة من عنده ، فجاء له الإمام أبو حنيفة فقال له : جئتك خاطبا ، فقال : من ؟ قال : ابنتك ،قال لمن ؟ قال : لرجل شريف عفيف صالح منفق كريم صوام بالنهار قوام بالليل فقال الرجل : فيما دون ذلك مقنع ، فقال أبو حنيفة : لكن فيه عيب واحد ، فقال الرجل وما هو قال أبو حنيفة انه يهودي ، فقال الرجل يغفر الله لك يا أبا حنيفة أتريد أن أزوج ابنتي من يهودي ، ؟ فقال أبو حنيفة : نعم لقد زوج الرسول صلى الله عليه وسلم ابنتيه من يهودي وهو عثمان ، فانتبه الرجل واقتنع وقال : استغفر الله أن عثمان مسلم وليس يهوديا .
6- اجعل الأفعال أقوى من الكلمات : اجعل هناك توائم بين كلماتك وتعبيراتك فليس من المعقول أن تحدث الطرف الآخر عن أي موضوع دون أن يصحب ذلك أي جديه منك مثل أن تكون تقلب في الأوراق وأنت تتحدث أو تمضغ لبانا إن التعبير الجسمي الصحيح يضع النقاط على الحروف فالتعبير هو الصياغة الطبيعية لدرجة حماسك في مواجهة الطرف الأخر وهناك تعبيرات شائعة يمكن أن تكشف لك حالة الطرف الآخر
المعني تعبيرات شائعة
الموافقة رفع الرأس وخفضة في حركة واحدة
الاعتراض تقطيب الجبهة
التوتر الضغط على الأسنان
عدم الراحة مسك الذقن
ومن هنا يتضح لنا أن النطق ليس الوسيلة الوحيدة للمحادثة الناجحة بل تحتاج لبعض أعضاء الجسم ، والى بعض الحواس المعبرة عن الانفعال بصورة تلقائية حتى تتبادل مع الأخريين حديثا جذابا
7- دائما احمل راية الرفق والحنان : أن تحدي الأخريين وإفحامهم ولو كان بالحجة الدامغة والدليل المبين يثير البغضاء ويورث الضغينة ليس في نفس محاورك فحسب ، بل في نفوس الحاضرين لان طبيعة النفس البشرية تميل إلى اللين والرفق والملاطفة والتودد والتعامل بالحسنى قال تعالى في سورة العمران
) فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (
المحاور الجيد يناقش بتلطف وأناة ويقدم لكلامه ويختمه بعبارات رقة ولطف فتبلغ في نفس السامع مالا تبلغه الحجة الدامغة والإسلام يعتبر الكلمة الطيبة صدقة فالقول الحسن محمود على كل حال في حال الرضا والغضب مع الصغير والكبير ومن الأقوال الحسنة مناداة الإنسان بأحب الأسماء والكنى إليه فقد خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم هرقل بعظيم الروم
وقد ورد في القران العديد من الأمثلة التي توجب استخدام الرفق والحنان في الأسلوب والحوار فهذا إبراهيم عليه السلام يخاطب والده بالنداء الحبيب يابت
ولقمان الحكيم ناصحا ولده باللين والرحمه ، وهذا يوسف عليه السلام في السجن استغل الوقت في الدعوة لله مخاطبا منهم معه في السجن (( يا صاحبي السجن ))
7- يجب أن يتصف المحاور بالصبر وعدم الغضب : وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب ) فردد مرارا فقال ( لا تغضب )
لان الغضب يفشل الحوار ويفقد المحاور أحد أهم فنون الحوار ولنا في الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك