للإجابة على هذا السؤال نورد بداية الحقائق التي توصل لها علماء علم الأعصاب وذات العلاقة بالتعلم :
1. يعتقد علماء الأعصاب أن الدراسة المباشرة للدماغ هي الطريق الوحيد لفهم أسباب السلوك . فهم متجاوزون للتفسير السلوكي الذي يذهب إلى أن السلوك نتاج عوامل بيئية خارجية فقط ( مثيرات ، معززات ) . ومتجاوزون للنظريات المعرفية القائمة على افتراضات نظرية للعمليات المعرفية ( انتباه ، إدراك ، معالجة ، تذكر ، ... الخ ) . على أمل تحديد الجذور النيورولوجيه لتلك العمليات بإعتبارها الوظائف العقلية للدماغ.
2. الجهاز العصبي هو القاعدة الفيزيقية لعملية التعلم الإنساني . فالدماغ ليس حاسوباً . إنه جهاز ذاتي التنظيم ، يدرس تركيباً ووظيفة بتقنيات لم تكن متوفرة من قبل .
3. الدماغ يتغير عبر دورة الحياة وفقاً لما يتعرض له الفرد من خبرات . فكلما أتيحت الفرصة للدماغ لممارسة وظائفه العقلية كما غيرنا في تركيبه وطورنا أنماطاً مختلفة من الترابطات يسهل تكرارها .
4. الخلية العصبية تتعلم ، الدماغ قادر على صنع شبكات عصبية تبعاً لتعقيد التعلم بما يؤثر على قدرة الدماغ على التكيف مع البيئة . إن الشبكات التي تعزز من خلال إعادة تشغيلها تبقى وتتقوى في حين أن الشبكات التي لا يتكرر تشغيلها تضمحل . وعليه فإن الخبرات التي يمر بها الطفل في عامه الأول كفيلة بتكوين شبكات عصبية تجعل دماغه يقترب من الحالة التي يصل إليها في سن الرشد . ( Chugani , 1998) وللمزيد راجع بحثه المشار إليه في الموقع ( npin.org ) .
5. الوصلات بين الخلايا العصبية التي تعرف باسم الشجيرات Synapsis تشكل ممرات عصبية أو خرائط التعلم Learning Maps .
معظم هذه الممرات العصبية تتواجد بنهاية السنة الثالثة من العمر .
6. للخبرات الحسية في السنوات المبكرة من عمر الطفل تأثير كبير في تطور الدماغ ومن ثم في السلوك والتعلم . Hast & Risley , 1995) ) وللمزيد راجع بحثهما المشار إليه في الموقع ( npin.org ) .
7. إن طبيعة التعلق بين الرضيع ومن حوله تؤثر في تطور دماغه . فالعلاقات المضطربة داخل الأسرة تدفع بدماغ الطفل إلى استهلاك كمية أكبر من الجلوكوز لمواجهة الضغوط النفسية بدلاً من استخدامه في الأنشطة المعرفية . وأن تكرار التعرض لتلك الضغوط يدفع بالدماغ إلى أن يطور مواقع مستقبلات الاستثارة لبعض المواد الكيميائية ، وهذه المواقع ترتبط بالاندفاعية والعدوانية . ( Robenstein ,1998) و ( Kotulak , 1996) وللمزيد راجع بحثهما المشار إليه في الموقع ( npin.org ) .
8. يُولّد الأطفال بكثافة أقل للشجيرات مقارنة مما سيكون عليه الحال في مرحلة الرشد . بعد شهور من الميلاد يتسارع تكون هذه الشجيرات ليصل إلى %50 أكثر من الراشد وذلك في سن أربع سنوات . ويلاحظ أن توقيت هذه العملية يختلف في الدماغ من منطقة إلى أخرى . فمثلاً تنامي عدد الشجيرات في منطقة الأبصار تسير بسرعة ابتداءً من الشهر الثاني وتتضاعف سرعتها في العمر من ( 10 – 8 ) شهور ثم تنخفض في سن عشر سنوات . مناطق الدماغ الخاصة بالانتباه والذاكرة قصيرة المدى ، والتخطيط والكائنة في القشرة الدماغية تبدأ فيها هذه العلمية متأخرة .
9. مناطق الدماغ تتطور في خطوات متتالية يمكن التنبؤ بها وبنتائجها بما يمكن من تحديد الوقت الأنسب لتعلم المهارات الحركية ( من الميلاد إلى سن أربع سنوات ) ، ومهارات الحركات الدقيقة ( ما بين الثالثة والتاسعة ) ، والموسيقى من السادسة إلى التاسعة . وللمزيد راجع البحث المنشور في الموقع ( Fes.tam.edu) .
10. حدد علماء الأعصاب الشبكة العصبية Neural net التي تعمل أبان التعلم بالتقليد Im-itation والشبكة الخاصة بتمييز الذات عن الآخر أبان عملية التعاطف Empathy . حيث وجدوا أن الشبكة الأولى تقع في منطقة التلفيفة الصدغية العليا Superior Temporal Gyrus ، والثانية في القشرة السفلى اليمنى في النصفين الكرويين . ومن المعتقد أن هذه المنطقة تلعب دوراً في عملية العزو .
11. القشرة الجديدة Neocortex تنشط أثناء عملية التعلم خاصة مع الأشكال العليا من التعلم .
12. تطور الفص الأمامي Frontal lope فيما بين (14-10 سنة ) ، حيث يمكن للطفل إتمام عمليات حل المشكلات والتفكير الناقد والتنظيم .
13. الدماغ قادر بالفطرة على : استكشاف الأنماط ، التذكر ، إعادة التنظيم الذاتي ، التعلم ، تحليل البيانات ، التأمل الذاتي، الإبداع ، والابتكار .
14. من مبادئ الدماغ ذات العلاقة بالتعلم نذكر :
يتضمن التعلم كلاً من الانتباه المركز والإدراك الطرفي .
يتضمن التعلم عمليات واعية وعمليات غير واعية .
يدعم التعلم المعقد بالتحدي ويكف بالتهديد .
التعلم فطري .
لدينا على الأقل طريقتان لتنظيم الذاكرة المكانية ، ولدينا مجموعة أنظمة للتعلم .
التعلم يشغل الأجهزة الفسيولوجية كلها .
إن نعرفه من حقائق الدماغ تركيباً ووظيفة غيض من فيض . وما يهمنا هنا هو تلك الحقائق ذات العلاقة بالنمو والتعلم . وإن هذ المعلومات التي نعرفها قابلة للتعديل والتطوير في ضوء نواتج الأبحاث الجديدة في مجال الدماغ . وعليه فإن الاختصاصيين في علوم النفس والتربية بحاجة ماسة لمتابعة أبحاث الدماغ وتعديل أدواتهم التربوية والتعليمية والعلاجية والإرشادية وفقاً لما يكشف عنه علماء علم الأعصاب .
فالتعلم المستند إلى الدماغ نظرية في التعلم تستند على الدماغ تركيباً ووظيفة . إن هذا التعلم سيظل مستمراً طالما لم يمنع الدماغ من أداء عملياته الطبيعية لأي سبب من الأسباب .
غالباً ما يقال أن كل فرد قادر على التعلم ولكن الأصح أن نقول أن كل فرد يمارس عملية التعلم ، نظراً لأن كل فرد يولد بدماغ يتعلم بالفطرة . إن التعليم التقليدي غالباً ما يقمع التعلم بعدم تشجيعه أو تجاهله ، أو معاقبته لعمليات التعلم الطبيعية للدماغ .
ثمة ثلاث تكنيكات تعليمية ترتبط بالتعلم المستند إلى الدماغ هي :
1. الغمر Orchestrated Immersion : تخليق بيئات التعلم التي تعمل على غمر الطلبة في الخبرة التربوية .
2. الاسترخاء Relaxes Alertnes : محاولة إزالة الخوف لدى المتعلمين أثناء مجابهتهم للتحديات القوية الصادرة عن البيئة .
3. المعالجة النشطة Active Processing : السماح للمتعلم بتذوق وتمتين المعلومات بالمعالجة النشطة لها .
في المجال التربوي ، يمكن لهذا النموذج التعليمي اقتراح ما يلي :
1. في مجال المنهاج ، يجب على المعلمين تصميم تعلم يتمركز حول اهتمامات الطالب ، وجعل التعلم ضمن سياق Contextual .
2. في مجال التعليم ، على المعلمين أن يَدَعُوا الطلبة يتعلمون في فريق ، ويستخدمون التعلم الشمولي ( التعاوني ) Peripheral Learning . كما أن على المعلمين أن يديروا التعلم حول مشكلات حقيقية ، ويشجعون الطلبة على التعلم من خلال جلسات خارج الغرفة الصفية وخارج البناء المدرسي .
3. في مجال التقييم ، حيث أن جميع الطلبة يتعلمون ، فإن تقييمهم يجب أن يسمح لهم لفهم أساليب تعلمهم وتفضيلاتهم، مما يتيح لهم مراقبة وتطوير عمليات تعلمهم وللمزيد حول التقييم راجع الموقع التي (
www.Fundastanding.com ) .
نكتفي بهذا القدر من الحديث عن نموذج التعلم المستند إلى الدماغ والتي نأمل أن تثير لدى المبتدئين في علم النفس الفضول والرغبة في متابعة ما يستجد في هذا المجال .
توثيق مصدر المقال
تلتزم مهارات النجاح للتنمية البشرية بحماية حقوق المؤلفين وكتاب مقالات تعلم وإبرازهم . ولتوثيق ذلك نود هنا أن نبرز معلومات توثيقية عن كاتب المقال: د. محمد بن علي شيبان العامري .
كما تلتزم مهارات النجاح بحفظ حقوق الناشر الرئيسي لهذا المقال وندعوكم لزيارة صفحة الناشر بدليل الناشرين لمقالات موسوعة تعلم معنا من خلال الظغط على اسم المصدر ، كما نتقدم بالشكر أجزله والتقدير أجله للناشر لمساهمته الفاعلة في نشر مصادر المعرفة.
المصدر (الناشر الإلكتروني الرئيسي لهذا المقال ): مهارات النجاح للتنمية البشرية
أخر تعديل تم بواسطة د. محمد العامري