يقول المؤلف ، Ekcart Tolle في مقدمة الكتاب : استخدامي قليل جداً للماضي ونادراً
ما أفكر فيه ، ولكن أود باختصار إخباركم كيف أصبحت معلماً روحياً ، وكيف جاء هذا الكتاب إلى الوجود .
يروي لنا المؤلف كيف كان يعيش مرحلة من الإكتئاب العميق التي أوصلته للتفكير في الإنتحار
الى أن جاءت ليلة استيقظ فيها مفزوعاً ولم تكن تلك الليلة الأولى التي يحدث له فيها ذلك ، ولكنها
كانت الأشد .حيث كان هدوء الليل ، والحدود المبهمة للأثاث في ظلام الغرفة ، والإزعاج البعيد الذي
يصدر من مرور القطار غريبة وعدوانية جداً وكانت كلها بلا معنى ، وقد أحدث ذلك في داخله اشمئزاز
عميق من العالم ، وكان الشئ الأكثر اشمئزازاً بالنسبة له ، هو وجوده .
يقول المؤلف : لم أعد استطيع العيش مع نفسي أبداً ، وهذه الفكرة أصبحت تكرر نفسها في رأسي ،
وفجأة أصبحت مدركاً لهذه الفكرة الغريبة والتي هي : هل أنا واحد أم اثنان ؟ اذا لم أعد أستطيع
العيش مع نفسي ، فلابد أنه يوجد اثنان مني : "أنا" و"نفسي" التي لا أستطيع "أنا" العيش معها
ففكرت أنه فقط إحداهما هي الحقيقية . بعدها دخلت في حالة غريبة توقف فيها عقلي ، كنت واعياً
تماماً ، ولكن بلا أفكار ، أحسست بعدها بأني جررت إلى دوامة من الطاقة بدأت بطيئة ثم تسارعت
شعرت بالخوف الشديد ، وبدأ جسمي بالإرتعاش ، وقد احسست بنفسي أُسحب إلى الفناء
وقد بدا هذا الفناء بداخلي بدلاً من الخارج ، وفجأة زال الخوف ، وسمحت لنفسي بالغوص أكثر
في الفناء ، ولم أعد أتذكر شيئاً بعدها .
استيقظت على صوت تغريد طير على نافذتي ، لم أسمع بمثل هذا الصوت أبداً من قبل . كانت عيناي
ماتزال مغلقة ، تخيلت صورة لألماسه ثمينة ، وقلت لو كانت الألماسه تصدر صوتاً لتمنيت أن هذا ،
هو صوتها . بعدها فتحت عيناي ، كان ضوء الفجر يتسلل من خلال الستائر ، وبدون أية أفكار ، شعرت ،
وعلمت ، أن هناك بالتأكيد ضوء أكثر مما ندركه . لقد كان الذي يتسلل من الستائر هو الحب بعينه .
اغرورقت عياني بالدموع ، ووقفت أتجول في أرجاء الغرفة ، تعرفت على الغرفة ، وعلمت أنني إلى الآن
لم أراها مطلقاً من قبل . كل شئ فيها كان منتعشاً وأصلي ، كما لو أنه للتوّ قد أتى إلى الوجود .
لقد علمت أن شيئاً عظيماً حدث لي ، ولكن لم أفهم ماهو أبداً ، لم أفهم ما هو إلا بعد عدة سنوات ،
بعد أن قرأت نصوصاً روحانية ، وقضيت وقتاً مع المعلمين الروحانيين ، حينها أدركت أن مايبحث عنه
الجميع هو نفسه ماقد حدث لي . فهمت أن ضغط المعاناة الشديدة علي في تلك الليلة قد دفعت
بوعيي للانسحاب من هويته الغير سعيدة والخائفة والتي هي خيال من وحي عقلي .
ومابقي هنالك ، هو طبيعتي الحقيقية ، وعي صافي خالص ، وقد تعلمت كيفية التعامل مع هذه
الحالة وأيضاً عملت على تطويرها .
لاحقاً ، أتاني أناس يسألوني : هل تستطيع أعطائنا ما تملكه ، أو ترينا كيف نستطيع الحصول عليه ؟
وكنت أجيبهم : " أنت تملكه الآن ، ولكنك لا تستطيع الشعور به ، لأن عقلك يحدث الكثير من الضجة "
وهذا الجواب كبُر إلى أن أصبح هذا الكتاب ، وأنا أصبحت معلماً روحياً
يتبع ..
افتراضي
الفصل الأول ( أنت لست عقلك (..
في بداية هذا الفصل ، يبدأ المؤلف بتعريف مصطلحين غالباً ما سيمران علينا أثناء قراءتنا لهذا الكتاب ، وذلك لأهمية معرفتهما في تخطي عقبة "العقل" ، وهي أعظم عقبات الرحلة إلى الداخل ، فلنبقى مع المعلم Eckart Tolle ليعرّف لنا مصطلحي : الإستنارة الروحية والوجود ومالعلاقة بينهما :
الإستنارة الروحية
يقول المؤلف : كان هناك فقير يجلس على جانب الطريق لأكثر من 30 عاماً ، وفي يوم من الأيام مر به شخص غريب ، فسأله الفقير وهو يحمل قبعته القديمة :"هل تقرضني بعضاً من المال " ؟ فرد عليه الغريب بقوله : "لا يوجد لدي شئ لأعطيك إياه " ، وبعدها سأله الغريب :" ماذلك الشئ التي تجلس عليه "؟ أجاب الفقير :" لاشئ ، مجرد صندوق قديم ، وأنا اجلس عليه منذ فترة طويلة جداً " ، فسأله الغريب : " ألم تنظر إلى ما بداخله "؟ ، فأجاب الفقير :" لا ، ومالفائدة لاشئ هناك " ، ألح عليه الغريب وقال :" أنظر إلى ما بداخله " ، فحاول الفقير أن يفتح غطاء الصندوق وبكل ذهول ودهشة صُعِق لمّا رأى أن الصندوق مملوء بالذهب .
أنا هو ذلك الغريب الذي لا يملك شئ ليعطيك إياه ، ويحاول أن يخبرك بأن تنظر إلى ما بالداخل ، ليس بداخل الصندوق كما في القصة ، وإنما بداخل مكان أقرب من ذلك بكثير وهو : نفسك .
والفقراء هم من لم يجدوا ثروتهم الحقيقية وهي متعة وجودهم ، والسلام الداخلي الراسخ الذي يأتي معها ، حتى لو أمتلكوا ثروة مادية عظيمة ، فهم لا يزالون فقراء لأنهم بحثوا في الخارج ، بينما هم يمكلون ماهو أثمن بكثير من ذلك بداخلهم ، وهو أعظم من أي شئ يمكن للعالم أن يقدمه لهم .
كلمة الإستنارة الروحية تستحضر معها ، فكرة القوى البشرية الخارقة ، التي تحب أن تبقيها نفسك ( الـ EGO ) كذلك ، ولكنها ببساطة هي الحالة الطبيعية للشعور بالوحدة مع الوجود ، هي حالة الاتصال مع شئ غير قابل للقياس وغير قابل للفناء ، مع شئ تقريباً وبشكل أساسي هو أنت ، ومع ذلك يظل أعظم منك أنت .هي أن تجد طبيعتك الحقيقية ، بغض النظر عن الاسم والشكل .
وعدم القدرة على الشعور بهذا الاتصال ، يخلق لنا الوهم بالإنفصال عن أنفسنا وعن العالم من حولنا ، وبعدها تحس نفسك بوعي أو بلا وعي عبارة عن جزء معزول ، وبعدها ينشأ الخوف ويصبح التعارض بين الداخل والخارج هو أسلوبك في الحياة .
الوجود
الوجود هو أبدي ، حياة واحدة موجودة إلى الأبد بغض النظر عن أشكال الحياة المحصورة بالولادة والموت ، الوجود في أعماق دواخلنا وهو جوهرنا العميق الغير مرئي والغير فاني . هذا يعني أنه يمكنك الوصول إليه الآن كنفسك العميقة ، كطبيعتك الحقيقية .
لكن لا تحاول البحث عنها عن طريق عقلك ، ولا تحاول فهمها ، تستطيع التعرف عليها فقط حينما لا يتدخل عقلك ، حينما تكون حاضراً ، حينما يكون إنتباهك كاملاً ومركزاً على الآن ، تستطيع الشعور بالوجود لكن لا تستطيع نهائياً فهمه عن طريق العقل . إستعادة الإدراك بالوجود والالتزام بحالة الشعور بالحقيقية هي "الإستنارة الروحية" .
***
بعدها بدأ المؤلف بمحاولة شرح ماذا كان يعني بالوجود ، وقال أن هذه الكلمة فقط للتعبير عن الحالة الحقيقية خلف هذه الكلمة .
وأنا أعتقد أن المؤلف يعني بكلمة "الوجود" ، أي الروح ، فهذا التعريف أقرب ما يكون للروح ! وأنتم ما هو رأيكم يا أخواني ؟؟
اتمنى أن تطلعونا على آرائكم الى حين أن نلتقي مرة آخرى هنا ، مع : العقبة العظمى لاختبار حقيقتنا .