المخابرات الجزائرية أطلعته على التوقيت والمواقع المستهدفة من أمريكا
كشفت شهادات تاريخية أن الدبلوماسية الجزائرية كان لها دورا حاسما في إنقاذ حياة الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، في الغارات الجوية التي تعرضت إليها العاصمة الليبية طرابلس في سنة 1986، من طرف سلاح الجو الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغن.
*
وقال وزير الإعلام والثقافة الأسبق، عبد العزيز رحابي، في تصريحا لـ "الشروق " إن المخابرات الجزائرية، توصلت إلى تفاصيل العمل العسكري الذي كانت تحضر له الولايات المتحدة، ضد ليبيا بهدف تأديب زعيمها، على خلفية شكوك بضلوعه في أعمال إرهابية، وفي مقدمتها تاريخ الضربة الجوية وتوقيتها.
*
وكانت مقاتلات أمريكية قد نفذت قصفا على مدينتي طرابلس وبنغازي الليبيتين بعد منتصف الليل في 15 أفريل عام 1986، وذلك ردا على عملية تفجير استهدفت ملهى ليليا في برلين الغربية بألمانيا، وهو التفجير الذي أسفر عن مقتل عدد من الجنود الأمريكيين. ونفذ الهجوم الذي استمر نصف ساعة 18طائرة .
*
وأوضح سفير الجزائر بإسبانيا سابقا، أن الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد أوفد الرجل الأول في حزب جبهة التحرير الوطني في ذلك الوقت، الراحل محمد الشريف مساعدية، ليبلغ الزعيم الليبي بخطورة ما ينتظره، ويأخذ احتياطاته لتفادي الضربة، حسب ما أكد الراحل مساعدية لرحابي.
*
ونقل رحابي عن رئيس مجلس الأمة الأسبق قوله، إنه تنقل على الفور إلى العاصمة الليبية، والتقى بالقذافي، وأخبره بأن الجزائر توصلت إلى معلومات مفادها أن الرئيس الأمريكي رونالد ريغن، قرر قصف ليبيا وتحديدا القصور التابعة للقذافي في كل من العاصمة طرابلس وعاصمة الشرق بنغازي، وكان من بينها موقع "باب العزيزية " الذي يتحصّن فيه القذافي هذه الأيام ضد الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي.
*
وقال رحابي إن العلاقات المتينة التي كانت تربط الجزائر بالاتحاد السوفياتي سابقا، مكنت من التوصل إلى هذه المعلومات الاستخباراتية، مشيرا إلى أن ميخائيل غورباتشوف (الرئيس السوفياتي آنذاك)، هو الذي أطلع نظيره الجزائري على ما كانت تخطط له الإدارة الأمريكية في عهد رونالد ريغن، الذي لم يهضم الاستهزاءات المتكررة للعقيد الليبي من الولايات المتحدة، من خلال عبارته الشهيرة "طز في أمريكا".
*
وقال محدثنا إن الاستثمار الأمثل للمعلومات، التي قدمتها الجزائر للزعيم الليبي معمر القذافي، كان سيجنب سقوط العشرات من الضحايا، غير أن قائد ثورة الفاتح من سبتمبر استغل المعلومات التي قدمتها الجزائر في تأمين شخصه وعائلته فقط، دون أشخاص آخرين سهل عليه التضحية بهم.
*
وأوضح رحابي في هذا الخصوص أن القذافي قام بتغيير مكان إقامته ليلة 15 إلى 16 أفريل 1986 من قصره في باب العزيزية إلى مكان آخر في سرية تامة، مرفوقا بأبنائه من صلبه وأقرب مقربيه، في حين تعمّد ترك بنته بالتبني وعدد من الأشخاص، ليقضوا تحت رحمة القصف الأمريكي، ويخرج بعدها القذافي أمام العالم ليقول بأنه فقد بنته بسبب العدوان الأمريكي، في محاولة لاستعطاف العالم وحمله على استنكار ما قامت به واشنطن.
*
وانطلاقا من هذه الحادثة، يرى متابعون لمواقف القذافي، أن ما يتردد عن استعمال صاحب عبارة "زنڤة زنڤة" للمدنيين كدروع بشرية والتحصّن خلفهم، ليس غريبا عن مواقف هذا الرجل.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي