فن ..حسن الاصغاء
.
لا تقتصر براعة الحديث على اسلوب الكلام وجودة محتواه بل إن حسن الاصغاء يعد فناً من فنون الحوار ، وكم
تحدث أناس وهم لا يريدون من يحاورهم ، بل يريدون من يصغي اليهم كي يبوحوا بما في صدورهم .
وبراعة الاستماع تكون : بالاذن وطرف العين ، وحضور القلب ، واشراقة الوجه ، وعدم الانشغال بتحضير الرد ،
متحفزا ، متوثبا ، منتظرا تمام حديث صاحبه .
ولتتذكر انك لن تستطيع ان تفهم حقيقة مراد محاورك ما لم تكن راغبا بجدية في الانصات الى حديثة . كما ان
معرفتك بحديث المتكلم لا تغنيك عن الاستماع له .
وأثر الاصغاء الجيد اكثر ما يكون في المقابلة الاولى وفي اللقاءات العابرة لاثره الطيب في النفوس ، ولان الحوار
في مثل هذه اللقاءات يكون عاما لا يستدعي مداخله في اكثر الاحيان ، وفيه يتشكل انطباع كل فرد عن الاخر ،
وكم اثنى الناس على حسن حوار فلان مع انه يطيل الصمت . قال بعض الحكماء : صمتك حتى تستنطق اجمل من
نطقك حتى تسكت .
يقول دايل كارينجي : " ان اشد الناس جفافا في الطبع وغلظة في القول لا يملك الا ان يلين وان يتأثر ازاء مستمع
صبور عطوف يلوذ بالصمت اذا اخذ محدثه الغضب "
قال احد حكماء العرب " اذا جالست العلماء فأنصت لهم . واذا جالست الجهال فانصت لهم ايضا ، فان في انصاتك
للعلماء زيادة في العلم ، وفي انصاتك للجهال زيادة في الحلم "
ولذا.... ما ادق... فهم الجاحظ حين قال : ليس الصمت كله افضل من الكلام كله ، ولا الكلام كله افضل من السكوت
كله ،
بل قد علمنا ان عامة الصمت افضل من عامة الكلام