كثيرا ما نقدم ظنوننا السيئة علي الحسنة تجاه بعض الأمور أو تجاه بعض الناس إما لخوفنا من بعض المواقف ، أو لجدة بعض الأمور علينا ، فهيبة كل جديد قد توهم بقبحه في أول الأمر ، لكننا سرعان ما نكتشف الحقيقة وندرك أن ظنوننا إنما هي من وحي الخواطر .
إن مساحة جمال هذه الحياة بكونها الواسع تكون بقدر ماتحتويه نفوسنا نحن من جمال وتفاؤل لأن الجمال ليس صفة تحويها الأشياء ، ولكنه شئ كامن في النفوس ، يسقط كما الضوء علي ما حولنا فنراه جميلا ، لذلك بقدر ما تكون نفسك منشرحة وسعيدة ، بقدر ما يكون جمال الحياة غامرا لك حتى المدى ، تدور في دائرته فترى كل شئ من حولك جميلا ، الهواء ، والفضاء ، والأرض والسماء ، والأهل ، والأصدقاء ، حتى قلمك والورق ، وقد تعيش زمنا ربما لا تراه جميلا، وفي لحظة من لحظاته ، حين يسحب بساط العمر من تحتك ، وتجدك تتهادى بخطى مثقلة نحو الغربة ، ويوما بعد يوم تفقد صديقا من أصدقائك ، وتبشر بحفيد من حفدتك ، يزيدك الحفيد في الغربة عمقا ويزيدك فقد الصديق حزنا وأنت بين الحالتين تكبر سنا وتجربة ، تنثر من الحكمة دررا خلاصة تجربة عمر مديد ، أو فلسفة أتت بها السنون ،وهكذا تستمر.
ويقول قائل هذه هي الحياة . قال لى والدى يوما : إن كبار السن يستقبحون كل شئ من حولهم ويقابلون كل شئ بالاستهجان ، قلت : (كن جميلا تر الوجود جميلا ) فهز والدى رأسه أن نعم لكنه قال : إذا مضى القرن الذى كنت فيهم وخلفت في قرن فأنت غريب وما يدريك لعلك تكون يوما من كبار السن الذين تؤخذ عنهم النصيحة وتعاصر جيلا جديدا لك : أشر علي يا عماه حفظ الله لنا كبارنا ، فلا نستطيع الإستغناء عن حكمهم وتجاربهم ، ولا يستطيعون غنى عن عطفنا وحناننا
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي