كيف تكون حياتـنـــــــــــا بـســـــــيطـة؟
أحد سجناء لويس الرابع عشر محكوم عليه بالإعدام ومسجون في جناح قلعة مطلة على جبل، هذا السجين لم يبق على موعد إعدامه سوى ليلة واحدة..
ويروى عن لويس الرابع عشر ابتكاره لحيل وتصرفات غريبة ..!
وفي تلك الليلة فوجئ السجين وهو في أشد حالات اليأس بباب الزنزانة يفتح ولويس يدخل عليه مع حرسه ليقول له: أعرف أن موعد إعدامك غداً لكني سأعطيك فرصة إن نجحت في استغلالها فبإمكانك أن تنجوا، هناك مخرج موجود في جناحك بدون حراسة إن تمكنت من العثور عليه يمكنك عن طريقه الخروج وإن لم تتمكن فإن الحراس سيأتون غداً مع شروق الشمس لأخذك لحكم الإعدام.. أرجو أن تكون محظوظاً بما فيه الكفاية لتعرف هذا المخرج..
وبعد أخذ ورد وتأكد السجين من جدية الإمبراطور وإنه لا يقول ذلك للسخرية منه غادر الحراس الزنزانة مع الإمبراطور بعد أن فكوا سلاسله وتركوا السجين لكي لا يضيع عليه الوقت.
جلس السجين مذهولاً فهو يعرف أن الإمبراطور صادق ويعرف عن لجوءه لمثل هذه الابتكارات في قضايا وحالات مماثله ولمّا لم يكن لديه خيار قرر أنه لن يخسر من المحاولة وبدأت المحاولات وبدأ يفتش في الجناح الذي سجن فيه والذي يحتوي على عدة غرف وزوايا ولاح له الأمل عندما اكتشف غطاء فتحته مغطاة بسجادة بالية على الأرض وما إن فتحها حتى وجدها تؤدي إلى سلم ينزل إلى سرداب سفلي ويليه درج أخر يصعد مرة أخرى وبعده درج أخر يؤدى إلى درج أخر وظل يصعد ثم يصعد إلى أن بدأ يحس بتسلل نسيم الهواء الخارجي مما بث في نفسه الأمل ولكن الدرج لم ينتهي.. واستمر يصعد.. ويصعد ويصعد.. إلى أن وجد نفسه في النهاية وصل إلى برج القلعة الشاهق والأرض لا يكاد يراها وبقي حائراً لفترة طويلة فلم يجد أن هناك أي فرصة ليستفيد منها للهرب وعاد أدراجه حزيناً منهكاً وألقى نفسه في أول بقعة يصل إليها في جناحه حائراً لكنه واثق أن الإمبراطور لا يخدعه...
وبينما هو ملقى على الأرض مهموم ومنهك ويضرب بقدمه الحائط غاضباً وإذا به يحس بالحجر الذي يضع عليه قدمه يتزحزح فقفز وبدأ يختبر الحجر فوجد بالإمكان تحريكه وما إن أزاحه وإذا به يجد سرداباً ضيقاً لا يكاد يتسع للزحف فبدأ يزحف وكلما زحف كلما بدأ يسمع صوت خرير مياه.. وأحس بالأمل لعلمه أن القلعة تطل على نهر بل ووجد نافذة مغلقة بالحديد أمكنه أن يرى النهر من خلالها...
استمرت محاولاته بالزحف إلى أن وجد في النهاية هذا السرداب ينتهي بنهاية ميتة مغلقة وعاد يختبر كل حجر وبقعة فيه ربما كان فيه مفتاح حجر أخر لكن كل محاولاته ضاعت بلا سدى.
والليل يمضي واستمر يحاول.. ويفتش.. وفي كل مره يكتشف أملاً جديداً... فمرة ينتهي إلى نافذة حديدية ومرة إلى سرداب طويل ذو تعرجات لانهاية لها ليجد السرداب يعيده لنفس الزنزانة..
وهكذا ظل طوال الليل يلهث في محاولات وبوادر أمل تلوح له مرة من هنا ومرة من هناك وكلها توحي له بالأمل في أول الأمر لكنها في النهاية تبوء بالفشل وتزيد من تحطمه، وأخيراً انقضت ليلة السجين كلها ولاح له من خلال النافذة الشمس تطلع وهو ملقى على أرضية السجن في غاية الإنهاك محطم الأمل من محاولاته اليائسة وأيقن أن مهلته انتهت وأنه فشل في استغلال الفرصة..
ووجد وجه الإمبراطور يطل عليه من الباب ويقول له: أراك لازلت هنا!..
قال السجين: كنت أتوقع أنك صادق معي أيها الإمبراطور.
قال له الإمبراطور: لقد كنت صادقاً.
سأله السجين: لم اترك بقعة في الجناح لم أحاول فيها فأين المخرج الذي قلت لي..؟؟؟
قال له الإمبراطور:
لقد كان باب الزنزانة مفتوحاً
وغير مغلق
الإنسان دائماً يضع لنفسه صعوبات وعواقب ولا يلتفت إلى ما هو بسيط في
حياته , حياتنا قد تكون بسيطة بالتفكير البسيط لها , وتكون صعبة عندما يستصعب الإنسان شيئاً في حياته..
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي