من أهم البواعث التي حملت المسلمين على فتح المغرب العربي الكبير نذكر منها:
1- نشر الإسلام: إذا كان الدين عند الله هو الإسلام و هو دين عالمي ولكافة الناس, كان لزاما على العرب الفاتحين, أن يواصلوا فتوحاتهم في كافة أنحاء العالم, مهما كلفهم ذلك من التضحيات خاصة و إن الدين الإسلامي يحث على الجهاد في سبيل الله و يوصي في نفس الوقت بان لا إكراه في الدين بالنسبة لأصحاب أهل الكتاب.
2- تامين الحدود : إن فتح المغرب العربي وجعله ولاية إسلامية ضرورة لازمة للمسلمين وخاصة بعد وصولهم إلي ليبيا و ذلك لان المغرب العربي كان أيضا ولاية بيزنطية و لهم فيها جيوش تهدد وجود المسلمين في ليبيا, خاصة و انه لا يوجد حاجز طبيعي كنهر أو جيل يفصل بين المسلمين شرقا و بيزنطة غربا, كما أن واجب نشر الرسالة يتطلب منهم الجهاد و الفتح في كافة الكتل القارية
أما أهم العوامل التي ساعدت العرب على فتح بلاد المغرب هي:
النزاع المذهبي في المغرب حيث كان النزاع الدين و الخلاف السياسي ضاربا أطنابه في المغرب العربي و كان دينيا في ظاهرة فانه لم يخل من بواعث السياسة, كانت لها نتائج وخيمة على البيزنطيين عامة, كما شجعت عناصر الوحدة في المغرب العربي, إذ أثارت حماس الأهالي , و جعلتهم يتطلعون إلى ذلك اليوم الذي فيه الخلاص, على يد العرب الفاتحين خاصة و إنهم سمعوا الكثير عن عدل و سماحة العرب.و أيضا من الأسباب ضعف السلطة البيزنطية لانتشار الثلاث مذاهب الملكاني الذي يقوم بقول مشيئة واحدة و طبيعتين و النساطرة الذي يقوم بقول مشيئتين و طبيعتين و آخرهم المذهب اليعاقبة الذي يقوم بمشيئة و طبيعة واحدة وكان النزاع على الصعيدين معا الحكومي و الشعبي و كان له اثر كبير في تطور الخلاف و الانشقاق الذي اضعف الكيان البيزنطي مما ساعد بعض الولاة الانقلاب ضد السلطة البيزنطية كما فعل جورجيس ناهيك عن الجيش الذي انقسم إلى تيارات سياسية و دينية علاوة عن انحطاط معنوياته اثر للهزائم المتتالية التي تعاقبت عليه.إضافة لكل هذا قلة الأموال في خزينة الدولة لتخصيصها للحملات العسكرية.
من هذا يتضح لنا مدى ضعف و انحطاط الدولة البيزنطية و عدم قدرتها على إدارة دولاب الدولة لا سيما عن الولايات البعيدة كشمال إفريقيا و أيضا من الأسباب الضعف بعد بيزنطة بعدها عن شمال إفريقيا مما صعب المواصلات لان طرق المواصلات قد قطعت في الشام و مصر و طرابلس و كثرة التكاليف للوصول إلى المغرب العربي.
أيضا من أسباب نشر الإسلام في المغرب العربي موقعه الاستراتيجي المهم لسيطرته على البحر المتوسط بواسطة مضيق جبل طارق حليا كما يشرف على الحوضين الغربي و الشرقي للبحر المتوسط بواسطة رأس البون في تونس مما يعزز إستراتيجية العرب و يساهم مواصلة الفتوحات إلى أوروبا و الدخول إلى أوروبا من الناحيتين معا الشرقية و الغربية.
أيضا تخرب الاقتصاد البيزنطي مما دفع الامازيغ الثور عليهم و كان المغرب العربي يشكل مخزن روما في إنتاج الحبوب و الزيت و غيرهما مما دفع العرب مراعاة هذه النقطة بالذات.
أيضا حسن معاملة العرب حيث ذاق الامازيغيون الأمرين من الاستعمارات و لم يستكينوا له بل كانوا في ثوراتهم كلما سنحت لهم الفرصة وحين ذاقوا حسن معاملة العرب بهم و لان البلدان التي سبق لهم فتحها تيقنوا بان رسالة المسلمين تختلف عن رسالة الطغاة المتسلطين كما لاحظوا قاعدة المساواة عند العرب التي لا تتطلب إلا الشهادة و الدخول في الإسلام حيث يصبح المسلم مواطنا يتمتع بكافة الحقوق و يطالب بالواجبات شانه شان بقية المسلمين الآخرين و لا فرق بين الامازيغي و العربي إلا بالتقوى.
أيضا حب الإنسان الامازيغي للحرية فكانوا يقدسون الحرية و من اجلها يضحون بالغالي و النفيس و ما دل على ذلك من تلك الثورات المتعاقبة التي قادوها ضد الأجنبي الدخيل و المتسلط البغيض و لما لاحظوه من دستور العرب و حسن معاملتهم و حبهم للحرية طلبوا منهم يد المساعدة للقضاء على السلطة البيزنطية حتى يتمتعوا بنسيم الحرية تحت راية الإسلام محرر البشرية .
ابتدأ فتح المغرب العربي في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه و استمر إلى غاية عهد الوليد بن عبد الملك بن مروان و هذا يعني انه استغرق حوالي نصف قرن 647-705 ميلادي عكس الفتوحات التي حدثت في المشرق العربي و ذلك يعود لشدة المقاومة التي قادها الامازيغيون و البيزنطيون ضد العرب علاوة على اضطراب الخلافة الإسلامية في الشرق حيث سجلت أكثر من 12 ثورة ضد قادها الأهالي ضد الفاتحين على أن ثرواتهم ليست ضد الدين الإسلامي و لكن ضد الاستعمار الثلاثي و الذي سبق و إن احتل المغرب العربي و لكن ما إن فهموا مدلول الإسلام و غاية العرب من الفتح حتى سارعوا أفواجا أفواجا و انخرطوا في الجيش لمواصلة الفتوحات في أوروبا فمن ذلك الاوراس وحده جند 12 ألف من أبنائه مرة واحدة في عهد الحسان بن نعمان . (منطقة الاوراس حاليا تابعة للشرق الجزائري بها امازيغ الشاوية أي منطقة التي أنجب فيما بعد القائد الامازيغي المسلم البطل طارق ابن زياد الذي فتح الأندلس) .
قاد العرب عدة حملات لفتح المغرب العربي أشهرها الأولى و الثانية و لم يحقق فيها العرب إلا نسبة قليلة في التقدم و لو أنها كانت فرصة للامازيغ لكي يطلعوا عن كثب معاملة العرب و مغزى رسالتهم كما أتاحت للعرب تجربة جديدة لم تسبق لهم أثناء الفتوحات في الشام و العراق و مصر نظرا لعدة عوامل منها البيئة الطبيعية و نفسية الامازيغي, و لقد استفادوا كثيرا من هذه التجربة و استعدوا في الحملتين الأخيرتين الثالثة و الرابعة و فيهما حققوا الانتصار المطلوب و جعلوا من المغرب العربي ولاية تابعة لدمشق عاصمة الخلافة الأموية و تحقق بصورة تامة في عهد موسى بن نصير