السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الخسارة أو الهزيمة إحدى المصطلحات الرياضيةً، لكن أحداً لا يحب أن يراها أو يعيشها، ولكن أحداً أيضاً لا يمكنه أن يتجنبها، و إذا كانت للنصر حلاوة وللهزيمة مرارة لا تطاق كما يقولون، فإننا جزائرياً ربما نبالغ في التعامل مع الخسارة، فلا نكتفي برفضها، بل نبحث عن مبررات من خارجنا لها، أو عن أكباش فداء لابد من نحرهم على مذبحها أو حرقهم في أتونها، ويتحول الأمر من خسارة واردة في أية مباراة رياضية إلى كارثة قومية أحياناً تتعلق بشرف الأمة ومشاعر أبنائها وعزتهم.
كلما انهزم فريق جزائري لابد أن تقوم القيامة ولا تقعد إلا بعد نصب المشانق وتقديم الضحايا وأكباش الفداء، مدربين كانوا أم لاعبين، حكاماً أم إداريين، وكلما كان حجم الخسارة أشد إيلاماً والفريق أعلى مكانة نادياً كان أم منتخباً، وخصوصاً في كرة القدم الأكثر استحواذاً على الاهتمام كلما كان التضخم ووقع الخسارة أشد، إذ تتحول إلى هزيمة جارحة وكارثة قومية دونما الهزيمة في أي مجال، وكأنما خسارة مباراة رياضية توازي الهزيمة في الحرب. هذه الظاهرة تبدو عادة عربية من المحيط إلى الخليج بلا استثناء تقريباً، فلابد بعد كل خسارة من بحث أسبابها منطقياً ومعاجلتها علمياً وقبولها كقيمة موجودة في الرياضة ومرادفة للفوز كأحد وجهين لعملة واحدة، ولكن ما يحدث هو رد الفعل شديد العاطفية وشحذ الأقلام وشن الحملات العنيفة وكأننا أناس لا نهزم، رغم أننا لطالما تلقينا الهزائم في العصر الحديث وفي كل المجالات مع الأسف، وربما لهذا السبب بتنا لا نقبل أن ننهزم رياضياً على وجه الخصوص، رغم أن الرياضة هي الساحة الوحيدة التي لا يمكن لأحد مهما فعل تجنب الهزيمة كلياً في ميادينها.
الإعلام يلعب الدور الأول في تكبير حجم الخسارة وفي تكبير حجم الفوز، في بعض الأحيان يكون فوز لايحتاج المعاملة الإعلامية، وخسارة في الوقت نفسه لا تحتاج ما نراه من النقاد، للأسف الكبير الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في عدم إعطاء حجم الخسارة طبيعتها، وحجم الفوز طبيعته، في بعض الأحيان نرى خسارة طبيعية جداً تقوم القيامة وتقوم الكارثة ويطالبون بإسقاط الاتحاد وإبدال المدرب بدون الدخول في الأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة، وفي المقابل بعض الأحيان يتحقق فوز عادي جداً و أقل من عادي، الإعلام يطبل ويزمر لهذا الفوز ويجعله كأنه فوز في كأس العالم.
فلماذا يحدث ذلك؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الخسارة قبل وقوعها وبعدها؟