السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته ...
ثقافة الاستهلاك.... أول ما قرأت عن معنى هاتين الكلمتين , أدركت خطورة تأثيرها على المجتمعات المحافظة والمعتزة بقيمها وأصالتها..
"ثقافة الاستهلاك": تعني تصدير ثقافة ما الى بلد آخر عن طريق التسويق , أي طريقة التسويق , وأيضا نقل العادات و طريقة و أسلوب تناول المستهلك ... وقد تكون مرتبطة بالعولمة ..
النص التالي يوضح المفهوم جيدا:
" تصدير ثقافة الاستهلاك
يتحدث الفصل الثامن عن عولمة وأمركة الاستهلاك، ويركز على مقولة أن نمط الاستهلاك السائد يقضي على ثقافات الشعوب وخصوصياتها. ويقول حتى لو لم يتم فتح فروع للمطاعم والمنشآت الأميركية في البلدان المختلفة فإن نمط إدارة وشكل وأدوات هذه المنشآت ينسخ التجربة الأميركية، بل إن المحلات التي تدعي أنها وطنية وبرأس مال محلي وتقدم سلعا وطنية قد تكون أكثر خطورة من تلك الأجنبية، إذ يصعب على مناهضي الرأسمالية والعولمة رفضها ومناهضتها، على العكس من مواجهة ماكدونالد والأسماء الأميركية الواضحة بصفتها منتجا أجنبيا يأتي بأدوات ثقافات أجنبية مرتبطة بدول أخرى، ولكن الشركات المحلية تنسخ الثقافات والأنماط الاجتماعية الغربية وتدعي الوطنية أيضا.
ويصدق نمط ماكدونالد للاستهلاك مقولات بعض المنظرين من أن العولمة قد تضعف وقد تقوي الدولة القومية، فمثلا ربما تكون الحكومة الصينية تريد إبقاء ماكدونالد خارجها، ولكنها لا تستطيع بفعل الضغط الشعبي وتوق الناس لأنماط الاستهلاك التي يرونها في سفرهم أو من خلال وسائل الإعلام والمحاطة بهالة من الجذب والسحر. وإذا كانت مقولة إن كثيرا من أموال الشركات الأميركية العاملة في الخارج تعود إلى الولايات المتحدة وفي جزء منها إلى الخزينة الأميركية، فإن هناك مقولة مضادة تقول إن هذه الشركات تعمل بمعزل عن الدولة الأميركية وبالتالي فهي أيضا تضعفها وتقلل من سيطرتها على الأمور.
ولعل من الطرائف حول شعبية ماكدونالد على حساب الدولة الأميركية ذاتها أن سفيرا أميركيا في بلد ما ذهب لافتتاح أول فروع ماكدونالد في ذلك البلد مرتديا قبعة البيسبول المرصعة بشعار ماكدونالد الذهبي التقليدي، ففوجئ بمراهق يتقدم إليه حاملا قبعة شبيهة ويسأله: هل أنت السفير؟ فرد السفير بالإيجاب، فمد المراهق قبعته طالبا من السفير توقيعها له. فسر السفير بذلك وقال بينما يهم بالتوقيع هذه هي المرة الأولى التي يطلب أحد توقيعي. ورد الشاب المنفعل ولكن لابد أنها مهنة جميلة أن تكون سفيرا لماكدونالد تجول العالم وتفتتح فروعا؟ فبهت السفير وأجاب: أنا سفير الولايات المتحدة وليس سفير ماكدونالد. فبانت الخيبة في عيون الشاب، وعندها أردف السفير: هل مازلت تريد التوقيع؟ فسحب المراهق قبعته قائلا: لا، شكرا.
”
مجتمع الاستهلاك قائم على الزيف وتقديم السلعة في إطار أقرب للمسرحية والتمثيل والخداع فهو يقدم المجتمع بصورة فرحة مثالية وليس بصورة مجتمع يقوم على قمع واستغلال الناس، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير للثوريين الذين يدركون فساد هذا المجتمع
”
سحر الاستهلاك ومقاومته
يناقش ريتزر بعمق أفكار مجموعة من المفكرين حول مجتمع الاستهلاك والسلوك الاستهلاكي بما في ذلك آراء بعض المفكرين حول مقاومة الاستهلاك. فيبدأ بمجموعة من المفكرين الفرنسيين شكلت تحليلاتهم وآراؤهم خميرة التحركات الطلابية الشهيرة في فرنسا عام 1968 ومازالت تلقى رواجا واضحا. ويرى هؤلاء المفكرون أن مجتمع الاستهلاك قائم على الزيف وتقديم السلعة في إطار أقرب للمسرحية والتمثيل والخداع، فهو يقدم المجتمع بصورة فرحة مثالية وليس بصورة مجتمع يقوم على قمع واستغلال الناس، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير للثوريين الذين يدركون فساد هذا المجتمع. ومن تكتيكات هذا المجتمع الخطيرة، أنه يتم اختراع الحاجات حتى قبل أن يتم اختراع المنتجات، فالمنتجون عبر الإعلان والإعلام ووسائل أخرى يوجدون عند الناس قناعة بحاجتهم إلى أشياء معينة لا يحتاجونها فعليا، وهكذا يخلقون الحاجة إلى السلعة ثم ينتجون السلعة ذاتها. ومن التكتيكات الأخرى اختراع الاحتفالات والمناسبات والمهرجانات والأعياد المختلفة، وهناك أيضا الاعتماد على نشر أكبر عدد ممكن من الفروع ومراكز توزيع السلع.
أما أهم أفكار مواجهة مثل هذا المجتمع فمتنوعة، منها -بحسب هؤلاء المفكرين- فكرة "الانشقاق" القائمة على الاندماج في هذا المجتمع والتظاهر من قبل فرد أو جماعات أنهم مثل باقي قطاعات المجتمع يعيشون في هذا المجتمع الاستهلاكي، ومن ثم يبدؤون بتبيين نقاط الضعف والأزمات فيحتجون عليها ويفضحونها محاولين تطوير ما يشبه الثورة ضدها. فمثلا عندما يكتشفون وسائل التلاعب والخداع التي تمارسها المتاجر الكبرى في نظام التسعير والبيع يكشفونها ويثيرون ضجة حولها.
ويمكن أن يقوم هؤلاء بالتصرف بشكل مضاد تماما لآليات الخداع والسحر التي تمارسها المتاجر، فمثلا إذا كانت المتاجر تضع رغيف الخبز في نهاية السوبرماركت حتى يضطر الزبون للمرور برفوف البضائع الأخرى، فإن هؤلاء المقاومين يمكن أن يعمدوا لدخول السوبرماركت من الباب الجانبي وتشجيع غيرهم على ذلك مما يفسد نظام المتاجر.
ومن الأفكار الأخرى لمواجهة مجتمع الاستهلاك "الالتفافية" من خلال استخدام شعارات وعبارات ورسومات تلك المحلات والمتاجر في ترويج دعاية وأيديولوجية مضادة، فتحرّف عبارات الترويج لتعني مدلولا سلبيا وبالتالي تضطر تلك الشركات لتغيير عباراتها وإعلاناتها باستمرار مما يؤدي إلى إفشالها. وفكرة ثالثة هي "خلق مجتمع غير استهلاكي"، بإقامة احتفالات ولقاءات للناس والأصدقاء واجتذاب غرباء للمشاركة في مناسبات غير تجارية وبأماكن وأساليب بعيدة عن تلك المواقع الاستهلاكية.
”
مطاعم الوجبات السريعة وبطاقات الائتمان وصالات القمار وغيرها من أماكن ووسائل الاستهلاك قوى غاشمة تحاول السيطرة على حياتنا، تفكر بدلا عنا بما يخدم مصلحتها، تهدد العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، فمطعم مثل ماكدونالد يوجد في 115 دولة في العالم ينقل ثقافة شعب ويطمس ثقافة شعوب أخرى
”
ويرى ريتزر أن مثل هذه التحليلات مجدية في فهم جوانب من المجتمع الاستهلاكي، ولكن هناك ظروفا تغيرت كثيرا الآن منذ زمن ريتزر منها مثلا أن الاستمتاع وملء الوقت باللهو أصبح جزءا من التجارة والصناعة ذاتها، فمثلا أماكن البيع بحد ذاتها أصبحت أماكن لهو وهذا تغير في عملية الاستهلاك، ثم إن التقليد ليس مقتصرا على الطبقات الدنيا فالطبقة العليا تقلد الدنيا. ومن ذلك مثلا أن ملابس الجينز وغيرها وقص الشعر بأسلوب البانكس كانت خاصة بالطبقات العاملة ولكن الطبقات الأثرى قلدتها، هذا عدا عن أن الجماعات الإثنية والمهنية المختلفة تطور أساليبها الخاصة للاستهلاك.
وفي الفصل الأخير من الكتاب يصف ريتزر مطاعم الوجبات السريعة وبطاقات الائتمان وصالات القمار وغيرها من أماكن ووسائل الاستهلاك بأنها قوى غاشمة تحاول السيطرة على حياتنا، تفكر بدلا عنا بما يخدم مصلحتها، تهدد العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، فمطعم مثل ماكدونالد يوجد في 115 دولة في العالم ينقل ثقافة شعب ويطمس ثقافة شعوب أخرى، والأنكى أن ذلك كله يتم كثيرا دون أن يدرك المراقب ما يحدث.
ويقول الكاتب أصبحت الجامعات تعمل بأسلوب "الماك"، فالمحاضرة مرتبطة بساعة محددة والطلاب لا يرون بعضهم سوى قبل المحاضرة بلحظات أو بعدها للحظات ولا فرصة لتطوير علاقة إنسانية بين الطالب والأستاذ أو بين الطلبة بعضهم بعضا، بل إن الاعتماد المتزايد على الإنترنت والبريد الإلكتروني في الجامعات زاد من حدة هذا الأسلوب. ويقول قطاع الطلاب وآبائهم أصبح صناعة تدر الأرباح.
والرياضة هي أيضا أصبحت وسيلة لبيع القمصان والهدايا التذكارية وصناعة النجوم. وحتى نشرات الأخبار فبعد أن ابتدعت الـ CNN أسلوب عناوين الأخبار بأسلوب أشبه بوجبات ماكدونالد السريعة، تبعتها محطات كثيرة.""
المصدر: منتديات تغاريد - من قسم: الاخبار
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي