كفيف يعلم زملاءه أسرار الألوان
"لقد كُفّ بصري منذ الصغر، ولكني لم أستسلم لهذه الإعاقة التي اختبرني الله عز وجل بها، فكان هذا هو التحدي الأكبر في حياتي"..
بهذه الكلمات البسيطة المعبِّرة عن الرضا بالقضاء
بدأ المصري السيد الشيشيني الذي يعد أحد أوائل الأكفَاء بالعالم الذين درسوا الخرائط الذهنية للمكفوفين
(التعبير عن فكرة معينة بالرسم) في رواية مشواره الحياتي.
فقد أنهى دراسته بكلية الآداب قسم التاريخ ليلتحق بدورات اللغة الإنجليزية حتى أتقنها كلغته الأم
ثم حاول أن يبحث عن شيء يميزه عن الآخرين ليكتشف نفسه في عالم التنمية البشرية ومجالاته الواسعة
حيث التحق بأول دورة تدريبية أقامها أستاذ التنمية البشرية الشهير إبراهيم الفقي.
الشيشيني لم يكتف بدراسة التنمية البشرية فقط
بل قرر أن يبزغ فيها وأن يدرسها للأخرين أيضًا، وكان ذلك بفضل الله ثم تبنِّي الدكتور الفقي له
وهو ما انعكس مباشرةً على تنمية قدراته الخاصة في هذا المجال رغم ما تكلفه هذه الدراسة من نفقاتٍ باهظة مقابل مرتبه الزهيد كموظف بإحدى شركات الملاحة.
إلا أنه بالفعل حصل على العديد من الدبلومات المتخصصة في علم التنمية البشرية
وهو ما أغراه بأن يعمل على إصدار أول كتابٍ من نوعه للمكفوفين والمبصرين عن أسرار التنمية البشرية
تحت عنوان "أسرار القراءة باللمس للمكفوفين والمبصرين وضعاف البصر".
وعن ذلك يقول: "لقد أحببت هذا المجال كثيرًا واستطعت أن أصل فيه إلى درجات علمية بارزة
وهو ما أهَّلني بفضل الله عز وجل أن أقدم محاضرات التنمية البشرية للمكفوفين
وبالإضافة إلى اقترابي من إصدار أول كتاب من نوعه يُعنى بالتنمية البشرية للمكفوفين بطريقة برايل للقراءة".
إشادة بريطانية
أما الأفضل من ذلك بالنسبة له هو إشادة العالم البريطاني الشهير (توني بوزان)
أستاذ التنمية البشرية العالمي ومخترع ما يعرف بخرائط العقل أو MIND MAPS بموهبة الشيشيني
لدرجة أنه لم يكن يصدق أنه كفيف.
وعن ذلك يقول الشيشيني:
"لقد حاضر بوزان في مصر منذ عامين
وكانت لي الفرصة العظيمة في حضور الدورات التدريبية التي أقامها للمهتمين بعلم التنمية البشرية
وعندما جاء يوم تعلم خرائط العقل، استطعت أن أرسم خريطة عقل من الخيال
وكنت أسأل من بجواري عن معنى الألوان
وأتخيل اللون في ذهني".
وحينما قدم الخريطة لتوني لم يصدق أنه كفيف
وقال له: أنت مبصر؟!
فقال: لا
فرددها مرةً أخرى
لكنه أجاب أيضًا بالنفي
إلى أن اقتنع أنه يرسم من خياله.
إشادة بوزان بالشيشيني أعطته بارقة ضوء جديدة لتأليف كتاب لاحق حول طريقة تعلم الخرائط الذهنية للمكفوفين
بعنوان "أسرار الخريطة الذهنية للمكفوفين وضعاف البصر".
تدريس الخرائط الذهنية
وعلى إثر هذه الإشادة تم اختياره لتدريس الخرائط الذهنية ليصبح
أول كفيف في العالم يقوم بتدريس الخرائط الذهنية للمكفوفين.
وفي البداية استغرب الدارسون كونه كفيفًا
إلا أن الله سبحانه وتعالى أعطاه ملكات أخرى من شأنها التأثير على الآخرين
كالصوت والأداء والقدرة على الإقناع والشرح بشكل مبسط وميسر للجميع
فضلاً عن قوة السمع عنده الذي أعطاه انطباعًا بمدى اقتناع الآخر بما يقول من خلال طبقة صوته مثلاً.
أما الجملة المهمة التي يتمنى أن يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض والتي استوحاها من تجاربه في الحياة فهي
"تعلم كيف ترى ببصيرتك.. وليس ببصرك، فالعين تخدع حقًا".
وإضافةً إلى ذلك فقد حصل الشيشيني على 15 دبلومة في مجالات التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية
وغيرها من التقنيات التي يتم تدريب المبصرين عليها.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي